كيف صار عطاالله المتهم الوحيد؟
في العام 2016، اعتقلت السلطات الأمريكيّة عطاالله مع مواطنه الإيراني الأصل رجل الأعمال رضا ضرّاب في الولايات المتحدة، على خلفية اتهامهما باختراق العقوبات الأمريكية على إيران والاحتيال المصرفي. وخلال التحقيق، نفى عطاالله التهم الموجهة ضدّه في حين قرّر ضرّاب التعاون مع الادعاء الأمريكي مقابل أن يكون شاهد اثبات رئيسياً ضد آخرين متورطين في القضية، وبهذا تحوّل عطاالله إلى المتهم الوحيد. واعترف ضرّاب حينها أنه دفع خلال عامي 2012 و2013 رشاوى إلى وزير الاقتصاد التركي السابق ظافر شاغليان تجاوزت أكثر من خمسين مليون يورو، ما سمح له بأن يفرض نفسه وسيطاً أساسياً لتجارة إقليمية معقدة كانت تسمح لإيران عبر المصرف الحكومي التركي "خلق بنك" بضخ مليارات اليوروهات في النظام المصرفي الدولي، متجاوزة العقوبات الأمريكية التي تحظر التعامل التجاري مع طهران. واتهم ضراب الرئيس رجب طيب اردوغان بأنه وافق شخصياً على اتفاقات تسمح بخرق العقوبات التي كانت مفروضة على إيران، مؤكداً أن وزيراً تركياً سابقاً أبلغه أن أردوغان، الذي كان رئيس الحكومة التركية حينذاك، أعطى توجيهات للبنوك التركية بالمشاركة في نظام غسل الأموال الإيرانية الذي بلغت ميزانيته ملايين الدولارات.رأى المدعون الأمريكيون أن خطورة جرائم عطاالله تقتضي سجنه 20 عاماً، كما في قضايا مشابهة، مؤكدين أن أي حكم يجب ألا يقل عن 15 عاماً وثمانية أشهر
اعتقال عطالله مع شخصيات تركية بارزة بتهمة مساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأمريكيّة أثار حينها توتراً تركياً أمريكياً... وينتظر عطالله جلسة الحكم في 11 أبريل بعدما أصبح المتهم الوحيدوفي سبتمبر العام الماضي، أعلنت وزارة العدل الأميركية أن 9 أشخاص منهم 8 أتراك، أحدهم وزير الاقتصاد التركي السابق، انتهكوا العقوبات المفروضة على إيران من خلال عقدهم صفقات بمئات ملايين الدولارات لحساب مؤسسات إيرانية. وقالت الوزارة حينها إن المتهمين، ومن بينهم مسؤولون في مصرف "البنك التركي-1" الحكومي، قاموا بتبييض أموال عائدة لإيران لقاء ملايين الدولارات من الرشى، كاشفة أن المتهمين قاموا بإنشاء نظام داخل مصرف "البنك التركي-1" بين عامي 2010 و2015 يتيح للحكومة الإيرانية ولهيئات محلية الوصول بشكل غير مشروع إلى النظام المالي الأميركي. وتمكنت إيران، حسب الوزارة الأمريكية، بمساعدة هذا النظام من الالتفاف على العقوبات والقيام بشكل غير مباشر بصفقات بالدولار والذهب وإخفاء مصدر الأموال من دون أن تكشفها المصارف الأمريكية.
إدانته بخمس تهم
بداية العام الحالي، دانت هيئة محلفين أمريكية عطاالله بخمس تهم من أصل ست وُجهت إليه، منها خرق عقوبات واشنطن على إيران والاحتيال المصرفي والمشاركة في خداع الولايات المتحدة والمشاركة في خداع البنوك الأمريكية، في حين برّأته من تهمة القيام بغسيل أموال. في المقابل،ندّدت تركيا بقرار هيئة المحلفين، ووصفته بأنه تدخل لم يسبق له مثيل في شؤونها الداخلية إذ قالت وزارة الخارجية التركية، في بيان لها، إن المحكمة الأمريكية استندت إلى أدلة زائفة يمكن استغلالها سياسياً. وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين إن هناك ارتباطات بين القاضي الذي ينظر في هذه القضية وجماعة فتح الله غولن التي تتهمها أنقرة بتدبير الانقلاب الفاشل، مؤكداً أن هذه القضية مؤامرة لخلق فوضى سياسية داخل تركيا. وأضاف قالين إن هذا القاضي جاء إلى تركيا قبل نحو ثلاثة سنوات على نفقة إحدى المؤسسات التابعة لمنظمة غولن، التي تصنفها تركية إرهابية، وتم صرف 300 ألف ليرة تركية (نحو 80 ألف دولار) عليه، معتبراً أن هذا الأمر يكشف بوضوح المكيدة التي تحاك ضد السياسة الداخلية لتركيا.إمكانية حكم مخفّف؟
تساءل البعض عن إمكانية حصول عطا الله على حكم مخفّف في حال تعاونه، وفي هذا الإطار رأى الكاتب إلهان تانير في موقع "أحوال" التركي أنّه ما زال بإمكان عطاالله التفاوض على اتفاق للإقرار بالذنب مع الادعاء حتى بعد حكم الإدانة، مضيفاً أن مثل هذا الاتفاق يحتاج أن يبلغ مكتب التحقيقات الاتحادي بكل ما لديه من معلومات تماماً كما فعل ضرّاب. وأضاف الكاتب "حتى إذا قرر عطا الله أن يتعاون مع الإدعاء، فإن اتفاق إقراره بالذنب سيكون مختلفاً كثيراً عن ذلك الذي أبرمه ضراب، فالملياردير الإيراني المولد تفاوض مع ممثلي الادعاء في الولايات المتحدة قبل المحاكمة... وعطاالله اليوم شأنه شأن أي خاسر لرهان فقد الكثير من قوته التفاوضية"، لافتاً إلى أنه "من أجل أن يتفاوض على حكم مخفف، سيكون لزاماً عليه أن يزود ممثلي الادعاء في الولايات المتحدة بأدلة مقنعة على ما ارتكبه من مخالفات وآخرون متورطون في المخطط غير القانوني". وأوضح الكاتب أن مثل هذه الإجراءات القانونية تسمّى في الولايات المتحدة "المساعدة الجوهرية"، وأنه في حال اقتنع ممثلو الادعاء في الولايات المتحدة بتعاون عطاالله فقد يطالبوا بحكم مخفف له.ويتجدّد الحديث عن ملف عطاالله في وقت تشهد العلاقات توتراً بين تركيا وأمريكا من بوابة منبج السورية والملف الكردي، مع العلم أن قضية عطالله نفسها كانت السبب وراء توتر دبلوماسي بين الطرفين في العام الماضي.
كانت الخارجية الأمريكية قد قرّرت وقف منح التأشيرات بعد ما وصفته بانتهاك السلطات التركية القانون الدولي واعتقالها ميتين توبوز، أحد العاملين في القنصلية الأمريكية في اسطنبول، بتهمة التجسس وانتهاك النظام الدستوري ومحاولة الانقلاب. في وقت قالت السلطات التركية إن توبوز على علاقة بحركة غولن، الذي يقيم حتى الآن في الولايات المتحدة.
وكان اعتقال توبوز اعتُبر رداً من أنقرة على محاكمة رجال أعمال وسياسيين أتراك ذوي صلات بأردوغان في الولايات المتحدة، ومن بينهم ضراب وعطا الله.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...