تضع سارة (اسم مستعار) ابنة مدينة إدلب وطالبة كلية الطب رأسها على كتف حبيبها علي (اسم مستعار) ابن مدينة طرطوس كل مساء في المدينة الجامعية بدمشق. إنها الساعة الثامنة مساءً، موعد العشق المقدس، تمسك بيديه الاثنتين وتتطاير القبل غير العبثية ربما تكون لسارة حناناً فقدته من 7 سنوات، في ذلك الشارع ذي الإضاءة الخافتة والمطل على أوتوستراد المزة يشاهد المارة بعض أشكال الجنس غير الكامل بين الطلاب والطالبات.
متعة الجنس تنسيهم ألم الحرب
قبل عام 2011 كانت ممارسة الجنس أمراً يتكلم فيه الشباب بخجل حتى بأحاديثهم العادية، كانت الأشجار الكبيرة والمقاعد البعيدة ملجأ من يريدون علاقة غير كاملة، أما البيوت كانت وما تزال جدرانها تحمي علاقات جنس كاملة، لكن اليوم دون خجل من أحد. تقول سارة هل قبلتي لعلي ستخرب الدنيا، أم ستمنع الحرب عن إدلب؟ هل النوم معاً في نفس السرير ودقائق نشوتنا الجنسية التي تشعرنا بالسعادة هما الحرام الوحيد في الكون والحرب بكل تفاصيلها حلال؟ يعقب "علي" وهو يضم "سارة": أحبها بكل تفاصيلها بحجابها ومدينتها، فهي ملجأي بعد 10 ساعات عمل ودراسة، هي طبيبة قلبي وجسدي ليلة كل خميس ويضحك بصوت مرتفع.حال سها (اسم مستعار) ابنة الثلاثين عاماً لا يختلف عن حال سارة إذ تتقارب التبريرات حول علاقة الجنس، طالبة الدكتوراه في الهندسة تقيم علاقةً جنسية كاملةً مع حبيبها الطبيب، تشير سارة إلى أن صعوبة الزواج والمشاكل التي ازدادت مع الحرب، وشبح الخدمة الإلزامية والمصاريف المادية، والمنزل، وقلة الشباب وهجرتهم تمنع الكثير من الشباب الزواج، فهل أموت ولا أعرف طعم الجنس؟ الحرب كبّرت كل شاب وصبية سورية 8 سنوات، ويشير "أحمد"، طبيب متمرن في أحد المشافي الحكومية، إلى أن الجميع يقبلون العلاقات الجنسية في الخارج وهم مرتاحون نفسياً واجتماعياً، لا حروب لديهم ولا مصاعب حياة، ويمارسون حتى الجنس مرتاحين، لذلك يجب علينا أن نقبل وكل يبدأ من ذاته، الجنس حاجة فيزيولوجية كالطعام والشراب، فلماذا لا نمارسه مع من نحب؟
الجنس حق مشروع
منذ 8 سنوات والموت يحيط بالسوريين جميعاً ولا يستثني منهم أحداً، فكم صاروخاً عبر من فوق غرفة كانت دقائق النشوة الجنسية فيها بأوجها، وكم تفجيراً حصل وقطع قبلات حارة ليلة خميس سوري، تشير الدكتورة "م. ز" الاختصاصية النفسية إلى أن اللجوء للجنس في حالات الخوف هو حالة طبيعية جداً، فالحصول على الممنوع أثناء الخوف من الموت مبرر بحكم الطبيعية البشرية، أيضاً الكبت والتشرد وتغير المفاهيم، وخصوصاً أثناء الحروب تزيد العلاقات الجنسية العلنية بين الشباب والصبايا من باب الانفتاح وقبول المجتمعات الأخرى.بين المدينة الجامعية وحديقة كلية الآداب في جامعة دمشق، تتكرر المظاهر لكن بوتيرة عاطفية أخف، وتقتصر على مسكة يد أو ضمة في حرم الجامعة، بين المحاضرة والأخرى تلتقي مها ابنة 18 عاماً حبيبها جوني ابن 20 عاماً، وكانت تعرفت عليه بداية العام الدراسي، يتهامسان وسط أصحابهما، يخططان لموعد علاقة جنسية أسبوعية ويبحثان عن فندق يؤوي نشوتهما الجنسية. تقول مها: كنت في الصف العاشر عندما سقطت القذيفة قربي، لم أجد وقتها أحداً يضم رعشة جسدي الخائف من الموت، تكرر المشهد وأنا بصبحة جوني وسط باب توما ذات يوم، تدخل القدر وأنقذنا من الموت، ضمني جوني بقوة واستقبل خوفي ورعشة جسدي بحب وحنان فقدتهما منذ موت أبي وأمي وسفر إخوتي، جوني أيضاً يضم بحب رعشتي الجنسية في ليلة حميمة.
كثيرات هنَ الفتيات اللواتي فقدن عذريتهن في سنوات الحرب، أحياناً لنشوة حب وأحياناً لسد جيوب الفقر، وأحياناً لبيع الهوى بالماليعقب جوني على كلام مها: يجب أن تكون هذه الحرب علمتنا أن الحرام هو الخوف من موت لا نعرف كيف يأتينا. فأنا شاب ولدي حاجاتي الجنسية وأريد أن أفرغها مع من أحب، هذه حرية شخصية وحق طبيعي لكل شاب وصبية.
دم البكارة أو دم الحرب
باتت فكرة العذرية بين الشابات السوريات تحصيل حاصل، على عكس أهاليهم، وسائل فقدانها موجودة عملية ترقيع لغشاء البكارة، ونقطة دم تسقط من بين القدمين في ليلة الدخلة بعد الزواج، لم تعد اليوم مشكلة رئيسة بنظر هالة التي استقبلت عامها العشرين هذا الشهر. تقول: فقدت عذريتي منذ عام تقريباً مع شابٍ أحببته. لم أفكر حينها بما سيقول المجتمع لأن المجتمع لا يقدر مشاعري ولا عواطفي ولا خوفي، فلعنةٌ على هذا المجتمع بكل ريفه ومدنه، مجتمعٌ يخاف دم البكارة ولا يخاف دم الحرب، مجتمع يخاف لهاث عاشقين في دقائق ذروة دون عقد زواج، ولا يخاف صراخ شاب أو شابة تلفظ أنفاس الموت في الشوارع.وفيما يخص العادات والتقاليد تتحدث "صبايا_ اسم مستعار" وطالبة لغة عربية، أن المجتمع السوري تفرقه السياسة لحد القتل، ويجمعه دمٌ في ليلة الدخلة، وكثيرات هنَ الفتيات اللواتي فقدن عذريتهن وخصوصاً في سنوات الحرب، أحياناً لنشوة حب وأحياناً لسد جيوب الفقر، وأحياناً لبيع الهوى بالمال، وعند الزواج الحل موجود والبكارة تعود بعملية بسيطة، إذا كانت فقط هذه حجة المجتمع، فهي أسهل ما يكون. هل يترك المجتمع السوري شرقيته يوماً، وينسى أن البكارة هي معيار الأخلاق؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...