لم يتمّ اختيار علم أيّ بلدٍ كان من باب المصادفة، بل يُحمّل الكثير من المعاني والدلالات. ولأن تاريخ بعض الأعلام يعود لمئات الأعوام، فقلما تجد أشخاصاً على دراية تامة بأسباب اختيار ألوان أعلام بلادهم ورموزها.
يعود أول علم عربي إلى الدولة الأموية، أوّل دولة إسلامية في تاريخ الإمبراطورية العربية (661-750). وكان الأمويون يحبّون العلم الأبيض، الذي تحوّل إلى أول علم وطني. تأخذ الألوان أهمية كبيرة في تاريخ الأعلام، لا سيّما العربية منها. ففي أواسط القرن الثامن ميلادي، رفع العباسيون الرايات السود واقتحموا دمشق وأسسوا الدولة العباسية. وفي عهد دولة الخلافة العباسية، تعرض الشيعة للاضطهاد فهربوا إلى شمال أفريقيا وأقاموا الخلافة الفاطمية ورفعوا العلم الأخضر. توسّعت الدولة الفاطمية لتضمّ مصر وشمال أفريقيا وسوريا وشاطئ جزيرة العرب وتنافست مع الدول الأموية في الأندلس والدولة العباسية في بغداد لتشهد المنطقة الأعلامَ الثلاثة، الأبيض والأخضر والأسود ترفرف معاً.
حتى في عصرنا الحديث، تتمتع هذه الألوان بأهمية كبيرة، لا سيّما أن الأعلام العربية تُصنّف غالباً على أساس ألوانها وأشكالها (الهلال والنجمة)، وإنْ وجدت بعض الاستثناءات.
تتخذ كلّ من المملكة العربية السعودية وليبيا وموريتانيا من اللون الأخضر أرضيّة لأعلامها الوطنية. أما المغرب وتونس، فاتخذتا من اللون الأحمر أرضية لعلمَيْهما الوطنيين. تجمع أعلام لبنان وسلطنة عمان والجزائر ألوان الأحمر والأخضر والأبيض، فيما يجمع علم اليمن الأحمر والأبيض والأسود. واتخذت السودان والأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت وسوريا والعراق الألوان الأربعة، مع بعض الاختلاف في ترتيب تكوينها.
الهلال والنجمة
تتميّز أعلام الدول العربية بتضمنّها أشكالاً مختلفة، في مقدّمها النجمة الخماسية والهلال. ترمز النجمة الخماسية إلى أركان الإسلام الخمسة ألا وهي الشهادتان، والصلاة، والصوم، والزكاة، والحج. وتتزيّن بها أعلام المغرب والعراق والصومال وجيبوتي وسوريا. في حين يرمز الهلال إلى الحياة الجديدة والسعادة والبركة والنور الأول والوقت الجديد، كما يرمز إلى فتح الإسلام كعصر جديد للبشرية. أظهرت الأبحاث أن شكل الهلال ظهر للمرة الأولى على لواء جيش مشاة الدولة العثمانية في أواسط القرن الرابع عشر. وأصبح شعار علم دولتها رسمياً عام 1453. من بين الدول العربية التي تحمل أعلامها النجمة والهلال معاً، موريتانيا وتونس والجزائر وجزر القمر.
نجد أيضاً كتابات ورموزاً أخرى على أعلام الدول العربية. فعلى سبيل المثال، يحمل علم المملكة العربية السعودية تعبير "لا إله إلا الله ومحمد رسول الله" وعلم العراق، "الله أكبر". يظهر على علمَيْ السعودية وسلطنة عمان السيف الذي يرمز إلى العدل والقوة والجهاد، فيما يتوسّط العلم المصري نسرٌ يفتح جناحَيه، وتتوسّط العلم اللبناني أرزة تُمثّل السلم. قد تُقسّم أعلام الدول العربية بحسب ألوانها وأشكالها إلا أنّ كلاً منها يحمل قصة خاصة به.
لبنان
رُفع أول علم لبناني في بلدة فالوغا أيام الانتداب الفرنسي. وقد شهد لبنان أعلاماً مختلفة حتى جرى اعتماد العلم الحالي، الذي تعود ألوانه إلى علم الجيش في الحرب العالمية الأولى: الأحمر يرمز إلى دماء الشهداء التي أريقت في ثورة 1943، والأبيض إلى بياض الثلج الذي يُكلل جبال لبنان، والأرزة إلى القداسة والخلود والصمود والعراقة.
سوريا
تعتمد سوريا علم الجمهورية العربية المتحدة، الذي اتُخذ بعد تعديل المادة السادسة من دستور 1973. وهو يحمل المدلولات ذاتها ألا وهي التأكيد على الوحدة العربية الكبرى التي تشكّل هدف كل مواطن عربي. وتشير النجمتان إلى سوريا ومصر إبّان الوحدة.
فلسطين
يعدّ العَلم الراية التي استخدمها الفلسطينيون منذ النصف الأول من القرن العشرين تعبيراً عن طموحهم العربي. وهو من أربعة ألوان، الأبيض والأسود والأخضر والأحمر، تشير إلى العهود العربية القديمة (الأموي، العباسي، الفاطمي. ويرمز المثلث الأحمر إلى العهد الهاشمي).
الأردن
اعتُمد العلم الأردني بعد الاستقلال عام 1946 واستمدّ شكله من راية الثورة العربية الكبرى التي انطلقت من بطحاء مكة عام 1916. وهو يشبه العلم الفلسطيني من حيث الألوان والمعاني إلا أنه يتميّز بنجمة سباعية بيضاء ترمز إلى السبع المثاني وهي سورة الفاتحة في القرآن الكريم.
مصر
عام 1984، صدر القانون رقم 144 المتصل بشكل علم جمهورية مصر العربية. يتألف من ثلاثة ألوان، الأحمر والأبيض والأسود، يتوسّطها نسرٌ باللون الذهبي ينظر إلى اليمين، وهو رمز مصر ويُكتب على القاعدة التي يرتكز عليها اسم البلاد بالخطّ الكوفي. يُرجع البعض النسر إلى صقر قريش الذي يُقال إنه رمز البطل صلاح الدين الأيّوبي.
العراق
في 22 يناير 2008، أقرّ مجلس النواب العراقي قانون تغيير العلم وإزالة النجمات الثلاث التي كانت ترمز إلى الوحدة التي لم تحدث بين مصر وسوريا والعراق عام 1963. لكن أُبقي على عبارة "الله أكبر" بالخط الكوفي، وهي أضيفت بخطّ صدّام حسين إلى العلم أثناء حرب الخليج.
قطر
يعود تاريخ العلم إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما استقلّت قطر عن بريطانيا التي فرضت على المنطقة رفع أعلام حمراء، إلا أن الأحمر تحوّل إلى لون "عنّابي" (يرمز إلى الدم المتخثّر) يخترقه اللون الأبيض وتسعة رؤوس بيضاء ترمز إلى أنّ دولة قطر هي العضو التاسع في الإمارات المتصالحة في دول الخليج العربية بعد إبرام الاتفاقية القطرية البريطانية عام 1916.
الإمارات العربية المتحدة
رفع الشيخ الراحل زايد بن سلطان آل نهيان علم الإمارات للمرة الأولى في 2 ديسمبر 1971 في مناسبة إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة. قبل الاتحاد، تألّفت أعلام الإمارات من اللونين الأحمر والأبيض ليُضاف إليهما الأسود والأخضر، اللونان التقليديّان للأعلام العربية.
المملكة العربية المتحدة
اعتمدت السعودية هذا العلم منذ 1973. وبسبب شهادة التوحيد المقدسة التي يحملها، يعتبر العلم السعودي الوحيد الذي لا يُنكّس أو يُنزل في حالات الحداد والمراسم الدولية. كما يُحظر ملامسته الأرض والماء والدخول به إلى أماكن تُعدّ غير طاهرة. تشترك ثلاث دول أخرى مع السعودية في حظر العلم الأفقي وهي باكستان والبرازيل وسيرلانكا.
البحرين
تميّز أقدم علم يُمثّل آل خليفة باللون الأحمر فقط. ولكن في القرن التاسع عشر قُسّم العلم إلى الأحمر والأبيض من دون المثلثات ليتمّ لاحقاً إضافة ثمانية منها تُشير إلى المعارك التي جرت بين البحرين والدول المجاورة أو حتى لتمييزه عن الدول الأخرى ذات الأعلام المشابهة. في 17 فبراير 2011، جرى تعديل عدد المثلثات فأصبحت خمسة تُمثّل أركان الإسلام الخمسة.
الكويت
رفع العلم للمرة الأول في 24 نوفمبر 1961 بعد إعلان الاستقلال عن المملكة المتحدة. وهو يعتمد الألوان الأربعة التقليدية في الأعلام العربية المستوحاة من بيت الشعر العربي: "بيض صنائعنا، سود مواقعنا، خضر مرابعنا، حمر مواضينا".
سلطنة عمان
رفع العلم للمرة الأولى عام 1970 بناءً على قرار سلطاني. وهو يحمل شعار الدولة المكوّن من السيفين والخنجر الذي يعود استخدامه إلى منتصف القرن الثامن عشر ويمّثل الأسلحة التقليدية للشعب العماني.
اليمن
يتألف العلم اليمني من ألوان التحرير العربيّ وقد اعتُمد في 22 مايو 1990 يوم توحّد فيه جنوب اليمن المعروف باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية واليمن الشمالي المعروف باسم الجمهورية العربية اليمنية.
الجزائر
ابتكر الأمير عبد القادر الجزائري العلم في القرن التاسع عشر. هو يتكوّن من اللونين الأبيض والأخضر ويدلّ اللون الأحمر على دماء شهداء ثورة التحرير (1954 إلى 1962). برغم أن العلم يعود إلى أوائل القرن السادس عشر، فقد استخدمته جبهة التحرير الجزائرية في كفاحها ضد الفرنسيين واعتمد بعد الاستقلال.
المغرب
اعتُمد علم المغرب رسمياً بعد استقلاله عن فرنسا وإسبانيا. يعود اللون الأحمر للقرن السادس عشر وقد أضيفت نجمة خضراء في بداية القرن العشرين. يقال إنها ترمز إلى ختم سليمان.
تونس
يعود تاريخ العلم إلى القرن التاسع عشر واقتُبست ألوانه من العلم التركي بعد أن كانت تونس تابعة للدولة العثمانية فترة طويلة. أدخلت تعديلات عدّة على حجم الهلال واُخْتير اللون الأحمر في 3 يوليو 1999.
ليبيا
عادت ليبيا تعتمد علم الاستقلال الذي استخدم للمرة الأولى بعد استقلالها وإعلان المملكة الليبية المتحدة عام 1951. أقرّ المجلس الوطني الانتقالي في المادة الثالثة من إعلان الدستور إعادة استخدامه في 3 أغسطس 2011 بعد إلغائه عقب انقلاب سبتمبر 1969 أو ما عرف بثورة الفاتح.
موريتانيا
اعتُمد العلم في 22 مارس 1958 وتألّف من اللون الأخضر، يتوسّطه هلال ونجمة باللون الأصفر. غالباً ما يُعدّ اللونان الأخضر والأصفر لونَيْ الدول الأفريقية. علماً أن الأخضر هو لون الإسلام والأصفر يجسدّ عظمة الصحراء.
السودان
اعتُمد العلم في 20 مايو 1970 وهو يتضمّن ألوان الأعلام العربية إلا أن اللون الأسود كان مصدر اسم البلد ويجسّد الشجاعة والاعتزاز بالوطن والتراث ويرمز أيضاً للانتماء إلى القارة السوداء.
الصومال
اعتُمد العلم في 12 أكتوبر 1954 وقد صممه الطالب محمد عوالي ليبان واستخدم لتمثيل جمهورية الصومال الديمقراطية بعد توحيد شطريها، الصومال البريطاني والصومال الإيطالي عام 1960. يُطلق عليه اسم Azure, a mullet Argent أي بالإيطالية "الأزرق السماوي والفضي البوري" إشارةً إلى الألوان المستخدمة التي كان يُراد منها أن تكون مماثلة لألوان علم الأمم المتحدة، تعبيراً عن اعتراف الشعب الصومالي بدور هذه المنظمة في نيل الصومال استقلاله.
جيبوتي
استعمل العلم الحالي للمرة الأولى يوم استقلال البلاد في 27 يونيو 1977 من الحكم الفرنسي. ويتألّف من مستطيلَين، الأول أزرق يرمز إلى البحر والسماء والثاني أخضر يرمز إلى الأرض، بالإضافة إلى مثلث أبيض رمز السلام إلى جانب نجمة خماسية تدلّ إلى مناطق البلاد الخمس وترمز إلى الوحدة الوطنية.
جزر القمر
اعتُمد العلم الحالي عام 2003 بعد أن كانت الأعلام السابقة تتألف من الهلال الإسلامي على خلفية خضراء. يتكوّن العلم الرسمي من أربعة مستطيلات تمثّل الجزر التي تكوّن جمهورية جزر القمر. يمثّل اللون الأصفر جزيرة موهيلي والأبيض جزيرة الموت والأحمر جزيرة أنجوان والأزرق جزيرة القمر الكبرى. وتمثّل النجمات الأربع هذه الجزر أيضاً. أما الهلال فيمثل الإسلام وهو الدين الذي يتّبعه معظم السكان.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 18 ساعةمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع