شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ما هو مصير مثليي العالم العربي في عهد التشدد الشاذ؟

ما هو مصير مثليي العالم العربي في عهد التشدد الشاذ؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 28 يونيو 201702:28 ص

"هل نريد أن نعيش في عالم حيث يتم استهداف الحبّ، أم يتم الاحتفال به، حيث يعيش الناس بخوف أو بكرامة؟".هذا هو السؤال الذي وجّهه منذ ساعات قليلة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون Ban Ki-Moon لكافة مجتمعات الأرض، في بيانٍ أدلى به في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية أو الهوموفوبيا، في 17 مايو.

وفق الأمين العام للأمم المتحدة، يخضع المثليون في كل أنحاء العالم اليوم للتمييز في كل جانب من الحياة اليومية، والطريق أمامهم طويلة لتحقيق ذواتهم.

رسالة بان كي-مون تلك التي نُشرَت على صفحة تويتر التابعة للأمم المتحدة UN@ والتي يعلوها عنوان "المساواة تبدأ معك"، تلقاها حوالى 2.6 مليون شخص، قبل انطلاق الاحتفالات باليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية الذي يقام في 120 دولة. بعض البلاد الأخرى، الواقعة في منطقتنا العربية، لديها نظرة مختلفة كلياً للحب المثلي. ما هو مصير المثليين في العالم العربي الذي يشهد تغيرات كبيرة، ويتجه أكثر وأكثر نحو التشدد؟

النضال الذي يقوم به مثليو العالم العربي اليوم من أجل أن يُنظر إليهم كأفراد مختلفين بكل بساطة، هو النضال نفسه الذي عاشته شعوب أخرى قبلهم. الشرق الأوسط يواجه مسألة المثليّة بقرارات غير مدروسة نُظُمياً وقانونياً وحتى إنسانياً. إقامة علاقة مثلية تعدّ جريمة في دول عربية عدّة، في حين يبدو الأمر أكثر التباساً في دول أخرى. السعودية أو اليمن قد تعاقب المثليين بحكم الموت مثلاً، في وقتٍ تسير فيه الأمور في لبنان نحو مزيد من الانفتاح. في مصر والأردن والبحرين، حيث لا يوجد تشريع يعاقب المثليين، فتحت السجون أبوابها لاعتقالهم.

لبنان، أمل مثليي الشرق الأوسط

منذ أقل من شهرين صدر حكم تاريخي من إحدى المحاكم في بيروت، يفيد أن العلاقات من نفس الجنس لا تتعارض مع قوانين الطبيعة، بعد أن رفض القاضي، ناجي الدحدح، قضية رفعت ضد امرأة متحولة جنسياً من قبل الدولة اللبنانية، بتهمة ممارستها لعلاقة مع رجل.

الحكم بتبرئة المتحولة جنسياً شكل مؤشراً هاماً جداً، ليس فقط على صعيد التعامل مع المتحولين جنسياً، ولكن أيضاً على صعيد تفسير المادة 534 من قانون العقوبات الخاصة بمعاقبة المجامعة خلافاً للطبيعة، والتي غالباً ما استُخدمت لمعاقبة العلاقات المثلية.

في العام الماضي، أعلنت الجمعية اللبنانية للطب النفسي LPS بكل وضوح أن افتراض المثلية على أنها نتيجة لاضطرابات في ديناميكية العائلة، أو لنموٍ بسيكولوجي غير متوازن، يستند إلى معلومات خاطئة. تلك الخطوات الثابتة نحو إلغاء القانون المستخدم ضد المثليين، والمتحولين جنسياً، تبدو للكثيرين الأمل الذي يحمله لبنان لمثلييه والمنطقة بأكملها، في وقتٍ ما زال المتحولون جنسياً في معظم بلاد العالم يعانون من تمييز في المعاملة في قلب مجتمعاتهم المنفتحة.

سوريا، البرهان على أن لبنان ليس الأمل بعد

عندما هرب المثليون السوريون، من ضمن اللاجئين السوريين الآخرين، من الحرب الأهلية التي تدمر بلادهم، قصدوا لبنان آملين بأن تتحسن حياتهم الاجتماعية على أراضيه. ولكن هذا ما لم يحصل. منهم من تم الاعتداء عليهم باغتصابهم واستغلالهم جنسياً ومعنوياً، دون أن يتجرأوا على تقديم شكوى إلى  الشرطة خوفاً من الحكم عليهم، ومن التمييز المضاعف الذي قد يواجهونه.

رغم أن لبنان يعتبر أكثر تسامحاً مع المثلية الجنسية من باقي بلدان المنطقة، ما زالوا يحتفظون بميولهم بكل سريّة، وما زال المجتمع يرفض الاعتراف بوجودهم. الضعف الذي أصاب المثليين السوريين المقيمين في لبنان، دفع مثليي البلد المستضيف لاستغلالهم بأساليب مختلفة، لأن لا أحد سيأبه. ورغم وجود الجمعيات المخصصة لاستقبال اللاجئين المثليين والاهتمام بهم، كثيرون هم من لا يثقون بشعار "أنت هنا في أمان"، فيلجأون لبيع أجسادهم مقابل القليل من المال أو يبحثون عن عشاق يملكون ما يكفي لإعالتهم.

قبل اندلاع الأحداث في سوريا، كانت الحفلات واللقاءات السرية التي ينظمها المثليون منتشرة في العاصمة، إلى أن تغيّر الوضع كلياً ليصبح المثليون هدفاً للتعذيب والإهانة والاستفزاز. إذا تم توقيفك على أي حاجزٍ من الحواجز العديدة في سوريا، وتم الشك بهويتك الجنسية، يقوم عناصر الحاجز بتفتيش هاتفك الجوال، وإذا كان حظك سيئاً، ووقع المفتش على صورٍ لك مع حبيبك، يكون الهلاك مصيرك، واعلمْ أن اختبار العذرية الشرجي في انتظارك، أو الابتزاز المالي حتى تبقى هويتك الجنسية سرية. كل تلك الوقائع التي أحاطت بالمثليين من سوريا إلى لبنان، دفعتهم إلى القبول ببيع الجنس لرجال آخرين مقابل 50$ في الليلة الواحدة، حسب تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مصر، المثلي ليس إنساناً حقيقياً

رغم أن مصر هي من البلاد القليلة التي يُقال أنها سمحت منذ أكثر من 100 عام بالزواج من نفس الجنس، آخرها كان في سيوة، أصبح المجتمع المثلي يعيش اليوم في ظل الخوف من المداهمات المتكاثرة التي تمارسها السلطات للقبض عليهم.  9 مداهمات سجّلت منذ أكتوبر 2013 حتى اليوم. هجومٍ غير مسبوق على الشقق الخاصة والأماكن العامة لاصطياد المثليين، الذين أصبح لقاؤهم أمراً خطراً ودقيقاً.

في أوائل الشهر الماضي، ألقي القبض على 4 أشخاص في شقة شرقي القاهرة، وخلال أسبوع حكم عليهم بالسجن لمدد وصلت إلى 8 أعوام.

الملفت في الأمر أنه لا يوجد تشريع في مصر ينص صراحة على تجريم المثلية الجنسية، ولكن من يُلقى القبض عليه اليوم يُدان بتهم "الفسوق" أو "إهانة الأخلاق العامة". عددٌ من الناشطين يظنون أن السلطات تحاول مخاطبة "المعارضين" للمثلية من المجتمع، عبر طمأنتهم أنه رغم رحيل محمد مرسي، ما زال بإمكانهم العيش في مجتمعٍ محافظ خالٍ من أي شذوذ. المثليون في مصر ما زالوا يعتبرون أشخاصاً غير حقيقيين، كما وصفهم ديبلوماسي مصري في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف منذ أقل من عامين.

العراق، مطاردة الساحرات

بسبب القيود الكثيرة، لم تستطع الجمعيات غير الحكومية مدَّ يد العون للمثليين في العراق كما يجب، فتم تأسيس منظمات خارج البلاد لدعم الأقليات، منها IRAP في نيويورك و Iraqi LGBT في لندن. بحسب الناشطين في هذه الجمعيات، يتم ملاحقة الشبان والفتيات المثليي الجنس لاصطيادهم وقتلهم كالساحرات في مرحلة ما بعد صدام، في وقتٍ كان يرمز فيه العراق لاحترام الآخر بل حتى للاحتفال باختلافه. حتى في أسوأ أيام عهد صدام حسين، كانت الأقلية الجنسية تتمتع بقسمٍ من الحرية العادلة.

في الأعوام التي تلت الاجتياح، تحول العراق إلى أرضٍ غير آمنة للعراقيين، وإلى جحيمٍ بكل معنى الكلمة للمثليين. الدولة العراقية تسهّل مجرى الأمور من خلال القبض على المثليين، وإحالتهم لرجال الميليشيا ليتفنّنوا بحذفهم من الوجود. تدخّل المجتمع الدولي وحده بإمكانه دعم المثليين في العراق، عبر الضغط على السلطات المحلية. إلى ذلك الحين، سيموت المزيد من الضحايا.

المغرب، مرادف المثلية هو الدعارة

منذ ساعات قليلة تم إدانة 6 رجال في المغرب بتهمة الشذوذ الجنسي، وقد يواجهون عقاباً قاسياً يصل إلى السجن 3 أعوام، رغم الحوار القائم والمتفاقم حول الحريات الجنسية في المملكة المغربية. المادة 489 من قانون العقوبات المغربي تعاقب المثلية الجنسية بالسجن 3 أعوام.

السلطات في المملكة غالباً ما تحكم على المثليين جنسياً بتهم، مثل الدعارة وجرائم أخرى لا تقف لصالحهم، منها تهمة السُكْر في العلن الملفقة في تلك القضية. تفكيرٌ تمييزي انتقل بطبيعة الحال من السلطة إلى شعبها، كشكلٍ آخر من داء الفساد المعدي. من هذا المنطلق، اتهم أحد آباء المتهمين بالمثلية في تلك القضية، الرجال الخمس الآخرين بإجبار ابنه على الانخراط في أعمال منحرفة معهم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image