الأزهر هو المؤسسة الأعرق في مصر، ومن المؤسسات الدينية الأعرق عربياً، حيث تأسس عام 971 م، على يد الفاطميين، ورغم افتخار المصريين به كمؤسسة مصرية عريقة، إلا أننا لا يمكن أن نعتبره ملكاً للمصريين وحدهم، فقانون مجمع البحوث الإسلامية، وهو أعلى جهة بحثية إسلامية في الأزهر، يتكون من 50 عضواً، يمثلون كافة المذاهب الإسلامية، من بينهم عدد لا يزيد عن 20 شخصاً من خارج مصر، بحسب قانون الأزهر، رقم 103 لسنة 1961. وفي الوقت الحالي هناك غير مصريين ممثلين في المجمع، ومنهم: أحمد سعود بن سعيد السيابي، الأمين العام بمكتب المفتي بسلطنة عمان، وأبو لبابة الطاهر صالح حسين، ورئيس جامعة الزيتونة بتونس سابقاً، مصطفى بن حمزة، رئيس المجمع العلمي بوحدة المغرب، حمدان بن مسلم المزروعي، رئيس هيئة الشؤون الإسلامية في الإمارات، عبدالرازق قسوم، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. لكن على مدار تاريخه، استقبل الأزهر علماء (غير مصريين) ممن أثروا في الأزهر وفي الحياة الفكرية في عصرهم، تقدم المقالة أهمهم.
ابن خلدون
بين تونس، مسقط رأسه، والجزائر، وفاس والأندلس، كان يتنقل المؤرخ ومؤسس علم الاجتماع، عبدالرحمن بن خلدون، يتجاذبه الولاة والحكام والأزمات السياسية، ولكنه بعد أن صنف مقدمته الشهيرة في علم الاجتماع، والتي كانت مقدمة لكتابه "كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، وجد أنه من الضروري الخروج من تونس خوفاً على مؤلفه، فوجد في رحلة الحج فرصة مناسبة للخروج، وفي أثناء ذلك توقف في الإسكندرية في ديسمبر/كانون الأول 1382م، استعداداً للسفر إلى مكة، ثم ذهب إلى القاهرة.ابن ميمون: كان رئيساً للطائفة اليهودية في مصر، وطبيباً خاصاً لصلاح الدين، درّس في الأزهر وترك مؤلفات في الطب والفلسفة
علماء جاؤوا من أزربيجان والأندلس وصقلية وتونس والجزائر والعراق والشام، وأصبحوا مدرسين في الأزهر
يوضح أحمد الزعبي في تقديمه لكتاب "مقدمة بن خلدون"، أن بن خلدون، أصبح شيخاً في الجامع الأزهر، بعد قدومه إلى القاهرة، وكثر مريدوه وتلاميذه، وكان من أشهرهم، المؤرخ تقي الدين المقريزي، والعلامة ابن حجر العسقلاني.
كما عينه السلطان المملوكي، الظاهر برقوق، مدرساً للفقه المالكي، وجعله قاضي قضاة المالكية، ولقبه بـ"ولي الدين"، فهون عليه ذلك ما لقيه من فقدانه زوجته وأولاده وأمواله، الذين غرقت بهم السفينة، وهي في طريقتها من تونس إلى مصر، بالقرب من الإسكندرية.
الحسن بن الهيثم
زار عالم البصريات العراقي، الحسن بن الهيثم، مصر في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، بعدما سمع الخليفة الفاطمي، الحاكم بأمر الله، أن لديه فكرة بناء سد لتنظيم فيضان النيل، كالموجود الآن في أسوان، ولكن ابن الهيثم، كما تقول القصة، وجد أن الأمر صعب ومكلف، فاعتذر عن عدم تنفيذه للحاكم، ولكن هناك نظريات أخرى قدمت تفسيراً مغايراً لذلك.
اتخذ الحسن قبة على باب جامع الأزهر مسكناً له، وبها كان يعمل على التأليف والترجمة والنسخ، فكان طلبة الأزهر أول مريديه والمستفيدين من إنتاجه الفكري، الذي توجه بكتابه الأهم "المناظر"، الذي يُعد المرجع الأول في علم الضوء. ولو أن شهرة ابن الهيثم في أوروبا، حيث كان يسمى بـ"الهازن" (Alhazen or Alhacen)، قبل شهرته في العالم الإسلامي لاتزال لغزاً.
ويؤكد الشيخ محمد الغزالي في كتابه "الطريق من هنا" أن بن الهيثم كان يدرس رسمياً في الأزهر، وكذلك يشير الدكتور إبراهيم هدهد، رئيس جامعة الأزهر السابق، أن ابن الهيثم كان له مقعداً ثابتاً بالجامع الأزهر.
موسى بن ميمون
ولد الفيلسوف والطبيب موسى بن ميمون في قرطبة في بلاد الأندلس، عام 1135م، لأسرة يهودية، وارتحل إلى المغرب ثمّ إلى مصر، خلال أواخر العهد الفاطمي، بحسب كتاب "موسى بن ميمون" لولفنسون، والذي قدمه الأزهري الشهير الشيخ مصطفى عبدالرازق، واعتبر خلاله أن ابن ميمون وإن كان يهودياً إلا أنه يعتبره فيلسوفاً إسلامياً؛ لتأثيره القوي في الفلسفة الإسلامية.
ويؤكد إبراهيم هدهد، أن بن ميمون بعد مجيئه إلى مصر كان يدرس في الجامع الأزهر، حسبما يؤكد الموقع الرسمي لجامعة الازهر.
يلقب بن ميمون بالرئيس، وكان رئيساً للطائفة اليهودية في مصر، وحضر دخول الأيوبيين مصر، وكان طبيباً خاصاً لصلاح الدين، وترك مؤلفات عدة في الطب والفلسفة، أشهرها "دلالة الحائرين"، وهناك معبد يهودي باسمه في القاهرة لازال قائماً إلى الآن.
عبد اللطيف البغدادي
ولد موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف يوسف بن محمد البغدادي في بغداد سنة 1162م، ودرس الطب والفلسفة وعلوم اللغة، وتنقل بين مصر والشام والعراق، وكان على اتصال بالأمراء الأيوبيين، وقدم إلى مصر مرتين، وفي زيارته الثانية، اشتغل بالتدريس في الأزهر، وحضر موجة الغلاء والمجاعة التي ضربت وادي النيل، أو ما عرف بـ"الشدة المستنصرية" وألف كتابه الشهير "الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر"، الذي ترجم لأكثر من لغة، والذي وثق فيه الكثير من جوانب الحياة في مصر وحضارتها، خاصة الأثري منها، وكذلك روى بالتفصيل ما رآه من مشاهد المجاعة، بحسب كتاب "الرحالة المسلمون في العصور الوسطى" لزكي محمد حسن. ترك البغدادي مجموعة متنوعة من المؤلفات في الطب والفلسفة والكيمياء والنباتات واللغة، مثل "شرح الخطب النباتية"، "اختصار كتاب النبات لأبي حَنيفة الدينوري"، "كتاب الفُصول"، "فصول مُنتزعة من كَلام الحُكَماء"، "شرح كتاب الفصول لأبقراط"، "شرح جالينوس لكتب الأمراض الحادة لأبقراط" وغيرها.
ابن القطاع الصقلي
في كتابه "سير أعلام النبلاء" يصف محمد بن أحمد عثمان الذهبي، ابن قطاع الصقلي، بأنه العلامة، شيخ اللغة، واسمه أبو القاسم علي بن جعفر بن علي السعدي، ولد في صقلية عام 1121م، ودرس في الأندلس، وبعد ضم صقلية لدولة الفرنجة هاجر منها، ونزل إلى مصر، فاحتفل أهلها به، وعاش فيها إلى آخر حياته. اشتهر الصقلي بكتاب "أبنية الأسماء والأفعال والمصادر"، والذي يراه أستاذ الدراسات الأندلسية، الدكتور محمود علي مكي، من أجلّ الكتب الصرفية في التراث اللغوي، وهو مُكمّل لكتاب "تهذيب الأفعال" الذي كان الصقلي قد ألفه تعقيباً على كتاب "الأفعال" لأبي بكر بن القوطية الاشبيلي المتوفى سنة 367 هـ. ويؤكد كتاب "الأزهر في ألف عام" للدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي، أن الصقلي كان يُدرس في الأزهر، واعتمد كتابه "الأفعال" للتدريس في الأزهر من بعده.تاج الدين التبريزي
ولد علي بن عبد الله التبريزي، في أردبيل بأذربيجان سنة 1278م، وعاش في مدينة تبريز، ثم رحل إلى بغداد، ثم استقر في مصر، وكان من شيوخ الفقه الشافعي، وكان يدرس الفقه في الجامع الأزهر، بحسب كتاب "الأزهر في ألف عام".
يقول عنه الإمام السيوطي في كتابه "بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة" أنه "كان عديم النظير في عصره، أحد الأئمة الجامعين لأنواع العلوم، عالماً كبيراً مشهوراً في الفقه والمعقول والعربية والحساب، وغير ذلك. وكان من خيار العلماء، ديناً ومروءة، فانتفع به الناس، وحدّث وصنّف في أنواع العلوم".
أبو حيان الغرناطي
ممن ذَكَر كتاب "الأزهر في ألف عام" أنهم ارتحلوا إلى مصر للتدريس والدراسة به، كان الفقيه الظاهري والمفسر، محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، الشهير بـ"أبوحيان الغرناطي"، نسبة إلى غرناطة بالأندلس، التي ولد بها سنة 654هـ/1256م. ذكره بن حجر العسقلاني، في كتابه "الدرر الكامنة في أعلام المائة الثامنة"، موضحاً أنه ارتحل من الأندلس إلى مصر، ومن تلامذته، خطيب الجامع الأزهر، بدر الدين بن جماعة، والفقيه الشافعي تقي الدين السبكي، وقاضي قضاة دمشق تاج الدين السبكي وغيرهم. ومن مؤلفاته "البحر المحيط"، و"إتحاف الأريب بما في القرآن من الغريب"، و"الأثير في قراءة ابن كثير"، وغيرها.محمد الخضر حسين
ولد محمد الخضر حسين عام 1876م لأسرة جزائرية، وتعلم في جامع الزيتونة بتونس، وظل يتنقل بين تونس والجزائر ودمشق ومصر وتركيا من أجل طلب العلم والتدريس والبحث. وفي عام 1950 أصبح عضواً بهيئة كبار العلماء بالأزهر، وفي سبتمبر 1952 أصبح شيخاً للأزهر، وقدم استقالته عام 1954 احتجاجاً على دمج القضاء الشرعي بالقضاء المدني. وأفرد المؤرخ محمد الجوادي كتاباً لرصد سيرة حياته بعنوان "محمد الخضر حسين وفقه السياسة في الإسلام". وترك حسين مجموعة مؤلفات متنوعة، منها "رسائل الإصلاح"، و"أديان العرب قبل الإسلام"، و"الحرية في الإسلام"، و"آداب الحرب في الإسلام"، و"ديوان شعر (خواطر حياة)"، و"الخيال في الشعر العربي".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع