في الأسابيع الماضية، تحولت كلمة كانت تستخدم بشكل غير رسمي إلى اسم شائع للعبة لا تخلو يد طفل مصري تقريباً منها.
ورغم أن اللعبة التي تتكون من حبل صغير تتعلق بنهايته من الناحيتين كرتان من البلاستيك تباع منذ سنوات، باسم البندول، فإن اسمها تغيّر في الأسابيع الأخيرة وصار "بيضان السيسي".
بحسب معجم المعاني الجامع، فإن كلمة بيضان هي جمع بيضة، لكنها تحمل إيحاءً جنسياً إذ تستخدم في اللهجة العامية المصرية بمعنى الخصيتين، أو للتعبير، خصوصاً بين الشباب، عن الشخص السمج، الثقيل الظل، والعديم الشعبية.
يتم وضع الدائرة الموجودة في منتصف الحبل تماماً داخل إصبع الطفل الأوسط، أو يمسكها بالسبابة والإبهام، ويهزها بطريقة معينة فتتصادم الكرتان بشكل متكرر ودون توقف.
اللعبة الموجودة لدى أغلب متاجر لعب الأطفال في مصر تنقسم لنوعين، النوع الأول حبله أصغر وسعرها خمسة جنيهات (أقل من ربع دولار) أما النوع الثاني فحبله أطول قليلاً وسعره عشرة جنيهات (أقل من نصف دولار بقليل).
كيف تحول البندول إلى "بيضان"؟
تشبه اللعبة الخصيتين من حيث الشكل، لكن لا يعرف أي شخص تحديداً كيف ربط الأطفال اسمها باسم الرئيس المصري.
لكن مراقبين يعتبرون أن الأمر قد يكون نوعاً من الاعتراض الصامت على حالة الغلاء الشديد الذي يعاني منه أغلب المصريين وساهم في انحدار شعبية السيسي.
في العام 2013 بعد الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، كانت شعبية وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي في قمتها، وظهر في الأسواق لأول مرة فانوس رمضان على شكل السيسي وهو يرتدي بدلة الجيش المصري.
كما حققت صوره المطبوعة مبيعات كبيرة في أغلب الميادين، لكن الأمور تغيرت بعد الأزمات الاقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر وتسببت في زيادة الأسعار، وبالتالي معدلات الفقر.
ووصل الفقر في مصر حد أن سيدة مصرية عرضت أطفالها للبيع يوم الاثنين الماضي في محافظة الشرقية المصرية، لعدم قدرتها على دفع مصاريف المعيشة على حد تعبيرها.
ويرى الرئيس المصري أن ما يسميه "الإصلاح الاقتصادي" كان ضرورياً وسيؤدي في المستقبل لتحسين الاقتصاد وحماية الفقراء.
وأدى تحرير سعر الجنيه المصري (التعويم) في نوفمبر 2016 إلى تضاعف أسعار السلع، كما وصل سعر الدولار إلى 20 جنيهاً لأول مرة في تاريخه، قبل أن يتراجع إلى نحو 18 جنيهاً.
يقول بائع لعب أطفال بشارع العشرين الشعبي الشهير في حي فيصل بالجيزة إنه لا يعرف السبب في تغيير اسم اللعبة رغم أنها كانت تباع منذ سنوات طويلة باسم البندول.
ويضيف البائع الذي رفض ذكر اسمه أن اللعبة تقريباً هي الوحيدة التي تنتجها ورش لعب أطفال مصرية على عكس باقي الألعاب المستوردة من الصين.
"مؤخراً يرفض الأمن المصري أن نبيع هذه اللعبة، لذلك لا أعرضها ضمن الألعاب رغم أنها بمخزن المحل، ومن يسأل عنها نحضرها له حتى لا نعرض أنفسنا لمشاكل مع الأمن".
لماذا يحبون اللعبة؟
لا يترك الطفل المصري يوسف (7 سنوات) اللعبة، يقول لرصيف22 إنها أصبحت لعبته المفضلة، وبات خبيراً فيها، "هي لعبة رخيصة اشتريتها من مصروفي، لا تنكسر أبداً"، يقول الطفل.
لكن لا تسمح أغلب الأسر لأطفالها باستخدام اسم اللعبة الشائع، ويطالبون أطفالهم بتسميتها البندول، بسبب أن الكلمة الأخرى غير لائقة. "البندول أصبحت لعبتي المفضلة" يقول يوسف.
أما الطفل كريم (9 سنوات) فيحب اللعبة لأنها تحتاج لتركيز و"شطارة" على حد تعبيره، يقول إنه تدرب عليها يوماً كاملاً حتى أصبح يجيدها، وحالياً يستطيع عمل حركات عدة بها.
أبسط إجابة عن سبب حب اللعبة حصل عليها رصيف22 من طفل صغير كانت "احبها من دون سبب". هكذا قال الطفل عمر (7 سنوات).
لعبة أطفال يطاردها الأمن المصري
الجدل حول اللعبة زاد بعد انتشار أخبار عن أن الأمن المصري سيقبض على أي بائع يقوم ببيعها. ظن الناس أن الأمر مجرد شائعات إلى أن وصل لوسائل الإعلام المصرية بيان من مديرية أمن الجيزة يؤكد صحته.
قالت المديرية في بيانها إنها شنت حملة أمنية لضبط تجار اللعبة وقد نجحت يوم الثلاثاء الماضي وبعد حملة استمرت ليومين في التحفظ على 1403 لعبة، كانت لدى أكثر من أربعين من تجار الجملة، أحالتهم مديرية الأمن إلى النيابة العامة للتحقيق.
وقال البيان أن الأسباب هي "الحفاظ على الأمن والنظام والآداب العامة" وأن اللعبة "تسببت باستياء المواطنين".
علماً أن بيان مديرية أمن الجيزة الذي نشرته أغلب وسائل الإعلام المصرية تحول إلى موضع سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
تم تغيير أسماء الأطفال في المقال، كما حرصنا على ألا تظهر الصور ملامح وجوههم بسبب صغر أعمارهم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ 8 ساعاتأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ 14 ساعةحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ يومينمتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 3 أيامtester.whitebeard@gmail.com