بعد إعلانها الشهر الماضي عن مبادرة إعادة بناء وترميم مسجد النوري ومئذنة الحدباء الشهيرة في الموصل، أكدت الإمارات رسمياً انطلاق المشروع. وعلى الرغم من الرمزية التي تحيط بهذا المسجد الذي أعلن من على منبره زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي نفسه خليفة عام 2014، يمكن اعتبار هذه الخطوة بداية مرحلة إماراتية جديدة في العراق بينما لا يزال دور الإمارات يُعتبر خجولاً مقارنة بدور حليفتها وجارتها السعودية.
مشاريع سبقت ترميم المسجد
أطلقت الإمارات مشروع إعادة بناء المسجد، الذي يُعدّ أحد أبرز معالم الموصل التاريخية، في إطار مشروع هو الأضخم من نوعه في العراق، وبمشاركة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة "اليونيسكو" ووزارة الثقافة العراقية، وبالتعاون مع المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية "إيكروم". وأوضحت الإمارات أن إعادة بناء هذا المسجد يأتي انطلاقاً من إيمانها بأن الثقافة تلعب دوراً مهماً في مواجهة الإرهاب، إذ قالت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتية نورة الكعبي إن هذا المشروع "يعكس جهود الإمارات ودورها في نشر رسالة الأمل والوسطية والانفتاح ونبذ التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي". وقبل إعادة إعمار مسجد الموصل، كانت الإمارات أعلنت في فبراير الماضي عن تقديم 500 مليون دولار للمساهمة في الجهد الدولي لإعادة إعمار العراق، وذلك في "مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق". وأوضحت الإمارات، حينها، أن الدعم يشمل 250 مليون دولار أميركي عبر صندوق أبو ظبي للتنمية لمشاريع البنية التحتية و100 مليون دولار أميركي لدعم الشركات الإماراتية في مشاريع قطاع الكهرباء في العراق و100 مليون دولار أميركي لدعم وتحفيز الصادرات الإماراتية إلى العراق، إضافة إلى 50 مليون دولار أميركي لدعم عمليات الهلال الأحمر الإماراتية في جهودها الإنسانية ومشاريعها الخيرية في المناطق الأكثر تأثراً بإرهاب "داعش". كما وقّع البلدان اتفاقية لتجنب الازدواج الضريبي ومنع التهرب المالي بما يخص الضريبة على الدخل ورأس المال، وذلك في الوقت الذي شهدت فيه العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والعراق نمواً متزايداً على مدى السنوات الماضية.قبل إعادة إعمار مسجد الموصل، كانت الإمارات أعلنت في فبراير الماضي عن تقديم 500 مليون دولار للمساهمة في الجهد الدولي لإعادة إعمار العراق، وذلك في "مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق"
في الوقت الذي تبدو فيه السعودية منفتحة بشكل كامل على العراق، مع غياب التصريحات السعودية المنتقدة للحشد الشعبي والتدخلات الإيرانية، يبدو الموقف الإماراتي غير واضح تماماً حيث يتراوح بين المد والجزروتُرجم النمو من خلال تجاوز حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات والعراق حاجز 11 مليار دولار في عام 2016، منها 2.6 مليار دولار صادرات إماراتية، 6.7 مليار دولار حجم تجارة إعادة التصدير، و1.8 مليار دولار واردات من العراق.
سياسة الإمارات في العراق... مدّ وجزر
صحيح أنّ هناك تفاهماً شبه تام بين الإمارات والسعودية حول أغلب ملفات دول المنطقة، إذ غالباً ما يكون هناك تنسيق مشترك في الملفات الرئيسيّة، إلّا أنّ هذا الأمر لا يبدو واضحاً في ملف العلاقات مع العراق. في الوقت الذي تبدو فيه السعودية منفتحة بشكل كامل على العراق، مع غياب التصريحات السعودية المنتقدة للحشد الشعبي والتدخلات الإيرانية، يبدو الموقف الإماراتي غير واضح تماماً حيث يتراوح بين المد والجزر. في نهاية العام الماضي، التقى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي وصل إلى الإمارات على متن طائرة إماراتية خاصة. وأتت هذه الزيارة بعد أسبوعين من زيارته للسعودية حيث اجتمع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث جرى الاتفاق على دراسة استثمارات محتملة في المناطق الشيعية، جنوبي العراق. وبعدها بأسبوع تقريباً استقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي السفير الإماراتي في بغداد الذي نقل رغبة الإمارات في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين البلدين وأشاد بالانتصارات على تنظيم الدولة الإسلامية. وعلى الرغم من سير العلاقات في مسار إيجابي، وصف وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش منذ حوالي الشهر الحشد الشعبي بالجماعة الإرهابية، متهماً قطر بتقديم التمويل لها. وفي حين وضع قرقاش الحشد الشعبي في الخانة نفسها مع "جبهة النصرة"، ردّت الخارجية العراقية بالقول إن مؤسسة الحشد الشعبي جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن الوطني ومؤسساته الرسمية كونها خضعت للتصويت عليها في البرلمان العراقي وتتبع للقائد العام للقوات المسلحة. واعتبرت الوزارة حينها أن هذه التصريحات تمثل عائقاً أمام تطور علاقات البلدين، لا سيّما أنها أتت في الوقت الذي يسعى فيه العراق لتعزيز علاقته مع دولة الإمارات العربية المتحدة. يرى البعض أنّ هذا التباين بين الموقفين السعودي والإماراتي يعود بشكل أساسي إلى أنّ الإمارات تعتمد على البوصلة الدولية وعلاقاتها مع الغرب أكثر من السعودية، وبالتالي فإنها تقرأ الموقف بعدم وجود ترحيب كبير من دول التحالف الدولي بدور عربي واضح بالعراق، وعودته لحضنه العربي سريعاً، كما قال المحلل السياسي العراقي وسام الكبيسي في تصريح صحافي. واعتبر الكبيسي أن وزن السعودية في المنطقة أكبر بكثير من وزن الإمارات، وعندما نتحدث عن تواجد إيراني، فإن الضد النوعي لها يكون دولة كبيرة بقدراتها وحجمها الجغرافي حتى تكون منافسة لإيران أي السعودية وليس الإمارات.إقليم كردستان... عائق إضافي
يرى بعض المحللين أيضاً أن دعم إقليم كردستان هو من العوائق الأساسية أمام العلاقات الإماراتية العراقية، وعلى الرغم من عدم التأييد الخليجي العلني لاستفتاء انفصال الإقليم الذي جرى العام الماضي، إلا إن بعض المصادر الإعلامية تحدثت عن تأييد سعودي وإماراتي للانفصال، واضعة إيّاه في إطار الرد على تركيا لوقوفها إلى جانب قطر في الأزمة الخليجيّة، وطبعاً في إطار ضرب إيران التي ردّت على الاستفتاء عبر إغلاق حدودها مع الإقليم وإيقاف نقل المشتقات النفطية منه. وكان الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله، المقرّب من ولي عهد أبو ظبي، أعلن عن تأييده للاستفتاء وحق الشعب الكردي بتقرير المصير، ناشراً خارطة قال إنها تمثل خارطة دولة كردستان التي ستقوم خلال سنوات بعدد سكان يصل إلى ثلاثين مليوناً. بدوره، ردّ المحلل السياسي العراقي أمير الساعدي مؤكداً على غياب التحركات التب تثبت وجود دعم ضمني من السعودية والإمارات لانفصال إقليم كردستان العراق، موضحاً أن السعودية أبدت استعدادها للتوسط بين بغداد وأربيل. في المقابل، اعتبر أن دعم بعض الأطراف الخليجية لانفصال الإقليم قد يكون لأسباب اقتصادية وسياسية ومذهبية لإحداث توازن جيو سياسي مذهبي. السياسة ليست العامل الوحيد هنا، حيث تظهر أيضاً الاستثمارات الإماراتية في الإقليم والتي تعود إلى سنوات قبل الأزمة الخليجية. في العام 2013، أعلن القنصل العام لدولة الإمارات في إقليم كردستان راشد محمد المنصوري أن بلاده تطمح لزيادة عدد استثماراتها في إقليم كردستان العراق بجلب 200 شركة استثمارية من مختلف الاختصاصات في الإقليم، ما سيشجع على تقوية العلاقات الاقتصادية بين بلاده والإقليم والعراق بشكل عام. وفي العام 2014، أفاد مسؤولون حكوميون في كردستان العراق بأن حجم الاستثمارات الإماراتية في الإقليم يبلغ 16.5 مليار درهم، أي ما يعادل 4.5 مليارات دولار.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع