ما زال السنافر حاضرين بيننا، كبارا و صغاراً، فهذا العام، وفي ذكرى مرور 60 عاماً على ولادتهم، اسمهم يتكرر دوماً، حتى لو لم يشاهد الواحد منا حلقة واحدة من مسلسلهم الشهير.
حكايات السنافر يوتوبيا اشتراكيّة؟ بالرغم من أن صاحب السنافر لم يحمل أهدافاً أيدولوجيّة واضحة، لكن هناك الكثير من الرسائل المضمّنة سواء عن قصد أو عن سهوهذا العام، واحتفالاً بالذكرى الستين، افتتحت في بروكسل قرية السنافر، والتي تتيح للزوار كبار وصغاراً أن يعيشوا تجربة السنافر، واختبار عوالمهم ومنازلهم وصراعهم من أجل حماية البيئة، وخصوصاً أنه تمت تسميت السنافر عام 2017 كسفراء للأمم المتحدة من أجل تحقيق أهداف التطوير الدائم، كما شاركوا في مسيرة يوم السعادة العالميّ. ويقول ماهر ناصر، رئيس قسم المبادرات في الأمم المتحدة "نأمل أن تحرض هذه الحملة الشبان وعائلاتهم على أن يقوموا بواجبهم لإنهاء الفقر في العام، والحد من اللامساواة والدفاع عن الكوكب، فهذه العوامل الثلاثة ستؤدي إلى سعادة وصحة جميع الناس". https://youtu.be/4oB89nvdrdA عرفت المنطقة العربيّة ثلاثة دبلجات لمسلسل للسنافر، أولها و أشهرها تلك التي أنتجها استديو لبنان والمشرق، وآخرها تلك التي أنتجها شركة إيمج برودكشن هاوس، وقد حولت هذه الإنتاجات السنافر إلى ظاهرة ثقافية في العالم العربي، تتلقفها أغلب الشاشات التلفزيونيّة.
الذهب والألماس في قرية السنافر
يعلّق أنطوان بوينو في أحد فصول كتابه "الكتاب الأزرق الصغير – تحليل و نقد سياسي لمجتمع السنافر"، الصادر عام 2011:"تُدين الشيوعيّة بشكل عام والساتلينيّة بشكل خاص الفردانيّة (البرجوازيّة) ..وتدعم هيمنة الجماعة على الفرد، فالأخير يشكّل تهديداً تحدياً مباشراً، هذه الفكرة تتجلى بشكل محوريّ، وبصورة واضحة في العنوان، السنافر، اسم جمع، مغامرات جماعيّة، مغامرة جماعة".
بالطبع تعرض بوينو للكثير من الانتقادات بسبب تأويلاته المبالغ بها. ولكن، بالرغم من أن صاحب السنافر لم يحمل أهدافاً أيدولوجيّة واضحة، هناك الكثير من الرسائل المضمّنة سواء عن قصد أو عن سهو، فبيو الذي ترك بلجيكا بعد الاحتلال النازي ولجأ إلى فرنسا، يحيل في حكايات السنافر إلى يوتوبيا اشتراكيّة، تحارب ضد شرشبيل/الرأسماليّ المهووس بالذهب، والذي يريد تحول "السنافر/الشعب" إلى سلعة يتداولها ويفقدهم قيمتهم "الإنسانيّة". في حلقة "شرشبيل الكريم"، يذهب سنفور "غبي" لإحضار صخور للقرية، فيقع على أحجار ألماس ويعود بها إلى القرية، ولكنها لا تثير اهتمام السنافر لأنها غير مناسبة لمشروع البناء الذي يعملون عليه، ويدور بينهم الحوار التالي:سنفور غبي: "مرحباً سنافر، جلبت لكم الكثير من الصخور"
سنفور مفكر: "وأي نوع من الصخور هو هذا؟"
سنفور مغرور: "إنها شاحبة كثيراً، أهي مريضة؟"
سنفورة: "غبي، هذه الصخور غيرُ نافعة"
سنفور غضبان: "أجل، سنفرها من حيث جئت بها، وأحضر لنا بعض الصخور الجيدة"
ويبدو أنّ السنافر لا يعرفون ما هو الماس أصلاً إلى أن يخبرهم بابا سنفور بأنها "أحجار ثمينة جداً في عالم البشر"، وبالمقابل، حين يعثر عليها شرشبيل، يبدأ بجمعها ويبجث عن "المزيد! المزيد!"، وتتكرر هذه المفارقة في حلقات عدة، منها "السنافر وشجرة الأموال". https://youtu.be/Vco2i1Uyy_Yقرية ثانية تشرف عليها "ماما سنفورة"
إنّ الذكورة الطافحة بين السنافر أدائية فقط، إذ لا نعلم جنس الواحد منهم إلا عبر إشارات واضحة، كالسنفورة الشقراء الغاوية التي تشكل الصورة النمطية للأنثى، والتي تثير المتاعب وتفتن السنافر. يبدو أنّ القراءة الجديدة لقصتهم، في فيلم "القرية المفقودة"، تتدارك هذا التحيز، وتعطي سنفورة دور البطولة، كما تتخيل قرية ثانية للسنافر، تشرف عليها "ماما سنفورة"، وتقطنها أخوات من السنافر. https://youtu.be/8LdpyRBE0aA كما لا توجد دلالة على كيفية "التكاثر"، سوى أن الأطفال يأتون من بعيد تحملهم الطيور، وكأننا في يوتوبيا خيال علميّ، ينفى فيها التكاثر الجنسيّ ليكون الأفراد مصممين للعمل فقط، كل منهم يتبنى دوراً واحداً نمطياً لا يستطيع مخالفته، أشبه بصبغة حمض نووي لا يمكن تجاوزها، إذ لاختلافات عرقيّة أو دينيّة، مجرد وسوم جينيّة تحدد دور كل فرد، بوصفه يملئ دوراً اجتماعياً محدداً لضمان استمرار "جهد" المجموعة. وكأنهم كائنات ما بعد بشريّة، وخصوصاً أن السنافر يمتلكون قدرات "سحريّة" كما في الحكاية الأولى، هم قادرون على صناعة "آلة" تتحكم بالبشر، أولئك الراقصين المتكاثرين جنسياً.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين