شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
عضة أسد ولا نظرة حسد .. هل قتل الحسد الطفلة كارما؟

عضة أسد ولا نظرة حسد .. هل قتل الحسد الطفلة كارما؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 22 مايو 201805:53 م
بشكل فيروسي ملحوظ، تناقل مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي في مصر قصة طفلة، اسمها كارما، فارقت الحياة بعد ساعات من نشر أمها صورة لها على فيسبوك، وعزا البعض الوفاة المفاجئة إلى "الحسد". وسرعان ما حمَل أشخاص والدتها المسؤولية بدعوى أن نشرها صورة ابنتها في صفحتها قد تسبب بوفاتها، بينما تضامن معها آخرون ووصفوا هذه المعتقدات بأنها ضرب من جنون.
في بلاد عربية، مثل مصر، ما زال للاعتقادات المتوارثة حضورها في حياة المواطنين، لا سيما في الأقاليم الريفية والبدوية، برُغم ما وصلها من منتجات الحياة الحضرية.

"فيه نار في قلبي".. ماذا حدث؟

بلوزة زرقاء، عينان خضراوان، جسد ضئيل وابتسامة صغيرة. شكلت هذه العناصر صورة الطفلة "كارما" عندما أطلَت جالسة في صندوق صغير مصنوع من ورق الكرتون. كانت والدتها تمزح معها عندما التقطت صورتها هذه، قبل أن تنشرها في صفحتها السبت الماضي، وتقول مازحة: "كرتونة رمضانية يوجد بداخلها كل ما تشتهى الأنفس اللي عاوزها مصاريف الشحن مجاناً". هنا، يعتاش بعض الناس ومحدودو الدخل مما يسمى "كرتونة رمضان"، حيث تُوضع مساعدات عينية وسلع تموينية. كما يلجأ إليها أصحاب الأعمال ويمنحونها للموظفين العاملين في مؤسساتهم، كوسيلة لتبادل التضامن الإنساني والفرح بمناسبة الشهر الكريم. صورة الطفلة أعجبت آلاف الأشخاص إذ صدرت تعليقات تتغزل بجمالها وبراءتها مثل "أحلى كرتونة أبعتيها وأنا أخدها، حلويات رمضان، روحي ع الطعامة". وفجأة عدَلت الأم التدوينة، مُعلنةً وفاة ابنتها، ليتحول مشهد الغزل إلى عزاء، بعدما كتبت "معلش يا جماعة محدش هيعرف ياخد الكرتونة عشان روحي وقلبي وكبدي ربنا خدها مني وغسلتها ولبستها فستان العيد الأبيض أنا مش هتكلم كتير بس ادعولي عشان فى نااااار في كبدي".
لم توضح السيدة في منشورها سبب الوفاة، بينما ذكر من تناقلوا الخبر أنها ماتت بعد وقوع بوابة حديد عليها.

هل قتلها الحسد؟

كما المؤامرة، ما نزلت مصائب بأحد بيوت العرب حتى حضرت نظرية "الحسد"، لأن الاعتقاد بها حاضر في أحاديثهم اليومية. حتى اللحظة، حظي بوست الأم، التي تعيش في مدينة الزقازيق (دلتا مصر)، بتفاعل أكثر من 60 ألف شخص، وكان لافتاً توالي تعليقات رأت سبب وفاة الطفلة "نفوس مريضة حسدتها". وأعاد نحو 20 ألف شخص مشاركة التدوينة وصورة الطفلة مصحوبة بنصائح وتحذيرات "مُرعبة" من نشر صور الأبناء واللحظات السعيدة في صفحاتهم حتى لا تتكرر نفس المأساة.
في المقابل، قال آخرون إن مشاهير كُثراً ينشرون صورًا لأبنائهم من دون أن يصابوا بأي مكروه، وإن الخشية من الحسد ستمنع الناس من التمتع بحياتهم أو الفرح بما أعطاهم الله. أنس السلطان، أحد أئمة الأزهر، قال "إن هذه الأفكار تنتشر بين المسلمين فقط. كل ما في الأمر هو أن أرادت أن تفرح قليلاً بنعمة الله، لكن فرحتها كانت بين قوم يحاربون الفرح ويخافون السعادة". وتعجب من تسابق الجميع إلى الجزم "بأن ذلك بسبب الحسد، وطالبوا الأصدقاء والمتابعين بعدم نشر الصور الجميلة لأنفسهم وأبنائهم حتى لا يصيبهم الوباء والبلاء". السلطان، المُلقب بـ"شيخ العمود"، أوضح: "لهؤلاء الأحباب وغيرهم أقول: لا والله، لا تُنهي نظرة إلى صورة عبر الأنترنت حياة إنسان، ولكنه القضاء النافذ، وانتهاء الأجل المحتوم، فكفاكم سخفٌ أيها الناس، ولا تُحمّلوا الأم المسكينة مسؤولية موت ابنتها لأنها أرادت أن تشارك لحظة سعيدة مع الأصدقاء بنشر هذه الصورة الجميلة. كفاكم خوفٌ وتخويفٌ للناس من حسد يمنعكم من الاستمتاع بالحياة". وتابع: "ليس الأمر عبارة عن شعاع يخرج من عين ليقضي عليك، أو ينتقل عبر وصلات الإنترنت. لماذا لا يصيب الحسدُ المشاهير والناجحين من غير المسلمين، فيقضي عليهم كما قضى على طفلة بريئة؟". أرادت الأم أن تفرح قليلاً بابنتها، التي هي نعمة من الله، لكن فرحتها كانت بين قوم يحاربون الفرح ويخافون السعادة!
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=179100782751293&id=100019541161483
 

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image