شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
لأول مرة.. إدانة قضائية لجندي سوري لانتهاكه الكرامة الإنسانية

لأول مرة.. إدانة قضائية لجندي سوري لانتهاكه الكرامة الإنسانية

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 5 أكتوبر 201702:30 م

في يناير 2014، انتشرت على الإنترنت صور لشاب سوري لم يتعدَّ عمره الثلاثين عاماً، وهو يدوس جثثاً لمواطنين سوريين مدنيين. وكان في الصور مبتسماً وملامحه هادئة.

الشاب اسمه محمد عبد الله (عمره اليوم 32 عاماً)، وهو أحد جنود جيش النظام السوري، وصدر ضده مؤخراً حكم من محكمة أوروبية بالسجن بعد اتهامه بانتهاك الكرامة الإنسانية لقتلى من المدنيين السوريين.

يعدّ الحكم الذي أصدرته المحكمة السويدية غير مسبوق، فمنذ بداية الحرب في سوريا في العام 2011، وجميع الانتهاكات التي قام بها جنود سوريون مرت من دون محاكمة. لذلك يعدّ الحكم نقطة من الأمل في بحر من ظلمات الانتهاكات.

بالتأكيد لن يعيد الحكم القضائي السوريين الذين ماتوا مرة أخرى للحياة، لكنه يثبت أن جرائم الحرب حق لا يسقط بالتقادم، كما أظهر أهمية منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر كموثق لكل العنف والانتهاكات التي حدثت وتحدث في سوريا.

وقد أصدرت المحكمة حكمها على الجندي بناء على الصور التي تبادلها مستخدمون كثر على تلك المنصات. وكلها تظهر انتهاكاً واضحاً لكرامة هؤلاء القتلى.

حكاية المحاكمة

بدأت أحداث تلك المحاكمة يوم 18 سبتمبر الماضي، حين بدأت السويد رسمياً في محاكمة عبد الله، الذي قاتل لسنوات لصالح النظام في سوريا. قبل أن يقرر الهرب من سوريا ويطلب حق اللجوء من السويد في يوليو عام 2015.

لكن بمجرد وصول الجندي إلى ستوكهولم، استطاع بعض السوريين الذين يعيشون هناك التعرف عليه، وتذكروا صوره التي سببت لهم ألماً على ما يحدث لأبناء بلدهم.

قدم هؤلاء للسلطات السويدية الصور التي توثق ما قام بعد الله حين كان يظن أنه آمن في سوريا وسط قوات الرئيس السوري بشار الأسد، وقد وجدت السويد أن الصور تستحق اعتقال عبد الله.

تم اعتقال الجندي السوري رسمياً في فبراير من العام 2016، وقررت محكمة ستوكهولم حبسه على ذمة التحقيق.

هل قتل عبد الله السوريين الذين داسهم بقدميه؟

في البداية، اتهم المدعي العام في السويد هنريك أتوربس، عبد الله بقتل السوريين الذين يظهرون في الصور، لكن عبد الله نفى أن يكون هو من قتل هؤلاء السوريين.

وقد وجدت المحكمة أن الصور لا تثبت أنه القاتل. فنحن في النهاية نتحدث عن صور رقمية ثابتة وليس فيديوهات. لكن أتوربس لم ييأس إذ قدم قضية ثانية، متهماً من خلالها عبد الله بانتهاك كرامة القتلى السوريين.

لم تستطع المحكمة أن تثبت من خلال الصور أن عبد الله هو من قام بقتل المدنيين السوريين، لكنها على الأقل نجحت في أن تثبت أن الشاب انتهك الكرامة الإنسانية لهؤلاء القتلى وفقاً للقانون الدولي.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية اليوم الأربعاء إنه رغم أن هناك الكثير من الصور التي توثق جرائم تحدث بشكل يومي في سوريا، فإن الحكم يعد انتصاراً حقيقياً في طريق الحصول على حقوق السوريين.

بحسب الصحيفة، فإن الحكم هو الأول من نوعه الذي يصدر ضد جندي من قوات النظام السوري من محكمة خارج سوريا، وهو ما قد يكون مقدمة لأحكام أكثر قد تخرج في الفترة المقبلة من محاكم أخرى.

انتصار بعد الفشل

يأتي هذا الحكم بعد فترة قصيرة من فشل محاولة شبيهة في إسبانيا. ففي يوليو من العام الجاري، تم إلغاء محاكمة مسؤولين سوريين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في مقتل شخص، بعد أن وجدت شقيقة هذا الشخص صورته بين صور لقتلى من ضحايا التعذيب، كان أحد المنشقين عن النظام السوري قام بتهريبها.

وكان من المتوقع أن يصدر حكم في القضية باعتبار أن التي قامت برفعها هي  مواطنة إسبانية (شقيقة الضحية) لكن لجنة عليا في إسبانيا رفضت القضية باعتبار أنها لا تقع ضمن اختصاص المحكمة الإسبانية.

أما السويد فوجدت أن من حقها محاكمة عبد الله باستخدام قاعدة قانونية يطلق عليها الولاية القضائية الدولية، والتي ترى أن من حق المحاكم حتى لو كانت محلية أن تحاكم من يقومون بجرائم حرب وإن حدثت تلك الجرائم خارج الأراضي التي تتواجد فيها هذه المحاكم.

ويظهر تقرير حديث لمنظمة العفو الدولية اطلع عليه رصيف22 أنه رغم السلبية التي تتعامل بها دول عدة مع الجرائم التي تحدث في سوريا، هناك رغبة حقيقية في كل من السويد وألمانيا لمحاكمة المتورطين في جرائم ضد الإنسانية في سوريا.

ويقع التقرير الذي حمل عنوان "الجرائم التي نهرب منها: العدالة لسوريا في المحاكم السويدية والألمانية" في 66 صفحة، ويظهر بالتفاصيل الجهود المبذولة في السويد وألمانيا للتحقيق مع المتورطين في جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بهدف مقاضاة مرتكبيها في سوريا.

واعتمدت المعلومات التي جاءت في التقرير على شهادات من 50 شخصاً يعملون على هذه القضايا، إلى جانب 45 لاجئاً سورياً في السويد وألمانيا.

بعد ست سنوات من الحرب في سوريا، فقد معظم السوريين الأمل في حل عادل لما يحدث في بلدهم، فهل يعيد هذا الحكم لهم الثقة في هذا العالم؟ الإجابة عند السوريين.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image