شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
حينما نجد في العزلة والوحدة دواء وفوائد صحية...

حينما نجد في العزلة والوحدة دواء وفوائد صحية...

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 19 ديسمبر 201711:14 ص

الله خلقنا شعوباً وقبائل لنتعارف، غير أن المثل الشعبي يقول "الوحدة ولا الشريك المخالف" أي أن اعتزال ما يؤذي يمنحنا فرصة لعيش حياة أسعد، ومن هنا يمكننا القول إن الوحدة ليست دائماً ضارة.

هكذا ترى حنان سالم، أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس.

كثيرة هي الأدلة العلمية على أن العلاقات الاجتماعية احتياج ملح، تنهار عقولنا وأجسادنا في حال عدم تلبيته، فنصاب بالتوتر وارتفاع ضغط الدم، ما يؤثر على القلب، عدا الأضرار الأخرى.

إلا أنه، وبحسب جين برودي، محررة الصحة بصحيفة النيويورك تايمز، فإن تقدم العلم وتعدد الأبحاث أظهرا بعداً أكثر تعقيداً للوحدة وعلاقتنا بها، وعلاقتها بصحتنا النفسية.

فهنالك "نقاط هامة عديدة تكشف تأثير عوامل مختلفة على شعورنا بالوحدة، فضلاً عن بعض التداخلات التي تقلل من مخاطرها".

هل تخشون الوحدة ومخاطرها التي طالما سمعتم عنها؟ انتظروا، فقد يكون لكم فيها دواء
تقدم العلم وتعدد الأبحاث أظهرا بعداً أكثر تعقيداً للوحدة وعلاقتنا بها، وعلاقتها بصحتنا النفسية

الفرق بين العزلة والوحدة

بحسب برودي، فإن علينا أن نفرق بين "العزلة الاجتماعية" و"الوحدة".

يعرف الباحثون بجامعة بريغهام يونغ العزلة الاجتماعية على أنها ندرة أو قلة في التفاعلات والروابط الاجتماعية، حسبما نشرت مجلة صحة القلب.

أما إبراهيم مجدي، استشاري الطب النفسي بجامعة عين شمس، فيوضح لرصيف22 أن العزلة لا تعني عدم قدرة الفرد على إقامة علاقات سوية، بل كثيراً ما تشير إلى تفضيله البقاء منفرداً وممارسة مختلف الأنشطة وحده.

وهذا يعني انعزالنا عن الآخرين من دون الشعور بالوحدة.

والعكس صحيح، فقد نشعر بالوحدة وسط جماعة كبيرة من الناس، وهذا ما يحدث عادةً في العلاقات غير المجزية.

كذلك يشير مجدي إلى ضرورة التمييز النوعي والكمي في طبيعة العلاقات، أي أنه يمكن الاكتفاء بعدد بسيط من العلاقات السوية الداعمة، فالأهم هو نوعية العلاقات.

وفي هذا السياق، تشدد سالم، أستاذة علم الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، على ضرورة أن نميز بين نوعين من الوحدة، الاختيارية التي ندخلها برغبة محددة وكثيراً ما تكون مؤقتة بهدف التفرغ للقيام بشيء ما، أو الاسترخاء والتخلص من ضغوط الحياة واتخاذ قرارات مصيرية.

والنوع الثاني الذي يتمثل في الوحدة الإجبارية أو المزمنة، وهي الصورة المرضية للوحدة، ويدخلها المرء نتيجة الاكتئاب أو لعدم القدرة على التكيف مع الآخرين، أو تجنب الآخرين له.

وللشعور بالوحدة آثار عدة تحدث عنها  جون كاسبو، أخصائي علم النفس بجامعة شيكاجو. إذ يميل الأشخاص لشغل أنفسهم بأي شيء غير عابئين لأضراره فيفرطون في تناول الطعام، أو التدخين، أو ممارسة الجنس العشوائي، وكلها أمور تضر بالصحة.

أي أن الوحدة ليست السبب المباشر في الضرر، لكن تعامل الأشخاص معها.

الوحدة أكثر انتشاراً بين الشباب

تقول برودي في مقالها بالنيويورك تايمز أن الاعتقاد السائد بأن كبار السن هم الأكثر معاناة من الوحدة ليس دقيقاً. فبعد أن حلل الباحثون بيانات 70 دراسة شملت 3.4 مليون شخص، تبيّن أن ذروة الشعور بالوحدة هي بين المراهقين يليهم كبار السن.

لا ينفي هذا أن الشعور بالوحدة أكثر خطورة على المسنين،  فقد ثبت أنه مؤشر للانخفاض الوظيفي وعدم الرغبة في القيام بالأنشطة الحياتية العادية، كالاستحمام والطهو وحتى صعود الدرج، ما يؤدي للوفاة، حسبما نشر المركز الوطني للأبحاث التكنوحيوية.

كيف نوظف مشاعر الوحدة بطريقة إيجابية؟

يعتبر مجدي العزلة الاختيارية أمراً إيجابياً بل ضرورياً للصحة النفسية والعقلية للإنسان. ويقول لرصيف22: "العالم الذي نعيش فيه اليوم أصبح معقداً للغاية والضغوط تواجه الإنسان من كل اتجاه، لذا يحتاج كل منا للبقاء بمفرده والاختلاء بذاته لبعض الوقت".

ويمكن علاج الوحدة المزمنة من خلال التفاعل التدريجي مع الآخرين، كالمشي في شارع هادىء وملاحظة الناس أو الذهاب للمطاعم والمقاهي والاختلاط بالآخرين شيئاً فشيئاً.

كما من المستحسن استغلال أوقات فراغنا في إسعاد الآخرين عن طريق المشاركة في الأعمال التطوعية والفعاليات الخيرية، أو تقوية أذهاننا وأبداننا بممارسة الرياضات، وأهمها المشي واليوغا، للتخلص من أي مشاعر سلبية.

لا توجد قاعدة صائبة تماماً، فكما أثبتت الدراسات أهمية العلاقات الاجتماعية كأحد الاحتياجات البشرية الملحة وأسباب السعادة، تناولت دراسات أكاديمية أخرى  مخاطر العلاقات المؤذية، لذا ينبغي أن نكون قادرين على التمييز واختيار الاستمرار في العلاقات التي تجعلنا أفضل.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image