شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
هل تهدّد الروبوتات الذكية مستقبل البشرية فعلاً؟

هل تهدّد الروبوتات الذكية مستقبل البشرية فعلاً؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

تكنولوجيا

الثلاثاء 18 أكتوبر 201606:15 ص

لم يعد التفكير في الوظائف التي يجب أن تضطلع بها الروبوتات (الرجال الآليون)، والحيّز الذي يتوقّع أن تأخذه من حياة البشر، ترفاً علمياً. فثورة الروبوتات قد تكون على الأبواب، ويجب علينا جميعاً إيلاء أهمية كبيرة للكيفية التي سيتطور بها الذكاء الصناعي خلال العقد المقبل، قبل أن يقع ما لا نتمناه!

إن كنت من عشاق السينما فإنك بلا شك شاهدت فلم I, Robot للمبدع Will Smith. الفيلم يتحدث عن اجتياح الروبوتات لعالم البشر ومحاولة السيطرة عليه، وهذا ما يستدعي في النهاية تدخلاً من قبل البشر للقضاء على الاجتياح الذي تتعرض له الأرض والتصدي لهذه الروبوتات التي تحاول أن تسيطر على عالمهم.

غير أن الفيلم لم يكن الوحيد الذي يتحدث عن هذه الفكرة، وليس الأمر حكراً على السينما وحدها، وإنّما هناك الكثير من النقاشات العلمية على هذا الصعيد. فالجدل القائم حول ما إذا كانت الروبوتات قادرة على تمييز الخطأ من الصواب جدل طويل، فمن قال إن الصواب الذي ستختاره الروبوتات هو الصواب الذي سيقرّه البشر؟ ولمن ستكون الكلمة الأخيرة إذا اختلف صواب البشر مع صواب الروبوتات؟

الفكرة بدأت من تخوف البعض من الغزو التكنولوجي الذي يلاحقنا بكل أشكاله، فعلى سبيل المثال، سيكون الروبوت قادراً على قيادة السيارة الخاصة بك وإيصالك إلى المكان الذي تريد، أو أخذ أطفالك في نزهة قصيرة بالسيارة، بينما أمّهم تحضر الطعام في المنزل.

Elon Musk أحد أكثر المنتقدين لدخول التكنولوجيا بيوتنا وحياتنا اليومية بهذا الشكل حذّر من أن الروبوتات القاتلة باتت أقرب لنا ممّا نتصور. الرجل المهووس بأن الروبوتات غير المتحكم بها ستبدأ بمهاجمتنا ومحاربتنا في وقت قريب، يرى أن الذكاء الصناعي هو أكبر خطر على الجنس البشري. صحيح أن الرجل قد يكون مبالغاً في كلامه إلى حد ما، لكنه ليس مخطئاً في قلقه، فتصنيع الروبوتات التي تتحكم في نفسها قد يطلق شيطاناً لا ندري مدى قدرتنا على السيطرة عليه مستقبلاً.

ولم يكن تحذير العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ أقل حدة من Musk. هوكينغ قال إن "الذكاء الصناعي قد يشكل تهديداً للجنس البشري، وإن الإنترنت قد تصبح مركز قيادة للإرهاب". وأشار إلى أن "الآلات التي يمكن أن تفكر تشكل خطراً على جوهر وجودنا، وأن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري". وحذّر هوكينغ من أن البشرية لا تأخذ الأمر بجدية كافية، قائلاً: "يعتمد تأثير الذكاء الصناعي القصير الأمد على كيفية التحكم به، أمّا على المدى البعيد فيعتمد على ما إذا كان من الممكن التحكم به بشكل كامل". وأضاف: "ينبغي لنا أن نتساءل جميعاً عما يمكننا أن نفعله لتحسين فرص حصد الفوائد وثمار الذكاء الصناعي وتجنب مخاطره".

لنفكر في الأمر بصورة مختلفة قليلاً، فعلى الرغم من أن هذه الفئة من الروبوتات ستكون لها القدرة على التأثير على حياتنا بشكل إيجابي من خلال الوصول إلى أماكن لا يمكن للبشر أن يصلوا إليها في حال حدوث الكوارث، أو حتى عبر تدخلها بعلاجنا من العديد من الأمراض كالسرطان وغيره، إلا أنها ستحرم العديد من البشر من الوظائف، خاصة الموظفين غير المهرة الذين سيكون من الأوفر استبدالهم بأيد عاملة أكثر مهارة وأقل كلفة.

لكن ما علاقة الذكاء الصناعي بكل هذا؟ ولماذا يخاف البعض من أن تكون صناعة الروبوتات "عفريتاً" من الممكن أن يدمر الحياة البشرية؟

تعالوا لنتخيل الروبوت كطفل صغير ولد لتوّه، هو قادم إلى الحياة من دون أي خبرات أو تجارب أو حتى معلومات عنها، لكن من صنعه يقوم بتعليمه أساسيات كل شيء، ومع تقدم الذكاء الصناعي وما بات يعرف بالمعلومات المفتوحة المصدر، من الممكن أن يشكل كل هذا خطراً متنامياً على حياتنا البشرية. فالروبوتات ستبدأ بتعلم كل شيء من البيئة المحيطة بها أو مما يرسل لها من معلومات من طريق الإنترنت. فما الذي يمنع، إذن، أن يتعلم الرجل الآلي السرقة والكذب والقتل وغير ذلك من البشر المحيطين به.

هذا الهاجس غير موجود عند من يقومون بتصنيع هذه الروبوتات، إذ يؤكد العاملون في هذه الصناعة التي بدأت تتطور بشكل لافت، إلى أن الهدف الأول من الروبوتات هو أن تتحمل الأخطار بدلاً من البشر، لا أن تزيد على البشر أخطاراً إضافية.

الروبوت Robear الذي يعد الأول من نوعه على شكل "دب" في مركز Riken الياباني صمم لتقديم الرعاية التمريضية للمحتاجين لها، خصوصاً لناحية رفع المرضى من أسرّتهم ووضعهم على الكراسي المتحركة. كما يعمل على مساعدة الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة على الوقوف. هنا، تبدو فكرة الشرّ المرتبطة بهذا الروبوت ضئيلة جداً بالنسبة لمن قاموا بتطويره.

تبقى فكرة تعليم الروبوتات الآداب العامة واردة جداً، وهي تستند إلى الطريقة التي من خلالها نعلم أطفالنا الأخلاق العامة من طريق التوجيه الصريح، كأن يقول الأب لابنه "السرقة خطأ"، أو من طريق الملاحظة التي يبديها الأهل لأبنائهم.

في دراسة قام بها بول بلوم Paul Bloom من جامعة Yale، رأى بلوم "أننا نولد مع مجموعة من الأحاسيس الأخلاقية. وستكون روبوتات المستقبل مشابهة لنا بهذا"، مشيراً إلى أنها "ستوجه القرارات التي تتخذها بمزيج مما هو مبرمج وما هي قادرة على اكتسابه من طريق الملاحظة. قد تكون الروبوتات يوماً ما ضابطاً في الشرطة وقد تجد نفسها مجبرة على اتخاذ قرارها بمن يجب أن تحميه ومن يجب أن تلقي القبض عليه، وحتى في المنزل ما الذي سيحصل لو اقتحم غريب المنزل وهدد صاحب الروبوت؟".

كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير لا نجد أجوبة عنها، باستثناء، ربما، الحل الذي يعتبر أهون الشرور في هذا الإطار، ويتلخص في إعطاء كل روبوت القدرة على القيام بعمل محدّد من دون السماح له بتخطي هذه القدرات، وهذا ما يحدّ من إمكان توجيهه قوّته ضد البشر.

نشر هذا الموضوع على الموقع في 06.04.2015


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image