بينما كان الرئيس الأمريكي يتبارى كلامياً مع الزعيم الكوري الشمالي على حجم زرّ القنبلة النووي الموجود على مكتبه، كان ثمة زرّ آخر "أكبر" في البيت الأبيض يفجّر سيلاً من الحقائق على الطريقة الويكيليكسية، ولكن بنكهة أكثر فضائحية اشتهر بها الصحافي مايكل وولف.
أدى فوز ترامب بالرئاسة لارتباكه، ولم يكن مستمتعاً بمراسم أداء اليمين، فضلاً عن شعوره بالفزع من البيت الأبيض. زوجته ميلانيا بكت ولكن "ليس دموع فرح"، وابنته إيفانكا اتفقت مع زوجها على الرئاسة وتهزأ من تسريحة والدها. أصدقاؤه يصفونه بـ"المجنون"، بينما هو لا يبالي حين يدخل إلى سريره عند السادسة والنصف مساء لالتهام "التشيز برغر".
هذا جزء يسير مما يكشفه مَن توغّل في امبراطورية مردوخ الإعلامية سابقاً، عن بيت ترامب الحالي، في كتابه الجديد "النار والغضب: من داخل بيت ترامب الأبيض".
تهديدات بمنع الكتاب
يُنتظر صدور كتاب وولف بعد أيام، وتحديداً في التاسع من يناير، لكن التسريبات التي استبقت الكتاب واعتمدت على حوالي 200 مقابلة أبرزها مع كبير مستشاري ترامب السابق ستيف بانون، أثارت غضباً، مُتوقّعاً، لدى ترامب ومساعديه ومحاميه.
خرجت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز بالرد أنه كتاب مليء بـ"الشهادات الزائفة والمضللة"، وهدّد محاموه بمنع الكتاب والملاحقة القانونية لبانون، بينما اتهم ترامب الأخير بأنه "فقد عقله" بعدما فقد وظيفته.
واللافت كذلك كان إصدار قرار يمنع العاملين في البيت الأبيض من استخدام هواتفهم الشخصية.
لكن الجهود الرسمية للتهوين من شأن الكتاب، بمعلوماته ومصادره، لم تخفف من وطأة ما كشفه على ساكن البيت الأبيض الذي تلاحقه اتهامات عديدة منذ توليه الرئاسة، بشأن شخصيته وأدائه.
ما أبرز التصريحات المدوّية في كتاب وولف؟
1- حلم بلير
بحسب "التلغراف"، أبلغ رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير صهر ترامب، جاريد كوشنير، أن البريطانيين قد يتجسسون على والد زوجته خلال حملته الانتخابية. كما علم ترامب بالأمر من بلير في اجتماع بينهما في فبراير.
لماذا؟ تقول "التايمز" إن بلير كان يطمح للحصول على وظيفة مستشار لترامب في شؤون الشرق الأوسط، لكن متحدث باسمه نفى هذه المعلومات، كما كانت نفتها الاستخبارات البريطانية سابقاً.
2- دموع ميلانيا
انهمرت دموع ميلانيا حين إعلان فوز ترامب، والأخير بدا كما لو أنه رأى شبحاً، لأن الجميع كان ينتظر الخسارة.
وبين ما نقله الكتاب عن بانون قوله إنه رأى ترامب يتحول من "مشكّك إلى مرتعب في تلك الأثناء". كل ذلك لأن الملياردير الأمريكي لم يتوقع الفوز في الانتخابات وكان يخطط لافتتاح قناة تلفزيونية بعد الانتخابات، وأعضاء حملته كانوا يبحثون أساساً عن وظائف جديدة.
هذا الذعر يفسره المحلل أنتوني زورشر لـ"بي بي سي" بالقول "في أغلب حياته كان ترامب يعيش وفقاً لقواعده كملياردير عقارات تسمح له ثروته بعمل ما يريد فكان تكييف نفسه لقواعد البيت الأبيض، الذي وصفه هاري ترومان يوما بأنه السجن الأبيض العظيم، بمثابة صدمة له".
تصريحات مدوّية عن ترامب يكشفها الكتاب الذي يشغل الجمهور الأمريكي اليوم "النار والغضب: من داخل بيت ترامب الأبيض"
دموع ميلانيا، أحلام ايفانكا بالرئاسة، هوس ترامب ونظرة أصدقائه المهينة له، كما القليل عن التطورات الأخيرة في السعودية... بعض مما يكشفه كتاب "النار والغضب" الذي يثير غضب الإدارة الأمريكية
3- أحلام ايفانكا
في ما يخص إيفانكا، ابنة ترامب، فهي وإن رافقته في جولات عدة وقدمها باعتبارها نجمته المفضلة، نقل الكتاب سخريتها الدائمة من لون شعره "البرتقالي" وتسريحته العجيبة وشكله الناتج عن "عملية زراعة شعر فاشلة".
من ناحية أخرى، تتطلع إيفانكا لمنصب الرئاسة في المستقبل. وقد عقدت اتفاقاً مع زوجها للغاية، حيث تكون المؤهلة للترشح لا هو حين يحين الوقت.
وقد أطلق بانون على الاثنين تعبير "جارفانكا" وأبدى انزعاجه منهما، كما وصف إيفانكا بـ"الغبية كالحجر".
في المقابل، أشار بانون إلى أن ولدي ترامب البالغين كانا يحاولان يائسين إثبات قدراتهما لوالدهما، حتى أن دونالد جونيور وافق على لقاء محام مرتبط بالكرملين للتنسيق بشأن ضرب حملة هيلاري كلينتون.
4- أصدقاء ترامب وجنونه
ترامب مهووس بالنظافة. يمنع أي كان من لمس فرشاة أسنانه، يخاف من الجراثيم بشدة، وينام في غرفة منفصلة عن زوجته، وقد وضع في الغرفة تلفازين ضخمين ينتظرانه هناك عند السادسة والنصف مساء حين يذهب إلى الفراش ويتناول "التشيز برغر".
لكن ليس ذلك ما يجعل أصدقاؤه يصفونه بـ"المجنون" و"الغبي".
بحسب الكتاب، وصف كل من وزير الخزانة ستيفن منوشين وكبير موظفي البيت الأبيض السابق رينس بريبوس ترامب بـ"الأحمق". المستشار الاقتصادي غاري كوهن قال إنه "Dumb as Shit"، في حين وصفه مستشار الأمن القومي آتش آر ماكماستر بأنه "مخدر".
ومن بين ما نقله الكتاب كان شهادة أحد العاملين في حملته الانتخابية، سام نونبرغ، الذي قال إنه اضطر لتفسير أمور بديهية في الدستور لترامب. في حين أشار المسؤول في "فوكس نيوز" روجر آيلز إلى أن ترامب كان يجهل وجوه سياسية بارزة، كما حين ذُكر أمامه اسم جون بوهنر فأجاب "من هذا؟".
كما قال، بحسب الكتاب، صديق طفولته توماس برّاك عنه بأنه "ليس مجنوناً فقط، بل غبي"، ليعود وينفي ذلك. في حين نُقل عن أصدقاء آخرين شكواهم من أنه يكرر القصص نفسها بالطريقة نفسها كل 10 دقائق، بينما يفشل في التعرف على العديد من أصدقائه.
5- ترامب ومردوخ... إعجاب من طرف واحد
كان ترامب غاضباً جداً من أن كبار النجوم قاطعوا حفل تنصيبه، في حين بدا لافتاً في الكتاب أن الإعجاب والاحترام الشديدين اللذين يكنّهما الرئيس لروبرت مردوخ، ليسا متبادلين.
يلفت وولف إلى الحفلة التي تبعت التنصيب، إذ كان يُفترض أن يشارك مردوخ فيها، لكنه تأخر في الوصول. وعندما كان يحاول ضيف ما الانسحاب من الحفلة، كان ترامب يعاجله بالقول "مردوخ في طريقه إلى هنا"، إنه "واحد من العظماء، بل آخر العظماء".
لكن نقل عن مردوخ قوله عن الرئيس إنه "أحمق" مستعملا عبارة "Fucking Idiot"، بعد اتصال أجراه معه بشأن قانون الهجرة، ولم يستمع فيه ترامب لنصائحه.
6- "أوصلنا رجلنا"
لفت الكتاب، حسب "ذا إنترسبت"، إلى أن ترامب كان مهندساً لوصول بن سلمان إلى ولاية العرش، ودخل في التفاصيل ناقلاً عن صديق لترامب قول الأخير بفخر "لقد أوصلنا رجلنا إلى القمة".
ولكن من هو وولف وبماذا كان بانون يفكر؟
على خط مواز، انشغل المتابعون بمحاولة فهم أبعاد كل من وولف وبانون في هذا العمل.
الصحافي الأمريكي، البالغ من العمر 64 عاماً، كان قد عمل في مجلتي "نيويورك" و"فانيتي فير"، واكتسب شهرة بالغة مع نشره في العام 2008 كتاباً عن حياة ملياردير الإعلام روبرت مردوخ، والتي دفعت الأخير للعمل على العديد من الثغرات.
ولفتت مجلة "نيويورك"، التي كانت أول من نشر مقتطفات من الكتاب، أن وولف استغل قلة تجربة إدارة ترامب ليحصل على كمية كبيرة من المعلومات، بينما "لم توضع أمامه أي قيود"، حسب المجلة.
وبحسب "ديلي مايل"، كان وولف ينزل في فندق "هاي آدامس" المواجه للبيت الأبيض، ويضرب المواعيد مع العاملين فيه حالياً وسابقاً، واستطاع الحصول على ساعات طويلة من التسجيلات، عمل عليها ببراعة مستغلاً مهاراته المعروف بها في التقاط الأخبار وأدق التفاصيل، كما نقلت "بي بي سي".
ووفقاً لتقرير "نيويوركر"، يعتمد الكتاب بشكل أساسي على تسريبات بانون، كما يستلهم عنوانه "النار والغضب" من تعليق الأخير على اجتماع في ترامب تاور بين ترامب وكوشنير ومجموعة من الأشخاص المرتبطين بروسيا، من دون أن يتم إبلاغ الـ"أف بي آي" بالاجتماع.
وكان بانون ساعد ترامب في صياغة شعار حملته الانتخابية "أمريكا أولاً"، قبل أن يترك منصبه في أغسطس الماضي. بعدها استخف الرئيس بدور بانون قائلاً إنه يتخذ بنفسه القرارات الإستراتيجية.
بعد خروجه من البيت الأبيض عاد بانون إلى رئاسة الموقع الإلكتروني اليميني "بريتبارت"، بينما قال إنه يعمل على مساعدة إدارة ترامب من الخارج.
وتساءلت "ذا آتلانتيك" عن "ماذا يحدث عندما يصل الرئيس، الذي لا يحظى بشعبيّة، إلى السلطة بدفعة شعبية يمينية، ثم يلتقي برجل يدير ربما الموقع الأكثر شعبية لدى الشعبوية اليمينية؟".
هذه كانت العلاقة بين الاثنين، قبل أن يفترق الرجلين على اتهامات مدوية بـ"الجهل" و"الجنون"، ليكون "النار والغضب" كتاباً يفتتح به الأمريكيون الموسم الجديد من ترامب 2018.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع