يحتفل العالم في 18 ديسمبر باليوم العالمي للمهاجرين. وفيما يتكرر هذا الاحتفال كل عام، لا يزال في العالم اليوم 41 جداراً فاصلاً، 17 منها في العالم العربي. تعدّ بعض هذه الجدران من الأحدث بناءاً في العالم، وهي، على عكس جدار برلين، وظيفتها الأساسية أن تمنع الناس من الدخول، لا من الخروج. من يشيدون هذه الجدران، يرفضون رؤية الآخر، حتى إنهم يسعون إلى إلغائه إلغاء تاماً. في ما يلي الجدران العربية الـ17 التي تعدّ من أهم مراكز "صيد" المهاجرين غير الشرعيين في العالم.
الجدار الرملي بين المغرب والصحراء الغربية (2500 كلم)
يخترق الجدار الرملي الصحراء الغربية منذ حوالى 34 عاماً، وهو أطول 12 مرة من جدار برلين. الجدار هو ثمرة صراع طويل بين سكّان الصحراء الغربية، الذين يطالبون بحقهم في تقرير مصيرهم، وبين المغرب. تعود قصة هذا الصراع إلى العام 1976، عندما قررت إسبانيا التي كانت تحتلّ الصحراء الغربية أن تنسحب وتوزّع السيطرة على أرضها بين المغرب وموريتانيا. أدّى ذلك إلى اندلاع حرب امتدت 15 عاماً بين المغربيين وجبهة البوليساريو، أي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. في العام 1980 باشرت المغرب بناء الجدار الفاصل في محاولة لإبعاد جبهة البوليساريو التي تشنّ هجمات انطلاقاً من الجزائر عن الصحراء. وفي العام 1991 تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين، والاتفاق على إجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة، لكنه لم يزل حبراً على ورق. زُرعت ألغام على امتداد الجدار الذي يبلغ ارتفاعه 3 أمتار. ويفصل الجدار منذ عقود عائلات بعضها عن بعض، ويحرم آلاف اللاجئين الصحراويين من العودة إلى ديارهم.
الجدار الفاصل بين الكويت والعراق (217 كلم)
إثر احتلال الجيش العراقي للكويت عام 1990، شنّ العالم بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضربة عسكرية على العراق، وتمكن في العام 1991 من إجبار القوات العراقية على الانسحاب. بنت الكويت في العام نفسه جداراً على حدودها مع العراق، بموافقة الأمم المتحدة وبمساعدة الولايات المتحدة، يحرسه المئات من العسكريين الكويتيين. في العام 2003، صنع عمّال كويتيون فجوات في الجدار، لإمرار آليات عسكرية تابعة إلى التحالف الذي تديره الولايات المتحدة، أثناء غزو العراق. بعد ذلك بعام، قررت الكويت تدعيم الجدار بجدارٍ حديدي آخر، تكلفته 28 مليون دولار.
جدار مليلية بين إسبانيا والمغرب (11 كلم)، وجدار سبتة (8 كلم)
سلبت مدينتا سبتة ومليلية من المغرب في القرن الخامس عشر على أيدي البرتغال وإسبانيا، لتعود سبتة وتُضمّ إلى إسبانيا باتفاقٍ مع البرتغال في القرن السابع عشر. تصر إسبانيا على أن هاتين المدينتين المحاصرتين بالأسلاك الحديدية تنتميان إليها، في حين تعتبر المغرب أنهما تابعتان لها لأنهما محاطتين بالأراضي المغربية، وتقعان في القارة الأفريقية. جعل الموقع الدقيق الذي تحتله المدينتان حدودهما مكاناً مثالياً للمهاجرين الأفارقة الراغبين بالوصول إلى الأراضي الأوروبية دون عبور البحار. دفع تكاثر عمليات العبور غير الشرعية من القارة الجنوبية إلى القارة الشمالية إلى تسييج حدودهما في العام 1993. خضع الجداران الفاصلان لعمليات تصوين إضافية مرات عدة، منها في العام 2005 عندما تمّ رفع السياج من 3 إلى 6 أمتار. وقد أثارت المغرب هذا العام غضب مواطنيها بعملها بطريقة سرية على توسيع الجدار، في حين أنفقت إسبانيا ثروة تفوق المليوني يورو لتشديد الرقابة على هذه الحدود الحساسة التي تقلق القارة الأوروبية كلها.الجدار الفاصل بين إسرائيل وغزة (60 كلم) والجدار الفاصل بين إسرائيل والضفة الغربية (644 كلم)
ضمّت إسرائيل إلى أراضيها الضفة الغربية وغزة من الأردن ومصر في العام 1967، وشجعت اليهود على الانتقال والعيش فيهما. وقد أسفرت الاحتكاكات بين الأقليات اليهودية والأكثرية الفلسطينية عن خلافات على مفهوم الأرض والهوية، تجسّدت بهجمات عدة ضدّ الإسرائليين. في العام 1994 بدأت إسرائيل إعمار الجدار الفاصل في غزة بإشراف رئيس وزرائها إسحاق رابين، وساهم هذا الجدار في الحدّ من العمليات الفلسطينية في الجانب الإسرائيلي. أعادت الانتفاضة الثانية التي انطلقت في العام 2000 العمليات الفلسطينية إلى سابق عهدها فصمم أرييل شارون عام 2002 على بناء جدار في الضفة الغربية يصل طوله إلى 644 كلم. لا يتبع الجدار "الخط الأخضر" الذي حُدّد بعد هدنة 1949، بل يتغلغل داخل الضفة الغربية ويفصل بين قرى يعيش فيها الفلسطينيون، وهذا ما يعرقل مسار حياتهم اليومية. في العام 2004 أوصت المحكمة العليا الإسرائيلية بتعديل مسار جزء من الجدار، وفي العام نفسه أعلنت رأياً غير ملزم ضدّه.الجدار الفاصل بين السعودية واليمن (1800كلم)
الخلاف السياسي على الحدود اليمنية-السعودية لم يتوقف يوماً منذ العام 1990، بالرغم من توقيع اتفاق بين الطرفين في العام 2000. لطالما نظرت السعودية إلى الحدود كوسيلة خطرة لتهريب الأسلحة والممنوعات الأخرى إليها، وأعلنت مراراً عن نيتها تشديد الأمن على حدودها. خلال 12 شهر بين عامي 2002 و2003، قُتل أكثر من 30 عسكرياً سعودياً على الحدود، وفي مايو 2003 أكثر من 50 شخصاً لقوا حتفهم في عمليات انتحارية تبنّتها القاعدة من اليمن. لذلك باشرت السعودية إقامة سياج حديدي مكهرب على الحدود مع اليمن، لتعود وتعلن وقف مشروعها في عام 2004 بفعل الضغوط التي مارستها اليمن ومطالبتها باحترام اتفاق العام 2000. في العام 2008 عاد المشروع إلى الحياة بدعمٍ مادي يفوق الـ8.5 مليارات دولار، لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين. في العام الماضي أكدت الوسائل الإعلامية أن المشروع ما زال قيد الإنجاز، وأن القسم الذي بُني منه ساهم في لجم تواصل الهجرة والتهريب غير الشرعيين.
شرم الشيخ (19كلم)
في 23 يوليو 2005 أودت سلسلة من الانفجارات بحياة 63 شخصاً في شرم الشيخ، فكان قرار بناء جدارٍ يعزلها عن باقي الأراضي المصرية كحل ارتأته السلطاة لطمأنة السيّاح إلى أن المنطقة آمنة. حالياً، جميع السيارات التي تدخل المدينة يجب أن تمرّ عبر إحدى نقاط التفتيش الأربع، وهو إجراء، في رأي السلطات، يحدّ من العمليات الإرهابية التي تستهدف حملة الجنسيات الأجنبية. أصوات كثيرة اعترضت على ذلك معتبرةً أن الجدار سيدفع بمزيد من الناس إلى أحضان الجماعات الإرهابية لأنه أبعد بدو الرويسات عن أراضي شرم الشيخ، وفصل بين الأقرباء. كتبت جريدة "الوفد" عن هذه المسألة: "كيف تكون مصر مختلفة عن السلطات الإسرائيلية التي بنت جداراً فاصلاً لخنق المقاومة الفلسطينية؟".
الجدار الفاصل بين الإمارات وعمان وبين الإمارات والسعودية (845 كلم)
منذ حادثة 11 سبتمبر، حوّلت الإمارات تركيز سلطاتها وشركاتها الأمنية إلى الحدود لمنع الإرهابيين من الدخول إلى أراضيها. والنتيجة: جدار أمني طوله 845 كلم على حدود عمان والسعودية بُني بين عامي 2005 و2006، وجهّز بمراكز مراقبة وتنصت مزودة بأحدث الأجهزة التكنولوجية. تنفق الإمارات أموالاً وافرة لمراقبة حدودها وتحاول تأمين حدودها مع عمان والسعودية بشكلٍ حازم، لمنع الهجرة غير الشرعية إليها. ثمن ذلك تدفعه إحدى أكبر وأقدم القبائل في الإمارات: الشحوح. وبرغم وجود هذه القبيلة في الإمارات الشمالية وعمان، فإن الجدار الذي نصبته الإمارات يضيّق على تنقل أفرادها بين منازلهم الجديدة في الإمارات وأراضيهم وبيوتهم في الجبال وعمان. هذا كله يستفزهم ويبعث على إعادتهم النظر في هويتهم وانتمائهم إلى المجتمع الإماراتي.الجدار الفاصل بين السعودية والعراق (885 كلم)
العلاقات السعودية-العراقية متأزمة منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين ووصول الشيعة إلى السلطة وتهميشهم دور السنّة. شرعت السعودية منذ العام 2006 في بناء سياجٍ فاصل بين الدولتين، من شأنه حمايتها من الأزمة السياسية المندلعة في العراق. النتيجة هي جدار طوله 885 كلم مزود بكاميرات مراقبة ليلية وعشرات الردارات وأجهزة استشعار موزعة على امتداد الأسلاك الشائكة، بالإضافة إلى أكثر من 30000 جندي يحرسون الحدود العراقية.
الجدار الفاصل بين مصر وغزة، (11 كلم)
هو جدارٌ فريد من نوعه، إذ ينحدر 18 متراً تحت الأرض ويمتدّ على طول 11 كلم، لسد أنفاق التهريب التي تصل مصر بغزة. الأرض تحت الحدود المصرية مع غزة تشبه الجبنة السويسرية، كما وصفها مقال على موقع BBC في العام 2009، بسبب الحفريات والأنفاق التي يستخدمها الفلسطينيون ليتزوّدوا بالسلع التي يمنعها عنهم الحصار، كما بالأسلحة والذخائر. تفيد معلومات بأن الجدار الحديدي الممتد تحت الأرض تمّ إنجازه في الولايات المتحدة تحت إشراف مهندسين أمريكيين، وجرت تجربته ضد القنابل والانفجارات للتأكد أن خرقه متعذّر، غير أن السلطات الأمريكية تنفي ذلك. لا يقضي الجدار نهائياً على التهريب على الحدود، بل يدفع الفلسطينيين إلى حفر أنفاق أعمق.الجدار الفاصل بين إسرائيل ومصر (250 كلم)
باشرت إسرائيل في بناء هذا الجدار في عام 2010 برغم صدور القرار في العام 2006، وهو قرار رمى إلى لجم الهجرة غير الشرعية من الدول الإفريقية إلى إسرائيل عبر مصر. لكن هذا الهجرة ازدادت 300% في العام 2010 وفق سلطات الهجرة الإسرائيلية، فقد تم تسجيل 10858 حالة هجرة غير شرعية بين شهري يناير ونوفمبر من العام نفسه، في وقت شهد العام 2009 مثلاً 4341 حالة. تنظر السلطات الإسرائلية إلى هذه الأرقام كتهديد للطابع اليهودي لدولة إسرائيل. علماً أن العشرات من المهاجرين يموتون على الحدود بين البلدين، نتيجة إطلاق النار عليهم من الجهة المصرية. وهذا ما دفع الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى الطلب من السلطات المصرية عدم استخدام العنف على الحدود، مع أفراد يبحثون عن فرص عملٍ أفضل من الفرصة المتاحة لهم في بلادهم.
الجدار الفاصل بين إسرائيل ولبنان (1200 متر)
هو جدار يعلو 7 أمتار عن الأرض على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية قرب مستعمرة المطلة، وظيفته حماية مناطق إسرائيل الشمالية من القنص من الجانب اللبناني، وخاصة من منطقة كفركلا اللبنانية.حمص (2 كلم)
جدارٌ أقيم قرب بابا عمرو في حمص، في العام 2012. عزل الجدار الحي الأكثر اضطراباً في حمص آنذاك. مُنع السكان من الاقتراب من تلك الحدود طوال مرحلة البناء الذي استغرق شهراً. هدف الجدار كان مساعدة السلطات على مواجهة أي تحرك يقوم به الجيش السوري الحر المتمركز آنذاك في بابا عمرو، غير أن أهالي حمص شعروا حينها، كما ورد في مقال على موقع France24، أن السلطة تحولت إلى قوةَ احتلال.
الجدار الفاصل بين تركيا وسوريا (2.4 كلم)
في فبراير 2013، قتلت سيارة مفخخة 14 شخصاً على الحدود التركية-السورية، وفي مارس 2013، أودت سيارتان مفخختان بحياة 51 شخصاً قرب الريحانية. الجدار العازل كان الخيار الذي اختارته تركيا لمواجهة ذلك، في حين رأى الأكراد في هذه الخطوة محاولة لفصل بعضهم عن بعض على جانبي الحدود، واستفزازاً لكيانهم وهويتهم. ذلك الجدار صعّب عملية تزويد اللاجئين في شمال-غرب سوريا بالمساعدات الأولية.
الجدار الفاصل بين إسرائيل والأردن (400 كلم)
السياج القائم على الحدود الإسرائيلية-الأردنية قائم منذ فترةٍ طويلة. ولكنه مزوّد بتكنولوجيا مراقبة بسيطة لا تلبّي هوس الإسرائيليين بحماية حدودهم. القلق كبير اليوم من تدفق عناصر الدولة الإسلامية إلى الأردن ومنها إلى إسرائيل، والعمل على بناء جدارٍ مزود بأجهزة مراقبة عالية الجودة على الحدود الأردنية هو خطوة أولية من المشروع الذي أُقرّه الكنيست الإسرائيلي هذا العام، وموازنته قد تبلغ مئات الملايين من الدولارات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومينحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 5 أيامtester.whitebeard@gmail.com