ليل السبت، أضاء حفل "تكريم" بنسخته الثامنة سماء الأردن. فبعد بيروت والدوحة والمنامة وباريس ومراكش ودبي والقاهرة، وقع اختيار مبادرة "تكريم" للإنجازات العربية هذه السنة على عمّان، لتكريم شخصيات ووجوه استثنائية.
كعادتها في كل سنة، جمعت "تكريم" أكثر من ألف مدعو من مختلف أنحاء العالم بغية الاحتفاء بشخصيات عربية عرفت النجاح في مجالاتها وباتت مصدر إلهام لكثيرين رغم أنها ارتأت العمل بعيداً عن عالم الأضواء.
من أشخاص حوّلوا إعاقتهم الجسدية إلى طاقة أمل، إلى مؤسسات إنسانية أخذت على عاتقها النهوض بالمجتمع والتغلب على الصعوبات السياسية والاجتماعية، دعونا نتعرف على تفاصيل هذا الحدث والوجوه التي تقف خلف قصص النجاح.
وجوه مشرقة في عالم التفوّق العربي
الساعة السابعة مساء، فُتحت الستارة، ووسط أصداء التصفيق الحار، أطلّ صاحب مبادرة "تكريم" الإعلامي اللبناني"ريكاردو كرم" مرحباً بالحضور الغفير في المركز الثقافي الملكي، لتنطلق فعاليات الحفل مع الإعلامية ليلى الشيخلي التي سلّطت الضوء على قصص عربية كتب لها النجاح بفضل عزيمة "من فولاذ".
جائزة تكريم للإبداع الثقافي منحت للمتحف العربي الأميركي القومي الذي افتتح أبوابه في العام 2005 في مدينة ديربورن ويحمل رسالة واضحة، مفادها تغيير الصورة الخاطئة عن العرب الأميركيين وتسليط الضوء على التجارب الناجحة بين المهاجرين.
جائزة تكريم للمبادرين الشباب منحت لـغانم المفتاح، وهو قطري من ذوي الاحتياجات الخاصة، استطاع نشر طاقته الإيجابية من خلال نشاطات قام بها حول العالم، مؤسساً شركة للآيس كريم، وساعياً من خلالها للتوجه نحو العالمية.
[caption id="attachment_128561" align="alignnone" width="700"] غانم المفتاح[/caption]كان المفتاح قد قال في وقت سابق: "لأنا لست مثلكم لأنني أعيش بربع جسد، ونصف عمود فقري، ولا أستطيع أن أنام على ظهري أكثر من 5 دقائق، وعند الأكل أستلقي على ظهري، ولكني أحب جسمي أكثر من محبتكم لأجسادكم، وأعظم تحدّ هو التعايش مع الإعاقة بحب وسلام وإبتسامة".
جائزة تكريم للخدمات الإنسانية والمدنية منحت لمؤسسة جسور، وهي منظمة غير حكومية تم إنشاؤها في سوريا عام 2011 بغية لمّ شمل المغتربين السوريين من حول العالم وحثّهم على الانخراط في الجهود الساعية إلى مساعدة سوريا على تجاوز صعوباتها، من خلال التعليم بشكل أساسي، عبر تقديم منح دراسية للشباب السوريين وتمكينهم وإتاحة فرصة التعليم للأطفال اللاجئين في لبنان.
[caption id="attachment_128563" align="alignnone" width="700"] دانيا اسمعيل، من مؤسسي جسور[/caption]جائزة تكريم للمرأة العربية الرائدة منحت للناشطة الكويتية معالي العسعوسي التي برز إسمها في العمل الخيري بعدما أسست مبادرة "تمكين" في اليمن، وهي المبارة التي أتاحت لأكثر من ربع مليون شخص أن يصبحوا أشخاصاً منتجين في مجتمعاتهم.
وكانت العسعوسي قد حصدت أكبر جائزة عربية للمبادرات الخيرية، هي جائزة "صناع الأمل" في الإمارات، وذلك عن مساهماتها التطوعية الإنسانية في اليمن.
جائزة تكريم للابتكار في مجال التعليم منحت للدكتورة اللبنانية نهلا حولا الرائدة في وضع التغذية على جدول الأعمال الوطني والإقليمي، والتي شغلت منصب عميدة كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت واشتهرت بأبحاثها حول موضوع السُمنة والحلول الغذائية للحد منها.
مبادرة تكريم للإنجازات العربية… قصص نجاح عربية تعكس الوجه المشرق للمنطقة، وسط الصورة القاتمة والأفكار النمطية التي تركز فقط على الإرهاب والحروب والنزاعات
أما جائزة تكريم للتنمية البيئية المستدامة فمنحت للتونسية سارة التومي صاحبة "الحلم التونسي" الذي يهدف إلى تمكين النساء التونسيات من تطوير طاقاتهنّ عبر 3 مراكز: واحد للشباب وآخر للنساء والثالث لريادة الأعمال، فضلاً عن اهتمامها بمشكلة التصحر، وكانت قد صنفتها مجلة "فوربس" بين أفضل 30 مؤسساً لجمعية خيرية دون سن 30 عاماً.
ومنحت جائزة تكريم للإبداع العلمي والتكنولوجي منحت للدكتور السعودي زهير الهليس وهو واحد من أشهر الجراحين في علاج مشاكل القلب الخلقية خاصة عند الأطفال، وقد تخطت شهرته العالم العربي وذاع صيته على مستوى العالم.
جائزة تكريم للمساهمة الدولية في المجتمع العربي منحت لمؤسسة "بستان بذور الحضارة" وهي مؤسسة أميركية تحتفي بالتنوع وتسعى إلى تضييق هوة الخلافات بين الناس بمعزل عن المعتقدات الدينية والأصل العرقي والوضع الاجتماعي والاقتصادي.
وجائزة تكريم للقيادة البارزة منحت للبناني ريمون دبانة، وهو رئيس مجلس أمناء مؤسسة "العمل ضد الجوع" في الولايات المتحدة الأميركية والرئيس الدولي لشبكة "العمل ضد الجوع".
[caption id="attachment_128566" align="alignnone" width="700"] ريمون دبانة[/caption]أما جائزة إنجازات العمر، فكانت لرجل الأعمال اللبناني الراحل مارون سمعان وهو اشتهر في الخليج في قطاعات النفط والغاز والهندسة المدنية والمقاولات وأطلق في العام 2011 "مؤسسة سمعان" التي اهتمت بالأنشطة الخيرية في المجال التعليمي وقدمت تبرعات للجامعة الأميركية في بيروت بلغت 50 مليون دولار أميركي.
للمرة الأولى قررت "تكريم" منح جائزة "القائد التاريخي" لذكرى الملك حسين بن طلال، لكونه كان يتمتع “برؤية مستقبلية مميزة وديناميكية كبيرة”، ولقب بالملك الباني لأنه تمكن من تجاوز الصراعات والاضطرابات وتحويل الأردن إلى واحة للاعتدال في منطقة الشرق الأوسط.
وقد حاز الأمير السعودي سلطان بن سلمان بن عبد العزيز تقديراً خاصاً كونه أول رائد فضاء عربي ينطلق من الإعلام إلى الفضاء في العام 1985 إضافة إلى أنه مؤسس ورئيس مجلس إدارة نادي الطيران السعودي، كما حازت السيدة ملك النمر من تركيا تقديراً خاصاً بعد جهودها لتحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
عقدت المبادرة في اليوم التالي حلقات نقاش ضمت مجموعة من الشخصيات الفاعلة، وقد فتحت إحدى الحلقات المجال لسيدات برعن في مجالات عملهن لتقديم نصائح مهنية. وتطرقت حلقة أخرى إلى وضع "العالم العربي بين اليوم والغد".
مواكبة الإنجازات العربية على مرّ السنوات
منذ العام 2010، تحتفي "مبادرة تكريم" سنوياً بمؤسسات وشخصيات عربية حققت إنجازات في عدة مجالات.من بيروت، وتحديداً من كازينو لبنان، كانت انطلاقة هذا الحدث المميز في المنطقة، لأنه يسعى وراء الوجوه العربية المغمورة والتي بقيت بعيدة عن أضواء الشهرة رغم تفوقها.
ومن بلاد الأرز حملت المبادرة "غصن الزيتون"، وهو شعار المجموعة، إلى عدة مدن منها الدوحة (2011)، المنامة (2012)، باريس (2013)، مراكش (2014)، دبي (2015)، والقاهرة (2016).
يقول ريكاردو كرم، مؤسس المبادرة: "نحاول أن تكون كل نسخة أفضل من النسخات السابقة خاصة أننا نُدخل في كل عام تقنيات حديثة وتفاصيل جديدة على الحدث".
وعن أبرز الأمور التي تميّز "تكريم 2017" قال كرم لرصيف22 إن هذه النسخة تضمنت العديد من الندوات المهمة، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الموقع الجغرافي في إنجاح الحدث: "ارتأينا تنظيم الدورة في الأردن لأنه عبارة عن نسيج متعدد من الجنسيات، ويجمع أطيافاً مختلفة، ما يعطي رونقاً خاصاً للمناسبة".
لم تكن طريق "تكريم" مزروعة بالورود، إذ واجه المؤسس صعوبات كثيرة، خاصةً في ظل اضطراب الأحوال السياسية في البلدان العربية وشحّ الدعم المالي، إلا أن كرم كان مصمماً على مواصلة المسيرة، مستنداً إلى شبكة علاقات واسعة تمكن من نسجها عبر خبرته الطويلة في مجال التلفزيون واللقاءات التي أجراها مع كبار الشخصيات العربية والعالمية.
تتخلل مبادرة "تكريم" لحظات مؤثرة تختصر الجهد المبذول على طريق النجاح، ففي كل عام يختلط تصفيق الحضور بدموع الفائزين. يقول كرم "قلبي بدق مع كل شخصية عم بتتكرم"، مشيراً إلى أن كل إسم ناجح يشكل مصدر إلهام بالنسبة إلى العالم العربي كله.
يشدد الإعلامي اللبناني على أهمية ريادة الأعمال Entrepreneurship في العالم العربي، لافتاً إلى أن المشكلة تبقى في كون المبادرات فردية. يقول: "لدينا مبادرون ممتازون. بدونهم لن نتمكن من التقدم، لكن التطور يكون غالباً على الصعيد الفردي فقط من دون التفكير في الوضع العام".
يأمل كرم أن تتضافر الجهود في المستقبل وتحصل "تكريم" على دعم أكبر من قبل المؤسسات والحكومات، بهدف أن تحقق المزيد من النجاح وأن تصبح مؤسسة مستقلة عن إسم ريكاردو كرم.
على مدى 7 سنوات، حاولت "تكريم" تحفيز الشباب العربي على التفوق والإبداع، من خلال احتضان قصص النجاح العربية التي تعكس الوجه المشرق للمنطقة، وسط الصورة القاتمة والأفكار النمطية التي تركز فقط على الإرهاب والحروب والنزاعات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.