شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
4 روايات عربية تأخذكم إلى عوالم لم يعرفها بشر

4 روايات عربية تأخذكم إلى عوالم لم يعرفها بشر

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الخميس 8 فبراير 201804:18 م

يبحث الناقد شاكر عبد الحميد في كتابه "الخيال من الكهف للواقع الافتراضي"، الصادر عن المكتب المصري للمنشورات والمطبوعات، في ماهية الخيال. ويدعو أن يكون البُعد الخيالي جزءاً من تعاملنا مع الحياة، ومن تربية الطفل، موضحاً في كتابه أن للخيال قيمة لا يمكن تجاهلها، ومفرقاً بين خيال العلماء الذي يقبل أن يكون واقعاً فعلياً وخيال الفنان الذي يبقي صورة مجردة، ولكنها في الوقت نفسه قادرة على فتح نوافذ جديدة لأفكار أكثر إبداعاً، مؤكداً أن الفن بوابة العلم كما أشار إلى آينشتاين الذي تمنّى أن تعامل نظرياته العلمية كقطع الموسيقى أو مقاطع الروايات. والعلاقة بين الخيال والثقافة المكتوبة هي العلاقة الأقدم على الإطلاق، فتذكرنا ملحمة جلجامش ورحلته للبحث عن الخلود بأبرز الأعمال الأدبية الخيالية التي ترتبط بالرحلات.

أما عن النماذج من العصور الإسلامية فهي كثيرة، لا تعدّ ولا تحصى، لعلّ رحلتي الغفران ورسالة الزوابع والتوابع، وكتاب الحيّ بن يقظان، من أجمل أمثلتها. ففي "التوابع والزوابع"، يبدأ أبو عامر بن شهيد الأندلسي رحلة إلى وادي "عبقر" (الذي أعطى اسمه للفظة 'عبقري' بمعنى استثنائي في ذكائه وفطنته)، وهناك يلتقى بشياطين الشعراء، فينازلهم وينتزع إعترافهم له بموهبته، ومن عوالم الخيال تعامل ابن شهيد مع واقعه وعبث ظروفه، حيث انقلبت حياته من بعد عزّ وغنى وتقدير، إلى تشرد وسجن. ولنا أن نشير أيضاً لـ حكايات "ألف ليلة وليلة"، وعوالمها التي تقطنها شخصيات من الجن ومن عالم الأنس. وفي عصرنا الحديث، وتحديداً هذا العام زخرت المكتبة العربية بالعديد من الروايات التي ارتكزت على الخيال والفانتزيا كمتنفس لها. فإنْ كنتم من عشاق الخيال والفانتزيا، وإذا كنتم مللتم من الواقع وثقله فسنقدم لكم هنا أربع روايات جديدة ستأخذكم إلى عوالم مثيرة.

الوصفة رقم سبعة: أن تكون المختار في أرض اللابوريا..

صدر للكاتب أحمد مجدي همام ثلاث روايات: "قاهري"، و"أوجاع ابن آوى"، و"عياش"، بالإضافة إلى مجموعة "الجنتلمان يُفضل القضايا الخاسرة"، الحاصلة على المركز الأول للقصة القصيرة من مؤسسة ساويرس، أعقبها بكتاب "مصنع الحكايات" وهو تجميع للحوارات الصحفية التي أجراها مع عدد متميز من الكُتاب العرب. مؤخراً أصدرت الدار المصرية اللبنانية رواية "الوصفة رقم سبعة" وهي رواية تتمتع بخيال جامح، وتُنسب لأدب الرحلات الخيالية، وإن كانت الرحلة مختلفة كلياً عما سبقها.

تحكي الرواية عن مليجي الصغير الشاب العاطل عن العمل والذي يهوى الأبحاث العلمية، ويعيش في ظل حكومة منعت جميع أنواع المخدرات تماماً مما ترتب عليه بحث الشاب عن وسائل بديلة فإذ بصديقه علي علي يحضر له سيجارة بانجو بعد مجهودات خرافية، وبالمصادفة يعثر على بذرة بانجو فيعمل على زرعها وتسميدها بخلطة عجيبة، فتطرح سبع أزهار، على الفور يلف سيجارة من النبات الجديد ويسحب نفس ليجد نفسه استيقظ في أرض اللا بوريا، أرض الحراصيد والعملاقة.

وهكذا تبدأ رحلة مدهشة يصادف فيها مخلوقات عملاقة وأقزاماً وكائنات مهجنة ونهر صاحب مزاج متقلب وضفدع ناطق، ويشتري براقاً ويمر بيأجوج ومأجوج حتى يصل في النهاية لأرض الكابوريا ليقابل المطرب أحمد زكي ويغنى معه الأغنية الشهيرة "أنا في اللا بوريا". يقول مجدي لرصيف22: "لم يكن في دماغي مخطط للرواية، كنت أتبع الوحي، أكتب لأعرف وأكتشف هذه العوالم، ولكن ما شجعني على الاستمرار كان حبّي للتنوع، فأدب الخيال مهم ومن المهم أن يخوض فيه الكاتب".

ماذا لو تحوّل الثوار إلى قطط تخترق كل الحواجز الأمنية وتتسبب في فزع السلطة الحاكمة؟ هنا رواية تخيلت لنا ذلك
بعض من مشاهدات ابن شهيد الأندلسي في رحلته المتخيلة إلى واد "عبقر" ولقائه توابع الشعراء

جونجي وآلهة الهيمالايا: عجائب بلاد الهند والسند بين أيديكم

يواصل الكاتب النوبي "حجاج آدول" مشروعه الروائي الضخم بعد إصداره سلسلة حكايات عبد الرحيم الوسيم والتي يعيد فيها فن الحكاية الخرافية لمجدها عبر ملحمة تتكون من 14 رواية يجمع فيها بين سحر ألف ليلة وليلة وغنى وتنوع أدب الرحلة. ثم تأتي روايته الأحدث "جونجي وآلهة الهيمالايا"، الصادرة حديثاً عن دار العين، والتي يرسخ فيها لمشروعه المشار إليه حيث يواجه جونجي تحديات وحروب مع الجن والآلهة في أحداث شيقة وبلغة سلسلة. من الجدير بالذكر أن للكاتب عملين في المعرض بالإضافة للرواية السابقة، وهما: "انتقام الأبله، و"حكاية سمكة الصياد" روايتين في كتاب واحد عن دار الشروق، "مأساة الملك علوي" عن الدار المصرية اللبنانية، جميعها تتسم بالخيال المستوحى من حكايات ألف ليلة وليلة.

قطط العام الفائت: الثورة بنكهة الميتافيزيقا..

يعتبر الكاتب إبراهيم عبد المجيد واحداً من رواد كتابة الفانتزيا من جيل السيتينات، ربما تكون رواية "برج العذراء"، التي أحدثت وقت ظهورها ضجة كبيرة ومنعت بدولة الكويت أبرز دليل على ذلك. في هذا العام خرج علينا عبد المجيد بروايته "قطط العام الفائت" الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية. والرواية تدور عن أحداث ثورة يناير، ولكن بمنظور مختلف تماماً، يتسم بالخيال المفرط، فالحاكم الذي بإمكانه أن يتحكم في الزمن وله قدرة خاصة على إلقاء الناس في الأزمنة التي يرغبها، استطاع أن يحمل الثوار إلى عام سابق للثورة.
ولكن هل هناك فارق بين الرواية الخيالية وأدب الفانتزيا؟
هكذا استيقظ الثوار ليجدوا أنفسهم في صحراء مجهولة قبل الثورة بعام، ولكن ظهور سعاد حسني بحصانها المجنح في الأحداث قلب الموازين رأساً على عقب، حيث بدأت تعمل مع الثوار ضد الحاكم ورئيس شرطته الذي يمتلك هو الآخر، قدرة خارقة على إخراج الثعابين من أصابعه. بمساعدة سعاد حسني يتحول الثوار إلى قطط تخترق كل الحواجز الأمنية وتتسبب في فزع السلطة الحاكمة. الرواية من النوع الفانتزي المحبب للقارئ، وقد أعقبها الكاتب مؤخراً برواية جديدة ستصدر عن دار الياسمين تحت عنوان "قبل أن أنسى أني كنت هنا" وهي من النوع الروائي نفسه حيث تتكلم فيها الأشجار وتتحرك. 

مزاج حر: العالم كما يخلقه المبدع..

يفرّق الكاتب المصري محمد الفخراني، بين كتابة الخيال وكتابة الفانتزيا، موضحاً أن الأولى يحكمها عالم مترابط ومحكم ومعقول رغم كونه متخيل، أي يحكمه منطق الحكاية، بينما الثاني لا يربطه غير اتفاق ضمني بين المبدع والقارئ. بدأ الفخراني مشواره الأدبي برواية واقعية، بعنوان "فاصل للدهشة"، صادرت عن الدّار، ثم كتب بعدها مجموعة "قصص تلعب مع العالم" الفائزة بجائزة الدولة التشجعية والحجر الأول في مشروعه الفانتزي. بعدها جاءت رواية "ألف جناح للعالم"، لتمزج بين تناولها الواقع واتكائها على المتخيل في نص متفرد تماماً. استقبل الفخراني روايته الجديدة "مزاج حر" عن المصرية اللبنانية ليستكمل ما بدأه مع مجموعته المشار إليها، وهي رحلة عبر العالم، ولكن أي عالم؟ إنه العالم المتخيل الخاص بالمبدع.

من أجواء الرواية "أخذت قطعة صغيرة من السحاب، غمزتها في النهر وشربتها. أكلتها؟ لا أعرف". يستهل الكاتب روايته بـ "حلم كبير... أحد أحلامي الكبيرة أن أتجول في العالم، كنت أؤجل هذا الحلم لانشغالي بكتابة رواية أو قصة، أقول لنفسي "حسناً، بعد هذا الكتاب"، أنتظر أن تتوافر لدي بعض المال الكافي، لكنني اكتشفت أني لن أنتهي أبداً من الكتابة". ثمّ يقول في مقطع آخر، "لستُ في حاجة لما يُسمي 'مال كافِ' يمكنني أن أتدبر أمري". أجل، بإمكان الخيال والإبداع أن يجعلا العالم، بل العوالم في متناول أيدينا دون الحاجة للمال، فالقراءة، بإمكانها أن تأخذنا إلى عوالم نسجتها عقول المبدعين، عوالم ساحرة، لم نكن لنعرفها أو نفكر في زيارتها دونهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard