شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عندما يختفي الحبيب من العلاقة كالشبح دون سابق إنذار: ghosting

عندما يختفي الحبيب من العلاقة كالشبح دون سابق إنذار: ghosting

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 1 يونيو 201802:12 م

إن نقيض الحب ليس الكراهية بل اللامبالاة. لكل شخص طريقته الخاصة في فك الارتباط العاطفي، ففي حين أن البعض يفضل التحدث مع الطرف الثاني وجهاً لوجه لوضع النقاط على الحروف وشرح وجهة نظره والأسباب التي تدفعه إلى إنهاء العلاقة، فإن البعض الآخر يخشى المواجهة ويحاول بشتّى الطرق تجنب هذه المواقف الصعبة والمربكة في آن واحد، فيقرر عندها الاختفاء من حياة الشريك من دون كلمة وداع، أو دموع أو حتى فرصة لتبرير فعلته. فماذا نعرف عن ظاهرة الـGhosting؟ وما هي الأسباب التي قد تقف وراء الاختفاء المفاجئ للحبيب/ة؟

وداع صامت

في ظل عصر العولمة الذي نعيشه اليوم، باتت وسائل التواصل الحديثة كافية وحدها لإنهاء أي علاقة بين البشر، سواء كانت علاقة حب أو صداقة، "بكبسة زر" واحدة من دون الاضطرار إلى المواجهة والعراك مع الطرف الثاني.

برز في الآونة الأخيرة مصطلح "Ghosting" الذي يعني وجود شخص يهتم فعلاً بأمركم، سواء كان صديقاً لكم أو حبيباً، وفجأة يقرر وضع حدّ للعلاقة من دون إعطاء أي تفسيرٍ على الإطلاق، فيختفي كالشبح من حياتكم ويتجاهل جميع محاولاتكم للاتصال به، فلا يعد يجيب على هاتفه ويحرص على ألا يلتقي بكم مجدداً ولو للحظات. "لم أفهم بالضبط ما حدث لي في ذلك الوقت، فعوضاً عن التحدث بالموضوع، اختفيت"، "أعتقد أن هذا ما يجعل مشهد المواعدة عبر الإنترنت جذاباً للغاية، فلطالما ليس هناك من أصدقاء مشتركين فإن الاختفاء المفاجئ ليس نهاية العالم"، "أعتبر نفسي شخصاً صادقاً وصريحاً ومع ذلك اختفيت فجأة... قلت لنفسي مراراً وتكراراً إن هذا الخطأ يعود إلى ثقافة المواعدة السامة التي خلقناها".

هذه عيّنة عن بعض الآراء التي تحدثت عن ظاهرة الـghosting، والتي تعكس بوضوح اختلاف وجهات النظر تجاه هذا الموضوع الشائك والذي بات ملحاً طرحه خاصة أن هذه الحالات تتكرر كثيراً معنا ومن حولنا.

لماذا يقرر البعض الاختفاء فجأة عن الشريك/ة؟

كشف موقع "سيكولوجي توداي" أن الأشخاص الذين يختفون من العلاقة كالأشباح يركزون في المقام الأول على تجنب انزعاجهم العاطفي غير آبهين بمشاعر الشخص الآخر، ويوضح الموقع أنه كلما تعرض المرء لهذا النوع من الانفصال ازداد احتمال قيامه بالمثل مع شخص آخر.

وتحدثت صحيفة "الهافيغتون بوست" عن 6 أسباب محتملة تقف وراء قيام البعض بالاختفاء من العلاقة بصورةٍ مفاجئةٍ: -الخشية من المواجهة والافتقار إلى مهارات التواصل لإيجاد مخرجٍ مناسبٍ. -مواعدة عدة أشخاص في وقتٍ واحدٍ عن طريق تطبيقات المواعدة. -الخوف من أن يتصرف الشريك بطريقة عدوانية فور الإعلان عن الرغبة في الانفصال. -الأنانية وعدم التركيز إلا على الذات. -الاكتئاب والمعاناة من صدمة عاطفية مما يحدّ من القدرة على التواصل مع أي شخص. -صحة عقلية مضطربة.

ولكن ما علاقة الإيمان بالأقدار بظاهرة الـghosting؟

حاولت الباحثة "غيلي فريدمان" من كلية دارتموث في "نيو هامبشاير" الكشف عما إذا كان من الممكن تبرير سلوك "الاختفاء غير المبرر" وفق بعض المبادئ العامة التي يتشاركها الأفراد. اعتبرت "فريدمان" أن هناك فئتين من البشر: فئة تؤمن بالمصير وبالقدر أي بوجود شخص مُقدر عليها البقاء معه طوال العمر، وفئةٌ أخرى تؤمن بالنمو والنضوج أي تعتقد أن الأشخاص يتغيرون مع مرور الوقت وبالتالي يمكن إنقاذ العلاقة أو وضع حدّ لها قبل أن تنحرف بشكل كلي عن مسارها.

طلبت "فريدمان" من أكثر من 500 رجلٍ وامرأة تعبئة استبيانات كاملة حول معتقداتهم ونظرتهم تجاه القدر والنمو وكيفية تعاملهم مع مسألة "الاختفاء المفاجئ": هل يعتبرونها مقبولة إذا كانت العلاقة قصيرة أو طويلة الأمد؟ هل اختبروا هذا النوع من الانفصال أو مارسوه على أحد؟ وما هو احتمال اللجوء إلى الـghosting لإنهاء علاقة قصيرة أو طويلة الأمد؟ النتيجة: في حين أن حوالي ربع المشتركين أفادوا عن وقوعهم ضحية هذا السلوك في الماضي، فإن المشتركين الذين كانوا يؤمنون بالقدر وبالمصير اعتبروا أنه من المقبول إنهاء العلاقة من خلال الاختفاء المفاجئ.

إن نقيض الحب ليس الكراهية بل اللامبالاة
وقد علّقت "فريدمان" على هذه النتائج بالقول إن الأشخاص الذين يؤمنون بالمصير وبأن شريكهم هو "رفيقهم الروحي" هم أكثر عرضةً من غيرهم للتصرف بشكلٍ حاسمٍ وإنهاء علاقاتهم بطريقةٍ صارمة إذا ثبت لهم أنه ليس من المقدر لهم ولشريكهم البقاء معاً. فهم أشخاص "راديكاليون" في طريقة تفكيرهم: إذا كان مقدراً لهذه العلاقة أن تنجح فستنجح وإذا قدر لها الفشل فستفشل.

الجرح

في مثل هذه الحالات إن مسألة تمضيد الجراح تحتاج إلى وقتٍ أطول: "قد يستغرق تخطي علاقة، ولو كانت غير مهمة، أسابيع ليس لأن العلاقة كانت رائعة أو لأن الشخص الآخر كان جذاباً، بل بسبب الطريقة التي تم فيها الانفصال"، هذا ما أوضحته عالمة النفس "اليس سون" لموقع "باسل"، مؤكدةً أن الناس في العادة لا تتحمل فكرة أن يتم الانفصال عنها من دون تفسير أو من دون إعطاء مبررات واضحة ومنطقية.

فما هي الآثار النفسية الناجمة عن الاختفاء المفاجئ في العلاقة؟

في عالم الصحة العقلية، تم توثيق الـghosting على أنه "تكتيك عاطفي" يستخدمه بعض الأشخاص لمحاولة السيطرة على نفسية الآخرين وتدميرهم. فالاختفاء المفاجئ عن الشريك يعتبر شكلاً من أشكال القسوة العاطفية التي تلحق ضرراً كبيراً للطرف الثاني وتجعله يقع فريسة عبءٍ عاطفيٍ كبير خاصة أنه يُترك مذهولاً دون إعطائه أي فرصة لطرح الأسئلة ومن دون القدرة على فهم ما حصل أو الأسباب التي دفعت الآخر إلى التخلي عنه بهذه البساطة. يتحدث موقع "سيكولوجي توداي" عن الأضرار التي يحدثها الـGhosting، مشيراً إلى أن هذا التصرف المفاجئ يخلق لدى المرء سيناريو من الغموض، لأن اختفاء شريكه بهذه السرعة يجعله يرتبك ويطرح على نفسه عدة أسئلة: هل يجب أن أقلق؟ ماذا لو تعرض الشخص الآخر لصدمةٍ نفسيةٍ حادة؟ هل هو غاضب؟ هذه الهواجس وغيرها من الأسئلة تدور في ذهنه من دون أن يتمكن من إيجاد أجوبة شافية عليها، مما يجعله عاجزاً عن التصرف خاصة أنه يجهل ما حدث للآخر. لا يتسبب الـghosting فقط في التشكيك بصحة العلاقة مع الشريك بل باستجواب النفس أيضاً وجلد الذات: لماذا لم أتوقع ذلك؟ ماذا فعلت؟ كيف أحمي نفسي من أجل تفادي هذا الأمر في المرة المقبلة؟ وهكذا من خلال الاختفاء السريع للشريك سرعان ما يفقد المرء تقديره لذاته ويشرع في لوم نفسه على أمورٍ وأخطاءٍ قد لا يكون اقترفها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image