شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
صداقة الحيوانات الأليفة: جرعة من المحبّة والضحك وهرمونات السعادة

صداقة الحيوانات الأليفة: جرعة من المحبّة والضحك وهرمونات السعادة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الاثنين 3 سبتمبر 201806:44 م
الطفولة والمراهقة مرحلتان أساسيتان في تحديد شخصيّة الإنسان وسلوكه. وقد أثبتت الدراسات العلميّة أنّ العلاقات الاجتماعية تساهم بشكل فعّال في بلورة سلوك الانسان وطريقة تفاعله مع محيطه، ولذا تناولت الأبحاث علاقة الطفل والمراهق بأفراد أسرته وبيئته ومدى تأثير هذه العلاقة في تطوير نفسيّته وتأطير هويّته، إلا أنّ قلّة هي الأبحاث التي درست علاقة المراهق بالحيوانات الأليفة وكيفيّة تأثيرها في سلوكه العاطفي والإدراكي والتعليمي والاجتماعي. ومن هنا فإنّ ازدياد عدد الأسر التي تهتمّ بتربية الحيوانات يستدعي القيام ببعض الدراسات الميدانيّة للنظر في مدى تأثير هذه التربية في سلوك المراهق ووضعه النفسي.

ارتفاع نسب العائلات التي تقتني حيوانات أليفة..

إنّ الإحصاءات الجديدة بيّنت أنّ 68٪ من الأسر الأمريكيّة و 46٪ من الأسر البريطانية تقتني حيواناً أليفاً على الأقل. أمّا في مجتمعاتنا العربيّة، فقد بات لافتاً أيضاً ازدياد عدد العائلات التي تربّي حيواناً أليفاً. وفي دراسة أجريناها على خمسين عائلة في بيروت بشكل عشوائي، تبيّن أنّ 11 عائلة لديها إمّا كلب أو هرّة أو عصفور أو أسماك، وحتى البعض عنده سلاحف وفئران. من هنا يمكننا القول إنّ حوالي 20% من الأسر في بيروت تقتني حيوانات أليفة.

تربية الحيوان تخفف من ضغوطات الحياة اليومية

عند سؤال أفراد العائلات عن السبب وراء اقتنائها حيوانًأ، تعدّدت الإجابات، ولكنّها أجمعت على أنّ الحيوان يدخل البهجة والسلوى إلى المنزل، ويخفّف من ضغوطات الحياة اليوميّة. وتتماشى هذه الإجابات مع نتائج دراسة حديثة أجرتها هيلين بروكس (Helen Brooks)، وهي باحثة في الصحة النفسيّة في جامعة مانشستر (Manchester) في المملكة المتحدة، إذ أظهرت هذه النتائج أنّ هناك علاقة عاطفيّة قويّة تجمع الإنسان بالحيوانات الأليفة مما يساعده على الشعور بالرضى والفرح ويساهم في السيطرة على الاضطرابات النفسيّة لديه والشفاء منها. MOMA

هل لعلاقة المراهق بالحيوانات الأليفة أثر مفيد؟

من الواضح أن تربية المراهق للحيوانات الأليفة هو أمر ممتع، غير أنّ الدراسات العلميّة ذهبت الى أبعد من ذلك. فقد أثبت الخبراء أن تنمية الطفل والمراهق الجسديّة والاجتماعيّة والعاطفيّة والمعرفية تتطوّر بشكل ملحوظ من خلال تفاعله مع الحيوانات الأليفة، فظهر أن لهذه العلاقة المحببة فؤائد كثيرة.
قضاء بعض الوقت في مداعبة الحيوان الأليف واللعب معه، يحفّز جسم الإنسان على إفراز هرمون السروتونين والدوبامين (Serotonin and Dopamine) اللذين يوفران الاسترخاء وبالتالي يساعدان على الحدّ من ارتفاع ضغط الدّم
أرقام دراستنا دلّت على أن 60 بالمئة من المراهقين يتحدّثون مع حيواناتهم الأليفة ويعتقدون بأنّها تتجاوب معهم وتحسّ بهم، وتحفّف من ثورتهم

إيجابيات تربية الحيوان على صحّة المراهق

إنّ الحيوان الأليف يساعد على تحسين المهارات الحركيّة، وكذلك يزيد من نشاط المراهقين. فقد أظهرت دراسة أجريت في عام 2010 أن الأطفال في إنجلترا الذين يربّون كلبًا، يمشون بمعدل 11 دقيقة في اليوم أكثر من الأطفال الآخرين، وهذا التمرين الإضافي البسيط يساعد على تحريك الدورة الدمويّة. كذلك فإنّ هذا النشاط اليومي الدوري يبعدهم عن الألعاب الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدة التلفزيون. إنّ مجرّد الخروج لأخذ الكلب في نزهة أو اللعب معه والركض وراءه في الهواء الطلق وتحت اشعة الشمس، يمنح الشخص دفعة من الطاقة وجرعة إضافية من الفيتامين D، ويجعله يحرق المزيد من السّعرات الحرارية. كما أنّ قضاء بعض الوقت في مداعبة الحيوان الأليف واللعب معه، يحفّز جسم الإنسان على إفراز هرمون السروتونين والدوبامين (Serotonin and Dopamine) اللذين يوفران الاسترخاء وبالتالي يساعدان على الحدّ من ارتفاع ضغط الدّم. ومن المعروف أنّ ارتفاع نسبة الدوبامين يجعل الإنسان يشعر بالسعادة، في حين أنّ هرمون السيروتونين يحسّن المزاج. بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أجرتها الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال عام 2012 أن الأولاد الذين لديهم اتصال مبكّر بالهررة والكلاب يصابون بالإنفلونزا والتهابات الأذن بنسبة أقلّ من الأطفال الآخرين، وبالتّالي عندهم جهاز مناعة أقوى ولا يحتاجون في أغلب الأحيان إلى أخذ مضادات حيويّة.

تربية الحيوان وفوائدها النفسيّة عند المراهق

إنّ الحيوان الأليف يكون في معظم الأحيان شديد الحركة ومثيرًا للضحك والفرح، ممّا يساعد المراهق على تخطّي أوقات الحزن والقلق والانزعاج في حال كان يعاني من مشاكل متعلّقة بأزمة المراهقة، كما أنّ تربيته للحيوان تبعده عن الشعور بالوحدة. وهذا ما أكدته دراسة اجريت عام 2010 في جامعة نيومكسيكو (New Mexico) على 293 مراهقًا. وبحسب بحث نشرته المجلة العالميّة للأبحاث البيئيّة والصحيّة (International Journal of Environmental Research and Public Health) في تشرين الثاني من العام 2016، فإنّ تربية الحيوانات تنمّي عند المراهق حسّه بالمسؤولية بفعل اهتمامه بها، وتأمين احتياجاتها من طعام وماء ونظافة، واصطحابها إلى الطبيب البيطري إذا لزم الأمر. وفي دراستنا الميدانية التي أجريانها على خمسين عائلة، تبيّن أنّ العائلات التي لديها أبناء مراهقون وتقتني حيوانًا أليفًا، يقوم أبناؤها بالاعتناء بالحيوان، مما يعزّز تحمّل هؤلاء المراهقين المسؤولية. ومن الآثار المهمّة أيضا لتربية الحيوانات الأليفة جعل المراهق يقدّر نفسه ويثق بها أكثر، لأنّ حيوانه الأليف يحبّه من دون شروط، وهذا ما أجمع عليه جميع المراهقين الذين تناولناهم في دراستنا. ومن الأرقام اللافتة أنّ ثمانين بالمئة من هؤلاء يؤكدون أنّ وجود الحيوان الأليف في حياتهم جعلهم يتعاطفون مع الحيوانات بشكل عام، أيّا كان هذا الحيوان أليفا أم لا. ومن فوائد الحيوان الأليف أيضاً أنّه مستمع جيّد. يمكن للمراهق التحدّث إليه عن أي شيء يزعجه أو يخيفه، أوعن أيّ موضوع لا يحب أن يتشاركه مع شخص آخر. فأرقام دراستنا دلّت على أن 60 بالمئة من المراهقين يتحدّثون مع حيواناتهم الأليفة ويعتقدون بأنّها تتجاوب معهم وتحسّ بهم، وتحفّف من ثورتهم. وقد توافقت هذه النتائج مع نتائج دراسة الأكاديمية العالمية للعلوم (National Academy of Sciences) التي أجريت في حزيران 2015 والتي رأت أنّه عندما يلمس الإنسان الحيوان الأليف، ينتج جسمه الأوكسيتوسين (Oxytocin) أي الهرمون المرتبط بمحاربة التوتّر والإجهاد مما يجعله أكثر هدوءًا وقادرًا على السيطرة بسهولة على غضبه.

تربية الحيوان تزيد من علاقات المراهق الاجتماعية

من الممكن اعتبار تربية الحيوانات الأليفة نوعًا من الهوايات المستحبّة عند الكثير من المراهقين، واهتمامًا مشتركًا يدفعهم إلى التحاور في ما بينهم عن وضع هذه الحيوانات وطريقة تصرّفها. إنّ أكثر من 73% من المراهقين في دراستنا أشاروا إلى أنّهم يحبون لقاء أشخاص يهتمّون بالحيوانات ويعملون على تربيتها ليشاركونهم تجاربهم معها. ومن هنا فإنّ هذا التفاعل يزيد من العلاقات الاجتماعيّة وتكوين الصداقات. وهذا بالفعل ما ركّزت عليه دراسة أجرتها الباحثة ليزا وود (Liza Wood) في جامعة أستراليا الغربية (University of Western Australia)، إذ أشارت إلى أنّ اقتناء الحيوانات الأليفة عامل مهمّ في تسهيل التفاعل الاجتماعي، وتكوين الصداقة داخل الأحياء، كما يؤدي إلى توفير مصادر جديدة من الدعم الاجتماعي. على الرغم من أن الدراسات والأبحاث العلميّة حول تداعيات تربية الحيوانات الأليفة لا زالت قليلة وغير كافية، إلّا أنّ ما نُشر منها حتى اليوم أظهر أنّ تربية هذه الحيوانات والاعتناء بها له مفاعيل مفيدة في النمو العاطفي والنفسي عند المراهق، كما يساهم في تطوير سلوكه الاجتماعي، ويساعده على العيش بطريقة صحيّة.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image