قبل 20 عاماً، وصل الشاب اللبناني Alan Geaam إلى العاصمة الفرنسيّة باريس، محمّلاً بأحلام كبيرة عن حياة أفضل. لم يكن في جيبه سوى ثلاثين يورو، ولم يكن يتقن شيئاً من لغة أهل البلاد.
بعد مرور أكثر من عقدين على وصوله، احتفل آلان بحصول مطعمه على نجمة ميشلين الشهيرة، التي تعني وفق دليل ميشلين المقدّس في عالم المطابخ أن "المكان جيّد يمكنك التوقف عنده في رحلاتك لتناول طعام مُعد على مستوى عال".
تُعرف تلك النجمة كإحدى أهم جوائز عالم الطبخ، وهي أول الطريق إلى النجمات الثلاث التي تُتوّج صاحبها باعتباره "يقدم مطبخاً استثنائياً يستحق رحلة خاصة به لأطباقه المميّزة المصنوعة بمكونات فائقة الجودة".
لكن لاحتفال آلان، ومعه الصحافة العالمية بهذه النجمة، نكهة أكثر خصوصيّة. فالجائزة التي قُدّمت لجودة أطباقه أولاً، هي جائزة كذلك لقصة نجاح بدأت منذ اضطر للنوم مدة أسبوع في الشارع، قبل أن يجد سريراً يأويه بعد يوم طويل يقضيه كعامل بناء، لينتقل مساء إلى غسل الصحون وتوصيل الطلبيّات.
الصدفة التي غيّرت حياته
في العام 1999، ترك آلان إحدى ضواحي طرابلس في لبنان مهاجراً إلى فرنسا. وترك وراءه أهله الذين كانوا يعيشون سابقاً في ليبيريا، ثم اضطروا لتركها بفعل الأحداث الأمنيّة هناك والعودة إلى لبنان، ليجدوا أنفسهم عالقين مجدداً في دوامة الحرب الأهلية اللبنانية.
يقول آلان في حديثه مع "فرانس 24" إنه تعلم أثناء تواجده في المتجر الخاص بوالده، حين كان في العاشرة من عمره، أساليب التجارة، وأخذ عن أمه حبها للناس ولفن الطبخ.
حين كان يعود من مدرسته، لم يكن كغيره من الأطفال مهتماً بمشاهدة الرسوم المتحركة، بل كانت تشغله البرامج المخصصة لتعليم الطبخ. ولم يبدأ بممارسة هوايته تلك، إلا حين التحق بخدمة العلم في لبنان، حيث أُعجب الضابط المسؤول عنه بمهاراته وعيّنه الطبّاخ الخاص به.
قصة نجاح بدأت منذ اضطر للنوم مدة أسبوع في الشارع، قبل أن يجد سريراً يأويه بعد يوم طويل يقضيه كعامل بناء، لينتقل مساء إلى غسل الصحون وتوصيل الطلبيّات...
دخل إلى المطاعم الفرنسية كي يغسل الصحون ويوصل الطلبيّات، وهو يحتفل اليوم بحصول مطعمه على نجمة ميشلين الشهيرة
عند وصوله إلى باريس، المعروفة بجودة مطبخها، لم يكن يحلم بأن يجد له مكاناً في ذاك العالم. دخل إلى المطاعم كي يغسل الصحون ويوصل الطلبيّات، إلى أن أتت الصدفة التي غيّرت مجرى حياته.
في إحدى الأيام، جرح الشيف المسؤول في مطبخ المطعم الذي يعمل به يده. "لم يطلب مني أحد شيئاً، فقد بادرت بنفسي إلى الحلول مكان الشيف، وتلبية طلبات الزبائن"، يقول آلان لـ"وكالة الصحافة الفرنسيّة".
ويضيف "كان هناك حوالي 14 طاولة، الجميع استمتعوا بما قُدّم لهم، وفي نهاية اليوم كان صاحب المطعم متفاجئاً من إمكانياتي".
"أكثر رجال فنّ الطهو هدوءاً في باريس"
"لم أعتقد يوماً أن دليل ميشلين قد يكون مهتماً بأحد مثلي، لا يملك تاريخاً عريقاً في هذا العالم، بل بدأ كغاسل صحون وعلّم نفسه بنفسه"، يقول آلان لـ"وكالة الصحافة الفرنسيّة".
ويضيف "أنا أطبخ لأُسعد الناس"، فيما تشير الوكالة معلّقة بأنه قد أسعد الناس فعلاً، وهذا ما عبّر عنه Gault Millau، أحد أبرز النقاد الغاسترونوميين، الذي كتب بحماسة شديدة عن أحد أطباق آلان.
وكان آلكسندر لوبرانو، صاحب كتاب "Hungry for Paris"، قد تحدث عن ذاك الشيف "اللطيف، الداهية، الذي علّم نفسه بنفسه ليصبح واحداً من أكثر رجال فنّ الطهو هدوءاً في باريس... وصاحب مستقبل لامع".
تتحدث التقارير مادحة بوصفات آلان التي لا تقتصر على أفضل المنتجات الفرنسية، بل تجمع ما حملته ذاكرة الصبي الصغير الذي ترعرع في أفريقيا، وما اكتسبه لاحقاً من عودته إلى بلده الأم لبنان.
وتقول "أ ف ب" إن أكثر الأطباق المفضلة لآلان في هذه المرحلة هي "الإسكالوب المصنوع من Foie gras مع دبس الرمان والشمندر"، وتنقل عنه قوله "أحببت الرمان بشدة منذ كنت صغيراً، لقد صنعت منه عصيراً، واستخدمته بطرق عدة، وأحب إضافة تلك اللمسة اللبنانية الطاغية فيه مع شيء فرنسي شديد الخصوصية كالـ Foie gras".
يتابع آلان الاحتفال بنجمته وما اكتسبه المطعم من شهرة سريعة، إذ لا يتوقف الهاتف عن الرنين، بينما حجزت الطاولات كاملة للأسابيع الثلاثة المقبلة.
يعترف أن انتقادات عديدة توجه لدليل ميشلين مقلّلة من موضوعيته، ولكن على الرغم من ذلك لا يمكن لأحد إنكار تأثير تلك النجمة على سمعة المطاعم، كما فعلت مع مطعم آلان الواقع على بعد أمتار قليلة من قوس النصر الباريسي.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 7 ساعاتيعني اذا اليسا اللي عملت اغاني وفيديو كليبات عن العنف ضد النساء وقال حملت قضايا المرأة العربية، غنت ودافعت عن المغتصب سعد المجرد... قرطة منافقين.
Farah Alsa'di -
منذ 14 ساعةرغم قديه الحادثة موجعة ومؤسفة إلا أني مبسوطة أنه هاي من المرات القليلة تقريباً اللي المجتمع الأردني بوقف فيها مع "المرأة" الضحية... عشان تعودنا يكون الحق عليها دايماً أكيد!
Line Itani -
منذ يومعجيب في بلد ومجتمع "محافظ" زي المصري انه يكون فيه حرمات على أشياء كثيرة بس الموت لا - ودا بس لأن فيها أرض ومصاري..
jessika valentine -
منذ يومالمشكلة هي المجتمع واللغة انبثقت منه وتغذي هذا الفكر الذكوري. لن تتغير اللغة الا إذا نحن تغيرنا. وزيادة على الأمثلة التي قدمتها للغة العربية، الانكليزية ليست افضل حالا فيُقال للقميص الابيض الذي يُلبس تحت القمصان wife beater باللغة الانكليزية، والنق bitching. وعلى سيرة say no، يقول الذكور المتحدثون باللغة الانكليزية no means yes and yes means anal. على الدجاجة أن تكسر قوالب التربية لبيضها الإناث والذكور لان أحدا سواها لن يفعل.
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعit would be interesting to see reasons behind why government expenditure on education seems to be declining -- a decreasing need for spending or a decreasing interest in general?
Benjamin Lotto -
منذ أسبوعجدا مهم البحث