"الانتخابات لا تصنع ديمقراطية" و"لن يكون لدينا تحديث ولا مواطنة في غياب الدولة المدنية ولا يمكن أن تبقى مجتمعاتنا العربية متأرجحة بين خيارين أحلاهما مر هما الإسلام السياسي أو الحكم العسكري".
هذا بعض ما قاله لرصيف22 المفكر المغربي حسن أوريد الذي كان أول شخص يشغل منصب الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، وذلك في عهد العاهل المغربي الحالي.
يرى أوريد أن "عبء التاريخ العربي" أهم عائق يمنع العرب من اللحاق بركب المجتمعات الحديثة، ويطالب بـ"التخلي عن النظرة الأسطورية والتقديسية" لهذا التاريخ، وبتفكيكه كي لا يبقى عبئاً على الحضارة العربية.
في مدينة بوردو الفرنسية، على هامش مشاركته في أسبوع الشرق الذي نظمته جمعية Les Désorientalistes، كان هذا الحوار مع أوريد.
-
في روايتك الأخيرة "ربيع قرطبة" استدعيت التاريخ الأندلسي لتتحدث عن الواقع، وطرحت أسئلة في السياسة وشؤون الحكم وما يدور داخل البلاط الملكي. هل تستّرت بالتاريخ لتتحدث عن الواقع وربما عمّا اختبرته شخصياً؟
-
في الرواية نفسها تتحدث كثيراً عن مسألة التعايش الديني. فمثلاً تقول على لسان الخليفة الأندلسي الأول عبد الرحمن الناصر موجهاً كلامه لولي عهده ابنه الحكم: "الحق أجلّ من أن يقصر في دين، والأخلاق أسمى من أن تُحصر في قبيل". هل تخاف من ادعاء الإسلاميين أو ربما عموم المسلمين احتكار الحقيقة؟
-
هل يمكن اعتبار أحداث "ربيع قرطبة" جزءاً من مذكرات حسن أوريد عن حقبة عاشها في البلاط الملكي المغربي خصوصاً وأنت العارف بأسرار القصر والحكم وما كان يدور من أحداث في السر والعلن؟
-
بح لنا بسر اطلعت عليه خلال فترة عملك بجانب العاهل المغربي ولم تقله من قبل.
"التاريخ الذي لم يُفكّك يظل عبئاً، لو درسنا تاريخنا بطريقة علمية وموضوعية لتحول إلى صديق، عوضاً عن أن يكون جباراً يملي عليك ما ينبغي وما لا ينبغي. يجب أن تكتسب ما ترثه ليصبح ملكاً لك"عامل الزمن أساسي في الفصل بين التجربتين. وأعتقد أن الزمن فعل فعله ولم يعد يُنظر إلي كمسؤول سابق وإنما كشخص يفكر ويكتب، ويجب أن ينُظر إلي بما أفعله الآن وليس بما كنته سابقاً. ليس معنى ذلك أن شأن المغرب أو المنطقة لا يهمني. لا يمكن أن أزعم أني غير مبالٍ بما يجري سواء في بلدي أو في عموم المنطقة العربية، لكن من دون شك اختلفت نظرتي وأسلوبي حالياً.
-
تقول في الرواية: "زيري أيها الفتى البربري، اللغة العربية هي لغتك كما هي لغة أبي علي القالي وهو من الأرمن، كما هي لغتي أنا الذي تجري فيه دماء العرب والبربر والقوط". ما الذي يدفع رجلاً أمازيغياً إلى عشق لغة الضاد؟ وأين حقوق الأمازيغ الثقافية في هكذا عبارة؟
-
بالعودة إلى فترة دراستك ومن ثم عملك مع الملك محمد السادس... كيف تقيّم تلك المرحلة الآن وأنت خارج منظومة السلطة؟
"الليبرالية الجديدة أخفقت، ولا بد للدولة من أن تضطلع بدورها في التوازنات الاقتصادية والاجتماعية"لكن يبقى التحدي الأكبر وهو تغيير البنية الذهنية وهو ما لم يتحقق ولا أحد في المغرب يتستر عن فشل المنظومة التربوية وهذا تحدٍ ليس فقط بالنسبة إلى الحكومة أو لمَن يزاول الحكم بل هي قضية المغاربة بمختلف مشاربهم: كيف نستطيع أن نبني إنسانا يعيش عصره؟ وهذا ليس بالأمر الهين أمام تأثير الاتجاهات التقليدية والمحافظة.
-
هل يمكن وصفك بالمثقف الذي زهد بالسلطة أم أن السلطة لم تحتملك؟ لماذا خرجت بالضبط؟
-
من حركة 20 فبراير عام 2011 إلى حراك الريف... أي واقع يعيشه المغربيون اليوم وما الذي ينبغي تغييره؟
حسن أوريد عن حركة 20 فبراير 2011 وحراك الريف: القديم في طور الاحتضار أو الموت والجديد لم يولد بعد، وينبغي أن نحسن قراءة رسائل هذه الحركات الاعتراضية
حسن أوريد لرصيف22: العالم العربي يشكو من أنظمة قوية ودول هشة، والتحدي الأكبر هو ترسيخ بنية الدولة كأداة لصالح المجتمع بكل أطيافه وليس لطيف أو أقلية، وهذا أهم من العمليات الانتخابية، فالانتخابات لا تصنع ديمقراطية
حسن أوريد لرصيف22: الربيع العربي رفع مطلب الدولة المدنية... ولن يكون هناك تحديث ولا مواطنة في غياب الدولة المدنية و لا يمكن أن تتأرجح المجتمعات بين خياري الدولة الإسلامية أو الحكم العسكري20 فبراير تحيل إلى دور الشباب ومطالبهم المشروعة. هناك مطالب من لدن الشباب في المشاركة السياسية وفي الشغل وفي الكرامة وهذه قضايا لا يمكن بحال تجاهلها بغض النظر عن الحركة هل هي متوقدة أم توارت، هذا لا يهم. حراك الريف يذكّر بأن هناك مشكل "حكامة"، أي بما تسمونه أنتم في الشرق "الحكم الرشيد". هناك خلل في الإدارة في البنيات الوسيطة، مثلما أن هناك خللاً في النموذج التنموي. الشباب الذين خرجوا في الحراك طالبوا بمطالب اجتماعية وحقوقية مشروعة. فما معنى أن تقيم مشاريع ضخمة لا يكون لها أثر على السكان؟ ينبغي أن نتحلى بالجرأة وأن نقول إن الليبرالية الجديدة أخفقت وإن ما كان يُسمّى بـ"توافق واشنطن" الذي يدعو إلى خصخصة الدولة وانسحابها عن القطاع الاجتماعي والاكتفاء بدور المسهل، هذا التوافق أخفق كذلك. لا بد للدولة أن تضطلع بدورها في التوازنات الاقتصادية والاجتماعية.
-
مَن يتحمل مسؤولية عدم تحقيق ما قلته؟
-
هل يمكن القول إن الملك محمد السادس والنظام المغربي بشكل عام نجحا في احتواء ثورات الربيع العربي؟ كيف احتوى النظام المطالبين بالتغيير؟ ولماذا حدث ما حدث في منطقة الريف مؤخراً؟
-
هل أحاديثك عن الإصلاح والإسلام السياسي والأمازيغية كان ممكناً وأنت داخل منظومة السلطة؟ وهل يمكن لرجل السلطة أن يعبّر عن هموم الناس ويفكر بحرية في الإصلاح السياسي؟
"العالم العربي ينظر إلى ذاته نظرة منمّطة ولا ينظر إلى العناصر المغايرة المكوّنة للعالم والتي يمكن أن تكون عناصر غنى"أثناء تقلدي للمسؤولية، لا يمكن لشخص أن يزعم الاستئثار بالرأي. هناك أفكار تُطرح، ثم يتم الإعلان عنها وتصبح عندها ملكاً للدولة، وهذه الأفكار لا ترتبط بشخص أو بأشخاص في نهاية المطاف وإنما بالمنظومة. اللحظة الثالثة في مساري هي حينما تحللت من المسؤولية وهنا أزاوج بين أمرين قد يبدوان متعارضين: الجانب النقدي، وما يرتبط به من حرية ولكن كذلك مع المسؤولية. نحن نمرّ ليس في المغرب وحده بل في المنطقة كلها بفترة اضطرابات تشبه الاضطرابات الجوية ولا يمكن أن أسمح لنفسي بأي فعل يمكن أن يؤثر سلباً على البيت الذي نسكنه. أنا لست باحثاً أجنبياً أدرس المغرب ولا مستشرقاً، نعم أنا أستاذ علوم سياسية لكن شأن المغرب يهمني كمغربي ومن واجبي أن يتم الانتقال في هدوء ويسر وبأقل التكاليف الممكنة.
-
ما المطلوب إصلاحه في النظام السياسي المغربي لتتحقق ديمقراطية حقيقية؟
-
هل تقلقك أحزاب الإسلام السياسي في دولة مثل المغرب؟ كيف تقرأ تجاربها؟ وكيف تنظر إلى سياسات "المخزن" الهادفة إلى احتوائها والتأثير فيها، كما حصل مؤخراً مع "العدالة والتنمية"؟ وهل إضعاف الأحزاب يخدم الحياة السياسية أم يدفع الناس إلى الكفر بالتغيير السلمي؟
"ينبغي أن نحافظ في المغرب على اللغة الفرنسية، فهي لا تشكل عبئاً إلا لمَن ينظر إلى الأمور نظرة إيديولوجية"وفي ما يتعلق بسياسة المخزن، بصراحة لست مخولاً لأن أصدر حكماً. وضعي الآن أن أفهم وكي أفهم ينبغي أن أكون ملماً بكل الجوانب ولست ملماً بكل الجوانب.
-
ما هي حظوظ الإسلاميين الجهاديين في دولة مثل المغرب؟ ما العوامل التي تساعدهم على الانتشار وجذب أشخاص وما العوامل التي تلعب ضدّ ذلك؟
-
على مستوى الحريات، ما أبرز ما يجب تغييره في المغرب؟
-
بين الإسلام السياسي والأنظمة العسكرية. هل فعلاً لا تملك شعوب العالم العربي سوى هذين الخيارين للحكم؟
-
هل هناك في ثقافة العرب ما يعيق التغيير واللحاق بركب المجتمعات الحديثة؟
-
هل تعتقد أن الدول الغربية وتحديداً دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا تخشى من الديمقراطيات العربية، وتفضل التعامل مع أنظمة سلطوية تستطيع ضمان تنفيذ الاتفاقيات التي تعقدها معها؟
-
تاريخ علاقة فرنسا بالمغرب، الثقافة العربية والثقافة الفرنكوفونية في المغرب... كيف تحضر هذه الثنائيات حالياً في حياة المغربيين... ما هي آثارها السلبية وما هي آثارها الإيجابية؟
-
كمثقف وكمواطن وكسياسي مغربي كيف تنظر إلى قضية الصحراء الغربية. ما السبيل برأيك لإنهاء هذا الصراع على أسس عادلة ترضي جميع الأطراف؟
بطاقة تعريف: من هو حسن أوريد؟
حسن أوريد مفكر مغربي حداثي وشخصية سياسية وأدبية بارزة في بلاده. ولد في قرية تازموريت الأمازيغية عام 1962. نشأته في أسرة متواضعة لم تمنعه من أن يتقاسم والملك المغربي محمد السادس (ولي العهد آنذاك) مقاعد الدراسة في المدرسة المولوية الخاصة بالأمراء. تقلد أوريد مناصب سامية في البلاط المغربي، إذ شغل منصب أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي في المغرب ثم عُيّن والياً لإقليم مكناس تافيلالت ليعود بعدها إلى القصر الملكي بصفته مؤرخاً للمملكة. بعد تركه للمناصب السياسية في بلده، عاد أوريد إلى المشهد السياسي والثقافي العام من خلال التدريس والكتابة. تنوّعت كتابات أوريد بين البحث التاريخي والاجتهادات الفكرية والإبداعات الأدبية والترجمة وأهم إصداراته كتاب "مأزق الإسلام السياسي" بالفرنسية و"جذور الوهن العربي" أيضاً بالفرنسية، و"أفول الغرب" باللغة العربية. وفي الإبداع الأدبي أصدر أوريد العديد من الروايات كان آخرها ربيع قرطبة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...