بعد نحو 17 عاماً من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تظل عائلة أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، علامة فارقة في المجتمع السعودي، لأن أحد أفرادها جعل أغلب مواطني دول العالم ينظرون إلى السعودية نظرة غضب، باعتبارها مصدراً للتطرف.
ويظهر حوار نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الجانب الإنساني غير المعروف عن شخصية أسامة بن لادن الذي غيّر عالمنا، وأهميته الفائقة تنبع من كونه مع علياء غانم، والدة أسامة. تظهر ملابس غانم كما ظهرت في الصور التي نُشرت مع الحوار أنها تحب الحياة، على عكس ابنها، إذ جلست على أريكة تقع في غرفة واسعة، مرتدية ثوباً مزركشاً بألوان زاهية، وحجاب أحمر يغطي شعرها. بالنسبة إلى الأم، لا يزال أسامة ابناً محبوباً. تعتبر فقط أنه "فقد طريقه بطريقة أو بأخرى"، وتضيف أن حياتها كانت صعبة للغاية لأنه كان بعيداً عنها في سنواته الأخيرة. تصفه الأم التي وصلت إلى منتصف السبعينات من العمر ابنها بأنه "كان طفلاً صالحاً جداً"، وتضيف: "كان يحبني كثيراً".
تحتفظ الأم بصورة لأسامة يظهر فيها مرتدياً زياً قتالياً، وكأنها تقول بطريقة غير مباشرة إنه ابنها، وإنها لا زالت تحبه مهما كان رأي العالم مختلفاً. في نفس الغرفة التي جرى فيها الحوار، كان يجلس اثنان من أبنائها، أحمد وحسن، وزوجها الثاني، محمد العطاس، الذي قام بتربية الإخوة الثلاثة. تجمعت العائلة في زاوية من القصر الذي يعيشون فيه حالياً في جدة، المدينة السعودية التي كانت موطناً لعشيرة ابن لادن لأجيال. وحتى الآن لا تزال العائلة واحدة من أكثر العائلات ثراءً في المملكة.
ولسنوات، رفضت غانم الحديث عن أسامة، كما كان حال أغلب أفراد عائلته، تحديداً في الفترة التي كان فيها زعيماً لتنظيم القاعدة، وهي الفترة التي انتهت بمقتله في باكستان. تقول الغارديان إن القيادة السعودية الجديدة وافقت على طلب الصحيفة إجراء الحوار. وتلفت إلى أنه رغم أن العائلة واحدة من أكثر العائلات نفوذاً في البلاد، لكن تحركات أفرادها واتصالاتهم لا تزال تخضع لمراقبة دقيقة.
تصف غانم ابنها أسامة بأنه كان شديد الخجل في طفولته ومراهقته، لكن شخصيتة صارت أقوى بكثير في العشرينات من عمره، أثناء دراسته الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز في جدة. وحينها أصبح متطرفاً، بحسب الأم. تعتقد غانم أن ابنها غيّره الناس في الجامعة، وجعلوه رجلاً مختلفاً.
تحكي بتفاصيل أكثر أن "أحد الرجال الذين قابلهم هناك هو عبد الله عزام، وكان عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، ونُفي لاحقاً من المملكة العربية السعودية وأصبح مستشاراً روحياً لأسامة". وتضيف بثقة شديدة: "كان طفلاً جيداً إلى أن التقى ببعض الأشخاص الذين غسلوا دماغه في أوائل العشرينات من عمره. وبدأ يدخل في الدين بعمق، كان لديهم المال لقضيتهم، كنت أطلب منه دائماً الابتعاد عنهم، لكنه لم يكن يحكي لي أبداً عما كان يفعله وقتها، لأنه كان يحبني كثيراً ". وهنا يتدخل في الحوار حسن، الأخ غير الشقيق لأسامة، قائلاً: "كل مَن قابل أسامة في البدايات كان يحترمه، كنا جميعاً فخورين به، حتى الحكومة السعودية كانت تعامله بطريقة نبيلة ومحترمة، إلى أن ظهر وجه أسامة المجاهد". ويكمل حسن: "أنا فخور به جداً كأخي الأكبر، فلقد علمني الكثير. لكنني لا أعتقد أنني فخور به كرجل وصل إلى النجومية على المسرح العالمي، من أجل لا شيء"، في إشارة إلى انتقاله للتطرف.
والدة أسامة بن لادن تحكي عن ابنها: "كان طفلاً جيداً إلى أن التقى ببعض الأشخاص الذين غسلوا دماغه في أوائل العشرينات من عمره... كنت أطلب منه دائماً الابتعاد عنهم"
يُظهر حوار نشرته صحيفة الغارديان البريطانية الجانب الإنساني غير المعروف عن شخصية أسامة بن لادن الذي غيّر عالمنا، وأهميته الفائقة تنبع من كونه مع علياء غانم، والدة أسامة التي نشأت في أسرة سورية علويةكانت غانم تستمع باهتمام لما يقوله ابنها حسن، وكأن الأمر ذكّرها بسنوات تكوين أسامة. تقول: "كان مستقيماً جداً، وجيداً جداً في المدرسة. كان حقاً يحب الدراسة". تقول العائلة إنها رأت أسامة آخر مرة في أفغانستان عام 1999، حين زاروا مقره خارج مدينة قندهار.
وتروي الأم: "كان مكاناً بالقرب من المطار" وتكمل: "كان سعيداً جداً لاستقبالنا. ومن أجل الاحتفال بنا ذبح ذبيحة، وأعد لنا وليمة". يشير الحوار إلى طفولة غانم نفسها في مدينة اللاذقية الساحلية السورية، حيث نشأت لعائلة من العلويين. تتذكر بعض الفروقات بين سوريا والسعودية، ومنها تفوّق المطبخ السوري على السعودي، وكذلك الطقس في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث هواء الصيف دافئ ورطب بما يتناقض بشدة مع مناخ في جدة.
انتقلت غانم إلى المملكة العربية السعودية في منتصف الخمسينيات. وبعد ثلاث سنوات من ولادة أسامة في الرياض عام 1957، انفصلت عن والده، وتزوجت من العطاس الذي كان آنذاك مسؤولاً في إمبراطورية ابن لادن الوليدة، في أوائل الستينيات. أما والد أسامة فقد تركهم لينجب 54 طفلاً من 11 زوجة مختلفة على الأقل. حين كانت غانم تغادر الغرفة التي تجري فيها الغارديان الحوار، كان الإخوة غير الأشقاء لأسامة يتحدثون، معتبرين أن شهادة أمهم بابنها قد لا تكون موضوعية بسبب حبها له. يقولون: "لقد أحبته كثيراً وترفض لومه، وبدلاً من ذلك، تلوم مَن حوله. إنها تعرف فقط الجانب الطفل في أسامة باعتباره كان صبياً صالحاً، أما الجانب الجهادي منه، فلم نرَه حين كان بيننا".
تتذكر الأسرة أحداث الحادي عشر من سبتمبر. "لقد صدمنا جميعاً حين تابعنا الأخبار القادمة من نيويورك وقتها. كان شعوراً غريباً جداً. عرفنا منذ البداية أن مَن قام بذلك هو أسامة. شعرنا جميعاً بالخجل منه. كنا نعلم أننا سنواجه عواقب رهيبة. وأفراد عائلتنا في الخارج عادوا جميعاً إلى السعودية".
وفي السعودية، مُنع كل أفراد العائلة من السفر، كما قامت السلطات باستجوابهم جميعاً. لكن بعد قرابة عقدين من الزمن أصبح من حق أفراد العائلة التحرك بحرية نسبياً داخل المملكة وخارجها. جاءت سنوات تكوين أسامة بن لادن في جدة في السبعينيات وكانت لا تزال هناك مساحة من الحرية النسبية. كان ذلك قبل الثورة الإيرانية التي راحت تسعى لتصدير أفكارها الشيعية إلى العالم العربي السني. ومنذ ذلك الحين، قام حكام السعودية بتطبيق تفاسير صارمة للإسلام السني. يطرح سماح السلطات السعودية للغارديان بإجراء هذا الحوار في هذا التوقيت بالذات، أسئلة عن السبب في ذلك، وعن الأهداف. قد يكون السبب هو رغبة المملكة التي اتُّهمت لسنوات بتصدير التطرف للعالم بأن ترسل رسالة جديدة للعالم، تقول له من خلالها، لقد أصبحنا نعترف بأخطائنا.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع