"منظمة منافقة... وتحوّل حقوق الإنسان إلى مادة للسخرية ". بهذا الكلام الحاد، وصفت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه انسحاب بلادها رسمياً من المجلس الذي اتهمته بـ"معاداة إسرائيل".
واعتبرت هايلي أن المجلس لم يتمكن من مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان في كل من إيران وفنزويلا، ورحّب بالكونغو الديمقراطية كعضو جديد.
ولم تنسَ بطبيعة الحال أن تنتقد قراراته المتعلقة بإسرائيل، وهي السبب الرئيسي لانسحاب أمريكا منه، إذ قالت إن المجلس اعتمد في العام الأخير "خمسة قرارات ضدها وهو عدد أكثر من القرارات التي اتخذت ضد سورية وكوريا الشمالية وإيران معاً"، معتبرةً أن "هذا التركيز والعداء ضد إسرائيل يظهر أن هناك انحيازاً سياسياً في المجلس بدلاً من التركيز على حماية حقوق الإنسان".
وانتقدت هايلي تقويض الصين وكوبا وروسيا ومصر للمحاولات الأمريكية لإصلاح المجلس، معلنةً أن بلادها ستعود إليه "إذا أجريت إصلاحات".
وتطالب واشنطن بطرد الدول ذات السجل السيئ في مجال حقوق الإنسان من المجلس الذي يُصدر قرارات "أخلاقية" غير ملزمة.
لكن ما هي القرارات التي اتخذها المجلس بحق إسرائيل وأغضبت الإدارة الأمريكية؟ وكيف تعامل العالم مع قرار الانسحاب الأمريكي من المجلس؟
القرارات التي أغضبت الولايات المتحدة
خلافات عدة نشبت بين الولايات المتحدة وبين مجلس حقوق الإنسان، منذ أن تأسس في جنيف عام 2006. وأكثر من مرة، هددت الولايات المتحدة بمراجعة عضويتها فيه. لكن يمكن اعتبار يوم 23 مارس 2018 اليوم الفارق في هذه العلاقة. ففي ذاك اليوم، اعتمد المجلس الذي يضم 47 دولة، خمسة قرارات اعتبرتها الولايات المتحدة منحازة ضد إسرائيل. والقرارات المذكورة قدمتها إلى المجلس منظمة التعاون الإسلامي، وجميعها تدين الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. أول هذه القرارات أكد على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وأدان أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، وطالب إسرائيل بالانسحاب إلى حدود 1967، وبأن توقف "فوراً" كل الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني. في نفس الجلسة، اعتمد المجلس قراراً آخر يدعو إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني ووقف بناء الجدار العازل، وإلى توقف إسرائيل عن القيام بأية خطوات تغيّر البنية الجغرافية والديموغرافية للأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى تعويض الفلسطينيين عن جميع الأضرار التي لحقت بهم جراء انتهاكات إسرائيل بحقهم. أيضاً، أدان قرار ثالث هدم المنازل في القدس الشرقية والطرد القسري للفلسطينيين منها، وحرمان المصلين الفلسطينيين من الوصول إلى الأماكن المقدسة، خصوصاً في القدس الشرقية. وأدان القرار الرابع بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وأكد على أن كل المستوطنات التي أقامتها إسرائيل منذ عام 1967 تتعارض مع القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام حل الدولتين والسلام الدائم والعادل.في المؤتمر الصحافي الذي أعلنت فيه انسحاب بلادها من مجلس حقوق الإنسان، قالت المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هايلي إنه "اعتمد خمسة قرارات ضد إسرائيل وهو عدد أكثر من القرارات التي اتخذت ضد سورية وكوريا الشمالية وإيران معاً". فما هي هذه القرارات؟وأكد القرار أيضاً على ضمان المساءلة والعدالة في ما يتعلق بجميع الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، وطالب بتنفيذ جميع توصيات البعثة الدولية لتقصي الحقائق المتعلقة بالآثار السلبية التي تعرض لها الفلسطينيون بسبب المستوطنات الإسرائيلية، ومنها الأضرار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية. أما القرار الخامس الذي اعتُمد يومها فيؤكد على عدم شرعية أو قانونية كل الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في الجولان السوري، ويعتبرها إجراءات باطلة ولاغية ودون أي أثر قانوني، ويطالب ضرورة السماح بعودة سكان الجولان إلى أرضهم واسترداد ممتلكاتهم وجميع حقوقهم، والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة كل المعتقلين هناك. القرارات المذكورة أثارت غضب الولايات المتحدة، وجعلت الخلاف بينها وبين المجلس يأخذ شكلاً أكثر حدة. ففي نفس اليوم خرج بيان للمندوبة الأمريكية نيكي هايلي، يعترض على هذه القرارات ويحمل عبارات غير مسبوقة منها "صبرنا له حدود". وأضافت هايلي حينذاك أن المجلس تبنى عدة قرارات تدين إسرائيل، فيما أصدر قراراً واحداً فقط بشأن كل من كوريا الشمالية وإيران وسوريا. وأصدر المجلس عدة إدانات بحق إسرائيل، منها إدانته يوم 18 مايو الماضي "الاستخدام غير المتناسب والعشوائي للقوة من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، لا سيما في قطاع غزة". ووصف المجلس ما قامت به إسرائيل في غزة بأنه "انتهاك للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة".
ردود فعل دولية على الانسحاب
بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المجلس، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أسفه لذلك، فيما اعتبر رئيس المجلس فويسلاف شوتز أنه يجب على العالم أن يحافظ على سلامة المجلس في الوقت الذي تتعرض فيه حقوق الإنسان لتهديدات يومية. ووصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" سياسة واشنطن في مجال حقوق الإنسان بأنها "سياسة من طرف واحد"، مؤكدة أنه رغم أن المجلس يلعب دوراً هاماً في دول كثيرة مثل كوريا الشمالية وسوريا وميانمار وجنوب السودان، إلا أن ترامب على ما يبدو "لا يهتم إلا بالدفاع عن إسرائيل". وقال الاتحاد الأوروبي في بيان إن هذا القرار يمكن أن يقوّض دور الولايات المتحدة كـ"مؤيد للديمقراطية في العالم". أما اتحاد الحريات المدنية الأمريكي فاعتبر أن إدارة ترامب تقود "جهوداً ممنهجة وعدوانية تنتهك من خلالها حقوق الإنسان الأساسية". وعلى العكس تماماً، عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن سعادته ودعمه لقرار الولايات المتحدة، ونشر عدة تغريدات أشاد فيها بقرار أمريكا "الشجاع"، على حد وصفه.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت