شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
أزمة في مصر بسبب كتاب جامعي متهم بـ

أزمة في مصر بسبب كتاب جامعي متهم بـ"الإساءة للمسيحية"... ماذا جاء فيه؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 1 يونيو 201804:28 م
أثار كتاب لأكاديمي مصري يُدَرَّس لطلاب كلية الحقوق في جامعة عين شمس الحكومية جدلاً شديداً في مصر في الأيام الأخيرة، واتهمه البعض بالإساءة للمسيحية، وبالتحريض على الكراهية والتمييز الديني، قبل أن يتقدم محامي مصري ببلاغ رسمي للنائب العام ضد الكتاب ومؤلفه. وأمام هذه الأزمة، قالت جامعة عين شمس إنها ستشكل لجنة لمراجعة كل ما جاء في الكتاب. Crisis-in-Egypt-because-of-a-university-book الكتاب يحمل عنوان "الصراعات الإنسانية والسياسية في الفكر الوضعي والديانات السماوية"، وهو من تأليف الأكاديمي المصري الدكتور ربيع أنور فتح الباب، أستاذ القانون الدستوري والإداري ووكيل كلية الحقوق الأسبق في جامعة عين شمس. وأصدرت دار النهضة العربية للنشر والتوزيع، ومقرها القاهرة، أول طبعة من هذا الكتاب الذي يتألف من 544 صفحة، عام 1993. وبعدها أصدرت عدة طبعات كانت آخرها الطبعة التي صدرت في مارس 2016. لكن ما الذي جاء في هذا الكتاب؟ وما هو تعليق مؤلفه؟ وما الموقف الرسمي للجامعة؟ وهل حقاً يسيء للمسيحية؟

ماذا جاء في الكتاب؟

حوى الكتاب فقرات عدة أثارت الكثير من الجدل حين تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالتواصل مع دار النشر التي أصدرت الكتاب، تأكد رصيف22 من أن الكتاب حوى بالفعل تلك الفقرات. على سبيل المثال، جاء في الصفحة 355 منه: "الحقيقة أن المسيحية لم تستخدم القوة في عهد عيسى، لأنها لم تتح لها، ولم تتيسر وسائلها، ولو أتيحت لها ما تورعت عن قهر الأمم بها". ومن الجمل الأخرى المثيرة للجدل في الكتاب: "التاريخ المسيحي زاخر بما كانت تمارسه الكنيسة، وما تمارسه حتى اليوم، من مفاسد ومزاعم ومظالم وشعوذة، وما كانت تقوم به من تصفيات". بحسب ما نشره الباحث في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الناشط الحقوقي إسحاق إبراهيم، على حسابه الرسمي على فيسبوك، فإن الكتاب حوى تمييزاً دينياً واضحاً، إذ يزعم مؤلفه أن المسيحية تنظر إلى المرأة باعتبارها سبب كل الشرور، وأن المسيحيين يعتبرون المال هو العنصر الأساسي في حياتهم، ويجب الحصول عليه بكل الوسائل حتى لو كانت على حساب الآخرين. لكن إبراهيم يرفض رفع أية دعاوى ضد الكتاب تتهمه بازدراء الأديان، لأنه ضد هذه التهمة، لكنه مع أن يقدم طلاب الجامعة شكوى ضد الكتاب إلى إدارة الجامعة، بتهمة أنه يحرّض على الكراهية ويتضمن تمييزاً دينياً. ويقول الطبيب والكاتب المصري خالد منتصر الذي قرأ نسخة من الكتاب إنه يحوي جملاً عدة تسيء للمسيحية، مضيفاً في مقال نشره على موقع صحيفة الوطن المصرية أنه حوى جملاً من نوعية "رجال الدين المسيحيين استغلوا مكانتهم في ارتكاب المعاصى والآثام، لتحقيق أطماعهم ونزواتهم المادية والمزاجية والمعنوية". يعرض منتصر في مقاله جملاً أخرى من الكتاب منها: "الإسلام لا يعرف الكسل والتراخي عن طلب الرزق، كما تعرفه المسيحية"، و"كلام المسيح عن الزهد غير قابل للتطبيق". لم تنفِ دار النشر في اتصال هاتفي مع رصيف22 أن الكتاب حوى بالفعل الجمل السابقة، لكنها تقول إن الأمر تم بشكل أكاديمي بحت، وبناء على وقائع تاريخية تتناول الصراعات عبر التاريخ، كما أن المؤلف عرض في صفحات تالية الرد على هذه الاتهامات كاملة وبشكل واضح. وتلفت الدار إلى أن المؤلف استعان بمصادر عديدة وكلها مذكورة في الكتاب، ما يعني أن الكتاب، وهو في الأصل دراسة أكاديمية، استخدم المنهج العلمي السليم في تنفيذه. والدليل أنه يتم تدريسه منذ سنوات عديدة داخل جامعة عين شمس دون أن يعترض على محتواه أي شخص. ولكن بعض الجمل في الكتاب لا يمكن نسبها لا إلى "المنهج العلمي". ففي الصفحة 449 منه يقول الكاتب إن "الإسلام لا يكبت النشاط الحيوي للإنسان"، ثم يتابع: "لا بد من إشباع هذه الشهوات ومنها شهوة الجنس وعدم كبتها في اللاشعور، كما تفعل المسيحية حتى لا تحدث العقد النفسية للإنسان". وفي فقرة طويلة ترد في الصفحة 412، يتحدث عن "المسيحيين اليوم" ويبدو من سياقها أنه يتحدث عن المسيحيين المقيمين في الدول الغربية. يكتب: "وأصبح المسيحيون اليوم ينظرون إلى المال بوصفه العنصر الهام والأساسي في حياتهم الفردية والاجتماعية... (وينظرون) إلى مبادئ وأقوال المسيح عليه الصلاة والسلام والمتعلقة بالزهد ومقاطعة المال والتماس الفقر، على أنها أقوال غير قابلة للتطبيق... بل والأدهى من ذلك أنهم أصبحوا ينظرون إلى الإسلام على أنه دين الفقراء أو البسطاء أي الجهلة البدائيين، ونسوا أن الدين المسيحي هو الذي يمكن أن تُنسب إليه هذه الأوصاف".

بلاغ ضد الكتاب

يقول المحامي المصري سمير صبري في اتصال هاتفي مع رصيف22 إنه تقدم يوم السبت الماضي ببلاغ رسمي للنائب العام المستشار نبيل صادق، ضد الكتاب ومؤلفه، مؤكداً في بلاغه أن الكتاب يهين المسيحية والمسيحيين والكنيسة. يقول صبري في بلاغه: "في الوقت الذي يسعي فيه الكافة للاستقرار والسلام الاجتماعي ودرء الفتن والقضاء على الدسائس لتنعم جميع فئات الشعب المصري بالرخاء والاستقرار والأمن والأمان يصدر المبلغ ضده كتاباً يحوي أبشع العبارات وألفاظاً يسب فيها الديانة المسيحية والمسيحيين والكنيسة والكهنوت". ويضيف البلاغ أن مؤلف الكتاب هدد طلابه قائلاً لهم: "اللي مش هيذاكر الأجزاء دي ويكتبها في الامتحان هيشيل المادة". وكلمة "هيشيل" تقال في العامة المصرية بمعنى "سيرسب في المادة". لكن عميد كلية الحقوق في جامعة عين شمس الدكتور ناجي عبد المؤمن نفى في اتصال هاتفي مع رصيف22 ذلك الادعاء، مؤكداً أن الكلية لم تسجل أية شكاوى من الطلاب بخصوص إجبار المؤلف لهم على أن يشتروا كتابه.
هل يسيء للمسيحية أم كان ضحية لـ"فبركة وسائل التواصل الاجتماعي"... ماذا جاء في كتاب أستاذ القانون المصري الذي أثار جدلاً واسعاً في الأيام الأخيرة؟
اتهام كتاب بعنوان "الصراعات الإنسانية والسياسية في الفكر الوضعي والديانات السماوية"، ويُدَرَّس لطلاب كلية الحقوق في جامعة عين شمس بأنه يسيء إلى المسيحيين... ماذا جاء فيه؟
يضيف صبري في بلاغه: "بهذا المسلك ارتكب المبلغ ضده جريمة ازدراء الأديان المعاقب عليها بالمادة 98 من قانون العقوبات بخلاف تهديد الأمن والاستقرار والسعي إلى إحداث الفتنة بين أبناء الوطن وتكدير الأمن العام". وطالب صبري السلطات بمنع مؤلف الكتاب من مغادرة البلاد، والتحقيق معه، وإحالته على محاكمة جنائية. ودائماً ما يثير صبري الجدل في مصر ببلاغاته التي لا تتوقف والتي تطالب بمنع كتب وأعمال فنية وأغاني، ويتهمه كثيرون من الحقوقيين بأنه يسلط سيف القانون بشكل سلبي ضد الإبداع وحرية التعبير.

ضحية فبركة وسائل التواصل الاجتماعي؟

"الكتاب لا يسيء لأي دين أو معتقد. هو ضحية لفبركة وسائل التواصل الاجتماعي". هكذا يقول الدكتور ناجي عبد المؤمن، عميد حقوق عين شمس، مؤكداً أن الفقرات التي انتشرت من الكتاب على وسائل التواصل الاجتماعي تم اقتطاعها عن قصد لإثارة الفتنة، لكنها ليست الصورة كاملة. يشرح عبد المؤمن أن بعض فقرات الكتاب تعرض بالفعل اتهامات للمسيحية في التسبب بصراعات عبر التاريخ، لكن في صفحات تالية من الكتاب تم الرد على تلك الاتهامات بشكل واضح. هل يعني هذا أن الأخبار المنشورة عن أن الجامعة قررت وقف تدريس الكتاب غير سليمة؟ يجيب عبد المؤمن قائلاً إن العام الدراسي انتهى بالفعل، فكيف سنوقف كتاباً والطلاب في إجازة دراسية؟ ويؤكد أن قرار وقف كتاب دراسي يحتاج إلى تحقيقات، مضيفاً أن هناك لجنة ستقوم بإعداد تقرير شامل عن الكتاب لعرضه على القضاء والرأي العام. "أقوم بتدريس هذا الكتاب داخل الجامعة منذ عام 1994"، يقول الدكتور ربيع أنور فتح الباب لموقع صدى البلد الإخباري، مؤكداً أن الجامعة لم تصدر أية قرارات بوقف كتابه. ويصف كتابه بأنه "ملحمة لربط المسلمين والمسيحين سوياً"، مؤكداً أنه سيتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد مقدمي البلاغ ضده، لكنه قال إن هذا سيحدث في الوقت المناسب.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image