تملك شركات الإنترنت في مصر كل شيء، بينما لا يملك عمر وحيد الملقب بـ "هارد مود" سوى اسم افتراضي وقناة على يوتيوب مخصصة لصحافة ألعاب الإنترنت، إضافة إلى صوت إذاعي موهوب.
ذات صباح قرر "هارد مود" أن يخوض معركة مع أضخم شركتي إنترنت في مصر، ويبدو أنه سينتصر. كل شيء يقول إنه يملك خطة، كل شيء يوحي أن ليس لدى شركات الإنترنت في مصر سوى أن تتجاهل قدرته على الوصول إلى أكثر من 422 ألف مستخدم على صفحة "ثورة الإنترنت" على فيس بوك. في حرب الأعصاب هذه، نجح هارد مود ورفاقه في تحقيق الهدف الأول من حملتهم: توعية المستخدمين بحقوقهم المهدورة.
عمر وحيد، الشهير بهارد مود، طالب من القاهرة. أنشأ مع 12 من أصدقائه، تتراوح أعمارهم من 17 إلى 20 عاماً من محافظات عدّة، صفحة ثورة الإنترنت. بدأت فكرة ثورة الإنترنت عند هارد مود عندما قام بنشر فيديو عمّا أسماه سرقات شركات الإنترنت للمستخدمين. التقط أحمد عبد النبي، 20 عاماً، وهو مصمم مواقع من الإسكندرية، الفكرة ودعمها عن طريق صفحة على فيس بوك، ثم قام مع رفاقه بالتنسيق مع هارد مود. "لا نتقابل سوى عن طريق سكايب أو وسائل الإنترنت الأخرى، لم نلتق في مكان عام وجهاً لوجه من قبل" يقول.
"غالي جداً، بطيء ببشاعة، خدمة عملاء شديدة السوء"، بهذا العبارات حرك "هارد مود" كرة الثلج التي كبرت وصارت تُعرف في مصر الآن بثورة الإنترنت، ولها ما يزيد عن 422 ألف متابع ينتظرون الإشارة التالية. كل شيء يقول إن "هارد مود" يملك خطة، وقد حقق الهدف الأول منها.
الطريق الأول لحل مشكلة الإنترنت أن يعي المستخدم أن ثمة من يقوم بسرقته، وأن الأمور لا تتوقف على تمني خدمة أفضل وحسب، بل في الإمكان بالفعل أن تحصل على خدمة أفضل. بمقارنة بسيطة يدفع المستخدم في بريطانيا 2 جنيه إسترليني، أي ما يعادل 20 جنيهاً مصرياً، ويحصل بها على 15 ميغا بايت، بينما يدفع المستخدم في مصر 140 جنيهاً (الدولار يساوي 7 جنيه) ولا يحصل سوى على واحد ميغا بايت، عدا عن بطء الشبكة وسوء الخدمة من الشركة.
في الهند مثلاً، يدفع المستخدم ما يعادل 44 جنيهاً مصرياً للحصول على سرعة واحد ميغا، ويستطيع عبرها نقل داتا بحجم 20 ميغا، قبل أن تطبق عليه سياسة الاستخدام العادل، وهو النقل بسرعة 512 كيلو بايت في الثانية. أما في تونس، فيحصل المستخدم على سرعة 2 ميغا بايت بـ 44 جنيهاً فقط، دون تطبيق لسياسة الاستخدام العادل التي تقلل السرعة بعد تحميل البيانات المسموح بها في مصر إلى سرعة نقل شديدة البطء تصل إلى 128 كيلو بايت في الثانية.
بعدما طلب هارد مود من المستخدمين تحميل الفيديو بكثافة على صفحات شركات الإنترنت في مصر، جاء ردّ الأخيرة أن الحكومة المصرية هي من تتحكم في سرعة الإنترنت، وأن الشركات لن تستطيع تغيير الوضع، وهو ما رد عليه هارد مود بأن تعريفة الإنترنت لا تتحكم بها الدولة، لأن دورها محصور بالموافقة على العروض المتاحة والمقدمة من الشركات.
تعمل ثورة الإنترنت الآن على فضح العروض الجديدة لشركات الإنترنت لمنعها من تسويقها، باعتبارها وسيلة جديدة للاحتيال على المستخدم. الفكرة الأخرى التي يبني عليها هارد مود حملته تتلخص بالآتي “إن 36 مليون مستخدم إنترنت في مصر يعانون من الخدمة السيئة، لكنهم قادرون على قلب الموازين وتحويل الدفة إلى صالحهم، إذا ما قرروا التحرك لـ"إخضاع شركات الإنترنت" في مصر”.
الهدف الأساسيّ للصفحة اليوم هو "توعية المستخدم بحقوقه". "كنا نحاول أن نجمع جماهير، لكن دون صدى واسع، حتى قمنا بنشر صورة عليها مطالبنا: تقليل الأسعار لتتناسب مع متوسط الأسعار العالمية، زيادة الحد الأدنى للسرعات إلى 8 ميغا بسعر 60 جنيه مصري، تجديد السنترالات، ومراقبة حكومية لشركات الإنترنت، إضافة إلى إنشاء خدمة شكاوي تابعة للحكومة وغير مرؤوسة من شركات الإنترنت، وتوصيل الخطوط الأرضية للجميع مع زيادة حد التحميل إلى 1 تيرا كحد أدنى، مع ضرورة تحسين خدمة الدعم التقني" يقول عبد النبي.
الصورة التي وضعها عبد النبي ورفاقه رفعتها إحدى الصفحات الإخبارية التي يزيد عدد معجبيها عن مليون شخص، ثم رفعتها صفحة لاعب الكرة المصري حسام غالي، وهي واحدة من أكبر الصفحات على فيس بوك من حيث عدد المستخدمين، لتنقلب من حينها الأمور رأساً على عقب. انتشرت الدعوة بقوة على صفحات التواصل الاجتماعي، ليتخطى عدد المنضمين إليها 400 ألف شخص، مع زيادة بمعدل 500 شخص في الدقيقة.
الرسالة التي وصلت إلى الإعلام بقوة، وتبناها الإعلامي الشهير باسم يوسف في إحدى فقرات برنامجه، تملك بشائر النجاح لتحقيق أول تغيير سلمي، لا علاقة له بالصراع السياسي: أن يحصل المصريون على إنترنت يليق بثورة المعلومات في العالم.
التلويح بالخروج إلى الشارع قد يكون خياراً أخيراً للحملة، في حال استمر تجاهل مطالبها. وهي ستركز على تكثيف حملات المقاطعة التي تكبد الشركات خسائر مادية، فوفقاً لهارد مود: "المال يضغط أكثر من السياسة". “هندفع فكة” هو التصعيد الأحدث للحملة ويعتمد على تسديد المواطنين فواتير الإنترنت بالعملات المعدنية. بذلك، فليكن “التحصيل بطيئاً مثل الإنترنت”.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...