جمَدت السعودية علاقاتها مع كندا وطردت سفيرها وأوقفت رحلاتها من تورنتو وإليها واستدعت الطلاب والمرضى من هناك، ضمن حزمة إجراءات ضربت بها جسرًا كبيرًا من القطيعة مع تورنتو.
مواقف المملكة المفاجئة جاءت بسبب تغريدة من 36 كلمة كتبها حساب السفارة الكندية بالمملكة عبرت فيه عن قلقها إزاء اعتقالات بحق ناشطين شملت مدافعين عن حقوق المرأة، بينهم سمر بدوي ولُوجين الهذلول، وطالبت بـ"إفراج فوري" عنهم.
يأتي هذا في وقت لاحت تساؤلات في الأفق عمَا إذا كانت الرياض ستتخذ مواقف "انتقامية" تجاه تعليقات صريحة للولايات المتحدة في الشأن نفسه، بعد ساعات من قطع السعودية علاقاتها السياسية والتجارية مع كندا.
تاريخ من "الابتزاز" الأمريكي لـ"البقرة الحلوب"
في المقابل، تمسكت كندا بموقفها رافضةً التراجع عنه. وتعقيبًا على تحركات السعودية، قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند: "لأكن واضحة جدًا... كندا ستدافع دومًا عن حقوق الإنسان في كندا وأنحاء العالم، وحقوق النساء هي من حقوق الإنسان". الرياض استخدمت مخالبها بقوة هده المرة ضد ما اعتبرته تدخلًا "مستهجنًا وغير مقبول" من كندا في شؤونها الداخلية يخل بـ"سيادة" المملكة، لكنها لم تصدر تعليقات حتى اللحظة عن مطالبة واشنطن، مساء أمس الاثنين، للسلطات السعودية بتوفير مزيد من المعلومات عن النشطاء الحقوقيين المعتقلين، واحترام الإجراءات القانونية. السعودية ابتلعت مواقف أمريكية أكثر حدة مما ورد في "التغريدة الكندية"، بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة وما وصفته بانتهاكات ترتكبها الرياض في اليمن، وذلك خلال قيادتها "التحالف العربي" الذي يقاتل الحوثيين منذ سنوات. وفي أبريل الماضي، اتهم تقرير سنوي للخارجية الأمريكية المملكة بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، مثل القتل غير الشرعي والتعذيب والاعتقالات التعسفية لمعارضين والتسبب بمقتل المدنيين في اليمن.عدم التطابق بين إستراتيجيات الولايات المتحدة وجارتها الشمالية يوحي أن واشنطن أعطت السعوديين "الضوء الأخضر" لمواصلة النزاع مع كندا
الرياض استخدمت مخالبها هذه المرة ضد ما اعتبرته تدخلًا "مستهجنًا وغير مقبول" من كندا في شؤونها الداخلية يخل بـ"سيادة" المملكة، لكنها لم تصدر تعليقات حتى اللحظة عن مطالبة واشنطن، مساء أمس الاثنين، للسلطات السعودية بتوفير مزيد من المعلومات عن النشطاء الحقوقيين المعتقلين، واحترام الإجراءات القانونية.
تساءل البعض عن مغزى ما فعلته السعودية تجاه كندا وعمَا إذا كانت ستصبح الأخيرة "كبش فداء" تريد من خلاله إيصال رسالة للدول الكبرى بألا تحاول التدخل في شؤونها، بينما رأى آخرون أن تحركات المملكة جاءت بموجب ضوء أخضر "أمريكي".وإبان حملته الرئاسية، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: "السعودية بقرة حلوب تدر ذهبًا ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، متى جف ضرعها ولم تعد تعطي الدولارات والذهب، إذ ذاك نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا ذبحها". وقبل ذلك، قال في سبتمبر 2014: "السعودية لا تملك سوى الألسنة والتخويف، إنهم جبناء يملكون المال، ولا يملكون الشجاعة". واعتاد ترامب "ابتزاز" الرياض بحديثه عن ضرورة جعلها تدفع "ثمنًا باهظًا" مقابل حماية واشنطن لها سياسيًا وأمنيًا، وأنها بدون أمريكا لا شيء. آنذاك، علق وزير الخارجية السعودية عادل الجبير: "على الأقل هو يحبنا، أعتقد أنه عندما تنتهي الحملات الانتخابية وتصل للناس الحقائق ستنعكس وجهة نظرهم. هو يقدم منتجات يحبها الناس ويستمتعون بها". وبعد خروج الولايات المتحدة من اتفاق الدول العظمى مع إيران بشأن برنامجها النووي، وعودة العقوبات الأمريكية على طهران، اشترط ترامب على السعودية مضاعفة إنتاجها من النفط تفاديًا لزيادة الأسعار المحتمل.
ما وراء التحركات السعودية ضوء أخضر أمريكي أم كندا "كبش فداء"؟
وفي وقت تساءل البعض عن مغزى ما فعلته السعودية تجاه كندا، وعمَا إذا كانت ستصبح الأخيرة "كبش فداء" تريد من خلاله إيصال رسالة للدول الكبرى بألا تحاول التدخل في شؤونها، رأى آخرون أن تحركات المملكة جاءت بموجب ضوء أخضر "أمريكي". فقد نقلت صحيفة "هافنجتون بوست" عن رولاند باريس، الأستاذ بجامعة أوتاوا ومستشار سابق لرئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو، قوله إن "عدم التطابق بين إستراتيجيات الولايات المتحدة وجارتها الشمالية يوحي أن واشنطن أعطت السعوديين "الضوء الأخضر" لمواصلة النزاع (مع كندا)". وأضاف باريس في حسابه على تويتر: "لا تهتم إدارة ترامب بحقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية أو بكندا... السعوديون يعرفون ما يعنيه هذا. لديهم فرصة للرد على الانتقادات (حتى الانتقادات المعتدلة) لسجلهم في مجال حقوق الإنسان". في السياق نفسه، قالت وكالة رويترز إن آثار حظر المملكة تعاملاتها التجارية الجديدة مع كندا لم تتضح بعد، إذ تقدر التجارة السنوية بين البلدين بنحو 4 مليارات دولار، إضافة إلى عقد أسلحة دفاعية قيمته 13 مليار دولار، اُعتبر وقتذاك أكبر عقد تصدير تفوز به كندا في مجال التصنيع المُتطور. إلا أن تقديرات تذهب إلى أن قوة الاقتصاد الكندي وانخفاض قيمة التعاملات التجارية الرئيسة بين البلدين لن يدفعا أوتاوا للتراجع عن موقفها من الرياض.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...