أظهر أمر أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن "حرب الفضاء" لم تعد مجرد مصطلح شيّق تناقشه دوريات وأفلام الخيال العلمي، وأنها باتت قريبة... وربما أقرب مما نتخيل.
في 18 يونيو، أمر ترامب البنتاغون بتشكيل ما أسماه "قوة فضائية"، بهدف أن تصبح الذراع السادسة في الجيش الأمريكي، مؤكداً أن تلك القوة ستضمن "الهيمنة الأمريكية" على الفضاء.
لكن لماذا يهتم ترامب بأن تنضم "القوة الفضائية" إلى الجيش الأمريكي سريعاً؟ وهل يمكن للولايات المتحدة أن تتفوق على الخطوات التي اتخذتها كل من روسيا والصين في إطار نفس الملف؟
هيمنة وليس مجرد تواجد
في الاجتماع الثالث لمجلس الفضاء الوطني، وهي هيئة استشارية يرأسها نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، قال ترامب إن على وزارة الدفاع البدء فوراً في الإجراءات الضرورية لتشكيل تلك القوة الفضائية، مؤكداً أن الولايات المتحدة لديها قوة جوية، وستكون لديها قوة فضائية، ومضيفاً أن القوتين ستكونان منفصلتين ولكن متساويتان. "عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أمريكا، ليس كافياً أن يكون لدنيا تواجد أمريكي في الفضاء، بل يجب أن تكون لدينا هيمنة أمريكية على الفضاء"، قال ترامب بثقة. وأتت تصريحات الرئيس الأمريكي بعد ساعات قليلة من توقيعه مذكرة بخصوص إدارة الحركة في الفضاء، تهدف في الأساس إلى مراقبة الأجسام الفضائية، لتفادي الاصطدامات في الفضاء.حين قررت أمريكا الدخول في حرب الفضاء
في شهر أبريل الماضي، أطلقت شركة "لوكهيد مارتن"، بالتعاون مع شركة "بوينغ للفضاء"، صاروخاً من طراز "أطلس 5" إلى الفضاء، حاملاً معدات عسكرية، أبرزها أقمار صناعية متعددة الاستخدامات، من ضمن عملها دعم الاتصالات العسكرية، وهو ما اعتبره مراقبون دخولاً عملياً للولايات المتحدة الأمريكية إلى ساحة حرب الفضاء التي كانت المنافسة فيها حتى وقت قريب بين كل من روسيا والصين. لكن يمكن اعتبار أن البداية الحقيقية لقرار الولايات المتحدة دخول ساحة حرب الفضاء كانت في شهر مارس الماضي، حين اجتمع ترامب مع بعض العسكريين في سان دييغو. يومها أعلن عن رغبته في إنشاء قسم جديد في الجيش الأمريكي، مهمته التركيز على ملف حرب الفضاء، واستخدم مصطلح "القوة الفضائية". لم يحمل اللقاء تفاصيل كثيرة عن الدور الحقيقي الذي سيقوم به هذا القسم، لكن ترامب قال بشكل واضح إن عمليات سلاح الجو ستعتمد بشكل كلي على الفضاء في المستقبل القريب. وتظهر بعض التقارير أن الولايات المتحدة بدأت تهتم بمصطلح "حرب الفضاء" عام 2014، بمجرد أن أطلق الروس قمراً صناعياً وُصف بالغامض، إذ كان يتحرك بشكل غير طبيعي في مداره، وتخوّف مختصون في علوم الفضاء وقتها من أن تكون موسكو تقوم بتجريب سلاح مستقبلي في الفضاء بهدف السيطرة على الأقمار الصناعية الأخرى غير الروسية أو تدميرها.أظهر أمر أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أن "حرب الفضاء" لم تعد مجرد مصطلح شيّق تناقشه دوريات وأفلام الخيال العلمي، وأنها باتت قريبة... وربما أقرب مما نتخيلالقمر الروسي الذي أطلق عليه اسم "Object 2014-28E"، صعد إلى الفضاء على متن صاروخ فضائي يحمل ثلاث شحنات أخرى، في عملية إطلاق سرية لم تعلن روسيا عن أهدافها الحقيقية بشكل رسمي، حتى يومنا هذا. وأعاد القمر الروسي الحديث مرة أخرى عن نجاح الصين في تدمير قمر صناعي صيني يحمل اسم "FY-1C" عن طريق صاروخ أطلق من الأرض في عام 2007. واستطاع الصاروخ الصيني تدمير القمر وتفتيته إلى 150 ألف قطعة، وبدأ الحديث وقتها عن أن الصين أرادت من هذه العملية اختبار مدى قدرتها على تدمير أقمار صناعية عدوة لها. وكان تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية، منذ أسابيع قليلة، قد اعتبر أن البنتاغون يحاول جاهداً أن يحجز لنفسه مساحة في عالم حروب الفضاء، ومن أجل ذلك قام بضخ مليارات الدولارات لتقوية دفاعاته ضد الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، بالإضافة إلى تدريب قواته على العمل في حال تعطل هذه الأقمار لأي سبب. واعتبر التقرير أن الولايات المتحدة ليست جاهزة بالقدر الكافي لمنافسة روسيا والصين في هذه الساحة، إذ نجحت الأخيرتان بالفعل في تطوير وسائل لتدمير أو تعطيل الأقمار الصناعية، مع العلم بأن الجيش الأمريكي يعتمد على الأقمار الصناعية في كل شيء تقريباً، بداية من جمع المعلومات ومروراً بتوجيه القنابل الدقيقة والصواريخ، وصولاً إلى التحكم في الطائرات من دون طيار. لكن على عكس حماس ترامب الشديد لأن تدخل بلاده مجال الحرب الفضائية، تواجه نفس الفكرة انتقادات من عدد من كبار المسؤولين العسكريين، منهم رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية الجنرال ديفيد غولدفين الذي قال في جلسة للكونغرس عُقدت عام 2017 إن تشكيل فرع جديد مخصص للفضاء سيجعل الولايات المتحدة تتحرك في الاتجاه الخاطئ. كما قال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، الديمقراطي بيل نيلسون، إن هذا ليس هو الوقت المناسب لدخول أمريكا هذا الملف، معتبراً أن الأمر سيتسبب في "تمزيق أوصال القوة الجوية" على حد تعبيره. ويرى معارضو الفكرة أنها ستحتاج إلى ميزانية ضخمة، قد تؤثر على كفاءة الجيش الأمريكي على الأرض، خصوصاً ميزانية القوات الجوية الأمريكية التي تشرف بالفعل على معظم الأنشطة العسكرية المتعلقة بالفضاء في البلاد. المفارقة هنا أن الولايات المتحدة عضو في اتفاقية الفضاء الخارجي التي تمنع نشر أسلحة دمار شامل في الفضاء وتسمح فقط باستخدام الأقمار الصناعية والأجرام السماوية الأخرى للأغراض السلمية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...