"بعد 3 سنوات أصبحت القاضية الجنائية الوحيدة في مصر (تنظر في قضايا جنائية) التي تعتلي منصة القضاء، لما بعيط بقعد أفتكره وأقعد أبحث وأكتب، كأني داخلة في سباق لتطبيق للعدالة، قررت أنتقم بطريقة تانية خالص، أنتقم بعملي في شغلي في البلد اللى ضحى عشانها".
كانت مروة بركات، ابنة النائب العام المصري السابق هشام بركات، في مداخلة هاتفية مع التلفزيون الحكومي، عندما أطلقت هذه العبارات لتثير عاصفة من الانتقادات والتساؤلات حول آليات عمل منظومة القضاء في مصر.
https://www.youtube.com/watch?time_continue=20&v=Or7OoSnvULQ
وفي المقابل، وصف مصريون ما قالته بالـ"تصريحات الصادمة" الكفيلة بإبطال أي أحكام تصدرها وإحالتها إلى التحقيق، إذ "لا يجب أن يفكر القاضي سوى بالأوراق والوقائع الخاصة بالقضية، وألا يكون لديه أي دافع آخر".
في مايو 2014، أعلنت "منظمة العفو الدولية" أن "نظام العدالة الجنائية في القضاء المصري يخرج عن السيطرة، بعدما أقرّت إحدى المحاكم إنزال أكبر عدد من أحكام الإعدام في الذاكرة الحديثة... وهذه الأحكام هي الأحدث في سلسلة من الحالات التي تشير إلى نظام قضائي ينفلت من عقاله دون أن يجد من يوقفه".
هوى على المنصة
في الـ10:30 من صباح 29 يونيو 2015، انفجرت سيارة مفخخة في أحد شوارع منطقة النزهة القريبة من الكلية الحربية (شرق القاهرة)، بالتزامن مع مرور موكب النائب العام السابق هشام بركات. كان وقع اغتيال بركات كبيراً في مصر، وتأثر سير المحاكمات في ساحات القضاء بما جرى. ولدى تشييع جثمان بركات، اعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي أن "يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، ولن ننتظر قبل تعديل القوانين التي تجعلنا ننفذ العدالة بأسرع وقت ممكن". وأكد السيسي، الذي بدا غاضباً جداً، "تنفيذ أحكام الإعدام ضد أي متهم على الفور"، مشيرًا إلى أن هذه الأحكام تنفذ في إطار القانون. وفي 22 يوليو 2017، قضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، بإعدام 28 من أصل 67 متهماً بعد إدانتهم باغتيال بركات، ولكن الأحكام لم تُنفذ بعد إلى حين بتّ محكمة النقض فيها في 26 أغسطس المقبل. ومنذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013، ألقي القبض على عشرات الآلاف من الأشخاص وزُجوا في السجون، وهم يمثلون مختلف الأطياف في البلاد، منهم من صدر بحقه أحكام بالإعدام، وآخرون تجاوزت فترة سجنهم مدة الحبس الاحتياطي المقدر بعامين، بحسب القانون الجنائي. وتعيش مصر في السنوات الـ5 الأخيرة حالة من الاستقطاب لا تقل عن مثيلتها خلال وقت حكم "جماعة الإخوان المسلمين"، مصحوبة بخطاب إعلامي يحرّض ويحشد ضد المعارضين للحكم، لاسيما مع تنامي سيطرة الدولة على وسائل الإعلام. وفي وقت سابق، قال نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" جو ستورك: "لا يزال النظام القضائي في مصر مسيّساً إلى حد كبير، ويتسم بتفشي مخالفات الإجراءات القانونية الواجبة، وآخر ما يجب على السلطات فعله في هذه الفترة من الاستقطاب السياسي الشديد هو الحكم على الناس بالموت بعد محاكمات غير عادلة". وفي يونيو 2017، أعلنت المنظمة، المحجوب موقعها في مصر ضمن مئات المواقع الإخبارية والحقوقية، أنها وجّهت رسائل إلى 6 مؤسسات مصرية، منها رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع، تعرب فيها عن قلقها الشديد إزاء أحكام الإعدام الصادرة في المحاكم العسكرية والعادية. وحضّت "هيومن رايتس ووتش" الرئيس السيسي ووزير الدفاع صدقي صبحي على عدم الموافقة على أي أحكام أخرى بالإعدام، داعية مصر إلى التحرّك سريعاً وإلغاء عقوبة الإعدام.ناجي شحاتة مثالا
"أنا مبسوط وسعيد به جداً"، قالها القاضي ناجي شحاتة، في تعليق على وصفه بـ"قاضي الإعدامات"، وهو أكثر قاضي أصدر أحكاماً بالإعدام بحق محاكمين في دوائر "قضايا الإرهاب". وكان شحاتة انتقض في مقابلة مع صحيفة "الوطن" المصرية" القوى السياسية، مثل "حركة 6 أبريل" وقوى اليسار و"الإخوان"، وهاجم "ثورة 25 يناير"، معتبراً أن "25 خساير دمّرت أخلاق المصريين". وأضاف: "لا يتعرض المساجين لأي عمليات تعذيب نهائياً، ومنهج المتهمين في قضايا الإرهاب ثابت وواحد، ففي بداية كل جلسة يشكو من التعذيب الذي تعرّض له بهدف إيهام الرأي العام بأن المساجين يتعرضون لسوء المعاملة، والمتهمون يستغلون حضور المصورين والصحافيين الجلسات لنشر أكاذيبهم، ولكن إجابة خالصة لوجه الله تعالى، لا يوجد تعذيب بحق المتهمين في السجون". وأعلنت "منظمة العفو الدولية" أن السجناء في مصر يعيشون في ظل ظروف مروّعة في الزنازين، ووصفت الحبس الانفرادي الذي خضع له كُثر بـ"أحدث وسائل التعذيب" في السجون المصرية، وذلك في تقرير أصدرته بعنوان "سحق الإنسانية: إساءة استخدام الحبس الانفرادي في السجون المصرية". وآنذاك، أثارت تصريحات شحاتة حالة من الاستياء، ليس فقط في الأوساط السياسية، بل انتقده قضاة كبار، مؤكدين أن من غير المقبول أن يدلي قاض بآراء سياسية، لأن ذلك لا يتسق مع عمله كقاض يجلس على منصة العدالة، وفي حال تحدّث في قضايا سياسية ستتم إحالته إلى لجنة التأديب والصلاحية. وإبان ذلك، قدّم محامون طلبات عديدة لردّ "قاضي الإعدامات" وإلغاء الأحكام التي أصدرها حينها، إلا أن الضابط السابق في الجيش، لا يزال يجلس على المنصة بنظارته السوداء وشاربه الكبير، ويرى أن القوانين الحالية "تكبّل القاضي"، رُغم إصداره عشرات الأحكام على الأقل بالإعدام.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...