شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
سيناريو للمشاركة في مهرجان سينمائي عن الحرب اليومية

سيناريو للمشاركة في مهرجان سينمائي عن الحرب اليومية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 3 مايو 201804:56 م
القصة ستكون بسيطة كبساطة النهايات السعيدة في أغاني الأمهات, لا حاجة لحبكات معقدة في سيناريوهات يومية، حكاية بسيطة ستفي بالغرض مع بعض الأحداث غير المتوقعة لزيادة التشويق، قصة حب بين طفلة مشاكسة وكلب ياباني عجوز من فصيلة متدنية. بين امرأة نباتية في متوسط العمر، مغرمة بشعراء الأندلس وساعي بريد عاطل عن العمل، بين شجرة سرو تعاني من طفح جلدي وعصفور مهاجر يقف على سلك كهربائي، زواج غير متكافئ بين تمثال رخامي لامرأة من برج العذراء ومنشر غسيل صدئ. هذه هي القصص المتداولة هذه الأيام في أوقات الأعاصير، هذه هي علاقات المدينة وحروبها، لا حاجة لإيقاف كوكب الزهرة وإشغال بال الملائكة كلما أردنا أن نصنع فيلما عادياً. لا داع لحشد عناصر الطبيعة الأربعة واستقدام آلاف الأحصنة وإنزال المطر من زجاجة، نكتب كما نحيا، نموت كما نكتب.
ربما نختار أحد المسارح المهجورة، في مدينة مهجورة في ريف مهجور، نُحضر مشاهدين من على الحواجز العسكرية، نعطي الجميع أسلحة ونتركهم يتصرفون على طبيعتهم ونرى
لكننا نسينا الحرب، كيف سنقنعها بالتوقف ساعة فقط لننهي السيناريو أو لنكمل كأس الشاي أو تنظيف البلاط المتكسّر؟ كيف نقنعها أن تأتي بعد أن ننام لننهيها كما نحب في الأحلام؟ ستكون الحرب في الخلفية كموسيقا تصويرية خفيفة, لا حاجة لدخول الموتى في المشاهد، سيكونون كظل خفيف، كستارة شفافة، كهذا الهواء الذي يأتي حالياً من جهة الشمال، خفيف كأنه غير موجود وصادم كأن لا وجود لشيء غيره.

الشخصيات التي سنحشرها في السيناريو:

القذيفة الضجرة رقم تسعة

جاءت من سمت مجهول واستقرّت هنا، بين الثلاجة التي كفّت عن التبريد والطفلة الثانية التي كفّت عن النمو، لا تحب أن نناديها بأسماء لطيفة، قذيفة هي وليست دبدوبا قطنيا أو أغنية راقصة، تحب أن تأتي بكامل الأبّهة اللائقة، بالغبار الكثيف والصوت المدوّي. القذائف رسل ورسالتها الرعب ولن نستثني صديقتنا التاسعة هذه، سيكون لها دور كبير في حياتنا/الفيلم، سيكون لها ضمير الأسد في غابة قاتمة.

المسدس الفضي ذو الضحكة الصاخبة

يقول أنه يقتل ليس دفاعاً عن فكرة أو أحد أو مشهد أو بلد، يقتل لأن ذلك واجبه. تخلت والدته عنه بعد خمس دقائق من ولادته ووالده قبل ذلك بكثير، احتضنه كاتب خطابات سياسية مغمور وقام بتربيته على حب الجثث الباردة والأرواح الصدئة وبالتأكيد على حب الوطن، يضع صورة والدته القنبلة في صدر البيت ويقرأ كل يوم قبل أن ينام آيات قرآنية ويبسمل.

الرعشات الخفيفة التي تأتي في منتصف الليل

لندع الأمر غامضا بالنسبة لهذه الشخصية, لندع المشاهد يحتار بينها وبين الرغبة بالوقوف على حافة السطح في الطابق الثالث ومراقبة الفتيات الذاهبات إلى مدارسهن بألبستهن الزهرية وأحذية أمهاتهن، مشاهدة عاملات الدرزة والحبكة وهن يسحبن نعاسهن وخلفه ظلّ كبير لخوف كبير، بائعي الحليب ومعلمي المدارس الحكومية، ثم مشاهدة الشمس في خروج أول جهة الشرق، إغماض العينين ومعانقة الهواء نحو الأسفل. سرب النمل الخارج من غرفة مؤونة فارغة: سيكون إضافة رائعة للمشاهد المصوّرة داخل البيت، خصوصاً عندما تكثر الجثث في نهاية المشهد، ونستطيع أيضاً استخدامه عند كتابة كلمة النهاية بسرب نمل، أو ربما كتابة اسم صاحب السيناريو أو نستطيع أن نطلي بعض النمال بالألوان الأخرى ونصنع علماً، علماً ضخماً لكنه لا يرفرف للأسف بل يتبعثر كلما طغت رائحة الفجيعة.

لعبة الورق الأخيرة مع الجدة العجوز

كانت ترتدي ثوبها الأبيض الموشى بزهور زرقاء وتراقب يدي لتتأكد من نزاهتي في اللعب، جهاز تحكم التلفزيون على مقربة بحيث تتناوله لتخبرني أنها ضجرت، أو لترفع صوت الأغنية التي تتحدث عن غوى قديم, كنت أخفي شعري الأحمر لتظن أني ابنها الغائب وأدعها تهزمني بسعادة، ثم عندما حاولت هزيمتها فشلت، كانت صغيرة وتضحك كلما حصلت على نقاط جديدة, تضحك كثيراً، كانت تضحك.

المدينة الخارجة من السينما إلى المقبرة

كانت تسمى مدينة البحر والنساء صارت تسمى مدينة الكآبة والدموع, تخرج صباحاً من دمعها وتجهد في إطعام أبنائها خبزا ناقصاً، مدينة المناقصات الخلّبية وأوراق النعي المبتورة، مدينة اللصوص الذين تحتل صورهم نشرات التلفزيون واللباس المموّه، مدينة ما أن تلفظ اسمها حتى تنتابك رغبة بالصراخ، مدينة تبكي بصمت وتصرّم أيامها في الانتظار.

الساعات الثلاث الأولى لانتهاء المجزرة

كانت تفوح في الجو رائحة ثقيلة تستطيع أن تراها بعينك المجردة في أفلام الحروب السينمائية، رائحة على شكل غمامة بنفسجية تضيق وتتسع، لا صوت، لا نأمة، كأن أصوات الطلقات السريعة قد أفزعت الطبيعة فصمتت تماما, الطيور صامتة وأغصان الأشجار، أخاديد الأرانب وأوكار الفئران, الريح صامتة والنداءات أيضاً، الأرض وحدها من تئنّ، ونحن إذ نقترب لنعاين جثة تحتضن نفسها بوداعة، نئنّ أيضاً بخفوت، ثم نمضي. 

الأمكنة المناسبة للتصوير

دائما الغرف المغلقة, الغرف الداخلية للبيوت المهشمة أو التي نجت من الفوضى, ولا حاجة للضوء الكثير, أصلا من يحتاج رؤية كل هذا الخراب, غرف السجون وقاعات المطالعة التي تحوّلت إلى غرف تحقيق، الأنفاق التي نمت داخل أنفاق أخرى، الأنفاق التي تعاظمت داخل الأرواح. أو ربما نختار أحد المسارح المهجورة، في مدينة مهجورة في ريف مهجور، نضع الشخصيات جميعاً على الخشبة ونحضر مشاهدين من على الحواجز العسكرية، نعطي الجميع أسلحة ونتركهم يتصرفون على طبيعتهم ونرى. المشهد الوحيد - داخلي/غير محدد الوقت الجدّة تلعب بالورق مع ظلّ خفيف على الجدار، يحادثها وتحادثه، يضحكان بطفولة ويتابعان اللعب.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image