شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
جربوا النظر في عيني لثانية واحدة

جربوا النظر في عيني لثانية واحدة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 10 أكتوبر 201705:06 م
"عندما أنظر إلى شخص غريب في الشارع أشعر بالخوف، أتأكد من أن حقيبتي لا تزال على كتفي، أتمسك بها أكثر فأكثر، أخشى أن يكون لصاً. هذا في مصر، أما عندما أكون في دبي أو الشارقة بالإمارات فأشعر بأمان، أحياناً نتبادل ابتسامات عابرة مع الغرباء في الشارع، وأحياناً يسألونني عن عناوين أماكن وأرشدهم إذا كنت أعرفها"، تقول شرين عبدالسلام، مدرسة، 30 عاماً، واصفة حال الكثير من المصريين المغتربين في الخارج، والذين يشعرون بتهديد من الغرباء عندما يكونون في مصر. الأشخاص المختلفون أيضاً ينتبهون للنظرات العابرة. إذا كنت أناركياً فوضوياً وشعرك طويلاً وكثيفاً، وبنطلونك مقطعاً، أو امرأة غير محجبة في مجتمع محافظ تتحجب فيه النساء، أو امرأة محجبة في مجتمع متحرر يستهجن الحجاب، يشعر هؤلاء المختلفون بوطأة نظرة الغرباء إليهم. حساب ديانا، مدرسة لغويات على موقع التواصل المعرفي كورا، يحكي عن تجربة أخرى، عندما تكونون مختلفين في زيّكم عن المجتمع، كيف ينظرون إليكم؟ MAIN_3Eye-ContactMAIN_3Eye-Contact

نظرة الحجاب

تقول ديانا: "عندما تكونون مركز الجاذبية بسبب زيّكم الخاص، سيحدق فيكم الجميع تقريباً في كل مكان، أنا لست مضطرة حتى أن أرفع رأسي لأعرف ما إذا كان الناس ينظرون إلي، أستطيع أن أشعر بـ101 فكرة تومض كلها مرة واحدة". وتوضح تجربتها النفسية: "أتلقى رسائل ذهنية مجنونة تغمر تقريباً وجودي، عندما أصل إلى نقطة الصفر أجدني مباشرةً تحت نظر الآخرين، أنظر إليهم مباشرةً في عيونهم، أقبض عليهم غير محميين، إنهم يتجمدون". تؤكد أنها لا تريد أن تتلاعب بشكل شرير بالناس، إنها نظرة العين مقابل العين: "كل الرسائل الذهنية تتوقف 5 ثوانٍ قبل أن أنظر إلى الناحية الأخرى". ولكن الجزء المثير في تجربتها أنه بات لديها القدرة على الشعور بمشاعر الغرباء حيالها، والقدرة على تصفية الأجواء بينهم، وتغيير وجهة نظرهم عنها. تحكي أنها اعتادت أن تتنزه في حديقة مع شقيقها الصغير، وتشعر بطاقة قوية مركزة عليها، تمر بامرأتين تتهامسان، بمجرد أن مرت قربهما حتى توقفتا عن الثرثرة وحدقتا إليها، ولكنها تسلم عليهما بمرح: "هاي، هذه عباءتي؟ إنها تمسح الأرضيات، أتمنى ألا تزعجكما". وتضيف أنها اعتادت إجراء مثل هذه الطقوس كثيراً. ثم يبدأ التعارف. وبعد محادثات اجتماعية قصيرة ينتهي الأمر بتبادل أرقام الهاتف، وفي النهاية تقول إنها اعتادت أن تنظر إلى الناس في عيونهم عند الضرورة، في الأماكن العامة، وتعتبر تلك النظرة "طريقة متفتحة العقل" تعني أنكم لستم خجولين من اختياراتكم، وتشدد: "الحجاب خياري الذي لا يقدر بثمن". توضح ديانا: "لا أعتقد أن أي شخص يجرؤ على أن يحدق فيّ لتقييمي، إنها رهبة أن ينتشر الحجاب"، ولكن إذا ابتسم أحد لها، فإنها ترد بظرف. ولكن ماذا عن الأشخاص الذين يشاركونها في الاعتقاد بضرورة الحجاب، تقول إنها عندما تتلقى نظرة من رجل مسلم آخر: "الذي يدرك بشكل دقيق غضبي، أضربه بنظرة حتى يحصل على رسالة متماسكة، ويتظاهر بأنه غير قلق علي".

حكايات العيون في الشوارع العامة

أما كيتي وبانك، وهي جامعية تعيش في هوستون الأمريكية، فتقول إنها تقريباً تقدم عروضاًِ للاتصال بالعين للأشخاص العابرين في مبنى مكتبها أو في أي مكان آخر، باستثناء الحمامات العامة، وتبتسم دائماً عندما يحدث اتصال بالعين. تقول عن تلك التجربة: "كم هي لطيفة، أنا فقط أتواصل مع إنسان آخر، لست مضطرة حتى لأن أحاول". وعن استجابة الناس لعروضها توضح: "لا أحد يريد أن يتعارك معي، لأنني أتصل بهم بعيني، بعض الناس أوقفوني ليقولوا لي إن ابتسامتي جعلت يومهم مشرقاً، وكان هناك رجال اعتبروا الابتسامة دعوة إلى شيء ما، ولكنهم بشكل عام مهذبون عندما أوضح لهم أنهم مخطئون". via GIPHY وتلخص تجربتها قائلة: "أن تجري اتصالاً بالعين مع الغرباء أمر رائع!". ميرا زاسلوف، مديرة في شركة ناشئة، تقول أيضاً على صفحة كورا إنها تشعر بالسعادة عندما تجري تواصلاً بالعين مع الناس في الشارع، ولاحظت أن الابتسام معدٍ، والناس تستجيب لكم بالطريقة التي تتصرفون بها حيالهم. وتحذر من التحديق بوقاحة: "اجعلوا اتصال العين سريعاً، والابتسامة، امشوا بثقة وحافظوا على رأسكم مرفوعاً".

التواصل بالعين يحميكم

إذا كنتم تخافون من المتاعب تنصحكم ميرا بأن الاتصال بالعين لن يزيدها، فالأشخاص الذين يبحثون عن ضحايا يخطفونهم أو يسرقونهم لا يودون أن يجربوا مع هؤلاء. أصحاب النظرة اليقظة والمنتبهون للمحيطين بهم، هم يبحثون عن آخرين أكثر سهولة، مثل المنشغلين عبر الهواتف المحمولة، أو الذين يستمعون إلى الأغاني عبر سماعات الرأس. تقول ميرا: "نحن جميعاً نريد أن نكون مرئيين، ولكن معظمنا لا يتوقع ذلك، ما أحبه في المشي في الصباح أنني ألاحظ الناس الذين لا يظهرون في المشهد العادي، وهم يلحظونني أيضاً، سائقو الحافلات، منظفو الشوارع، الذين يتمشون مع الكلاب، عمال يفتحون المقاهي، حراس المحلات". وتحكي ميرا عن إحدى تجاربها بداية العام الحالي: "كان لدي تواصل عظيم مع مزيلي أضواء عيد الميلاد في نوتينغ هيل، وعدد كبير من الناس ينامون في الشوارع، وأنا أحييهم أيضاً بالطبع، يجب علينا جميعاً أن نفعل ذلك، نحن نخدع أنفسنا عندما نعتقد أننا منفصلون أو مختلفون". وترى ميرا أن اليوم الذي يكون فيه تفاعلات عارضة، وعلاقات سطحية، يجعلها ضعيفة، والكثير من الناس يشعرون بذلك، هناك طريقة مختلفة دائماً للتواصل، "إنه شيء سهل جداً أن تنظروا إلى شخص ما، تلاحظونه، ثم تبتسمون له".

راقبوا عيون الناس، ماذا ترون؟

via GIPHY يصنف مارتي نيمكو الطبيب النفسي في مقال بموقع "سايكولوجي توداي" نظرات الناس العابرة بـ5 أنواع، وهو يتمشى 6 أيام في الأسبوع مع كلبه لمدة 45 دقيقة. النوع الأول، النظر إلى وجه شخص لمدة أطول من ثانية واحدة، ووصفه بأنه "أندر أنواع اتصال العين"، ومعظم الأوقات المستقبِل يكون من العمر نفسه، والناظر غالباً من النوع الجذاب تقليدياً. ولاحظ أن الرجال ينظرون إلى المرأة فترة أطول من نظرة النساء لهم، ومعظم الفتيات اللاتي ينظرن لفترة أطول يكن جذابات، ولكن ترى الفتيات في عصرنا المائل للنسوية أنه من العدواني جداً النظر إلى الرجل الجذاب لمدة طويلة. وعند رؤية شخص جذاب جنسياً يصعب على الناس من كلا الجنسين السيطرة في الحفاظ على مظهرهم، ستجدون مثل هذه الأمور: اتساع العينين، صعود طفيف في زوايا الفم، ويصدقون في أشياء إيجابية غير حقيقية، مثل أن يظن شخص أنه يعرفكم، أو يحب شيئاً على وجهكم مثل النظارات، والأقراط. أما النوع الثاني، فالنظرة التي تستغرق من نصف ثانية إلى ثانية، وتوحي بالجاذبية الجنسية، أو الأفلاطونية، أو ببساطة أن مظهركم مثير للاهتمام إلى الدرجة التي تستدعي تلك النظرات، صفات تمتلكونها مثل تصفيفة جيدة للشعر. النظرة المباشرة للأمام بطريقة تخول الناظر أن يراكم بطرف عينه، هو النوع الثالث حسب تصنيف نيمكو، ولكنه ينظر بشكل مباشر بعيداً عنكم، وذلك يعني أشياء عدة مثل: أنه بعيد عنكم، خجول، منطوِ، يفكر في شيء آخر، موقفه محايد حيال مظهركم، وتشيع هذه النظرة بين الشباب والرجال الأكبر سناً. ينظر الشخص إلى الأمام مباشرة، عندما تكونوا مبتعدين عنه من 10 إلى 40 متراً، أنتم تلاحظونه وهو ينظر إليكم، بمجرد أن تقتربوا أكثر، ينظر بعيداً إلى الأمام. أما النوع الأخير،  بحسب تصنيف نيمكو، فأن ينظر الشخص بعيداً دون أي تعبير على الوجه، وهذا يعني أنه يجدكم غير جذابين إلى حد ما، أو أنه يستجيب بطريقة سلبية حيال نظراتكم أنتم، إنها نظرة تقول "أنا لست مهتماً". النظر بعيداً بازدراء، العين تنظر بعيداً عنكم، وملامح الوجه تتحول من سطح  بلا ملامح إلى سخرية، مثل تكوير الشفة العليا، وحركة الأنف، يمكن أن يكون الأمر له علاقة بكم أو ليس لديه فكرة عنكم، ولكن تجول بخاطره علاقة سلبية معكم.

الإنسانية في زحمة العاصمة

via GIPHY هذه النظرات اللامبالية تكثر في العواصم المزدحمة مثل القاهرة ونيودلهي وبكين. تصف فيفان ليو، في حساب على كورا، نظرات الناس العابرة في شوارع العاصمة الصينية بأن الناس ينظرون إلى أي اتجاه، ويحاولون بصمت مواكبة الخطوات الطويلة والسريعة للمدينة، "إنها بكين المكان الذي يسيطر على الناس، وليس العكس". تتأمل فيفيان ليو المشهد: "قد يعتقد كل شخص أن العالم غير مبالٍ، خالٍ من العقل، هادئ. هناك عيون لامعة، وباهتة، ومحتقنة بالدم تنظر إلى اللاشيء، أداة في آلة، هذه هي بكين". وتقارن ليو بين ما ينبغي أن تكون عليه البشرية عندما يكونون في الشوارع وتتلاقى عيونهم: كل واحد يعتقد أن هؤلاء هم كل الناس، وتستدرك قائلة :"الجميع في الواقع إنسان، ولكن من الصعب أن يتجسد هذا، أن يُستعرض في الشوارع، ومع ذلك عندما تنظرون إلى عينَيْ شخص في الشارع، ربما تظهر ابتسامة". وتخلص إلى: "من المهم أن تكونوا إنسانيين، من المهم أن تظهروا إنسانيين، من المهم أن يدرك الآخرون أنهم بشر، أحاول أن أجري اتصالاً بالنظر مع الناس في الشارع". ويبدو أن الأمر بالنسبة لليو ليس مجرد نظرات عابرة إنه يتعلق بكوننا بشراً، تقول مستطردة: "إننا أكثر قوة عندما نكون بشراً، عندما نشعر، نخلق... ونظهر ذلك للآخرين، عندما نترك بصمة على الآخرين، حتى لو كان مؤقتاً، فالإنسانية شعور رائع، يمكن أن يحرركم، يحجزكم، يربككم، وهكذا، التنفيس عن المشاعر الناجمة من كونكم أحياء فقط تجعلكم تتعجبون من كل شيء في العالم، وتشعرون بامتنان بالغ، وإثارة، وبهجة، وربما الفخر، وربما التعجب".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image