خلال 13 دقيقة، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء أمس، إستراتيجية جديدة- قديمة لمواجهة "الارهاب"، فهي إستراتيجية بدأت قبل 13 عاماً بهجمات 11 سبتمبر 2001، ومن المرتقب أن تستمر سنوات طويلة. هذه الإستراتيجية ليست جديدة من حيث الإطار الأوسع، إذ إن خطوطها العريضة وضعت قبل سنوات باستخدام الضربات الجوية والاعتماد على طائرات دون طيار "درونز" Drones لقتل من تتهمه الولايات المتحدة بالإرهاب. ومع إشهار المجموعات المتطرفة، وآخرها "داعش"، جرائمها والتفاخر بها، لم تعد عملية المحاسبة وتقديم المتهم أمام القضاء، عملية تعني الولايات المتحدة وحلفاءها، ومقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو 2011 في عملية كومندوس في باكستان خير دليل على ذلك.
لكن التكتيكات في تطبيق تلك الإستراتيجية حملت بعض "الجديد". قال أوباما في خطابه: "خلال السنوات الماضية، أخذنا المعركة إلى الإرهابيين الذين هددوا بلادنا". الضربات الجوية، التي وصل عددها في العراق منذ 8 أغسطس الماضي، إلى 154 ضربة، ليست جديدة، والتعهد بمواجهة الإرهاب أيضاً ليس جديداً. لكن الجديد في تلك التكتيكات هو إعلان أوباما "أخذ المعركة إلى أي مكان يوجد فيه" مقاتلو داعش، في إعلان واضح أنه ينوي ضرب سوريا بعد تردد دام قرابة 3 أعوام.
حاول أوباما إقناع شعبه بأن "أصدقاء وحلفاء" هم الذين سيتحملون العبء الأكبر في مواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش)، مشدداً على أنه لن يرسل قوات برية إلى مناطق الصراع، خاصة العراق وسوريا. فبعد مقتل 4804 جنود أمريكيين خلال الوجود الأمريكي في العراق بين عامي 2003 و2012، ومقتل 3441 جندياً في أفغانستان في حرب استمرت أكثر من 13 عاماً ولم تنته بعد، يعلم أوباما أن شعبه لن يوافق على إرسال قوات من جديد. ولأنّه صوّت ضد حرب العراق عام 2003 عندما كان سناتوراً في مجلس الشيوخ الأمريكي، يريد الالتزام بوعده بعدم إرسال قوات جديدة في مهمات عسكرية من غير المعلوم كيف ستنتهي. أكد أوباما في خطابه "هذه ليست معركتنا بمفردنا، لا يمكننا أن نأخذ مكان شركائنا العرب في تأمين منطقتهم". فبعد عقود من الاعتماد على الحماية الأمريكية من خلال قواعد منتشرة في الخليج، يريد أوباما من العرب أخذ توفير الأمن لدولهم على عاتقهم. وكان وزير خارجية واشنطن، جون كيري، في الأردن أثناء إلقاء الرئيس الأمريكي خطابه، لإيصال الرسالة نفسها، ثم غادر عمّان الى السعودية.
التكتيك الآخر الذي اعتمده أوباما في خطابه أمس هو التقليل من شأن "داعش" معنوياً، رغم اعتبار تهديده كبيراً. إذ قال: "داعش ليس إسلامياً، ولا هو دولة"، رافضاً تسمية "الدولة الإسلامية" التي يسعى التنظيم إلى نيل الاعتراف بها. وهذه ستكون المعركة الأطول، محاولة إقناع من يدعم "داعش" أنها لا تمثّل دولة إسلامية في وقت باتت الولايات المتحدة لا تمثّل الشرعية الدولية.
الخطاب نفسه لن يغير شيئاً، ولكنه يفتح فصلاً جديداً من مسلسل طويل للمواجهة التي تُدار على مستوى دولي من دون قانون دولي يديرها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com