أطاحت احتجاجات واسعة النطاق ضد مشروع قانون ضريبة الدخل برئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، ليعيّن الدكتور عمر الرزاز، وزير التعليم في الحكومة السابقة، خلفاً له في بلد يعاني من أزمات اقتصادية منذ سنوات، ويعيش أهله تحت وطأة موجة حارقة من غلاء الأسعار.
ومع اقتراب التظاهرات من مشارف أسبوعها الأول، تظل تساؤلات كثيرة مطروحة، لا سيما مع عدم مبادرة الحكومة إلى سحب مشروع القانون المُحال إلى مجلس النواب.
وبدأت الاحتجاجات الأربعاء الماضي بإضراب عام غير مسبوق ضد قانون جديد تريد السلطات التنفيذية إقراره ضمن حزمة قرارات اتخذتها تماشياً مع مطالب البنك الدولي المرتبطة بقرض قيمته 723 مليون دولار وحصل عليه الأردن عام 2016 مقابل تعهدات بإلغاء الدعم ورفع الضرائب.
محتجون: مطالبنا لم يُستجب لها بعد
للمرة الأولى، ينزل الأردنيون منذ أيام إلى شوارع العاصمة ومدن أخرى في الساعة العاشرة مساءً ويبقون حتى آذان الفجر، في توقيت رمضاني للاحتجاج يحذّرون من أنه لن يتوقف طالما لم تستجب السلطة لمطالبهم. وفيما رحب البعض باختيار الرزاز لتشكيل الحكومة الجديدة، انطلاقاً من خلفيته العلمية والعملية، بفعل توليه العديد من المناصب القيادية، قال آخرون إنه لم يحدث أي تغيير بعد، وحددوا مطالبهم في خفض أسعار المحروقات والكهرباء وإعادة دعم الخبز، وإقرار قانون للضرائب التصاعدية، ورفع سقف الإعفاءات للأسر. وبين اطمئنان ومخاوف من قدرة الرزاز على احتواء الاحتجاجات، خاصة أن الرجل سبق وعمل مديراً لمكتب البنك الدولي في بيروت، لم تتوقف الدعوات للإضراب "ضد تغوّل الحكومة على قوت المواطن بسياسات اقتصادية مضرة بالوطن والمواطن".ما دخل البرادعي باحتجاجات الأردن؟
وكانت تغريدة للدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد أثارت جدلاً حول ما يجري في الأردن، واتُّهم بـ"تشويه" الحراك الداخلي. البرادعي تساءل في تغريدته: "هل صحيح ما يتردد أن الأردن يتم معاقبته بسبب موقفه الرافض لتصفية القضية الفلسطينية؟ أسأل الله ألا نصل إلى هذا الدرك. ألم ندرك بعد أن مزيداً من الانقسام في العالم العربي قد يكون بداية النهاية لنا جميعاً؟". وبينما رفض أردنيون الربط بين الاحتجاجات والحديث عن "مؤامرات سياسية" إقليمية ودولية، قال آخرون إن البرادعي لا يمكنه الإساءة إلى التظاهرات، وإنه أراد انتقاد ممارسة دول عربية وأجنبية ضغوطاً على الأردن لقبول "صفقة القرن" التي لم تتكشف بنودها رسمياً بعد."حل عن راتبي"
قبل قدوم بعثة صندوق النقد الدولي إلى الأردن ضمن مراجعات تجريها كل ثلاثة أشهر، فاجأت حكومة هاني الملقي الشعب بمقترح لتعديل قانون ضريبة الدخل بشكل يطال شرائح جديدة، بسبب "الوضع السيئ" للموازنة المالية. وطالبت نقابات مهنية يقدر عددها بنحو 33 الملقي بسحب مشروع القانون، إلا أنه تمسك بقراره، وهاجمت حكومته الداعين للإضراب الذي يشمل الامتناع عن العمل ووقف حركة البيع والشراء وتوريد السلع وتغذية السيارات بالمحروقات. ودفع ذلك النقابات للدعوة إلى إضراب عام في 30 مايو الماضي. وحينها اعتبر وزير الدولة للإعلام والاتصال والناطق باسم الحكومة محمد المومني أن "49% من التعليقات السلبية ضد الأردن تأتي من سوريا"، وذلك على هامش لقائه بسفراء مصر والإمارات واليمن في قصر السفير السعودي. افتراضياً، وميدانياً، عبّر الشارع الأردني عن موقفه من القانون "الظالم" الذي يأكل من رواتبهم و"يمس بشكل خطير الطبقات الفقيرة والوسطى" التي قاربت على التلاشي. وانضمت إلى الإضراب شرائح شعبية مختلفة من أصحاب المحال والعاملين في شركات تجارية ومحطات وقود إلى موظفي المستشفيات. وأظهرت صور عبر فضاء الشبكات الاجتماعية مشاهد من منشآت مُغلقة، وعاملين وقفوا في الشوارع وأمام منشآتهم، مُعلنين مشاركتهم في الإضراب. وحمل محتجون لافتات كُتبت عليها عبارات معبّرة، منها "أنا مُشارك"، "إضراب الكرامة"، "حل عن راتبي"، و"معناش"، في حين نشطت وسوم #إضراب_الأردن و#ارفض_قانون_الضريبة و#إضراب_ضد_الضريبة. وتهكم مُغرّد: "نسبة المشاركة في #إضراب_الأردن مع ساعات الصباح الباكر تفوق نسب المشاركة في الانتخابات النيابية. الشعب اليوم يلقي خطابه البرلماني تحت سماء الأردن. لا حاجة لنا إلى مجلس نواب أصم نائم تحت قبة البرلمان". أما الإعلامية علا الفارس فكتبت في حسابها على تويتر: "الملك عبد الله الثاني قال "إذا أردتم التغيير والإصلاح فارفعوا صوتكم ولا تصمتوا واضغطوا على السياسيين والنواب والمسؤولين، فعليهم أن يتعلموا منكم". ورأت أن هدف الإضراب "توجيه رسالة للحكومة وليس الإساءة للوطن. اعتراض سلمي ومطلب واضح... فهل وصلت الرسالة؟".ما هو قانون ضريبة الدخل؟
وفق تقرير نشرته صحيفة "الغد" الأردنية، الأربعاء، تراجعت مستويات استهلاك المواد الغذائية منذ بداية رمضان بمتوسط 20% مقارنة بالفترة نفسها من شهر رمضان الماضي. وقال تجار لـ"الغد" إن تراجع مستويات الاستهلاك يعود إلى جملة من الأسباب، أهمها تآكل دخول المواطنين بسبب ارتفاع كلفة المعيشة وزيادة أسعار الكهرباء والمياه ورفع الضرائب. وبموجب مشروع القانون، ستزيد ضريبة الدخل على البنوك والشركات المالية وشركات التأمين وشركات إعادة التأمين والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي إلى 40% عوضاً عن 30% حالياً، بجانب زيادة الضرائب على القطاعات التجارية والصناعية والخدمية. وتزيد أيضاً ضريبة الدخل على شركات المواد الأساسية إلى 30% بدلاً من 24%، في حين تستقر كما هي عند نسبة 24% في ما خص شركات الاتصالات الأساسية وتوزيع وتوليد الكهرباء وشركات الوساطة المالية. وحسب مشروع القانون، سيتم تطبيق الضريبة على العائلات التي يصل دخلها إلى 22.7 ألف دولار سنوياً بدلاً من 33.9 ألف دولار حالياً، و11.2 ألف دولار للأفراد عوضاً عن 17 ألف دولار. كما يقترح المشروع رفع نسبة الضريبة على الأسر والأفراد تدريجياً. وسيتم إلغاء الإعفاءات الإضافية الممنوحة للأسر والمقدرة بمبلغ 5600 دولار، تُمنَح حالياً كبدل فواتير استشفاء وتعليم، فيما يُلزم كل مَن بلغ الثامنة عشرة من عمره بالحصول على رقم ضريبي. أما المدانون بالتهرب الضريبي فسيكونون عرضة لغرامات مالية وفترات حبس تصل إلى عشر سنوات. وعلى خطى دول عربية، مثل مصر وتونس، تعمل الحكومة الأردنية مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج تمويلي لمدة ثلاث سنوات، بداية من عام 2017. ومن حينها، رفعت الحكومة أسعار الخبز وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد بهدف خفض الدين العام الذي يبلغ حوالي 35 مليار دولار. وأجرت الحكومة تعديلات على ضريبة المبيعات بإخضاع 164 سلعة لضريبة 10%، وعدلت نسب الضريبة على سلع كانت مُعفاه لتصبح 4 و5%، كما فرضت ضرائب جديدة البنزين، ورفعت أسعار الكهرباء شهرياً تحت بند فرق أسعار الوقود على فاتورة الكهرباء.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Tester WhiteBeard -
منذ 20 ساعةtester.whitebeard@gmail.com
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 4 أيامجميل جدا وتوقيت رائع لمقالك والتشبث بمقاومة الست
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال مدغدغ للانسانية التي فينا. جميل.
Ahmed Adel -
منذ أسبوعمقال رائع كالعادة
بسمه الشامي -
منذ اسبوعينعزيزتي
لم تكن عائلة ونيس مثاليه وكانوا يرتكبون الأخطاء ولكن يقدمون لنا طريقه لحلها في كل حلقه...
نسرين الحميدي -
منذ اسبوعينلا اعتقد ان القانون وحقوق المرأة هو الحل لحماية المرأة من التعنيف بقدر الدعم النفسي للنساء للدفاع...