شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
قرأنا رواية

قرأنا رواية "زائرات الخميس"... هل فيها ما يستدعي كل هذا الجدل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 21 نوفمبر 201708:22 م
"شعرت بيد دافئة على فخذها فارتعبت، كانت قد نامت أربع ليال بجانبه وهو يشخر. لكن يده اليوم تلمسها وهي تتيبس خجلاً. تذكرت أن النساء كن يتحدثن همساً عن أشياء يفعلونها في غرف النوم ويضحكن. (...) قفز فوقها وهو يدغدغها في أماكن متفرقة من جسدها كي تضحك أكثر. قضم أذنها فضحكت، شد ثوبها من أسفل فضحكت. ظلت تضحك لكن شعورها بغرابة ما تفعل لم يفارقها حتى شعرت بوجع بين فخذيها، فتوقفت عن الضحك ثم بكت. خرج منها وهو يزفر". هذا هو المقطع الوحيد في رواية "زائرات الخميس" للروائية السعودية "بدرية البشر" الذي يتضمن تلميحات جنسية، ومع ذلك كان هذا المقطع سبباً في زوبعة من الانتقادات التي طالت الكتاب ووصفته بالإباحية، وانتهى الأمر بقرار من وزارة الثقافة السعودية سحب الكتاب من المكتبات السعودية "لاحتوائه على عبارات غير لائقة". بدأت الحكاية حين نشر شخص تغريدة على "تويتر" مشيراً إلى مكتبة "جرير" جاء فيها: "كيف لكتاب بهذا المحتوى أن يباع في قسم كتب الأطفال. أخطأت بعدم تدقيقي لمحتوى الكتاب قبل شرائه ولكن خطأكم أفدح!". سرعان ما اعتذرت المكتبة عن ذلك قبل أن تبدأ موجة المطالبات بسحب الكتاب ومنعه. في قائمة إصدارات دار "روايات" التابعة لمجموعة "كلمات"، نجد أن الناشر يضع هذا الكتاب في قسم الروايات العادية، وليس في قسم كتب الأطفال أو روايات اليافعين. ولكن ربما لأن هذه الدار تنشر كتباً للأطفال وروايات لليافعين، وضع الموظفون في المكتبة خطأ رواية "زائرات الخميس" مع كتب مخصصة للأطفال، وبينمت هي ليست كذلك (على الأقل هذا ما تقوله قائمة إصدارات ناشرها). تبدأ رواية "زائرات الخميس" بمغادرة "مشاعل" بيت زوجها وطلبها الطلاق من زوجها أو السكن لوحدها في منزل مستقل عن أمه، ثم ترجع الكاتبة بنا من هذه النقطة إلى الخلف، وتحديداً إلى طفولة بطلتها التي عانت من طلاق والديها، ومن سلطة الأب القاسي الذي كان يرسلها لدروس تغسيل الأموات، ظناً منه بأن هذا سيلجم جموح ابنته الصغيرة، ويريها بعينها أن غرور الدنيا لا يفيدها، وأن الناس كلهم فانون وسينتهي بهم المطاف جثثاً باردة ضعيفة لا حول لها ولا قوة.
مقطع وحيد في رواية "زائرات الخميس" للروائية السعودية "بدرية البشر" يتضمن تلميحات جنسية بسيطة، ومع ذلك كان هذا المقطع سبباً في زوبعة من الانتقادات التي طالت الكتاب ووصفته بالإباحية، ما أدى إلى سحبه من السوق
زائرات الخميس، مراجعة للرواية التي أثارت جدلاً غير مبرر خلال الأسابيع الماضية...
ترصد الرواية آثار التزويج المبكر للفتيات، وكيف أنه ينعكس على كل حياتهن، فبعد أن يقوم والد "مشاعل" بتزويجها وهي لا تزال في سن المراهقة تشعر أنها تعيش في عالم غريب عنها، وأنها ليست مستعدة له بعد، وهذا ما سيزيد من مشكلاتها مع الشاب الذي يقاسمها الفراش، لينتهي بها الأمر وهي تحمل لقب "مطلقة" رغم أنها ما تزال مراهقة. هكذا تترك منزل الزوجية وتلجأ إلى أمها وزوج أمها الذي يفاجئها بعطفه وحنانه وبأنه مختلف عن والدها.

"حتى والدها نسيها. لم يعجبه أن ابنته العاصية خرجت إلى منزل والدتها وليس إلى منزله. قرر طردها من منزله لو جاءت إليه، لكنه هو الآخر نسي. واكتشف كم هو مريحٌ أن ينسى، فرعاية فتاة كان نسبياً أسهل من رعاية مطلقة عاصية! هكذا أسماها والدها، على عكس الرجل الثمانيني الذي أسماها ميشو وقال إنها إنسان ومنحها منزله".

تقدم الرواية صورة عن المجتمع النسائي السعودي، وما هي الهموم التي تعاني منها النساء، وكيف يقضين أوقاتهن، ويحاولن التخفيف من عبء السلطة الذكورية عليهن بسهراتهن التي يجتمعن فيها كل خميس ويتبادلن الثرثرات والرقصات والضحكات. في هذه السهرات للمراهقات نصيبٌ أيضاً، إذ تُحضر كل والدة بناتها، وفيما الأمهات مشغولات مع الخاطبة "موضي" بالبحث عن أزواج لبناتهن أو لأنفسهن أيضاً في حال كنّ مطلقات أو أرامل، فإن الفتيات يتبادلن أسرار علاقاتهن الغرامية مع شاب رأينه لمرة واحدة ورمى لهن برقم هاتفه، أو بصورته. ترى "بدرية البشر" في روايتها أن ما يحصل في الطفولة لا يمكن نسيانه، وأن آثاره تبقى راسخة ومؤثرة في حياة الإنسان، وأن الأبناء يحملون أخطاء آبائهم ويكررونها دون وعي منهم، وأن الأنثى التي تعيش في بيئة محافظة ومتشددة تحمل بذور تدمير الذات، ولذلك فإنها حين تخطئ أول مرة لا تجد سبيلاً لمحو خطئها إلا بارتكاب سلسلة من الأخطاء الأخرى التي تنتهي بتدميرها معنوياً، فـ"مشاعل" تكرر أخطاء والدتها نفسها فتتزوج أكثر من مرة، وفي كل مرة تتطلق وترمي صغارها في بيوت آبائهم.

الأنثى التي تعيش في بيئة محافظة ومتشددة تحمل بذور تدمير الذات، ولذلك فإنها حين تخطئ أول مرة لا تجد سبيلاً لمحو خطئها إلا بارتكاب سلسلة من الأخطاء الأخرى التي تنتهي بتدميرها

تلتف الرواية بشكل دائري، فبعد أن بدأت بقرار البطلة الطلاق ترجع إلى الخلف وتحكي سنوات طويلة من طفولتها ومراهقتها صعوداً إلى النقطة التي بدأت الرواية منها، هكذا، يمر شريط ذكريات "مشاعل" أمامها، تفهم ذاتها أكثر وتفهم أمها وصديقاتها من زائرات الخميس وتتخذ قرارها الأخير... بعد أن تدرك أن ثمة شيئاً أهملته منذ زمن، وأنه وحده القادر على تغيير كل قراراتها وتجاوز كل أخطائها. بدرية البشر، روائية وصحافية سعودية، من مواليد الرياض 1967. حائزة على درجة الماجستير في فلسفة الآداب من جامعة الملك سعود في الرياض، ودرجة الدكتوراه في فلسفة الآداب، علم الاجتماع، من الجامعة اللبنانية في بيروت عام 2005. لها مساهمات طويلة في عدة صحف عربية تكللت بفوزها بجائزة أفضل عمود صحفي ضمن حفل الجوائز العربية عام 2011، وهي أول امرأة عربية تنال هذه الجائزة. صدرت لها ثلاث مجموعات قصصية، ومجموعة من الدراسات والمؤلفات النقدية، ولها أربع روايات هي: "الأرجوحة"، "هند والعسكر"، "غراميات شارع الأعشى" التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2014، و"زائرات الخميس". الناشر: دار روايات/ الشارقة عدد الصفحات: 212 الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع نيل وفرات.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image