شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
لذّة أن تكون مجنوناً أو مجنونة في عالم غرائزي من نسج خيالك

لذّة أن تكون مجنوناً أو مجنونة في عالم غرائزي من نسج خيالك

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 1 ديسمبر 201703:57 م
استرخوا. أغمضوا عيونكم لحظة. تخيلوا أنفسكم في مكان خارج هذا العالم. عالم من نسج خيالكم، سكانه كلهم من اختياركم. مكان حيث لا مسؤوليات ولا أقنعة. لا واجبات ولا مخاوف. هناك تسرحون وتمرحون وتعيشون اللحظة بكل غرائزها المقبولة وغير المقبولة اجتماعياً. لستم مضطرين للاحتجاز في سياراتكم في زحمة السير لساعات ولا تكبّد عناء احتساب نفقاتكم الشهرية ولا تحمّل الإملاءات العائلية والاجتماعية. مكان أنتم أبطاله، لا يمكن لأحد اختراقه ولا السيطرة عليكم داخله. أنتم وحدكم تمتلكون مفاتيحه وتهربون إليه متى تشاءون دون الحاجة إلى تذكرة سفر. أيعتبر ذلك جنوناً، وإن اتهمكم الآخرون بالجنون أو الانفصال عن الواقع؟ هل تدركون أن الجنون حكمة له لذّة خاصة لا بل هو حاجة حيويّة تنقذكم من مخاطر الواقع وضغوطه وتنعش روحكم؟ أليس من حققم أن تتمتعوا ببعض من هذا الجنون؟

"المكان السعيد الوهمي"

هكذا يسميه علماء النفس " Happy Place ". يطلب الكثيرون منهم خلال الجلسات النفسية من المريض الذي يعاني من الكآبة المرضية أو القلق المستمر خلق مكان سعيد وهمي في ذهنه. مكان يهرب إليه باستمرار كلّما دعت الحاجة ولم يستطع تحمّل الضغوط التي يعيشها يومياً، والتي ترهق جسده وروحه ليشعر أنه مكبّل لا مجال للفرار وكأنه أسير. علماً أن الشعور بالأسر وغياب الفرص هو الذي يودي بالأشخاص للشعور بالحزن العميق والإستسلام. via GIPHY فإن كانت الحلول غائبة فعلاً على أرض الواقع أو أنها غائبة على الأقل في نظر الشخص المعني، فماذ لو كان باستطاعتنا خلق فرص وهميّة نتخيّلها ونلجأ إليها وقت الضيق؟ هل ندرك أننا نمتلك كلّنا قدرة خفيّة اسمها "قدرة الخلق" أو الخيال بالعامية؟ هذا الخيال ليس خياراً بل حاجة ليس فقط لاستثماره في مشاريعنا المستقبلية أو للإبداع في العمل. هذا كلّه أساسي لنشاطنا اليومي. لكننا نحتاجه في مكان آخر أكثر خصوصية. فكّروا كم هو جميل أن تكونوا جالسين على كرسي مكتبكم محاطين بالأوراق والمهمات وصوت المدير يلاحقكم، فتصبحون غير قادرين لا على إنجاز العمل كما يجب، ولا على مغادرة المكتب والذهاب في نزهة مثلاً، وأن تأخذوا أذهانكم في نزهة. إلى حيث تريدون. ولو حتى دقيقة واحدة. مع حبيب. عشيق. صديقة. أو حتى بمفردكم. دقيقة تستعيدون فيها أنفاسكم وتتنشقون رائحة الرغبة من دون علم أحد. من دون رقيب ولا حسيب. مكان أنتم فيه أحرار. خال من الذنب وحافل بالرغبات. هل جرّبتم ذلك أم تخافون الإدمان على الخيال الجميل وترك الواقع؟ من أبرز سمات الأشخاص المصابين بمرض الفصام أنهم يتخيّلون أموراً غير موجودة في الواقع. نراهم مثلاً يقولون:" أنظروا هناك... إني أرى أشخاصاً يرقصون" أو يتخيّلون أموراً يخافونها أو على العكس يرغبون فيها كأن يفكرون أن أحداً يريد أذيّتهم أو أنهم حصلوا على وظيفة جديدة. الرغبات والمخاوف المستترة هي التي تتحكم بأفكارهم وتكون غير موصولة بالواقع. لكننا إن تعمّقنا بواقع هؤلاء، أو بواقعنا نحن أيضاً، نرى أننا أصبحنا نشبه رجلاً آلياً. هل فكّرتم يوماً باستعادة شريط حياتكم لأسبوع؟ تستيقظون باكراً، تذهبون إلى العمل، تحاولون الانتصار على الضغوط اليويمة الآتية من كل مكان، توفير ما استطعتم من مال لاستثماره في سفرة مرة كل عام أو شراء شيء ترغبون فيه، ينتهي اليوم واضعاً حدّاً لمشاريعكم فتتأجل لليوم التالي الذي هو نسخة عن سابقه. via GIPHY يوم ممل آخر تتخلله واجبات لا مفرّ منها في الواقع. أليس من حقكم خلق مساحات نفسية داخلية تحميكم من هذا الملل؟ مساحات مشوّقة يمكن أن تبقى من نسج الخيال تركنون إليها وأنتم تعرفون أنها مرحلية ولن تعيق واقعكم أو يمكن أيضاً أن تكون بداية لمشاريع مستقبلية أو لتغيير لطالما حلمتم به! أو حتى لخطوة "مجنونة" تزيّن واقعكم بشيء جديد.

ماذا لو أصبح الجنون واقعاً؟

تتخيلون أنكم سافرتم للقاء شخص ترغبون بقضاء بعض الوقت معه. أو أنكم تستلقون على شاطئ بعيد بمفردكم. تستمعون إلى موسيقاكم المفضلة بعيداً عن العائلة والشريك/ة. تنفقون المال على هواية أو شراء ما يعتبره الآخرون غير ضروري. أي شيء يجعلكم أكثر سعادة ويكسر روتينكم اليومي. هناك أوقات تتصارع فيها أفكارنا فنصبح في حال من الخوف والحيرة بين ما نرغب به وما نعيشه حالياً. فنسكت مخيّلتنا التي تأخذنا إلى مكان أجمل فنقول لأنفسنا "كفاك وهمٌ. لن تستطيع/ي فعل ذاك. عد/عودي إلى رشدك. إلى أرض الواقع. لا تتوهم/ي." لماذا هذا التسرّع؟ الواقع موجود وأنتم فيه. ولن يذهب إلى أي مكان. لماذا لا تفكرون في احتجاز بعض من السعادة لأنفسكم وتحويل ما استطعتم من رغبة إلى واقع من دون التفكير في الخسائر والذنوب والـ "ماذا لو" الذي من شأنهم أن يخلقوا داخلكم الإحباط والانصياع؟ via GIPHY هل فكرتم في قولبة الجنون ودمجه بواقعكم من خلال تحويله إلى ما يشبه حبّة الشوكولا التي تمتعون أنفسكم بها بعد اتباع حمية غذائية قاسية؟ تجرأوا على الاعتزاز بجنونكم وكسر الحاجز بين الخيال الممتع والواقع الصارم واستعملوا قدرتكم على تكييف الأمور، فعوضاً من التفكير الجماعي كل الوقت، أي التركيز على كيفية إرضاء الغير واسثمار رغباتكم معهم ومن أجلهم، فما العيب في بعض الأنانية؟ وإن كانت الأنانية جنوناً فما أجمل ذلك الجنون. أسكتوا الأصوات التي تريدكم أن تكونوا أحجار شطرنج تحركها ظروف الحياة. بعثروا تلك الأحجار واخلقوا مساحات من الهواء بين الواجب والواجب. تجرأوا على تحقيق رغباتكم. أو جنونكم. لا تقلقوا على الواقع، فهو سيعيدكم إليه من دون جهد منكم.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image