قامت وزارة الثقافة المغربية بسحب لوحة تشكيلية للفنانة المغربية خديجة طنانة من معرض للأعمال الفنية مقام بمدينة تطوان.
جسد العمل عدداً من الأوضاع الجنسية بطريقة "كاماسوترا"، وأوضاع أخرى مستوحاة من كتاب "الروض العاطر في نزهة الخاطر"، لمحمد النفزاوي.
ورغم أن طنانة كانت قد عرضت العمل نفسه بمدينة الدار البيضاء دون أن تواجه أية مشاكل، إلا أنه مُنع في تطوان لأسباب غير معلومة، لتضع الفنانة بعد ذلك لاصقا على فمها، وترفع لوحة مكتوب عليها "لا إبداع دون حرية"، و"لا لقمع الحريات".
لم تصدر أي جهة رسمية بيانا عن سبب منع لوحات طنانة من المعرض الذي من المقرر أن يظل فاتحاً أبوابه للحضور حتى 14 أبريل المقبل، وهو تحت إشراف وزارة الثقافة، ومن تنظيم مشترك بين المركز الثقافي الإسباني الإسباني والمعهد الثقافي الفرنسي ورواق الفن المعاصر في مدينة تطوان.
عقب المنع، سجلت الفنانة لقاء قصيراً عن مشروعها الفني، وعن أبعاد اختيارها لمواضيعها.
كما تضامن عدد كبير من الفنانين والمثقفين المغاربة مع الفنانة التشكيلية على صفحتها على فايسبوك معتبرين ماحدث من منع للوحتها ردة فكرية تمثل تتابعا لانتكاس التعبير عن حرية الرأي والتعبير في المغرب بصفة خاصة والوطن العربي بشكل عام.
"الأمر بات مقلقاً، تعاملنا الدولة كأطفال، افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا"، كما تقول طنانة لرصيف22.
وتؤكد: "الدولة مُسيرة من طرف حزب العدالة والتنمية وهي ذات مرجعية دينية لا تعتبر من التيار الديني المتشدد لكن لا تؤمن بالحريات الفردية لذلك تحاول أن تعرقل المكتسبات التي صارعت القوي التقدمية لتحقيقها".
وتتابع: "الواقع أنّ هناك تراجعاً خطيراً، بالكاد رفعنا أرجلنا لنخطو خطوة في اتجاه الأمام، حتى تمّ تكسير أرجلنا وإرجاعنا خطوات إلى الوراء، وكأننا لم نصل للقرن الـ21 بعد".
في معظم لوحاتها تحاول الفنانة المغربية كسر التابوهات المتعلقة بجسد المرأة والنظر للعلاقة الجنسية على أنها من المحرمات بل يجب تعليمها في المدارس حتى يتثنى القضاء على مشكلات أخرى ناتجة عن التعصب والجهل الجنسي.
مكان ما كرسته مجتمعاتنا من خوف وتنافر، تعيد خديجة طنانة في فنها ابتكار إلفة وحميمية بين الرجل والمرأة، وبين الحب والجسد
"من خلال فني أحاول التأكيد على أن الجنس "تابو" يجب إعادة النظر في فكرتنا عنه"، طنانة رداً على منع لوحاتهاقد يخفى على البعض اندراج فنّ طنانة في مسيرتها التي شهدت أكثر من دعوة للانفتاح والمساواة، فكانت فعالة في حزب الاتحاد الإشتراكي ضد الظلم، والفقر والتمييز الجنسي، وكما تقول عن نفسها وعن شريكاتها في هذه المرحلة: "كنا نحلم بعالم أفضل".
ما هي أسباب المنع؟
"لم يكن هناك أي دلائل على إثارة موضوع اللوحة أي مشكلات سوى بعد تحذير من وزارة الثقافة للقائمين على العرض بأن يقوموا بإزالة اللوحة، وإلا سيأتون لنزعها بأنفسهم وهو مادفع القائمون على المعرض بإزالة اللوحة". تقول طنانة لرصيف22. وتضيف "بحكم أعمالي التي يعتبرونها جريئة فأنا لا أدعى للمشاركة في المعارض التي تقام في المغرب عامة وفي تطوان خاصة، وهي المدينة التي ولدت فيها وأعيش فيها منذ 8 سنوات". [caption id="attachment_139323" align="alignleft" width="700"] من أعمال الفنانة[/caption] ولأول مرة دعيت للمشاركة في معرض نسائي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس الجار، وجاءت الدعوة من طرف المركز الثقافي الفرنسي، وليس من جانب مؤسسة مغربية فكانت النتيجة هذا المنع غير المبرر، كما تقول الفنانة. وبرأي طنانة فإن المغرب يسير في طريق ظلامي يتزعمه حزب العدالة والتنمية الذي يرفض أي تغيير تكون حرية الرأي والتعبير أساسا له.بعد منع لوحاتها بسبب التحفظ على موضوعاتها الجنسية، تقول الفنانة طنانة "الأمر بات مقلقاً، تعاملنا الدولة كأطفال، افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا"
"الأمر بات مقلقاً، تعاملنا الدولة كأطفال، افعلوا كذا ولا تفعلوا كذا"، كما تقول طنانة لرصيف22.
وتؤكد: "الدولة مُسيرة من طرف حزب العدالة والتنمية وهي ذات مرجعية دينية لا تعتبر من التيار الديني المتشدد لكن لا تؤمن بالحريات الفردية لذلك تحاول أن تعرقل المكتسبات التي صارعت القوي التقدمية لتحقيقها".
وتتابع: "الواقع أنّ هناك تراجعاً خطيراً، بالكاد رفعنا أرجلنا لنخطو خطوة في اتجاه الأمام، حتى تمّ تكسير أرجلنا وإرجاعنا خطوات إلى الوراء، وكأننا لم نصل للقرن الـ21 بعد".
في معظم لوحاتها تحاول الفنانة المغربية كسر التابوهات المتعلقة بجسد المرأة والنظر للعلاقة الجنسية على أنها من المحرمات بل يجب تعليمها في المدارس حتى يتثنى القضاء على مشكلات أخرى ناتجة عن التعصب والجهل الجنسي.
تجسيد معاني الحب من خلال الجنس
تقول طنانة "أنا فقط من خلال فني أحاول التأكيد على أن الجنس "تابو" يجب إعادة النظر في فكرتنا عنه مرة أخرى، والأسلوب الفني هو ما أقدر عليه للتعبير عن تلك الفكرة، فالكبت الجنسي في مجتمعاتنا هو ما يولد جرائم كالاغتصاب والتحرش مثلاً". في لوحتها المكونة من 245 قطعة في شكل "خميسات" صغيرة (على شكل اليد)، تحوي أوضاعاً جنسية مختلفة، بطول 175 مترا، أرادت طنانة تجسيد معاني الحب من خلال "الجنس". وبحسب طنانة فالرجل والمرأة في مجتمعاتنا نشأ كل منهما، منعزلاً، على التنافر والخوف من الطرف الآخر، وهي معتقدات تعكسها حتى الأمثال الشعبية، مثل "خاف من الذكير ولو يكون قد الفير" (اخش الذكر ولو كان في حجم فأر)، وهي كلها مقولات تدعم فكرة خوف المرأة من الرجل، والإسلام لم يُحرم "الجنس" بالعكس وضع أسس وقواعد الثقافة الجنسية في مواضع كثيرة."مازال الجنس والجسد وعلاقته بالمرأة يشكل تقاطعات تستوطن فيها كل من السلطة الدينية والرقابة السياسية"
متضامنون في وجه القيود والتقييد
ويعتبر مروان بن فارس وهو ناشط مغاربي مهتم بالشئون الإجتماعية والثقافية أن ما حدث من منع للوحة الفناة التشكيلية خديجة طنانة هو إزدواجية في المجتمع ويقول لرصيف22: "إذا كان منع معرض للصور حول أوضاع الكماسوترا عربية كمادة بصرية، فلماذا لا تُمنع المادة المكتوبة التي جسدها العمل في المكتبات، هل يؤشر هذا السماح في المكتبات أن مجتمعنا لا يقرأ أم أنه يعادي المادة البصرية فحسب". [caption id="attachment_139313" align="alignleft" width="700"] لوحة من أعمال الفنانة[/caption] ويتسائل بن فارس " إذا كان النفزاوي في القرون الوسطى كتب الروض العاطر وبقي لهذا الزمان، في المقابل تُمنع أعمال مصورة لكتاباته فهل هو أكثر تقدمية منا أم أننا نشهد ردة حضارية؟" مضيفاً: "مازال الجنس والجسد وعلاقته بالمرأة يشكل تقاطعات تستوطن فيها كل من السلطة الدينية والرقابة السياسية، وعلاج "تابو" الجنس وعلاجه بالفن يُعد ثورة حقيقية لأنه يُسائل المقدس الديني والسياسي وينتقدهما". و"الكاماسوترا" و"الروض العاطر في نزهة الخاطر"، هما عملان يتناولان علاقة الحياة الجنسية بالرضى والسعادة، في سياقات مختلفة، في الأدب السنسكريتي من الهند وفي التاريخ الإسلامي من تونس. فيتناول الكاماسوترا أوضاعاً جنسية مختلفة تشرح أنواع الجماع والطرق المحببة لذلك. أما الكتاب العربي "الروض العاطر في نزهة الخاطر" للشيخ النفزاوي، فقد جاء في مقدمته أن صاحبه قد ألفه بعد دعوة من حاكم تونس والذي ما إن لاحظ خجله عندما حدثه عن كتابه الأول " تنوير الوقاع في أسرار الجماع"، قال له: " لا تخجل ...أنت واحد من جماعة ليس أنت بأول مـن ألف في هذا العلم، وهو واالله مما يحتاج إلى معرفته ولا يجهله ويهزأ به إلا جاهل أحمق..."، وطالبه بتأليف كتاب يحوي علوم جنسانية أخرى فكان "الروض العاطر". وهو كتاب يقدمه كاتبه على أنه مرجع للثقافة الجنسية. وفي الكتاب أقسام عما هو محمود ومذموم عند النساء والرجال، وعما يعطر أعضاء النساء ويكبر أعضاء الرجال، ، وعن العقم والحمل وقسم عن أسباب الشهوة. وكما يرى الباحث التونسي عبدالرازق القلسي في دراسته "الخطاب الجنساني في "الروض العاطر في نزهة الخاطر" لمحمد النفزاوي"، أنّ ما أدى إلى شهرة هذا الكتاب هو تخليه عما أسماه بالحياء الشرقي، فهو، بحسب ما ما تقدمه المقالة: "يتحرك وفق قطبين كلاهما في الجنس وبالجنس، قطب العمليات الجنسيَّة المتنوعة التي تشير إلى أننا إزاء وليمة جنسيَّة في ذروة شبقيَّة، فاعلوها من الرجال والنساء، وقطب التوصيف الجنساني الدقيق الذي يرتقي بالكتابة الجنسيَّة ذاتها إلى مقام اللذة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع