شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
هل عدّ الخراف يساعد فعلاً على النوم؟

هل عدّ الخراف يساعد فعلاً على النوم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 18 أبريل 201812:56 م
الثانية، الثالثة، الرابعة، الخامسة، السادسة فجراً. عقارب الساعة تتسارع وأنا أتقلب في فراشي من دون أن أشعر بالنعاس. تمر الدقائق ببطء كأنها ساعات، فألجأ إلى حيلة عدّ الخراف والأرقام واستذكار جدول الضرب، إنما من دون فائدة. أنهض من الفراش وأتناول مضاداً للاكتئاب، فتغطّ عيناي لحظات قبل أن أستيقظ من جديد على صوت المنبه. هذا السيناريو ينطبق على العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم والأرق. في ما يلي أبرز الأسباب التي تقف وراء ظاهرة الأرق (Insomnia) وكيف يمكن التخلص من هذه المشكلة بطرائق سهلة وطبيعية بعيداً عن الأدوية والعقاقير التي قد "تزيد الطين بلة"، خاصة حين تتحول إلى إدمان يصعب التخلص منه.

الدائرة المغلقة

يعتبر الأرق، الذي هو انخفاض في نوعية النوم وكميته، من اضطرابات النوم الأكثر شيوعاً، والتي يمكن أن تؤثر علينا جميعاً. via GIPHY تختلف أنماط النوم وفق العمر وحالة كل فرد، ولكن في الإجمال يحتاج معظم البالغين إلى حوالى 7 أو 8 ساعات. وفي حين أن البعض يكتفي ب 5 إلى 6 ساعات يومياً، هناك فئة تحتاج إلى حوالى 10.

كيف ندرك أننا دخلنا دائرة الأرق؟

نتيجة الضغوط اليومية، يحدث أن نتعرض لأرق مؤقت يدوم بين ليلة وأسابيع محدودة، ولكن في بعض الأحيان، تكون "المعركة" بين أنفسنا والوسادة "شرسة" وتتكرر بشكل يومي. نتحدث هنا عمّا يسمّى "الأرق المزمن"، الذي قد يستمر لسنوات ويتسبب بأمراضٍ عديدة، مثل قصور القلب، السكري، الكآبة وغيرها، إضافة إلى البدانة. أعراض الأرق مختلفة وفق العمر وحالة كل شخص: صعوبة في النوم، نوم خفيف وغير منتظم، استيقاظ في الليل وصعوبة في النوم من جديد، عدم القدرة على النوم لأكثر من 3 أو 4 ساعات، كوابيس وأفكار سوداء. صحيح أن الأرق يختلف من شخص إلى آخر ويصيب بشكل خاص كبار السن، إلا أن البعض قد يعاني من الأرق المزمن (أكثر من 3 مرات في الأسبوع طوال 3 أشهر) الذي يمنعه من العيش بشكل طبيعي، أما السبب في هذه الحالة فهو في الغالب مرتبط ببعض المشاكل الشخصية، وخاصة القلق. via GIPHY

أسباب كثيرة والأرق واحد

هناك أسباب عديدة تجعل المرء يدخل في دوامة الأرق، منها عوامل نفسية أو أمراض عضوية أو عادات سيئة. ففي الشق الأول، يعتبر القلق والاكتئاب من أهم المشاكل النفسية المرتبطة باضطرابات النوم، فعندما تتكرر نوبات الأرق يوماً بعد يوم، يشعر الأشخاص بالقلق من تمضية ليلة سيئة، وهذا الخوف يحول دون انخراطهم في سبات عميق، فيدخلون في دوامة مغلقة. من ناحية أخرى، تبرز أمراض عدة تحدث خللاً في دورة النوم وتسبب نوبات قلق، منها زيادة نشاط الغدة الدرقية، والآلام المرتبطة بهشاشة العظام، والتهاب المفاصل، والربو، والحساسية، والسرطان. وتكثر الأسباب السلوكية التي قد تؤثر سلباً على جودة النوم: الاستهلاك المفرط للكافيين، خاصة قبل موعد النوم، الضجيج، الضوضاء، التدخين، جداول العمل المتقلبة، خاصةً العمل الليلي، الإرهاق في الوظيفة...

العلاقة بين الوحدة والأرق

مهما تعددت الأسباب العضوية والعوامل السلوكية، فإن ما يدور في الرأس من أفكار وهواجس يبقى العائق الأساسي الذي يقف بوجه الاستسلام لنوم عميق. "طيّرت النوم من عيوني"، هكذا خاطبت المطربة السورية رويدا عطية حبيبها في أغنية "شو سهل الحكي"، فالخلل في النوم قد يكون ناجماً عن نكسة عاطفية، فراق، وحدة قاسية. قد يغيب عن بال البعض أن الشعور بالوحدة هو من أكثر العوامل التي تصيب الأشخاص بالأرق، لأن المرء في هذه الحالة يشعر بأنه ضعيف وغير قادر على مواجهة تحديات الحياة. وقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت في المملكة المتحدة أن الأشخاص الذين يعيشون في عزلة اجتماعية هم أكثر عرضةً للأرق من غيرهم. via GIPHY وفي التفاصيل، انكب العلماء من جامعة "كينغز" على دراسة عادات النوم الخاصة بالمراهقين (بين 18 و19 عاماً) من خلال التوقف عند بعض العوامل، مثل: الوضع المهني، الحالة الاجتماعية، استهلاك الكحول وبعض المؤشرات الوراثية. وتبيّن أن الذين يشعرون بالوحدة هم أكثر عرضةً من غيرهم للوقوع ضحايا الأرق، كما أن الدراسة توصلت إلى أن سوء المعاملة والتعرض للاغتصاب والعنف الجسدي، كلها أمور تؤثر سلباً على النوم، إذ تحوّل ضحايا العنف إلى أشخاص يبحثون دوماً عن الوقاية والسيطرة والهروب، وبالتالي فإن دماغهم لا يتوقف عن التفكير، مما يجعلهم يستيقظون عدة مرات خلال الليلة الواحدة.

حيل للمساعدة على النوم

وضعت الاختصاصية في النوم في مونتريال "إيفا ليبمان" بتصرف الأشخاص الذين يعانون من مشاكل واضطرابات في النوم، بعض الخطوات السهلة والبسيطة التي قد تساعدهم على الاسترخاء والحصول على قسطٍ كافٍ من النوم. -تناول جرعة من الميلاتونين -هرمون ينتجها الجسم بشكل طبيعي، وهي مسؤولة عن إعطاء إشارة النوم- بمقدار 3 ملغ قبل موعد النوم بساعات قليلة. -التعرض لضوء ساطع لمدة نصف ساعة عند الاستيقاظ لزيادة النشاط والطاقة. -استخدام لمبات خاصة لعلاج الاكتئاب الموسمي وعدم التعرض للضوء الساطع في وقت متأخر بعد الظهر والمساء وارتداء نظارات شمسية خلال هذه الأوقات لعدم إعاقة الإنتاج الطبيعي للميلاتونين. -مشاهدة التلفاز في المساء عوضاً عن استخدام جهاز الكمبيوتر. وإذا كان لا بدّ من استخدام الحاسوب ليلاً، فمن المفضل ارتداء نظارات شمسية برتقالية اللون لكونها تحيّد موجات الضوء الأزرق الأكثر ضرراً. -تحسين بيئة غرفة النوم مع تركيب جهاز لتنقية الهواء على سبيل المثال. -الابتعاد عن مضادات الاكتئاب التي تؤثر سلباً على دورة النوم. -التخلص من القلق بتدوين قائمة يومية تتضمن كل الأمور التي تزعجكم مع الحلول المقترحة في إطار زمني محدد، وهكذا حين تطاردكم الأفكار السوداء خلال الليل ستعرفون ضمنياً أن الحلول موجودة، وبالتالي يَسهل عليكم النوم من جديد. -ممارسة الرياضة للتغلب على الضغوط اليومية والتوتر. ومن المستحسن التوقف عن القيام بالتمارين الرياضية الشاقة قبل موعد النوم ببضع ساعات. -التوقف عن استهلاك الكافيين والمشروبات الكحولية والأطعمة الدسمة في المساء.

ماذا عن عدّ الخراف؟

via GIPHY منذ طفولتنا، نتعلم أنه بهدف التخلص من الأرق يمكن اللجوء إلى حيلة عدّ الماشية كنوعٍ من أنواع التدريبات الذهنية التي تشعر الدماغ بالملل وتجعلنا نشعر بالنعاس. تعود جذور هذه العادة إلى القرن الثاني عشر، بحسب كتاب الأساطير "Disciplina Clericalis"، الذي يؤكد أن عدّ الأغنام كان يندرج ضمن الثقافة الإسلامية. تقول الحكاية إن ملكاً كان يسمع كل ليلة قصة من الحكواتي قبل النوم، وفي إحدى الليالي لم يشعر هذا الملك بالنعاس، لأنه مثقل بالقلق من أعمال اليوم، فطلب من الحكواتي أن يخبره قصصاً إضافية، بينما الأخير أراد أن يخلد للنوم. فروى له حكاية تتطلب عد الأغنام، ونام هو. via GIPHY وفي بريطانيا القديمة، كان رعاة الأغنام يواظبون على عدّ أغنامهم ليلاً للتأكد من عددها والتخلص من قلقهم قبل أن يستسلموا للنوم العميق. ولكن هل هذه التقنية مفيدة فعلاً للتخلص من الأرق؟ خلافاً لما هو معتقد، كشف علماء في جامعة أوكسفورد أن الأشخاص الذين عدّوا الخرفان قبل النوم، استغرق بلوغهم السبات وقتاً طويلاً، في حين أن تصور مشهد هادئ ومريح كمشهد الشاطئ ساعدهم على النوم خلال 20 دقيقة.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image