لا ينظر الجميع إلى موضوع الجنس والعلاقة الجنسية بنفس الطريقة، فبالنسبة إلى الناجيات من الاعتداءات الجنسية، فإن القدرة على ممارسة حياةٍ جنسيةٍ طبيعيةٍ وصحيةٍ قد تكون رغبةً صعبة المنال. فإن النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب يعتبرن العلاقة الجنسية مصدر خوفٍ وخجلٍ، إذ يختبرن لفترةٍ طويلةٍ عذابات نفسية وجسدية، حتى أن أجسامهنّ تتمرد عليهنّ وغالباً ما تصبح اللذة الجنسية أمراً منسياً، فالخروج من "الصدمة" رغم العلاجات التي تركز على الشفاء العاطفي والنفسي، دقيق. وفي ظل المحاولات العديدة لمساعدة الناجيات من الاغتصاب على استعادة الشعور بأجسادهنّ للوصول إلى النشوة أو على الأقل لاختبار بعض الأحاسيس الجميلة برفقة الشريك أو الشريكة، تم ابتكار ألعاب جنسية تساعد هذه الفئة من النساء على تقبّل أجسادهن من جديد.
أدوات شفاء
بالرغم من كون الحياة الجنسية مسألة شخصية للغاية، فإن علاج المشاكل الجنسية التي تسببها الصدمات النفسية مثل انكماش عضلات الحوض، غالباً ما يكون سريرياً ويرتكز على المسائل الجسدية، خاصةً موضوع الإيلاج. من هنا قامت المصممة الهولندية "نينكي هيلدر" بابتكار مجموعةٍ من الألعاب الجنسية لتمكين الناجيات من الاعتداءات الجنسية من إعادة النظر في كيفية التعامل مع أحاسيسهنّ واستعادة الشعور بالمتعة الجنسية. استناداً إلى تجربتها الشخصية، أدركت "هيلدر" الإحباط الذي يمكن أن يسببه الاعتداء الجنسي، مما دفعها إلى تطوير علاجٍ بديلٍ يرتكز بشكلٍ خاص على الجوانب العاطفية للصدمة الجنسية. وكشفت عما حصل لها شخصياً لموقع "ديزين":" شعرت بالإحباط من الطريقة التي يتم التعامل بها مع مثل هذه القضايا، وبالنسبة إليّ فإن العلاجات التي تلقيتها زادت الأمر سوءاً. فقد كان العلاج يأخذني بعيداً عن السياق الجنسي، إذ أصبح سريرياً يركز على الإيلاج كهدف نهائي بشكل فقدت فيه الشعور بالمتعة في حياتي الجنسية".الصدمة تخلق بعض ردود الفعل التي تأتي من العقل الباطني، ولكسر هذا الأمر، فإن المرأة بحاجة إلى أن تفهم بصورةٍ عقلانيٍة ما الذي يسبب مثل هذه العمليات من أجل التغلب عليها عاطفياً.
"حين أمارس الجنس، أحاول التحكم في عقلي لكوني أخاف من عودة الذكريات، ونتيجة محاولة السيطرة على كل شيء يصبح من المستحيل الوصول إلى النشوة لأن ذلك يمثل فقداناً كاملاً للسيطرة"من هنا قررت "هيلدر" أن تعالج ما اعتبرته النهج "السريري" للشفاء، من خلال ابتكار أدوات جنسية تشكل "فرصة لاستكشاف التعافي الجنسي الشخصي".
ماذا تتضمن مجموعة "هيلدر"؟
تحدثت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن مجموعة "نينكي هيلدر" التي تحمل إسم Sexual Healing (الشفاء الجنسي)، وتتضمن 5 أدوات تساعد المرأة على إعادة اكتشاف المتعة الجنسية: -فرشاة مصنوعة من شعر الخيل لاستكشاف اللمس والدغدغة عن طريق قيام المرأة بلمس جسدها أو من خلال الطلب من شريكها استعمال هذه الفرشاة أثناء علاقتهما وبالتالي جعله جزءاً من العلاج. -مرآة مصممة لرؤية الأجزاء الحميمية بشكلٍ أفضل وبالتالي التعرف على أعضاء الجسم عن كثب. -جهاز خاص بالحوض يهتز حين تكون العضلات متوترة، مما يشير إلى حاجة للاسترخاء. -جهاز استشعار يضيء عند التنفس بسرعةٍ كبيرةٍ. -كيمونو مصنوع من الحرير، يوفر الشعور بالدفء والاسترخاء في غرفة النوم، وبالتالي تسهيل عملية الوصول إلى النشوة الجنسية. تؤكد "هيلدر": "من خلال الحصول على ردود الأفعال البيولوجية بواسطة الأدوات، يمكنكنّ تصور العمليات التي تحدث داخل أجسامكنّ، مما قد يساعد على فهم الحالات التي يتفاعل فيها جسمكنّ بشكل لا إرادي"، مشيرةً إلى أن "الصدمة تخلق بعض ردود الفعل التي تأتي من العقل الباطني، و"لكسر هذا الأمر، فإن المرأة بحاجة إلى أن تفهم بصورةٍ عقلانيٍة ما الذي يسبب مثل هذه العمليات من أجل التغلب عليها عاطفياً".نحو جنس أكثر إيجابية
من يدخل إلى موقع "nienkehelder " ومن خلال التدقيق في أشكال الألعاب الجنسية وليونتها، يمكن فهم "عقلية" المصممة ورغبتها في مساعدة الناجيات من الاعتداءات الجنسية على فتح صفحةٍ جديدةٍ. إن الأدوات الجنسية التي ابتكرتها "نينكي هيلدر" تتميز بأشكالها البعيدة كل البعد عن الضخامة والأحجام الكبيرة، كما أنها غير اختراقية لممارسة الجماع الخارجي دون الإيلاج. بالإضافة إلى تركيز هذه الألعاب الجنسية على بعض المنكهات بغية عدم تذكير الناجيات برائحة الأعضاء التناسلية وبالذكريات الأليمة التي مررن بها. أما الهدف الرئيسي من ابتكار هذه الأدوات الجنسية الخارجة عن المألوف، فهو إعطاء المرأة فرصةً لاستكشاف اللذة الجنسية من جديد بطريقٍة صحيةٍ وفي بيئةٍ آمنة دون التعرض للضغط الجسدي الذي يمكن أن تشعر به عند ممارسة الجنس مع شريكٍ فعلي.استعادة الجسد
"لا أريد أن أنظر في عينيه، لا أريد الذهاب مجدداً إلى هناك، لو كان بامكاني طلب شيء واحد لقلت إنني أريد إستعادة جسدي"، "حين أمارس الجنس، أحاول التحكم في عقلي لكوني أخاف من عودة الذكريات، ونتيجة محاولة السيطرة على كل شيء يصبح من المستحيل الوصول إلى النشوة لأن ذلك يمثل فقداناً كاملاً للسيطرة"، "في بعض الأيام، أتجنب الاستحمام وفي متاجر الثياب، غالباً ما أدير ظهري إلى المرآة حتى لا أرى جسدي"، هذا ما حكته بعض النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب مما جعل علاقتهنّ بأجسادهنّ تهتز. وبالرغم من أن تصاميم "هيلدر" لا تزال نماذج أولية، هناك أماكن يمكن للناجيات العثور فيها على أدواتٍ جنسيةٍ لمساعدتهنّ على الخروج من أزمتهنّ، على غرار المتجر التجاري Sh!Women’s Erotic Emporium الذي يقع في شرق لندن ويتضمن ألعاباً جنسية مختلفة وبرنامج شامل للتعليم.يقوم هذا المتجر بالتنسيق مع الخدمة الصحية الوطنية (NHS) للتوصية بالأدوات الجنسية التي تصب في خدمة النساء اللواتي تعرضن للصدمات. في هذا الشأن، تقول "رينيه دينيير"، مديرة المتجر البريطاني:" لسوء الحظ، لا يزال العديد من خبراء الصحة غير مرتاحين للحديث عن الجنس". علماً أن "دينيير" هي عضو في مجموعة My Body Back Project التي تشكل جناحاً داعماً للنساء اللواتي تعرضن للعنف الجنسي:"بالنسبة إلى الناجيات من الاعتداء الجنسي والاغتصاب، فإن أجسادهنّ تُسلب منهنّ، ولكن عندما يصبحن على استعداد للبدء بالتفكير بالجنس، بعد الخضوع للعلاجات والاستشارات، يجدن أنه ليس لديهنّ من مكانٍ للذهاب إليه، من هنا قررنا تخصيص هذه المساحة لهنّ".
وتعتبر "دينيير" أن استخدام مثل هذه الألعاب الجنسية ما هو إلا وسيلةٍ قويةٍ وفعالةٍ لمساعدة الناجيات من الاعتداءات الجنسية على استعادة أجسادهنّ، خاصة أولئك اللواتي عانين من اعتداءاتٍ عنيفةٍ في مرحلة الطفولة، الأمر الذي أثر سلباً على حياتهنّ الجنسية في وقتٍ لاحقٍ وجعلهنّ يشعرن بخوفٍ دائمٍ وبالسعي للإغلاق على أنفسهنّ عندما يحدث أي اتصال أو لمسة جنسية. صحيح أنه لا يزال هناك شوط طويل يتعين قطعه للتسريع في عملية الشفاء بعد التعرض للاعتداءات الجنسية، إلا أن البدء بتطبيق نهج أكثر إيجابية للجنس يسمح للعديد من الناجيات من الاعتداءات الجنسية بالتقدم ولو خطوةٍ واحدةٍ نحو الحياة الجنسية السعيدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 9 ساعاتربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ 19 ساعةحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ يومينبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ أسبوعمقال رائع فعلا وواقعي