انهمكت فئة كبيرة من الناس بإعداد لائحة طويلة تتضمن أهم الأمنيات والقرارات التي تعتزم تنفيذها في العام المقبل. من "الرجيم" إلى بناء العضلات مروراً بالإقلاع عن التدخين والكحول، ما هي أبرز الـNew Year’s Resolutions التي يجمع عليها معظم الأشخاص؟ لماذا يكون في الغالب مصيرها الفشل؟ وما الحل لترجمة الأمنيات إلى واقع ملموس؟
يناير: شهر الأمنيات الكثيرة
مع انتهاء كل سنة نقلّب صفحات الماضي، فنتذكر لحظات الفرح والضحك والسعادة حتى حدود النشوة، ونتأثر عند استعادة الأوقات الحزينة والمرة التي مرت علينا، وعند منتصف ليلة رأس السنة نقرع الكؤوس، نتبادل القبل الحارة ونأمل أن تكون السنة الجديدة ملأى بالرومانسية والإنجازات المهنية وبضعة ملايين. via GIPHYوكون العام الجديد يشكل لدى الكثير من الناس بداية جديدة وفرصة للبدء بهوايات مثيرة والقضاء على العادات السيئة أو حتى إعادة النظر في أولويات الحياة، ننقل لكم هنا أبرز الأمنيات التي يجمع عليها الناس خاصة في شهر يناير:
النية في خسارة الوزن أكثر من أي وقتٍ مضى
"راحت السكرة وإجت الفكرة". فبعد الإفراط في تناول الأطعمة اللذيذة والمشروبات الكحولية، يصبح موضوع خسارة الوزن على قائمة القرارات للعام الجديد. من المعلوم أن الاحتفلات التي تصحب ليلة رأس السنة تدور بمعظمها حول الطعام والشراب، والكل يبرر شرهه بالقول: "بعض كيلوغرامات إضافية لن تضر طالما سنتبع حمية غذائية في العام المقبل"، وبالتالي مع بداية كل عام جديد يشكل موضوع خسارة الوزن هاجساً أساسياً لجميعنا.وإذا كنتم من المهووسين بخسارة الوزن بشكل سريع خلال العام المقبل، تنصح جو هاريسن، صاحبة مبادرة AnyBody المعنية بالمساعدة على تقبل الجسد، في مقال على صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بعدم الوقوع ضحية بعض الشركات الغذائية التي تعدكم بمنتجات وحميات معينة تخسرون خلالها بعض الكيلوغرامات إنما لفترة زمنية قصيرة، وتستعيدون بعدها كل الدهون التي اعتقدتم أنكم قد تخلصتم منها نهائياً، دون الحاجة إلى ذكر الضغط النفسي وإضاعة وقتكم في حميات تكلفكم أموالاً من دون جدوى.
"عبادة" الرياضة
via GIPHYدعابة كل عام هي هي لا تتغير: انتشار صور للنوادي الرياضية ومقارنة روادها بين مطلع شهر يناير حيث تكون الحركة كثيفة على الماكينات المختلفة وتحوّل الصالات الرياضية إلى "أماكن مهجورة" أواخر الشهر نفسه. فمن أهم القرارات التي يجمع عليها الناس مع بداية العام هي المواظبة على الرياضة للحصول على جسم رشيق وقوي، إذ تعد السيدات أنفسهنّ ببطن مسطح ويتوق الرجال لاسترجاع عضلاتهم. شهر يناير هو شهر القرارات، خاصةً بالنسبة إلى الرياضة، إذ يريد الجميع الحصول على جسم رشيق، وطلبات الاشتراك خلال هذا الشهر في أوجها، ولكن ينصح مدربو الرياضة باعتبار الرياضة روتيناً يومياً ووضع أهداف أسبوعية مع الاستعانة بمدرب شخصي لإضفاء جو من الحماسة والمرح على التمارين الرياضية.
التخلص من العادات السيئة حتى لو كانت جيدة
مع مطلع كل عام جديد، نتعهد بالتخلص من العادات السيئة، كالإقلاع عن التدخين والمشروبات الكحولية والأطعمة المشبعة بالدهون وتحديداً الوجبات السريعة. via GIPHYوبهدف حث الناس على التوقف عن التدخين، ظهر إعلان تلفزيوني جديد يتحدث عن السموم التي تدخلها السجائر إلى مجرى الدم، والتي تتدفق عبر الجسم كله في غضون ثوانٍ مما يلحق أضراراً جسيمة بالأعضاء الرئيسية في الجسم، وقد أوضحت الصحة العامة في إنكلترا أنها أرادت من خلال هذا الإعلان الصادم حث 7 ملايين من المدخنين في البلاد إلى الإقلاع عن التدخين مطلع العام 2018.
في ما يتصل بالكحول، ينصح الأطباء بتناولها باعتدال: كأس واحدة للمرأة يومياً مقابل كأسين للرجال، وفق ما جاء في المبادىء التوجيهية الغذائية في الولايات المتحدة الأميركية. أما من جهة الوجبات السريعة فإن معظم المطاعم تحاول إحباط عزيمة الناس على تناول الأطعمة الصحية من خلال إغراقهم مطلع كل سنة جديدة في العروضات والحسومات المغرية على الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
لماذا نفشل في تحقيق أمنياتنا؟
via GIPHYمن السهل وضع قائمة بالأمنيات، إلا أنه من السهل أيضاً خسارتها بلمح البصر. سواء كانت قراراتكم للعام الجديد تدور حول الصحة، المال، الشكل الخارجي، التقدم في العمل أو غيرها، فإن الدراسات المختلفة أظهرت أن أقل من 10% من الأشخاص يتمكنون من تحقيق تلك التطلعات، في حين أن 90% يصيبهم الفشل وتكون أمنياتهم مجرد "أوهام". فإذا كنتم من الذين ينهمكون في كل عام باعداد لائحة طويلة من الـNew Year’s Resolutions التي "تذهب مع الريح"، فلا تشعروا بالإحباط، فهناك أسباب علمية لذلك.
بحسب أخصائي الدماغ جيف ستيبل Jeff Stibel، إن تكرار الأمنيات السابقة التي لم تتحقق يتسبب بفشلها مرة أخرى لأنه من الصعب خداع الدماغ الذي يعلم أنه في حال كان هذا القرار مهماً لنا، فإننا لن نهمله من سنة إلى أخرى على حساب أولويات أخرى. أما السبب الآخر لفشل الأمنيات فيعود إلى كون الإنسان كائناً يتطلع إلى الملذات الفورية "نفعل الأشياء التي تعطينا متعة على المدى القصير ولو كان ذلك على حساب الضرر الذي قد يلحق بنا على المدى البعيد"، وهذا ما يجعل قرار تناول الآيس كريم مثلاً يتقدم على ممارسة الرياضة.
إن عدم القدرة على تحقيق الأمنيات للعام الجديد هي عادة إنسانية تعود لنحو 2000 سنة بحسب التقارير التي جمعها "أرسطو" عن وعود لم تتكلل بالنجاح. وبحسب الأخصائية في علم النفس "سونيا ليبكي"، من جامعة جاكوبس، فإن المجموعة الأولى من الأشخاص الذين يتخذون قرارات معينة يبدأون بالتخلي عنها بعد مرور 3 أسابيع فقط على ليلة رأس السنة، وتزيد نسبة التخلي عن هذه القرارات بعد إنقضاء 6 أشهر من العام الجديد، أما السبب النفسي لذلك فيعود إلى غياب الرغبة في مواجهة التحديات المحتملة وعدم الاستعداد للتغيير، إضافة إلى وضع أهداف غير واقعية وفقدان الثقة بالنفس.
كيف نحوّل قرارات العام الجديد إلى حقيقة؟
يفند مقال نشر على صحيفة "واشنطن بوست" أبرز الأمور التي تجعل New Year’s Resolutions قابلة للتحقيق: التفكير في أمور بسيطة: غالباً ما نظن أن تحقيق أحلامنا يكون عبر وضع أهداف ومخططات كبيرة، إلا أن العكس هو الأفضل، فالخطوات البسيطة التي تعرف بالـbaby steps هي التي تحدث الكثير من التغيير خلال السنة.وضع أهداف مسلّية: غالباً ما تكون القرارات المتعلقة بالصحة "مملة"، لذا من الضروري النظر في وسيلة ممتعة لضمان الحصول على صحة أفضل كممارسة هواية جديدة مثل الرقص وركوب الخيل أو خوض مغامرات في الهواء الطلق كونها أموراً تحفز الدماغ بطريقة إيجابية وتجعله يكتسب مهارات جديدة.
أمنيات طويلة الأمد: في بعض الأحيان، نعد بالامتناع عن تناول الكحول، فنبتعد عنها خلال شهر يناير، ولكن حين ينقضي الشهر الأول من العام ننسى وعودنا ونحتسي الكحول بقدر ما يطيب لنا، والأمر نفسه ينطبق على الكثير من العادات السيئة التي نحاول التخلص منها، فننجح في البداية ونخفق خلال السنة كلها. لكن ماذا لو استفدنا من شهر يناير، وحاولنا معرفة كيفية العثور على عادات صحية على المدى البعيد بدلاً من تنفيذ وعودنا لمدة شهر واحد فقط؟ بمعنى آخر، غالباً ما ننسى أن القرارات الجديدة التي نحاول تطبيقها تؤثر على نمط حياتنا، وبالتالي في حال لم نتمسك بأمنياتنا ونحدث تغييرات على روتيننا اليومي وطريقة تفكيرنا، فإن الفشل سيكون من نصيبنا.
من هنا، يجب أن نعمل على تحفيز أنفسنا ونكون صادقين في الإجابة عن الأسئلة التالية: هل نرغب في ممارسة التمارين الرياضية لنحسن مظهرنا الخارجي أم لنطيل عمرنا؟ هل نريد أن نطالع الكتب لنتعلم المزيد من الأمور أم لنبدو أكثر ذكاء؟
صحيح أنه لا يمكننا خداع عقلنا إلا أن الطريقة الأنسب لتحقيق الأمنيات هي في معرفة الدوافع الحقيقية وراء هذه القرارات. وهذا يحتاج إلى وقت ومجهود شخصي ولكن في حال كان القرار مهماً بالنسبة إلينا، فإن النتائج تستحق كل هذه التضحيات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...