شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
حكام مصر المثليون جنسياً عبر التاريخ

حكام مصر المثليون جنسياً عبر التاريخ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 16 فبراير 201806:04 م
هناك خلاف أكاديمي حول التعريف الدقيق للمثلية الجنسية، فالجوهريون Essentialists وعلى رأسهم جون بوزويل، John Boswell يرون أن المثلية الجنسية بكافة أنماطها وُجدت في كل زمان ومكان، وهذا هو الرأي الأغلب والأشهر، بينما يرى البنائيون Constructionists بزعامة رودي بلايزRudi Bleys أن المثلية الجنسية مثلها مثل باقي الأنماط الجنسية، تُشيَّد وفقاً للظروف حسب الزمان والمكان. وإنْ اختلفت المدرستان في تعريف الهوية الجنسية، فإنهما تتفقان على حقيقة وجود الفعل الجنسي المثلي في كل زمان ومكان. لذا فإن المثلية الجنسية Homosexuality، وإن كانت مصطلحاً طبياً صك عام 1869، فإن مصطلحي اللواطة Sodomy كفعل جنسي وحب الغلمان Pederasty كنزوع جنسي، استُخدما بالتبادل في العصور الماضية للإشارة إلى الرغبة والسلوك الجنسي المثلي. أما اليوم فالمثلية الجنسية كمصطلح حديث يشير فقط إلى الأشخاص الذين يعون ميولهم ويصنفون أنفسهم مثليين.

1ـ الملك نفركارع

يُعرف أيضاً بـ"بيبي الثاني"، وهو فرعون مصري من ملوك الأسرة السادسة (2284 - 2184 ق.م تقريباً)، عاش في عصر المملكة الوسطى. ويذكر نص مدوّن على ثلاث قطع من البردي، يعود تاريخها إلى فترة ما بين الأسرتين الـ19 والـ12، أن الفرعون نفركارع كانت تربطه علاقة جنسية مع قائده العسكري ساسينيت، ويقول إنه كان "يخرج تحت جنح الليل وحده، ويدخل متخفياً بيت القائد العسكري، ويقضي هناك أربع ساعات، وبعدما يقضي جلالته منه وطره، يعود إلى مكانه". ويؤكد ريتشارد باركنسون، عالم المصريات البريطاني، في دراسته للنص أنه "بالاستناد إلى الدلائل النصية يتبيّن أن مصر لم تعرف أي نوع من التصنيفات الجنسية، ولكن حدوث الممارسات الجنسية بين الرجال كانت معلومة"، مضيفاً أن "الرغبة الجنسية بين الرجال، معترف بوجودها"، ومشيراً إلى أن العلاقة المذكورة في قصة الملك نفركارع وقائده العسكري ساسينيت، الذي لم يكن متزوجاً، "توحي بوجود مشاعر بين الرجال في دوائر الصفوة، وذلك على الرغم من الاستهجان العام لمثل هذه الرغبات".

2ـ أخناتون

ويُعرف أيضاً بـ"أمنحتب الرابع" وحكم مصر بين عامي 1353 و1336 ق.م تقريباً، ويُعَدّ أحد أشهر فراعنة مصر القديمة، وأكثرهم إلغازاً، وهو من ملوك الأسرة الـ18 ومؤسس أول دين توحيدي في التاريخ المكتوب. وصنفته "دائرة معارف المثليين والمثليات جنسياً في التاريخ والثقافة" باعتباره أقدم القادة المعروفين بمثليتهم الجنسية في التاريخ. ويذكر عالم المصريات البريطاني دومينيك مونتيسيرات في دراسته حول هذا الفرعون أنه "لطالما كان أخناتون مدهشاً، والقديس الشفيع لكل الرجال المثليين في العصر الحديث"، وتطرّق إلى جميع النظريات التي تناولت هوية إخناتون الجنسية سواء باعتباره رجلاً مغايراً، أو مثلياً، أو حتى خنثى أو مخصياً، بسبب تكوينه الفيزيولوجي الذي كان أشبه بجسم أنثى لا سيما ثدييه وفخذيه. لكن قرائن كثيرة اضطرت مونتيسيرات، رغم تحفظاته، إلى ألّا يتجاهل مثلية أخناتون التي أثارتها خرطوشة تمثله في وضع غرامي مع وريثه وشركيه في العرش سمنخ كارع، والتي علّق عليها عالم المصريات البريطاني بيرسي نيوبري الذي عمل في تل العمارنة، عاصمة أخناتون الجديدة، قائلاً: "العلاقة الحميمية بين إخناتون والفتى كما يبدو من المشهد المنقوش على هذه الخرطوشة يعيد إلى الأذهان العلاقة بين الإمبراطور هدريان والشاب أنطونيوس". وهوية سمنخ كارع محل علامة استفهام تاريخية كبيرة. ويبدو أنه كان شاباً أمرد وكان يلقب بـ"حبيب أخناتون" وكان يحل محل زوجته نفرتيتي في بعض المناسبات.
كان الفرعون نفركارع يخرج تحت جنح الليل وحده، ويدخل متخفياً بيت قائده العسكري ساسينيت، ويقضي هناك أربع ساعات، وبعدما يقضي منه وطره، يعود إلى مكانه
لما أصبح الوزير، طلع إلى دار الخلافة، ودخل القصر، فقال لبعض الخدام: أين أمير المؤمنين؟ فقالوا له: ابنك نصر يعرف أين هو...

3ـ الظافر بالله إسماعيل

هو الخليفة الفاطمي التاسع (1132 – 1154) وكان له من العمر لمّا تولى حكم مصر 17 سنة. ويصفه المؤرخ المصري ابن إياس بأنه "كان شاباً جميل الصورة، حسن الهيئة، وكان يميل إلى اللهو والطرب". ويذكر أنه كان يهوى فتى يدعى نصر، ابن وزيره عباس، وأنه "كان ينزل إلى بيت الوزير ويبات عنده في غالب الأوقات". كما يسجل ابن إياس أن الخليفة أهدى إلى هذا الفتى في بعض الأيام عشرة آلاف دينار، وصَحْفة (آنية طعام) بلور فيها ألف حبة كبيرة من اللؤلؤ، ولكنه يعلق: "لم يثمر شيئاً من ذلك مع الوزير، ولا ابنه، ولا زالوا على الظافر، حتى قتلوه شر قتلة"، سارداً قصة مقتله: "وكان سبب قتله أن الوزير عباس، لما كثر الكلام في حقه بسبب ابنه نصر، أضمر الغدر للظافر، فلما نزل الظافر إلى بيت الوزير على جاري العادة، وبات عنده، ندب إليه من قتله تحت الليل، ورماه في بئر. فلما أصبح الوزير، طلع إلى دار الخلافة، ودخل القصر، فقال لبعض الخدام: أين أمير المؤمنين؟ فقالوا له: ابنك نصر يعرف أين هو".

4ـ الملك العزيز عثمان

هو عثمان بن صلاح الدين، ثاني ملوك الدولة الأيوبية (1171 – 1200). يذكر المؤرخ المصري ابن تغري بردي ميوله الجنسية المثلية وأنه كان يقاومها بصعوبة شديدة. ومن ضمن المواقف التي كان الملك العزيز يغالب فيها ميوله الجنسية واحداً ذكره ابن تغري بقوله: "كان له غلام تركي اشتراه بألف دينار يقال له أبو شامة فوقف يوماً على رأسه في خلوة ليس معهما ثالث فنظر العزيز إلى جماله وأمره أن ينزع ثيابه وقعد العزيز منه مكان الفاحشة فأدركه التوفيق ونهض مسرعاً إلى بعض سراريه فقضى وطره وخرج إلى الغلام وأمره بالخروج عنه". وجدير بالذكر أن أخيه الملك الأفضل ابن صلاح الدين، ملك دمشق، كانت له ميول مثلية أيضاً، ويذكر المؤرخ المصري تقي الدين المقريزي، شعر غزل نظمه الملك في غلامه تاج المعالي الذي كان يهواه، ويقول فيه: أقضيب يميس، أم هو قدّ/ أو شقيق يلوح، أو هو خدّ/ أنا مثل الهلال خوفاً عليه/  وهو كالبدر حين وافاه سعد.

5ـ الملك المؤيد شيخ المحمودي

هو المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي (1369 – 1421)، حاكم مملوكي، حكم مصر ثماني سنوات. ذكر ابن إياس أنه كان "يميل إلى شرب الراح، واستعمال الأشياء المخدرة، وكان يغني فن الموسيقا، وينظم الشعر" ونسب له قصيدة غزل في الجمال يقول فيها: فتنتنا سوالف وخدود/ وعيون نواعس وقدود/ أسرتنا الظباء وهن ضعاف/ فخضنا لهن ونحن أسود. وذكر ابن إياس: "وله أشياء كثيرة من نظمه دائرة بين المغاني إلى الآن، وكان يقرّب المغاني وأرباب الفن... وكان عنده رقة حاشية، ويحب الخلاعة والمجون، ويحتمل الدقّة إذا جاءت عليه في مجالس الشراب".

6ـ محمد علي باشا

هو الوالي الألباني (1769 – 1849) مؤسس مصر الحديثة. ظلت حياته الجنسية، ومن بعده حياة أبنائه وأحفاده، من المحرّمات التي لا يقترب منها أي مؤرخ مصري، في ظل تولي هذه الأسرة حكم مصر. ولم يُعرف عن "حريم الباشا" إلا القليل مما كتبته الأوروبيات اللواتي اخترقن قصوره واختلطن بنسائه. أما ما نعرفه عن ميوله المثلية فيكاد يكون معدوماً. وأهم شاهد على الحياة الجنسية لأسرة محمد علي كان المستشرق والفنان الفرنسي ذي الأصول الإنكليزية بريس دافين، المعروف باسم أدريس أفندي، والذي عمل في خدمة محمد علي باشا، بدءاً من عام 1829، وكان شاهداً على عصره من داخل أروقة القصور. ونقل في مذكراته الكثير من المسكوت عنه من الوقائع غير المروية في كتب التاريخ التي كتبت في عهد أسرة محمد علي، ويسجل دافين هذه الملاحظة في مذكراته: "قبل حرب المورة، حينما كان إبراهيم باشا حاكماً للصعيد، كتب إلى القاهرة يطلب حضور حريمه. فأرسل إليه الباشا الكبير [محمد علي] بدلاً من نسائه مماليك أحداثاً، قائلاً: إن رجل الحرب لا ينبغي أن يكون له من حريم غير ذلك". كذلك من الثابت تاريخياً أن محمد علي باشا، قام بحظر رقص الغوازي (راقصات الشوارع) وقام بنفيهم، وأغلق بيوت دعارة النساء، ولكنه لم يحظر رقص الراقصين من الذكور (طائفة الخولات) ولا دعارة الغلمان التي تفشت لا سيما في الإسكندرية، وفقاً لشهادة دافين وهو ما تؤكده دائرة معارف المثليين والمثليات جنسياً في التاريخ والثقافة.

7ـ إبراهيم باشا

هو ابن محمد علي باشا والي مصر، وثاني حكام مصر من أسرة محمد علي، (1789 – 1848). يذكر المستشرق الفرنسي بريس دافين، ملمحاً من ملامح الميول المثلية لديه، أثناء مذبحة المماليك الثانية، في عام 1812 عندما أمر بذبح نحو 400 مملوك، ومعهم 200 "عبد" أسود، ولكنه أبقى على مملوك واحد فقط، قابله دافين في ما بعد في أسنا، وتبيّن له أنه "يدين بنجاته إلى ما كان عليه من الصبا والجمال"، إذ أعجب الباشا به واستثناه من الذبح. وكانت غنائم الحرب التي يحصل عليها القادة العسكريون تضم، إضافة إلى الجواري، الغلمان، في عهدي المماليك والعثمانيين.

8ـ عباس باشا الأول

هو ثالث حاكم من أسرة محمد علي، وحفيده (1813 – 1854). كان مثلي جنسياً، ولا يميل إلى النساء، ويذكر دافين في مذكراته: "أما أخلاق عباس، فكانت كأخلاق جميع سلاطين الشرق، حيث يدلل الغلمان أكثر مما تدلل الجواري". ويكشف عن حياة عباس الجنسية الصاخبة، مستطرداً: "لقد كان عباس يستسلم لمجونه في الخفاء، مع مماليكه الذين كان يجعلهم يؤلفون حلقة لإمتاعه، ولكن كرامته كانت تأبى عليه أن يكون الأداة السلبية للذة عبد أو فلاح". ويروي دافين إحدى روايات مصرع عباس باشا، قائلاً: "إن مصرعه كان بأيدي أخوين أراد هذا المستبد الفاجر أن يجبرهما على ارتكاب الفعل الداعر، فرفضا فهددهما بشر العقاب لما يبديان من عصيان، فخشيا أن يحيق بهما مصير عبد كان قد أخصي في الليلة السابقة، وانتهزا في نفس الليلة فرصة سكر الباشا وخنقاه".

9ـ محمد سعيد باشا

هو ابن محمد علي باشا، والحاكم الرابع في أسرة محمد علي (1822 – 1863). كان أكثر أبناء أسرة محمد علي باشا ميلاً لأبناء جنسه. ويذكر المستشرق بريس دافين أنه "حل محل الجيش الذي أرغم السلطان على التسليم جيش من الماجنين. يرى المرء كتيبة فاخرة من الغلمان تمثل دور الجندي أثناء النهار، وتؤدي أدنى أدوار الفجور أثناء الليل". وأدت العلاقة الحميمية التي جمعت بين محمد سعيد باشا وجنوده، إلى أن يحيطهم بامتيازات كبيرة، منها أنه أصدر أمره إلى "مدير مستشفى قصر العيني بعدم فرض طعام المرضى القليل على أي جندي. فالجنود أحرار في تناول جميع ما يريدون وبالقدر الذي يريدون. وبلغ من شدة عطف سموه على جنوده الذين يشاطرونه لذاته أن عين لهم طاهياً خاصاً ومائدة خاصة في المستشفى". ويستطرد دافين دون أن يكتم امتعاضه قائلاً: "لقد جرى سعيد على أن يستخدم أوسمته استخداماً غريباً. ففي ليالي المجون الكبرى يخلع ثيابه ويظل عارياً كجميع غلمانه. فيقلد أحدهم وشاح ‘جوقة الشرف’ والآخر رباط سان موريس أو ‘سان لازار’ أو وشاح ‘البرج والسيف’ البرتغالي، ويلهو بأن ينتهك صاحب الجلالة الإمبراطورة أو جلالة ملك هذا البلد أو ذاك". ويذكر المستشرق أن وظيفة حرس الباشا كانت المتعة قبل الحماية: "في الصباح، يرى المرء نحو ستة من حرس الباشا خارجين من جناحه، وقد أنهكتهم ليلة من المجون أكثر مما ينهكهم نهار من التدريب العسكري". ويضرب المستشرق مثالاً على بذخ الباشا على غلمانه ومماليكه: "يعطي سموه خواتم من الماس وساعات ذهبية لأولئك الذين يخضعون لنزواته. وذات يوم أراد أحد هؤلاء الجنود أن يبيع جوهرة فأدى ذلك إلى اعتقاله على أثر اشتباه الصائغ الأوروبي فيه وظن أن الفتى قد سرقها. فصرح الجندي بأن الباشا هو الذي منحه ذلك الخاتم. ورفعوا الأمر إلى الباشا، فقال: ألست حراً في أن أعطي الهبات لمن أشاء؟".

المصادر والمراجع:

1ـ Anthony Shay, The Male Dancer in the Middle East and Central Asia, Dance Research Journal, Vol. 38, No. 1/ 2 (summer – winter, 2006).

2ـ Bruce Dunne, Middle East: An Agenda for Historical Research, Arab Quarterly, vol. 12, No. 3/4 (Summer/ Fall 1990).

3ـ R. Parkinson, “Homosexual” Desire and Middle Kingdom Literature, The Journal of Egyptian Archaeology, vol. 81, 1995.

4ـ Dominic Montserrat, Akhenaten: History, Fantasy and Ancient Egypt, New York, Routledge, 2005.

5ـ Haggerty, Beynon, Eisner, Encyclopedia of gay lesbian and gay histories and cultures, New York, Garland Publishing Inc., 2000, V. 2.

6ـ ابن إياس، بدائع الزهور في وقائع الدهور، تحقيق: محمد مصطفى، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2008، ج1، القسم الأول. 7ـ يوسف بن تغري بردي، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ، الجزء السادس. 8ـ تقي الدين المقريزي، اتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا، تحقيق: جمال الدين الشيال، القاهرة، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، 1996، الجزء الأول. 9ـ بريس دافين، إدريس أفندي في مصر: مذكرات الفنان والمستشرق الفرنسي بريس دافين في مصر، ترجمة: أنور لوقا، القاهرة، أخبار اليوم، كتاب اليوم، 1991.[/related-posts/]

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image