بكل تأكيد، لم يتوقع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين تولى رئاسة الوزراء في العام 1996، وكان يُعد أصغر رئيس للحكومة في تاريخ إسرائيل، أنه سيجد نفسه يوماً ما وحيداً في مواجهة قضايا فساد تقول كل المؤشرات إنه لن يستطيع الهرب منها مثلما تعود دائماً.
فطوال ثلاثة عقود من العمل السياسي الرسمي اتهم نتنياهو بكل شيء يمكننا تخيله متعلق بالفساد، بدءاً من قبول هدايا لتسهيل مصالح، مروراً بدفع مبالغ طائلة على شراء الآيس كريم، وصولاً لدفع عشرات الآلاف من الدولارات لتخصيص سرير مريح يستلقي عليه أثناء رحلة لا تزيد مدتها عن خمس ساعات إلى لندن.
تمكن نتنياهو من الهرب من أي ملاحقة قضائية، لكن الفضيحة الأخيرة التي يواجهها يمكن وصفها بالأخطر في مسيرته مع الفساد.
أصدرت الشرطة الإسرائيلية يوم الثلاثاء بياناً قالت فيه إنها جمعت أدلة كافية ضد نتنياهو تثبت تورطه في الحصول على رشوة والاحتيال وإساءة الأمانة. يأتي هذا البيان بعد تحقيقات معه استمرت 14 شهراً.
ومن المتوقع أن يفحص المدعي العام في إسرائيل الأدلة، ثم يصدر قراراً بتوجيه اتهامات رسمية لنتنياهو، وإذا حدث ذلك فستبدأ محاكمة الرجل المثير للجدل.
ما هي الاتهامات الجديدة التي يواجهها نتنياهو؟
القضايا الحالية التي تحقق فيها الشرطة مع نتنياهو تحمل عدة أرقام، منها القضية الرقم 1000، وهي التي تسمى بقضية الهدايا، وتشمله هو وأسرته.
تحمل أوراق هذه القضية اتهامات بتلقي هدايا غالية من أغنى أغنياء العالم، من ضمنها نوع باهظ الثمن من عبوات السجائر ومشروبات كحولية ومجوهرات.
بحسب الاتهامات في هذه القضية، فإن شخصيات مهمة مثل منتج هوليوود الشهير أرنون ميلشان قدم هدايا لنتنياهو تتجاوز قيمتها 208 آلاف دولار، أما رجل الأعمال الأسترالي جيمس باكر فقد أهدى إليه هدايا تزيد قيمتها على 112 ألف دولار في مقابل أن يحصل من نتنياهو على إعفاءات ضريبية إسرائيلية، وتأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة.
القضية الثانية تحمل الرقم 2000، وتقول تحقيقات الشرطة إنها تحوي محادثات سرية وصلت إلى بعض وسائل الإعلام بين نتنياهو وأرنون نوني موزيس، صاحب يديعوت أحرونوت التي تعد أشهر الصحف الإسرائيلية.
بحسب هذه المحادثات، فإن نتنياهو وموزيس اتفقا على التضييق على صحيفة منافسة في مقابل أن تخفف يديعوت أحرونوت من هجومها المستمر ضد نتنياهو. وهي الاتهامات التي نفاها نتنياهو وأرنون.
وهنالك قضية أخرى تحمل الرقم 3000، وتتحدث عن صفقة شراء غواصات ألمانية وزوارق هجومية بمئات الملايين من الدولارات، تم التعاقد عليها أثناء فترة رئاسة نتنياهو.
تاريخ من قضايا الفساد
بحسب تقرير حديث نشره موقع The National، فإن هناك فضائح عدة اتهم فيها نتنياهو وعائلته والمقربون منه على مر السنين، لكنه نجح في تخطيها، وخرج منها أقوى، أبرزها اتهام باستغلال النفوذ خلال ولايته الأولى في التسعينيات. وقد تم غلق القضية من دون اتهام رسمي.
كما واجه نتنياهو وزوجته سارة في التسعينيات أيضاً اتهاماً بأنهما يأخذان هدايا من زعماء العالم، برغم أن القوانين الإسرائيلية تعتبر هذه الهدايا من ممتلكات الدولة. كذلك أغلقت هذه القضية من دون توجيه اتهامات رسمية.
هناك أيضاً قضية فساد شهيرة اتّهم فيها نتنياهو بأنه يستخدم أموالاً حكومية لتغطية نفقات سفر شخصية لأسرته، لكن بعد تحقيق مطول، رفض النائب العام الإسرائيلي القضية.
قضية فساد أخرى اتهمت فيها زوجته سارة، تتعلق بسوء معاملة المساعدات اللواتي يعملن في منزلها. وكالعادة أغلقت القضية.
هل انتهت قائمة الاتهامات؟
ليس بعد، ففي العام 2016، زعم تقرير مصرفي رسمي أن نتنياهو أنفق أكثر من 600 ألف دولار من الأموال العامة في رحلة استغرقت ستة أيام إلى نيويورك، منها حوالي 1600 دولار في بند تصفيف الشعر.
كذلك أراد الرجل إنفاق 127 ألف دولار من المال العام لتجهيز سرير مريح له أثناء رحلة إلى لندن، كما أظهرت تقارير صحفية أنه كان ينفق مبالغ طائلة على شراء آيس كريم من محله المفضل في القدس، وصلت قيمة إحدى الفواتير إلى 2700 دولار متضمنةً شراء آيس كريم بطعم الفانيليا والفستق.
تتضمن قائمة الفضائح اتهامات لزوجته بإنفاق مبالغ كبيرة من المال العام على شراء وجبات طعام في مقر إقامة رئيس الوزراء الرسمي.
وشملت قائمة الفضائح نجله أيضاً. ففي الشهر الماضي، ظهر تسجيل لـ يائير (26 عاماً) الابن الأكبر لنتنياهو، وهو في رحلة مع رفاقه الأثرياء لنوادي التعري في تل أبيب، مستخدمين سيارة حكومية ممولة من دافعي الضرائب. كما اتهم أكثر من مقرب منه بتلقي الرشوة.
هل تأثرت شعبية نتنياهو بهذه التحقيقات؟
برغم أن الكثير من المراقبين يعتبرون أن تحقيقات الفساد مختلفة هذه المرة، وقد تطيح الرجل، فإن بعض استطلاعات الرأي الإسرائيلية أظهرت أن قوة حزب الليكود بزعامة نتنياهو لم تتأثر بالأمر، بل العكس. وقد أفاد استطلاع للرأي أجرته القناة الثانية الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الأوفر حظاً لتشكيل الحكومة المقبلة إذا ما جرت الانتخابات العامة، وفي حال فوزه بالانتخابات البرلمانية، ستكون هذه الحكومة الرابعة على التوالي لنتنياهو والخامسة منذ توليه المنصب أول مرة عام 1996.
ووفق استطلاع للرأي، فإن حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو سيحصل على 26 مقعداً في الكنيست من أصل 120.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...