أقفلت وزارة الداخلية والبلديات في لبنان باب تقديم طلبات الترشح للانتخابات النيابية التي ستجري في السادس من شهر مايو المقبل، فيما أعلنت المديرة العامة للشؤون السياسية واللاجئين في الوزارة فاتن يونس في مؤتمر صحافي أن عدد الذين تقدّموا بطلبات ترشّحهم بلغ 976 مرشحاً، بينهم 111 سيدة.
وتكتسب الإنتخابات التشريعيّة في لبنان هذا العام أهميّة كبرى لأنها الأولى المنتظَر إجراؤها منذ العام 2009، بعدما مدّد المجلس النيابي لنفسه مرتين، بالإضافة إلى اعتماد قانون انتخاب جديد أدخل النسبيّة للمرة الأولى.
نسبة المرشحات الأعلى منذ العام 1953
بلغ عدد المرشّحات للمجلس النيابي هذا العام 111. يبدو الرقم ضئيلاً كونه يمثل 11.3% تقريباً من مجموع المرشحين، إلا أن النسبة تُعدّ مرتفعة إذا ما قارنّاها مع نسب المرشّحات في الدورات الماضية والتي بلغت في أحسن حالاتها 6.2% في العام 2013 حين ترشّحت 44 سيّدة من أصل 705، لكن الإنتخابات لم تجرِ حينها. أمّا نسبة النساء اللواتي ترشحن في آخر انتخابات، في العام 2009، فبلغت 5.8% حين ترشحت 12 سيّدة من أصل 702 لتفوز 4 منهن فقط.أعلى نسبة مرشحات للانتخابات البرلمانية منذ حصول المرأة اللبنانية على حقوقها السياسية... ما الذي اختلف؟
أبناء الزعماء يشاركون كذلك في السباق الانتخابي على قاعدة ابن الزعيم زعيم
بين"وريثات" ومغرّدات خارج السرب
لا تُعتبر المرأة اللبنانية مشارِكة فعليّة في السياسة اللبنانية أقلّه على صعيد دخول البرلمان، إذ يحتلّ لبنان المرتبة 180 عالمياً والـ15 عربياً في نسبة مشاركة النساء في البرلمانات، بعدما اقتصر عددهن -منذ العام 1953 تاريخ إقرار حق المرأة بالانتخاب والترشح حتى يومنا هذا- على عشر برلمانيات فقط. وعلى الرغم من أنّ لبنان لا يعتمد قانونياً التوريث السياسي إلّا أنّ جميع النساء، باستثناء غنوة جلول، دخلن البرلمان من باب "الأب" أو "الزوج". (تفاصيل أكثر حول النساء اللواتي ورثن السياسة في لبنان تجدونها في هذا الموضوع). ويضمّ البرلمان الحالي، الذي يتألف من 128 نائباً، أربع سيدات فقط، هن بهية الحريري (شقيقة رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري) وستريدا جعجع (زوجة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) ونايلة تويني (ابنة النائب السابق جبران تويني) وجيلبيرت زوين (ابنة النائب والوزير الراحل موريس زوين). ولكن يبدو أن المرأة اللبنانية هذا العام تريد أن تكسر صورة "الوريثة السياسية"، إذ تضمّنت لائحة المرشحات عدداً من النساء الآتيات عائلات لم نعتد حضورها في المجلس النيابي، وإن جاء ترشيح بعض هذه الأسماء من قبل أحزاب شاركت في تكريس التوريث السياسي. ونذكر هنا مرشحة حزب القوات اللبنانية مذيعة الأخبار جيسيكا عازار، بالإضافة إلى الإعلامية بولا يعقوبيان، التي انضمت إلى حزب ظهر مؤخراً في لبنان يُدعى حزب سبعة والعديد من النساء الأخريات اللواتي ترشحن بشكل فردي أو ضمن ما بات يُعرف بالمجتمع المدني.... وابن الزعيم زعيم
من السهل في لبنان حفظ أسماء النوّاب الجدد بعد كل دورة إنتخابيّة، إذ غالباً ما تحضر الوجوه نفسها أو في أحسن الأحوال العائلات نفسها. وتُدار السياسة في البلاد، ومنذ العام 1920 تاريخ إعلان لبنان الكبير، حتى يومنا هذا من عائلات إقطاعية كبيرة انتهجت التوريث السياسي بالإضافة إلى سياسين لم يدخلوا من باب التوريث ولكنّهم تحوّلوا إلى زعماء طوائف (بعد الحرب الأهلية) فاحتفظوا بمواقع دائمة في كل دورة انتخابية. وعلى الرغم من بروز بعض الشخصيات الجديدة هذا العام، والحديث عن مرشحي "المجتمع المدني" الذي عزّز وجوده بعد تحرّكات مطلبيّة عدّة أبرزها كان تحركات العام 2015 على خلفيّة أزمة النفايات في لبنان، يبدو أنّ العائلات السياسية الكبيرة لا تزال مقتنعة بأن ابن الزعيم حتماً زعيم. وعند الحديث عن العائلات الإقطاعية، التي ارتبط اسمها بالتوريث السياسي في لبنان، يتبادر إلى الذهن مباشرة آل جنبلاط وآل فرنجية وآل كرامي وآل الأسعد وآل إرسلان الذين كان لهم تمثيل سياسي شبه دائم في المجالس النيابية السابقة. وهذا العام يشارك في الانتخابات طلال إرسلان (ابن الوزير السابق مجيد ارسلان)، طوني فرنجية (ابن النائب سليمان فرنجيه)، تيمور جنبلاط (ابن رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط)، فيصل كرامي (ابن الرئيس عمر كرامي)، علي صبري حمادة (ابن رئيس مجلس النواب الأسبق صبري حمادة) وأحمد الاسعد (ابن رئيس مجلس النواب الأسبق كامل الأسعد). كما نجد أسماء من خارج الإقطاع لكنّها اعتمدت منطق التوريث السياسي، مثل سعد الحريري (ابن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري)، بهية الحريري (شقيقة الرئيس رفيق الحريري)، جبران باسيل (وزير الخارجية الحالية وصهر رئيس الجحهورية)، شامل روكز (صهر رئيس الجمهورية كذلك)، أسامة سعد (ابن النائب السابق معروف سعد)، ميشال تويني (ابنة النائب السابق جبران تويني) واللائحة تطول. وبعيداً من التوريث السياسي، ثمة وجوه ارتبطت بالمجلس النيابي لكثرة إعادة انتخابها. نذكر على سبيل المثال رئيس حركة أمل نبيه بري (رئيس مجلس النواب الحالي منذ العام 1992)، محمد رعد، علي عمار، نواف الموسوي، ياسين جابر، حسن فضل الله، بطرس حرب واللائحة تطول هنا أيضا. كان اللوم في موضوع تكرار الوجوه والأسماء نفسها يُلقى بدوره على قانون الانتخاب "الأكثري" الذي لا يضمن التمثيل الحقيقي للشعب، لكن انتخابات هذا العام ستجري وفق قانون جديد اعتمد النظام النسبي وتقسيم لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، إلى جانب إقرار الصوت التفضيلي على أساس القضاء (الدائرة الإدارية)، فهل تتغيّر الوجوه؟رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
أحمد لمحضر -
منذ ساعتينلم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ يومينالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 3 أياموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري