نشرت الفنانة الاستعراضية سما المصري على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "انستجرام" صورة تبرز فيها عجيزتها، أي مؤخرتها، معلقةً عليها: "الاهتمام بالمؤخرة يضعك دائماً في المقدمة"، في إشارة لفخرها بجمال عجيزتها، وقد لاقت سما بسبب هذه الصورة بعض الهجوم إلا أنها أكدت على العشق الدائم بين المصريين بشكل خاص والعرب بشكل عام للعجيزة باعتبارها من أهم مقومات المرأة الجميلة. عكس هذا الأمر أيضاً الفنان عادل إمام في فيلمه عام 2007 "مرجان أحمد مرجان" عندما ذهب لمقابلة أستاذة أبنائه في الجامعة، وهي الفنانة ميرفت أمين وكانت وقتها في النادي تمارس رياضة التنس، حدّق في عجيزتها وقال مقولة شهيرة جرى تداولها فيما بعد بكثرة في مصر وهي "أهم حاجة في المرأة خلفيتها الحضارية".
لم يكن الاهتمام بهذا الجزء من جسم المرأة حديثاً بل كان حتى في القرن الماضي من العلامات الأساسية التي تبحث عنها بعض الأمهات في الزوجة، وقد جسد هذا الاهتمام بشكل صريح فيلم "هذا هو الحب" من إنتاج عام 1958 بطولة يحيى شاهين ولبنى عبد العزيز، عندما قامت أم يحيي شاهين في الفيلم "ماري منيب" بالذهاب إلى بيت أسرة لبنى عبد العزيز لخطبتها لنجلها، فبدأت في إعطائها المكسرات لكسرها بأسنانها كي تتأكد من قوة أسنانها، ثم قذفت كيس المكسرات في الأرض وطلبت من عروسة ابنها بأن تنزل لجمعها كي تراقب عجيزتها.
العجيزة في الشعر
برزت أهمية العجيزة وتأثيرها على العرب منذ قرون طويلة، وقد ظهر هذا الاهتمام حتى في الشعر القديم، فمن ضمن ما كتب عن هذا العضو الأنثوي والذي عكس عشق العرب له باعتباره معياراً لجمال المرأة، قول الشاعر المتوكل الليثي، الذي عاش في عهد الدولة الأموية عن جمال المؤخرات:إذا تمشي تأود جانباها وكاد الخصر ينخزل انخزالا
تنوء بها روادفها إذا ما وشاحها على المتنين جالا
أطلق العرب قديماً على المرأة التي ترتج عجيزتها وهي تمشي بـ "المرمورة"، بينما أطلقوا على المرأة التي تُخرج عجيزتها ليراها الناس بـ "البزواء".
كان يفضل العرب المرأة الرفيعة من الجزء العلوي والممتلئة من الجزء السفلي، وعند امتلاكها الميزتين تصبح المرأة المثالية ليقدموا عليها ويطلبوها للزواج.لم يكن الليثي هو الشاعر الوحيد الذي نسج شعراً في جمال العجيزة بشكل خاص وجمال المرأة الممتلئة تحديداً من وجهة نظره، فمن ضمن من كتبوا أيضاً الشاعر أعشى همذان وهو من شعراء الدولة الأموية: ثقلت روادفها ومال بخصرها كفل كما مال النقا المتقصف الشاعر المخضرم كعب بن زهير الذي عاش في عصر الجاهلية وعصر الإسلام كانت له أشعار منتمية لمدرسة الشعر الجاهلي يتغزل فيها بعجيزة المرأة مثل قصيدته المعروفة بالبردة وفيها:
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة لا يشتكي منها قصر ولا طول
ويقصد هنا بعجزاء بأنها صاحبة "مؤخرة" مميزة.
ومن الشعراء الذين تغزلوا بعجيزة المرأة، النابغة الذبياني، حيث قال:
مخطوطة المتنين، غير مفاضة ريَّا الروادف، بضّة المتجرّد وفي الموضوع نفسه، قال الشاعر ابن الرومي الذي عاش في عهد الدولة العباسية: وشربتُ كأس مُدامة من كفها مقرونة بمدامة من ثغرها وتمايلت فضحكت من أردافها عجباً ولكني بكيت لخصرها
الكتب القديمة
لم يعكس الشعراء وحدهم حب العرب للعجز منذ العصور الأولى بل كان ذلك جلياً أيضاً في كتبهم، ولعل خير دليل على ذلك، قاموس لسان العرب لابن منظور، حيث نجد أسماء كثيرة ومرادفات أطلقها العرب على المؤخرة، كما نجد أنّ العرب قديماً كانوا يميلون للنساء الممتلئات من الأسفل في إشارة للعجيزة.وكما جاء في كتاب "دولة النساء.. معجم ثقافي واجتماعي ولغوي عن المرأة" صدر عام 1945، لمؤلفه عبد الرحمن البرقوقي، أنّ العرب "كانوا يفضلون المرأة الرفيعة من الجزء العلوي والممتلئة من الجزء السفلي، ويرون عند امتلاكها الميزتين تصبح المرأة المثالية ليقدموا عليها ويطلبوها للزواج".
تحدّث كتاب "نثر الدر" لمنصور بن الحسين الآبي (الذي عاش في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي)، أيضاً عن هذا الاهتمام الكبير، فجاء فيه موقف للخليفة العباسي المتوكل يعكس هذا العشق للعجيزة عندما لام إحدى جارياته لعدم امتلاكها مؤخرة ممتلئة إذ قال: إنك لرسحاء -أي لا تملك عجيزة كبيرة- فقالت: يا سيدي ما نقصناه من الطست زيادة في التنور. ومما جاء في الكتاب أيضاً، للتأكيد على هوس العرب بالعجيزة بل والفرس كذلك موقف الحارث بن كلدة طبيب العرب عندما قاد وفداً إلى كسرى أنوشيروان ملك الفرس، فسأله كسرى أي النساء أحسن، فقال: صغيرة الفم، عظيمة الأرداف، بارزة النهدين. الكتاب ذاته نشر مقولة للخليفة الأموي عبد الملك بن مروان لما سأل رجلاً حكيماً من حاشيته عن صفات أحسن النساء، فكان ردّ "ناعمة الأليتين، ناهدة الثديين، حمراء الخدين، كحلاء العينين، نحيلة الخصر".
أنعم من الحرير وألين من الزبد
في نفس السياق، تحدث الشاعر والباحث العراقي الدكتور فالح الكيلاني عن الشعر الجاهلي القديم وكيف تغنى الشعراء القدامى بكل منطقة في جسد المرأة من خلال دراسة له بعنوان "مواطن جمال المرأة في الشعر الجاهلي"، قال:"اقتصرت أغلب القصائد الغزلية في الشعر الجاهلي على وصف الجمال الخارجي للمرأة كجمال الوجه والجسم والمظهر الخارجي. وكان الشعراء يتفننون في وصف هذا الجمال لكنهم قلما تطرقوا إلى وصف ما ترك هذا الجمال من أثر في عواطفهم ونفوسهم، وقد أحب العرب في المرأة بعض الصفات التي توجد فيها وخاصة مفاتنها مثل الصدر والنهد والخصر والبطن والردف الثقيل وكتبوا فيها أشعارهم".
وعن الأرداف تحديداً، جاء في دراسته:"أحب العرب الأرداف الطويلة الضخمة الممتلئة والأفخاذ المليانة المكتنزة المدورة الملساء والخالية من الشعر أو الزغب مع بياض مشوب بحمرة وكانت عندهم فُسحة مُضيئة في خريطة الجمال والأنوثة والرغبة لديهم، وقد شبّهوا الردفين بكثيب الرمل، بالدعص، وبالموج".
فيقول الشاعر النابغة الذبياني: "مخطوطة المتنين، غير مفاضة ريَّا الروادف، بضّة المتجرّد"، والفخدان تفضيان الى مكامن السحر والجمال فيهما الإغواء والإغراء والشهوة لذا كانت الفخذ الجميلة هي اللَّفاء المكتنزة، تتناسق مع عظم الردف وتدويره وقيل فيه إنه أنعم من الحرير وألين من الزبد، والساق الأملس أو الأجمل فهي الساق الرّيّا الممتلئة القوية. وشبَّه الشعراء الساقين بعمودين من المرمر مثل قول النابغة الذبياني: سقط النصيف ولم تُرد إسقاطه فتناولنه واتَّقَتنا باليد وقول امرئ القيس فيه: وكسح لطيف كالجديل مُخضَرّ وساق كأُنبوب السقي المُذَلَّل"المؤخرة" في المعاجم اللغوية
via GIPHYإضافة للسان العرب الذي ورد ذكره، امتلأت معاجم العرب اللغوية بكلمات تصف جمال العجيزة مما يعكس الاهتمام اللغوي أيضاً تماشياً مع الثقافة الأدبية، إذ أطلق العرب قديماً على المرأة التي ترتج عجيزتها وهي تمشي أو عند القيام بـ "المرمورة" (ومَرْمارَةٌ)، بينما أطلقوا على المرأة التي تُخرج عجيزتها ليراها الناس بـ "البزواء"، ومن الكلمات التي شهدتها المعاجم أيضاً حول أشياء تتعلق بالمؤخرة كلمة "الحشية"، وهي "مخدة" أو نحوها لتكبر المرأة بها عجيزتها إذا كانت صغيرة من أجل أن تتزوج.
كذلك ورد في كتاب "تاج العروس من جواهر القاموس"، كلمات أخرى تعبر عن مؤخرة المرأة، وجاء في الكتاب أن العرب كانوا يسمون المرأة الكبيرة العجيزة "دلخة" ويقولون عنها امرأة دلخة أو عجزاء أي كبيرة المؤخرة، في حين سمى العرب المرأة صاحبة المؤخرة الصغيرة بـ "الزلّاء" و"الرسحاء" وهما من صفات الذم عند العرب قديماً.
وفي كتاب "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده، الذي يعتبر أحد المعاجم الجامعة في تاريخ اللغة العربية،جاءت أسماء أخرى للعجيزة، وجاء في الكتب أن العرب قديماً كانوا يسمون المرأة عظيمة العجيزة بالمرأة البوصاء، إذ أطلق على العجيزة وقتذاك اسم "البوص".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...