يغصّ التراث العربي بمجموعة كبيرة من الكتب المحظورة: كتب دينية ورسائل فلسفية ومصنفات علمية وكتب سياسية وأدبية وأخرى عن السحر والتنجيم.
واجهت هذه الكتب كلها مصير الإعدام بالحرق أو الغسل بالماء أو التمزيق أو الدفن، إما بأمر الحاكم أو بفتوى الفقيه. وكاد الدين أن يكون العامل الوحيد وراء حظر هذه الكتب، ومنعها من التداول، ما تسبب في فقدان أغلبها ونجاة قليل منها من الضياع.
1- الكتب الغنوصية
كتاب الجفر
المؤلف: منسوب لعلي بن أبي طالب (599 – 661) موضوعه: كتاب غيبي مليء بالأسرار، ويعتقد الشيعة الإمامية أن الإمام جعفر الصادق كتب لهم فيه كل ما يحتاجون إليه، وكل ما سيقع إلى يوم القيامة. سبب الحظر: كفّر كثير من الشيوخ المسلمين مضمون الكتاب، بدعوى أن الغيب لا يعلمه إلا الله، ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية.رسائل إخوان الصفا
مؤلفها: جماعة إخوان الصفا (القرن السابع الميلادي) موضوعها: مجموعة رسائل غنوصية تنقسم إلى أربعة أقسام: الرياضيات، والطبيعيات، والعقليات، والإلهيات. سبب الحظر: طعن فيها الشيخ ابن تيمية، والإمام الذهبي، وذكر ابن الأثير في الكامل في التاريخ أن الخليفة العباسي المستنجد بالله حظر الكتاب لأنه رأى أنه من كتب الفلسفة التي تخالف العقيدة.2- الكتب الدينية
سيرة ابن عثمان
المؤلف: التابعي المؤرخ أبّان بن عثمان بن عفان (ت. 723) موضوعه: سيرة نبوية وضعها أبان بن عثمان بن عفان، تتضمن قصة حياة النبي محمد وغزواته. سبب الحظر: قام الملك سليمان بن عبد الملك، عندما كان ولي عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، بحظر هذه السيرة وإتلاف نسختها عندما سلمها له أبان بن عثمان بن عفان، ويُذكر أن السبب في ذلك هو أن الأمير الأموي تبيّن منها فضل الأنصار على الدعوة الإسلامية، وهو ما كان يرجوه لأهل بيته من بني أمية.مدينة العلم
المؤلف: المحدث الشيعي محمد بن علي بن بابويه (918 – 922) موضوعه: كتاب موسوعي، وهو أحد الأصول الروائية الخمسة للشيعة. سبب الحظر: الخلافات المذهبية بين أهل السنة والشيعة وتتبع السنة لكتب ومكتبات الشيعة.3- كتب الفلسفة وعلم الكلام
كتاب الشفاء
المؤلف: الطبيب الفيلسوف ابن سينا (980– 1037) موضوعه: موسوعة فلسفية من خمسة مجلدات تضم أبحاثاً في الميتافيزيقا والمنطق. سبب الحظر: قام الخليفة العباسي المستنجد بالله سنة 555 هـ بحظر وحرق الكتاب لأنه رأى أنها تخالف العقيدة.كتاب العالم
المؤلف: المتكلم والمفكر ابراهيم النظّام (777 – 836) موضوعه: كتاب فلسفي عن الحركة، قرر فيه النظّام أن عدم تناهي الحركة من آخرها لا ينافي التوحيد. سبب الحظر: اتهمه الشيخ أبو الحسين الخياط بالإلحاد، وهي نفس التهمة التي رماه بها عبد القادر البغدادي والحافظ الذهبي، إذ قالا إنه أُعجب بقول البراهمة بإبطال النبوّات. للمؤلف كتب أخرى محظورة منها كتاب الجزء (ناصر فيه آراء ديمقريطس ولوسيب في الجزء الذي لا يتجزأ والعالم الذي هو مجرد حركة وبسببه انقلب عليه علماء الكلام) وكتاب النكت (زعزع هذا الكتاب الأساس الرابع من أسس التشريع الإسلامي وهو "الإجماع" واتهمه ابن قتيبه بالهجوم على الصحابة فيه وكفّره) وكتاب في القرآن ما هو (ذكر فيه أن تأليف القرآن ليس ببرهان في حد ذاته. وقام الخليفة المتوكل بإتلاف هذا الكتاب وبقية مؤلفات النظام).جردة بأسماء 26 كتاباً تم منعها في التاريخ العربي وأسباب حظرها
في الفلسفة والدين والتصوّف والعلم والسياسة والأدب... أبرز الكتب الممنوعة في تاريخ العرب
تهافت التهافت
المؤلف: الفيلسوف ابن رشد (1126– 1198) سبب الحظر: تسبب هذا الكتاب الذي يردّ فيه ابن رشد على كتاب "تهافت الفلاسفة" للغزالي، بلفت انتباه الفقهاء إلى فكر ابن رشد الذي جدد فلسفة أرسطوطاليس، وقال بأزلية المادة، وأنكر خلود النفس، فأبلغوا أمره للخليفة أبو يوسف يعقوب المنصور فنقم على ابن رشد، وحظر الكتاب وباقي كتبه وأحرقها.4- كتب إلحادية
كتاب المقالات
المؤلف: محمد بن هارون الوراق ( 792 تقريباً – 994). موضوعه: كتاب عن الإعجاز البلاغي للقرآنسبب الحظر: تعرّض لإعجاز القرآن وذكر أن القرآن به أخطاء نحوية ولغوية، معتبراً أن القرآن غير معجز للعرب ومقدماً أربعة تفسيرات لعدم قيام العرب بتقليد القرآن. وكان الوراق في هذا الكتاب أول من أثار مسألة أمية الرسول واتهمه بأن له علاقة جيدة بأهل الكتاب من اليهود والمسيحيين مثل ورقة بن نوفل. وقال إن القرآن خبر آحاد لأن زيد بن ثابت الأنصاري هو الذي تولى كتابته وترتيبه، فزاد ونقص. كتب أخرى محظورة للمؤلف: كتاب المجالس (يضم مناظرات مفكري عصره، ونقداً لإعجاز القرآن حيث قال: "إن الأنباط والعجم والمغفلين والأغبياء هم الذين ينخدعون بدعوى الإعجاز". كما انتقد شعائر الحج وقال: "إن الدعوة إلى حج البيت ورمي الحجار، والتلبية وتقبيل الركن والمقام، هي من قبيل ما يقدمه أهل الهند لأصنامهم من نسك".اتهم الملك منصور الرازي بالكذب والدجل، ثم أمر بأن يُضرب بالكتاب على رأسه إلى أن يتمزق
كتاب الزمردة
المؤلف: ابن الراوندي (827 - 911) موضوعه: أهم كتب ابن الراوندي التي أثارت اهتمام علماء الكلام. وهو أول كتاب ألف في اللغة العربية في نقد الرسل، وهو يتناول نقد لفكرة النبوة والشعائر الدينية. وقد صاغه ابن الراوندي على أسلوب الحكاية، ووضع قدحه للأنبياء والرسل على ألسنة البراهمة الذين لم يرسل الله لهم نبياً، وإنما هداهم العقل البشري إلى السيرة المستقيمة والصالحة في الحياة. سبب الحظر: قيامه بإبطال النبوّة، وطعنه على الرسل معتبراً أنهم أهل مموهون سحرة، وأن القرآن فيه تناقض وخطأ، ونقده مناسك الحج ومعجزات الرسول وموقف الإسلام من صلب المسيح، كما نقد نظم القرآن وإعجازه. كتب أخرى محظورة للمؤلف: كتاب القضيب (قال فيه إن الله كان غير عالم حتى خلق لنفسه عالماً)؛ كتاب التاج (قال فيه بأزلية العالم، وأنه بلا خالق) كتاب الدامغ والدافع للقرآن (نقد فيهما القرآن).5- كتب سياسية
كتاب الإكليل في أنساب اليمن وأخبار حمير
المؤلف: المؤرخ النسابة ابن الحائك الحسن بن أحمد الهمداني (893 – 945) موضوعه: كتاب موسوعي في عشرة أجزاء عن أنساب اليمن وأخباره، تتضمن معارف اليمن وعجائب أهله. سبب الحظر: حظرت قبائل اليمن الكتاب بسبب مثالبه في بعض القبائل، وهو الأمر الذي أدى إلى قيام أهل كل قبيلة بإعدام ما وجدوه من الكتاب، وتتبع إعدام نسخه.مثالب الوزيرين
مؤلفه: الأديب أبو حيان التوحيدي (923 - 1023) موضوعه: كتاب سياسي يطعن في أبي الفضل بن العميد والصاحب بن عباد بعدما أساء الأخير معاملته عندما اتخذه ناسخاً له. سبب الحظر: السبب السياسي الطعن في الوزيرين المذكورين، وبعض المخالفات الشرعية التي رصدها الحافظ بن حجر العسقلاني في الكتاب.6- كتب صوفية
إحياء علوم الدين
مؤلفه: أبو حامد الغزالي (1058 - 1111) سبب الحظر: المضمون الصوفي للكتاب، وكثرة الأحاديث الباطلة فيه، وبعض الآراء الفلسفية التي رآها شيوخ أهل السنة والجماعة منحرفة، مما أوجب الطعن في الكتاب والدعوة لحرقه من قبل الإمام الطرطوشي المالكي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام الذهبي وغيرهم. وقد قام الأمير علي بن يوسف بن تاشفين، أمير دولة المرابطين، بحظر الكتاب وحرقه في المغرب والأندلس عام 1109.فصوص الحكم
المؤلف: محي الدين بن عربي (1165 – 1240) سبب الحظر: تضمن الكتاب أفكاراً عن وحدة الوجود. وذكر زين الدين عمر بن المظفر بن الوردي في كتاب تتمة المختصر من أخبار البشر واقعة حظر الكتاب وحرقه. كتب أخرى محظورة للمؤلف: الفتوحات المكية.خلع النعلين في الوصول الى حضرة الجمعين
المؤلف: المتصوف وقائد ثورة المريدين أحمد بن قسي الأندلسي (ت. 1152) سبب الحظر: مخالفات شرعية في نظر علماء أهل السنة والجماعة، مما حثّ كلاً من البلقيني وابن حجر ومحمد بن عرفة وابن خلدون على الدعوة إلى حظر هذا الكتاب ومنع تداوله مع بعض الكتب الصوفية الأخرى.كتاب بد العارف
مؤلفه: المتصوف الأندلسي عبد الحق ابن سبعين (1217 – 1268) سبب الحظر: يعتبر هذا الكتاب المصدر الأهم لفلسفة ابن سبعين وقد ألفه ليجيب على بعض المسائل الفلسفية التي أرسلها الأمبراطور فردريك الثاني إلى الخليفة الحفصي الرشيد. وقد أثار هذا الكتاب جدلاً واسعاً بدءاً من عنوانه. إذ إن كلمة "بد" في اللغة العربية تعني صنماً أو بيت الصنم، وقد استعمل هذه الكلمة تكراراً في هذا الكتاب كمرادف لكلمة الله. وقد حظر الكتاب لأنه يروّج لفكر وحدة الوجود.7- كتب أدبية
كليلة ودمنة
المترجم: المفكر والأديب عبد الله بن المقفع (720/724 - 757 /759). موضوعه: كتاب حيك على منوال الكتاب الهندي الأصل "بانساتنترا وتانتراخايكا". سبب الحظر: باب ورد في الكتاب بعنوان "برزويه" استغله الخليفة المنصور ورأى أنه يحث على الزندقة، فقام ليس بحظر الكتاب فحسب بل وبقتل ابن المقفع أيضاً. وهذا الباب كان قد نقله ابن المقفع عن مقدمة كتاب "المنطق" لبولس الفارسي، وفقاً للمستشرق بول كراوس. كتب أخرى محظورة للمترجم: كتاب مزدك (ترجمة لكتاب مزدك القريب من العقيدة المانوية التي حاربتها الدولة العباسية بشدة) ومعارضة القرآن (كتاب في نقد القرآن منسوب للمؤلف).8- كتب علمية
كتاب المنصوري
المؤلف: الطبيب الفيلسوف أبو بكر الرازي (854 – 925) موضوعه: كتاب في الكيمياء أهداه الرازي للملك منصور بن نوح الساماني وسمي نسبة إليه بالمنصوري. سبب الحظر: حظر الملك منصور الكتاب بعدما أعجب به، لأن الرازي خشي من إجراء التجارب الواردة فيه عملياً نزولاً على أمر الملك، فما كان من الأخير إلا أن اتهم الرازي بالكذب والدجل، ثم أمر بأن يُضرب بالكتاب على رأسه، إلى أن يتمزق. المصادر: كتب حذّر منها العلماء، مشهور بن حسن - الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار تحقيق سامي مكي - المحرقة الكبرى لكتب البشرية، نجاح الطائي - الكامل في التاريخ، ابن الأثير - تاريخ وفكر الزندقة والزنادقة، محمد عبد الحميد - حرية الفكر وأبطالها في التاريخ، سلامة موسى - حرق الكتب في التراث العربي، ناصر الحزيمي - نظم الجمان، ابن القان المراكشي، تحقيق محمود علي مكي - بد العارف لابن سبعين تحقيق جورج كتورة - المفكرون الاحرار في الإسلام، دومينيك أورفوا.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...