في نفس الوقت الذي أصبح فيه تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، والمعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن"، مسألة وقت، خرجت تقارير كثيرة تتحدث عن اتفاق تهدئة بين إسرائيل وحماس قد يبدأ تنفيذه خلال أيام.
وربط مراقبون بين اتفاق التهدئة المحتمل وبين صفقة القرن خصوصاً وأن بعض التسريبات عن هذا الاتفاق كشفت أنه يتضمّن إقامة مشاريع اقتصادية.
ويوم 26 يوليو، قال مسؤول في البيت الأبيض إن خطوات تنفيذ خطة ترامب للسلام ستتضمّن "خطة اقتصادية قوية" هدفها "المساعدة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
وفي الساعات الأخيرة، ترددت أنباء عن قرب تنفيذ مقترح وضعه المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، بالتعاون مع مصر، للتهدئة بين حماس وإسرائيل، في أعقاب أشهر من التوتر على خلفية "مسيرات العودة" التي انطلقت نهاية مارس الماضي.
والحديث عن هذا المقترح بدأ بشكل غير مفصل يوم 29 يوليو، حين استقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري ملادينوف، في القاهرة، "للتباحث بشأن آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، وسبل الدفع بعملية السلام".
وشهد اللقاء عرضاً لرؤية مصر لتحقيق التهدئة على الأراضي الفلسطينية، وحديث ملادينوف عن "جهود الأمم المتحدة التي تستهدف التحرك على مساري وقف إطلاق النار والبدء في مشروعات إعادة الإعمار".
ولم تعلن الأمم المتحدة أو مصر تفاصيل مقترحاتهما الخاصة بالدفع بعملية السلام قدماً، لكنهما تحدثتا بشكل عام عن الحاجة إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في غزة ووقف الأعمال العدائية عبر الحدود والمصالحة بين حماس التي ترفض مساعي السلام الرسمية مع إسرائيل، وبين حركة فتح.
لكن في الساعات الأخيرة، نشرت وسائل إعلام ما قالت إنه اتفاق بين حماس وإسرائيل يتضمن هدنة قد تكون مدتها خمس سنوات، على أن تُنفَّذ بنوده على عدة مراحل.
ولو صح ما نشر عن هذه الهدنة، فمن المحتمل أن يبدأ تنفيذها خلال أيام قليلة.
وقالت إسرائيل في الخامس من أغسطس إن تركيزها ينصب على اقتراح بتخفيف حصارها لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، مقابل التزام الفلسطينيين بالتهدئة على الجانب الخاص بهم من الحدود.
وجاء التصريح الإسرائيلي قبل ساعات من الاجتماع الذي عقده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو مع مجلس الوزراء الأمني المصغر لبحث الأفكار التي توسطت فيها الأمم المتحدة ومصر للحيلولة دون نشوب حرب جديدة في غزة.
تفاصيل اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل
بحسب ما نشر إعلامياً، تشمل المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة المحتمل إنهاء ظاهرة الطائرات الورقية والبالونات الحارقة وعمليات اختراق الحدود وحرق المواقع الإسرائيلية من قبل الشباب الفلسطينيين. وفي المقابل، تسمح إسرائيل بإعادة فتح معبر كرم أبو سالم، ويُفتح معبر رفح البري بصورة دائمة. أما المرحلة الثانية، فستشمل خطوات هدفها تحسين الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة وفك الحصار كلياً عنهم، بالإضافة إلى السماح بدخول البضائع كافة، كما ستقوم إسرائيل بموجبها بزيادة تغذية القطاع بالتيار الكهربائي. أما المرحلة الثالثة من الاتفاق، فستتمثل في تطبيق الأمم المتحدة تعهداتها بتنفيذ مشاريع إنسانية كانت قد طرحتها، مثل إنشاء ميناء (في الإسماعيلية في مصر) وتشغيل مطار على الأراضي المصرية، إضافة إلى بناء محطة كهرباء في سيناء، ثم إعادة إعمار القطاع.اتفاق تهدئة محتمل بين حماس وإسرائيل... وحركة فتح تهاجم حماس وتعتبر أنها مجرد تنظيم سياسي استولى على قطاع غزة بانقلاب عسكري، وتتخوّف من أن يصب الاتفاق المحتمل في "مستنقع صفقة القرن"لكن لم ترد مصر حتى الآن بشكل رسمي على ما جاء بشأن اتفاق الهدنة المحتملة هذا. وسواء كان ما نشر عن الهدنة بين حماس وإسرائيل صحيحاً أم لا، فإنه لم يمنع الطرفين من الاستمرار في اتخاذ خطوات تهدف إلى التحسب لاحتمال فشله وبقاء الوضع على حاله. فمن ناحية إسرائيل، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في الخامس من أغسطس، أن الجدار الذي تبنيه بلاده حول قطاع غزة على الأرض وفي البحر، يتقدم بخطى سريعة. وبدأت إسرائيل منذ عام 2016 بالعمل على إقامة جدار ضخم على طول الحدود مع قطاع غزة، يرتفع نحو ستة أمتار فوق سطح الأرض، جنباً إلى جنب مع إقامة جدار إسمنتي على عمق عشرات الأمتار تحت الأرض. والهدف الأساسي من هذه الخطوات هو منع تسلل عناصر فصائل المقاومة الفلسطينية إلى إسرائيل، سواء عن طريق الأنفاق أو البحر. وخلال حرب 2014، تمكن غواصون من كتائب عز الدين القسام التابعة لحركة حماس من الوصول إلى قاعدة "زيكيم" العسكرية والاشتباك مع جنود إسرائيليين. ومن ناحية حماس، نشرت وسائل إعلام في السادس من أغسطس، أن اجتماعاً مهماً عُقد بين القيادة السياسية لحماس، وقيادة المجلس العسكري لكتائب "عز الدين القسّام"، وهي الجناح المسلح للحركة، هدفه "الاطلاع على مستوى الاستعداد والجهوزية العسكرية". ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر فلسطيني، لم تسمّه، لكنها وصفته بواسع الإطلاع، قوله إن الاجتماع "جاء في ظل التهديدات المحدقة بالمقاومة والقضية الفلسطينية". ويزعم المصدر أن قيادة كتائب القسّام أكدت في الاجتماع "قدرتها على تكبيد العدو الإسرائيلي خسائر لا تطيقها حكومته أو جبهته الداخلية".
تبادل اتهامات بين حماس وفتح
ووصل إلى قطاع غزة قبل أيام، وفد من قيادات حركة حماس في الخارج، برئاسة نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وعضوية كل من موسى أبو مرزوق وعزت الرشق وحسام بدران. وقال حسام بدران عضو المكتب السياسي للحركة لمحطة إذاعية في غزة إن حماس أجرت لقاءات داخلية لم تنته بعد، مضيفاً: "معاناة شعبنا وحصاره 12 عاماً دون ذنب، توجب على كل القيادات الفلسطينية البحث عن حل حقيقي لهذه المعاناة ولكسر الحصار، دون تقديم تنازلات في الثوابت والمواقف المعروفة وحقوق شعبنا". واعتبر مراقبون أن تصريح بدران يعني أن حماس وافقت بشكل ما على اتفاق الهدنة. وفي الرابع من أغسطس اعتبر وزير الإسكان والبناء الإسرائيلي يؤاف غالانت أن ما أطلق عليه تسمية التسوية مع حركة حماس هو "في مصلحة إسرائيل". وأضاف: "أنا مع إعطاء فرصة للتسوية لكن الأمل ضعيف في أن يؤدي ذلك إلى اتفاق طويل الأمد". ووصفت حركة فتح موافقة حماس على اتفاق التهدئة بالتصرف الفردي، معتبرة أنها مجرد تنظيم سياسي استولى على القطاع بانقلاب عسكري، وعبّرت عن مخاوفها من أن يصب هذا الاتفاق في "مستنقع" ما يعرف بـ"صفقة القرن". وأعلن عضو لجنتها التنفيذية، أحمد مجدلاني، عن تخوفه من أن يتسبب هذا الاتفاق في "تصفية" حل الدولة الفلسطينية المستقلة وفي تطبيق الخطة الأمريكية القاضية بإنشاء كيان سياسي في قطاع غزة. واعتبر مجدلاني "أن أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي يجب أن يكون وطنياً وليس اتفاقاً بين حركة حماس وإسرائيل، فحماس ليس لها أية صفة تمثيلية لتعقد اتفاقيات مع إسرائيل"، على حد تعبيره. وفي السادس من أغسطس، أعلنت حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية وصول وفد تابع لها إلى العاصمة الروسية موسكو، يترأسه الأمين العام للحركة داخل الأراضي الفلسطينية زياد النخالة، بدعوة رسمية من الجانب الروسي. وبحسب بيان للحركة، سيتطرق اجتماعاتها مع الجانب الروسي إلى "صفقة القرن".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...