بينما تتزايد ضغوط الولايات المتحدة وأوروبا على الصين لوقف انتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية "الأويغور" المُسلمة، نجت بكين حتى الآن من أي نقد ملموس من جانب حكومات العالم الإسلامي. في تقرير لها، قالت وكالة "بلومبرج" إنه بعد نحو 3 أسابيع من حديث الأمم المتحدة عن "تقارير موثوق بها" تفيد بأن الصين تحتجز قرابة مليون من "الأويغور" الناطقين بالتركية في معسكرات "إعادة التثقيف"، لم تصدر حكومات البلدان ذات الأغلبية المُسلمة بيانات جديرة بهذا الشأن. هذا الصمت أصبح أكثر وضوحًا في الأسبوع الجاري بعد أن دعا أعضاء في الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى فرض عقوبات ضد كبار المسؤولين الصينيين، بحسب الوكالة. وعلى النقيض من ذلك، لم يصدر قادة إندونيسيا وماليزيا وباكستان بيانات حول قمع "الأويغور". ومثلهم السعودية، وأيضًا تركيا، التي كانت تتبنى في الماضي سياسات داعمة للأقلية وتستضيف بعضهم، وقد بقيت صامتة بينما يواجه رئيسها رجب طيب أردوغان أزمة اقتصادية.
الدول الإسلامية انتفضت لمسلمي ميانمار وصمتت في حالة الأويغور
قالت "بلومبرج" إن حالة الصمت تُبين كيف أن وضع الصين كشريك تجاري رئيسي ومُقدم للمعونة للعديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة - وكذلك سياستها القديمة لتجنب التعليق على الشؤون الداخلية للدول الأخرى - يؤتي ثماره الآن. في حين تحدث الانتهاكات في واحدة من أكثر المناطق التي ينتشر فيها حرس الحدود في الصين (إقيلم شينجيانج)، مما يجعل من الصعب الحصول على أدلة مباشرة، مثل الصور ومقاطع الفيديو، التي قد تؤثر على الرأي العام في العالم الإسلامي. حسن حسن، وهو زميل في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، وهو مركز أبحاث في واشنطن، يقول للوكالة: "لدى الصين علاقات ودية مع معظم البلدان الإسلامية، وغالبيتها حول التجارة". وأضاف أن العالم الإسلامي لا يدرك بشكل كبير الوضع في شينجيانج. "لا يتم تغطيتها على الإطلاق في الإعلام العربي، وحتى الجهاديون لا يناقشونها بقدر ما يفعلون حول الصراعات الأخرى"."الدول الإسلامية لا تريد أن تلحق الضرر بعلاقاتها مع الصين، وتعتبر الصين حليفاً محتملاً ضد الغرب والولايات المتحدة، ولذلك فهي تحاول الصمت"
لم يصدر قادة إندونيسيا وماليزيا وباكستان بيانات حول قمع "الأويغور". ومثلهم السعودية، وأيضًا تركيا، التي كانت تتبنى في الماضي سياسات داعمة للأقلية وتستضيف بعضهمبينما تنفي الصين حدوث انتهاكات في شينجيانج، الواقعة على الحدود مع باكستان وأفغانستان، ويقطنها نحو 10 ملايين من الأويغور. والخميس الماضي، حذرت بكين المُشترعين الأمريكيين من التدخل في شؤونها الداخلية. وذكرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري في تقرير لها أن هنالك تقديرات تشير إلى احتجاز سكان من شينجيانج في معسكرات، يراوح عددهم بين عشرات الآلاف والمليون. ودعت اللجنة إلى الوقف الفوري للاحتجاز، وإطلاق سراح المحتجزين، وإجراء تحقيق رسمي في مزاعم التمييز العنصري والديني. إلا أن مشاركة بعض أفراد الأقلية في أعمال عنف داخل الإقليم، وانضمام آخرين للقتال في سوريا دعما سياسات الرئيس شي جين بينج الصارمة ضد التطرف الإسلامي. علمًا أن "بلومبرج" رأت أن الصمت تجاه قضية الأويغور يتناقض مع غضب الدول الإسلامية العام الماضي عندما فر حوالى 700 ألف من مسلمي الروهنجيا من هجمات جيش ميانمار، التي تصفها الأمم المتحدة منذ ذلك الحين بأنها "إبادة جماعية". لكن الوكالة أشارت إلى أن أحد الفروق الكبيرة بين الحالتين، هو أن اقتصاد ميانمار أصغر بنحو 180 مرة من اقتصاد الصين، التي هي الشريكة التجارية الرئيسية لـ 20 دولة من بين 57 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي.
وتحتل الصين المرتبة العاشرة بين المستفدين من صادرات النفط السعودي، كما تستورد ثلث إنتاج إيران تقريبًا، وفقًا لبيانات تتبع السفن التي جمعتها بلومبرج. وتعد أعلى مصدر للاستثمار الأجنبي في ماليزيا. كذلك ضمنت تدفق أكثر من 60 مليار دولار من القروض لمشاريع البنية التحتية الخاصة بالممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني. من جهته، قال عمر كانات، رئيس اللجنة التنفيذية في رابطة الأيغور العالمية: "إن الدول الإسلامية لا تريد أن تلحق الضرر بعلاقاتها مع الصين، وتعتبر الصين حليفاً محتملاً ضد الغرب والولايات المتحدة، ولذلك فهي تحاول الصمت". ورغم معارضة حكومات هذه الدول فظائع الولايات المتحدة ضد المسلمين، بما في ذلك حظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 2017 سفر مسلمي سبع دول ذات غالبية مسلمة. وهو ما وصفه حينذاك وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأنه "هدية عظيمة للمتطرفين". وقالت بلومبرج إنها حاولت الحصول على تعليق على قصتها من حكومات تركيا والهند وإندونيسيا وباكستان وماليزيا وكازاخستان والسعودية ومصر، لكنها لم تتلقَّ ردًا منها ولا من منظمة المؤتمر الإسلامي.
العلاقات التجارية ليست السبب الوحيد
لا شك أن الحفاظ على العلاقات التجارية ليس هو الدافع الوحيد، فبعض الحكومات تكره جذب انتباه العالم لسجلاتها السيئة الخاصة بحقوق الإنسان. في وقت امتنعت بكين إلى حد كبير عن إقحام نفسها في صراعات العالم الإسلامي. في السياق نفسه، قال ديفيد بروفي، المحاضر في التاريخ الصيني المعاصر بجامعة سيدني، لـ"بلومبرج" إن تلك الدول "لا تحترم حقوق الإنسان بشكل خاص، لذا من الصعب تخيل أنها ستقفز لانتهاز الفرصة لانتقاد الصين". ومع ذلك، قد يكون من الصعب الحفاظ على صمتهم، حيث تنتشر سياسات الصين في شينجيانج عبر حدودها. وقال جيمس ميلوارد، الأستاذ بجامعة جورج تاون ومؤلف كتاب "مفترق الطرق الأوروآسي: تاريخ لشينجيانج": "ما نراه هو آثار سياسية مترتبة على تحول فلسفة الصين فيما يتعلق بالتنوع الثقافي والعرقي".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...