شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
أسامة في أميركا وجهاد في أوروبا... عن الأسماء

أسامة في أميركا وجهاد في أوروبا... عن الأسماء "المرعبة" في بلاد الغرب

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 21 أغسطس 201709:58 ص
لم تختر "إسلام" اسمها، لكنها اختارت عملها، واختارت أيضاً السفر إلى الغرب، ولم تتوقع أن اسمها ممكن أن يسبب لها مضايقات هناك... لكن هذا ما حدث لها ولغيرها من مواطنين آخرين. تقول إسلام لرصيف22: "لم تواجهني في كندا حيث أقيم أي مشكلة عنصرية بسبب اسمي، لكن حين قررت السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية، وجدت ذلك هناك". في شهر مارس من العام الحالي، رتبت إسلام إجازة مع أطفالها للذهاب إلى أميركا. وقتذاك كان الجدال محتدماً بخصوص قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعليقَ دخول مواطنين من بعض الدول الإسلامية. تقول إسلام: "على رغم أن مصر لم تكن في قائمة الدول المشمولة بالقرار، إلا أنه كان واضحاً أنه يستهدف المسلمين بصفة عامة، والدليل أن ضابطاً في المطار رفض دخولي أميركا أنا وأطفالي وزوجي من دون إبداء الأسباب، فاضطررنا لإلغاء الرحلة والرجوع إلى كندا". "كان الأمر مدهشاً، فأنا لدي تأشيرة سارية وسبق أن زرت أميركا  أكثر من مرة، وحين راجعت السفارة الأميركية في أتاوا طالبة تفسيراً، تأكدت حينذاك أن اسمي هو السبب"، تقول إسلام. صديق كندي نصح السيدة المصرية بالتقديم على برنامج خاص بين كندا وأميركا يسمح بالدخول والخروج من وإلى البلدين من دون المرور على ضباط الجوازات حتى لا تواجه الموقف نفسه مجدداً بسبب اسمها، وهذا ما قامت به بالفعل. تتفهم إسلام تخوف الغرب من المسلمين بسبب تزايد العمليات الإرهابية التي يقوم بها متشددون، لكنها ترفض التصرفات العنصرية وأن يعمم الغرب موقفه الحاد ضد كل المسلمين من دون تفرقة. "على عكس دول أخرى، تتميز كندا بوجود قوانين صارمة ضد جرائم الكراهية تهدف إلى مكافحة العنصرية، لكن تزايد العمليات الإرهابية من قبل مسلمين يجعلني في مأزق حقيقي حين أحاول أن أشرح للبعض أن ما يحدث من إرهاب في العالم خاص بنوع آخر من المسلمين ارتضوا فهماً مختلفاً للنصوص الدينية"، تختتم إسلام.

نتخيل أشياء سيئة حين نسمع اسمك

"اسمي أسامة وأفكر في تغييره إلى سام بعد أن قال لي أصدقاء أميركيون نتخيل أشياء سيئة حين نسمع اسمك (نسبة إلى أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة)".
"اسمي أسامة وأفكر في تغييره إلى سام بعد أن قال لي أصدقاء أميركيون نتخيل أشياء سيئة حين نسمع اسمك"
عن كابوس أن يكون اسمك أسامة في أميركا وجهاد في أوروبا...
هكذا كتب شاب عربي على موقع إجابات ياهو بالإنكليزية، طالباً من مستخدمي الموقع أن ينصحوه بما يفعل. أسامة ليس الوحيد الذي قرر أن يشارك الآخرين تجربته مع اسمه، مستخدماً الإنترنت كمنصة، فهناك "شهيدة محمد" الفتاة الأميركية التي كانت تتعجب من أن إجراءات إنهاء سفرها في المطارات الغربية تأخذ وقتاً أطول من الطبيعي، قبل أن يلفت قريب لها نظرها إلى أن اسمها هو السبب. الفتاة الأميركية التي كانت تبحث عن فرصة عمل من دون فائدة لسنوات، فكرت في أن يكون اسمها هو السبب في أن الشركات لا ترد عليها حين تراسلها، ففكرت أن تقوم بتجربة لتتأكد... وهو أن تغير اسمها في سيرتها الذاتية. وبحسب التدوينة التي كتبت فيها شهيدة تجربتها، فإن المفاجأة كانت أنه بمجرد أن كتبت اسماً آخر ليس له مدلول ديني اتصلت بها شركات كثيرة. فتوصلت الفتاة إلى أن "الاسم يلعب دوراً مهماً في الحصول على فرصة عمل بغض النظر عن المهارات والخبرة"، على حد تعبيرها.

لن أتعجب إذا غيّر مسلم يعيش في الغرب اسمه

يرى الصحافي إسماعيل كشكش الذي يعيش في واشنطن ويعمل لحساب النيويورك تايمز، أن جرائم الكراهية ضد المسلمين بصفة عامة، ارتفعت بشكل كبير العام الماضي، وتعدى الأمر مرحلة أن يكون لاسمك مدلول إسلامي مثل "جهاد" أو "أسامة". وبحسب كشكش، فإن خطابات الكراهية ضد الأجانب والمسلمين التي بدأت مع حملة ترامب الرئاسية، إضافة إلى تزايد الهجمات الإرهابية التي يشنّها المتطرفون في دول غربية عدة، أدت إلى إثارة الكراهية المناهضة للمسلمين. "شخصياً، لا أعرف مسلماً غيّر اسمه كطريقة للتخلص من العنصرية، لكني لن أتعجب إذا فعل بعض المسلمين في الولايات المتحدة ذلك، فالأمر أصبح غير طبيعي"، يقول كشكش لرصيف22. وكان تقرير نشرته الغارديان البريطانية عام 2013، بيّن أن أسماء مثل "جهاد" و "أحمد" و "فاطمة" كفيلة بجعل أصحابها تحت مراقبة البرنامج السري الذي تراقب عبره وكالة الأمن القومي NSA من ترى أنهم يهددون أمن أميركا. ويوثق مقال آخر للغارديان أن هناك ركاباً أُنزلوا من طائرات في أميركا لأنهم مسلمون.

بسبب الأسماء والدين... الأوطان الجديدة ليست دائماً أفضل

في ألمانيا، يعيش الشاب المصري أحمد زيادة الذي يقول لرصيف22: "لا تكُفّ ظروف العالم وأوضاعه السياسيه عن التقلب، كما لا يتوقف البشر أيضاً عن الاستجابة بشكل منطقي لتلك التغييرات بوسائل كثيرة، منها الهجرة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هُنا، هل تكون تلك الأوطان الجديدة دائماً أفضل؟". يضيف زيادة: "لا تنتهي مُعاناة من فر من وطنه نتيجة حرب أهلية أو مذهبية ذات طابع ديني، أو من سئم الفوضى التي لحقت ببلده التي مرت بتجربة ما يُعرف بالربيع العربي". بحسب زيادة، فإنه إذا نحينا جانباً الصعوبات التي تصادف أي مهاجر في بداية حياته الجديدة، كاختلاف اللغة واستيعاب التحولات الثقافية التي يتوجب عليه التعامل معها، ومعطيات أخرى كثيرة، فإن هناك تحدياً غير تقليدي ظهر حديثاً وهو "اسم المهاجر". "نعم، هذا الشيء الذي لم يكن لنا أي اختيار في تحديده، صار مشكلة بسبب مواقع الأخبار وقنواتها المُتعددة التي لا تتوقف عن الحديث عن عمليات إرهابية قام بها مسلمون في الغرب"، يقول زيادة. ويتفهم زيادة الأمر حيث يقول: "حين يجلس أحد مواطني الدول الغربية التي رحبت بالمهاجرين لمشاهدة نشرة الأخبار بعد يوم عمل طويل، تدهمه أنباء قيام أفراد أو مجموعات ينتمون إلى دين أو فِكر مُعين بأعمال عنف وإرهاب، فيبدأ الخوف من الضيوف الجدد في بلده". "وبسبب الاسم، يواجه مسلمون كثر مشكلات حين يحاولون إيجاد مسكن، أو البحث عن وظيفة"، يقول زيادة، ويكمل: "وإذا أضفنا إلى عامل (الاسم) عوامل أخرى كالشكل والملامح، فستطول قائمة التحديات كالانتظار طويلاً أمام شبابيك المطارات أو التعرض لتفتيش مُفاجئ من الشرطه السرية في محطات القطار".

ترحيل علي وزوجته

وفي نهاية شهر يوليو الماضي، تحولت فرحة عروسين بريطانيين كانا في رحلة لقضاء شهر العسل في أميركا إلى حزن ومعاناة، حيث احتُجزا في أحد مطاراتها 26 ساعة لأن العريس مسلم واسمه "علي". وبحسب الإندبندنت البريطانية، فإن الزوجين ناتاشا وعلي، من غرب لندن، تم توقيفهما في مطار لوس أنجليس الدولي أكثر من يوم وقُيّدا بالأغلال واصطُحبا إلى إحدى الطائرات وأعيدا إلى لندن. ولم تقدم السلطات أي تفسير لهما عن الطريقة التي عومِلا بها، لكنهما يعتقدان أن الأمر يتعلق بأن العريس مسلم. "هذه فاتورة يدفعها في أغلب الأحيان أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة من قريب أو من بعيد، وتركة ثقيلة قذرة، تركها آخرون وأصبح عليك أن تحملها وتسير بها طيلة حياتك"، يختتم أحمد زيادة حديثه لرصيف22.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image