شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
العرب يترقبون

العرب يترقبون "أوسكار الحرب الأهلية" في "الإهانة" و "آخر الرجال في حلب"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأحد 4 مارس 201810:23 م
تتجه أنظار العرب إلى حفل توزيع جوائز مهرجان «الأوسكار» الليلة، لا سيما مع وصول فيلمين عربيين إلى القائمة النهائية للترشيحات، أحدهما درامي طويل والثاني وثائقي، لكنْ كلاهما يحكي سيرة التفاصيل الصغيرة الغائبة دوماً على هامش الحروب والصراعات الأهلية. ويأتي الحدث وسط آمال كبيرة بنجاحهما في حصد جائزة، فالأول (القضية رقم 23 – الإهانة) لمخرجه اللبناني زياد الدويري، والثاني (آخر الرجال في حلب) وثائقي لمخرجه السوري فارس فياض. المفارقة في كونه أول ترشيح لجائزتي أوسكار لفيلمين من دولتي جوار ارتبطتا تاريخياً ببعضهما بعضاً لفترات طويلة من الوقت، فيما الخطوط العامة للفيلمين تروي آثاراً حية لحرب أهلية مضت، وأخرى ما زالت تسيل دماء أهلها بين مطرقة النظام وسندان الفصائل. وإلى جانب «الإهانة»، تضم قائمة المنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي، أفلام: (الميدان، بلا حب، عن الجسد والروح وامرأة رائعة). أما «آخر الرجال في حلب» فينافسه في قائمة الأفلام الوثائقية: (أباكوس: صغير للسجن، وجوه أماكن، جزيرة قوية وإيكاروس).

«الإهانة»... جراحة حرجة في تاريخ الحرب الأهلية

«الصراع شخصي وسياسي... بالنسبة إلى المشاهد الذي لم تكن لديه معرفة كبيرة بهذا الصراع الذي بدأ في منتتصف السبعينيات، وحوّل بيروت من رمز الأناقة المتوسطية إلى مرادف للفوضى في الشرق الأوسط، فإن (الإهانة) هو درس تاريخي رائع. وهو أيضًا تذكير بأن الاستياء والكراهية لا تنحسران بالضرورة عندما يتوقف القتال. الناس لديهم ذكريات طويلة، وكذلك الجماعات التي تكمن هويتها جزئياً في رؤية بعضهم بعضاً كأعداء»... هذا رأى الناقد السينمائي الأميركي، أنتوني أوليفر سكوت، في قراءته الفيلم. شخصيتا الفيلم الرئيسيتان، مسيحي ومسلم، تكره إحداهما حتى قبل أن تلتقيا، الأولى طوني (عادل كرم)، صاحب مرأب لإصلاح السيارات، ويعيش مع زوجته الحامل في منطقة فسوح ذات الغالبية المسيحية. ومع توالي المشاهد، على مدار ساعة و52 دقيقة، ندرك أن طوني متعصب سياسياً وحزبياً، فهو دائم الاستماع إلى خطب السياسي الراحل، بشير الجميل، الرئيس اللبناني المُغتال 1982، والقائد العسكري للقوات اللبنانية. في حين يعيش المهندس ياسر (كامل الباشا)، وهو الشخصية الثانية، في مخيم فلسطيني للاجئين. وذات يوم يمر بتكليف في المنطقة التي يعيش فيها طوني، فتتساقط مياه من شرفة الأخير خلال سقايته الزرع، عليه. ينشب خلاف بينهما، يتصاعد وينتقل إلى ساحات المحاكم. وفي خلفية الحدث العارض، تتداعى مشاهد الحرب الأهلية. وبسلاسة سرد درامي تلقائي بسيط، تتنامى وتيرة تفاعلات حوادث «القضية رقم 23» حتى تصبح قضية رأي عام. كلاهما مثل لمواطنين صالحين، لكنهما مثقلان بالضغائن والغضب تجاه بعضها بعضاً. في لحظة ما، يودان التراجع عن الخلاف، لكن ما العمل إذا كانا تحت ضغوط دوافع «الانتقام» من الدوائر المحيطة بهما؟ ربما يشعل نيران ذلك مآسي الحرب التاريخية، يتجنب اللبنانيون والفلسطينيون الخوض فيها إلى يومنا هذا، أملاً بسلام عام، ولو علناً في الأقل. يقول الناقد سكوت: «هذا التوتر الداخلي يوضح أن المسائل الشخصية ليست منفصلة عن الشواغل السياسية وليست متطابقة معها. في لحظات عدة، تتوقع حلاً عاطفياً، عناقاً أو مصافحة، لكن ذلك سيكون كذبة. الحقيقة الأكثر تعقيداً، هي أن كل من يحمل ضغينة يفعل ذلك لسبب، والتخلي عنه يعني فقدان شيء ثمين».

في مصيدة «التطبيع»

على الرغم من تأهل الفيلم للفوز بجائزة «الأوسكار»، وفوزه بجائزة أفضل مُمثل في مهرجان البندقية السينمائي، إلّا أنه واجه انتقادات واسعة على مستوى المنطقة العربية، وسط دعوات إلى مقاطعة مشاهدته. الدعوات جاءت مصحوبة باتهامات لمخرج العمل اللبناني الفرنسي، زياد الدويري، بـ «التطبيع»، كونه صوَر مشاهد من فيلمه السابق (الهجوم) في إسرائيل. وفي مطار بيروت، تعرض «الدويري» للتوقيف في سبتمبر الماضي عند قدومه إلى بلاده لحضور عرض فيلمه. وقتذاك، أحيل على المحكمة العسكرية قبل أن تخلي سبيله من دون اتهامه بشىء. بالوتيرة ذاتها، أطلق مناهضون للتطبيع مع إسرائيل حملات لمقاطعة الفيلم عند طرحه ضمن برنامج سينما «زاوية» للأفلام. وعلى الرغم من انتقادات عدة ومطالبة اتحاد كتاب مصر الذي أصدر بيانًا برفض العمل، إلّا أن من المقرر عرض الفيلم في القاهرة بعد مهرجان الأوسكار. وفي تونس، وقعت مشادات بين الأمن والجالية الفلسطينية على هامش عرضه في الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان أيام قرطاج السينمائي.

«آخر الرجال في حلب»... عمّا بقي من الإنسانية

«عندما تحصل أزمة دولية مدمرة، فلا مفر من ظهور أفلام وثائقية حولها...  يقدم فياض في (آخر الرجال في حلب) صورة فورية مباشرة عن متطوعي (الخوذ البيض) في الدفاع المدني السوري على خط المواجهة... قد لا يكون الفيلم الأكثر تفسيراً أو تحليلاً شاملاً للحرب، إلّا أنه يعطي المشاهدين الحس الأكثر حيوية وتعاطفاً حول الشعور بالحياة (والموت) خلال مذبحة»... بحسب الناقد البريطاني، جاي لودج، في مراجعته الفيلم. يتناول «آخر الرجال في حلب» تفاصيل الحياة اليومية للعاملين في الدفاع المدني في مدينة حلب السورية، أو ما يعرف بفريق «الخوذ البيض»، خلال عامٍ من الحرب والقصف المكثف على المدينة بين عامي 2015-2016. واستغرق العمل على الفيلم الوثائقي 3 سنوات، حيث بدأت التحضيرات منذ 2013، ليبدأ تصويره بالتعاون مع مكتب حلب الإعلامي، وسط أجواء حرب حقيقية، في الجزء الشرقي من مدينة حلب وقت كانت خاضعة لسيطرة المعارضة، قبل أن تسيطر عليها قوات النظام السوري من جديد. وركز على حياة عاملَين من الدفاع المدني، هما خالد ومحمود، حيث رصد تحركاتهما اليومية وكيفية أدائهما عملها، وطريقة تعاملهما مع أسرتيهما وواقعهما، بما تحمله هذه اليوميات من تناقضات، تشبه قصص كثر من السوريين ممن يعيشون تحت نيران الحرب. ولم يتطرق «آخر الرجال في حلب» إلى المعارك التي كانت تدور في المدينة، فجاءت حدثاً هامشياً لم يذكر. ويقول المخرج فياض لـ DW عربية: «لم نتطرق إلى هذه الموضوعات لأن من شأنها أن تشوش على ما أردنا أن نقوله ونركز عليه، وهو العمل الإنساني، والحياة القاسية لمن اختار البقاء في بيته وأرضه، أردنا أن نقدم فيلماً يتحدث عن الإنسان فقط، لا عن الحرب، وكيف يعيش الإنسان في الحرب، فاليوم عندما تذكر سوريا يتبادر إلى أذهان الناس القاعدة وداعش فقط، لا أحد ينتبه إلى أن هناك بشراً يريدون العيش بحرية». ويرى نقاد أن من الأفلام القليلة التي تناولت الأوضاع في سوريا بشكل حرفي... العام الماضي، فاز «رجال الخوذ البيض»، من إنتاج بريطاني، بجائزة الفيلم الوثائقي القصير، وهو يتناول حياة رجال الدفاع المدني.

في مرمى نيران روسيا... وحظر «ترامب»

لم يسلم فياض وأفراد من طاقم الفيلم، من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حظر دخول المسلمين الولايات المتحدة. تعرقلت عملية دخولهم البلاد لفترة من الوقت قبل أن يضغط ناشطون وصناع سينما للسماح بحضور حفل توزيع جوائز الأوسكار، في وقت تسود أجواء متفائلة بنجاحه في حصد جائزة.     وخلال وجوده في نيويورك، حضر مخرج العمل جلسة نقاش تخللها عرض الفيلم في المقر الرئيسي للأمم المتحدة، في حضور عدد من ممثلي البعثات الديبلوماسية في المنظمة. وهو ما أثار استياء البعثة الديبلوماسية لروسيا، الحليف الرئيسي لنظام بشار الأسد في سوريا. ووصفت البعثة العمل بأنه «بروباغندا».
وقالت البعثة، في حسابها على «تويتر»، أنه «بروباغندا» وليس عملاً وثائقياً، إنه تفسير خاطئ وخطير للنزاع في سوريا من خلال إشادته بـ «الوايت هيلمت» الذين على علاقة وثيقة بالمجموعات الإرهابية.       وفي تصريحات لمجلة «فاريتي» الأميركية، رد «فياض» على وصفه من وسائل إعلام روسية بأنه «متعاطف إرهابي»، وقال أن موسكو تبذل جهوداً إعلامية ليس فقط لتشويه الفيلم، بل لتقليل فرص الفوز بالأوسكار وحرية صناع الأفلام. وأضاف: «(الفيلم) أكبر مني كمخرج... الأمر يتعلق بحظر الحقيقة وحظر حرية التعبير».

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard