شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
كيف استخدم الرؤساء العرب الرقص في خدمة السياسة؟ 

كيف استخدم الرؤساء العرب الرقص في خدمة السياسة؟ 

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 25 أغسطس 201702:18 م

استُخدم الرقص في السياسة كثيراً، فقد لجأ إليه الحكام العرب للدلالة على متانة علاقاتهم بضيوفهم، كما فعل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز حين استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحين زار أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، قبل أن تندلع الأزمة بين الدولتين. ورقص الحكام العرب لأسباب عدة. فقد رقص الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات احتفالاً بالإعلان عما اعتبره تحقيق انتصارات سياسية، ورقص الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تحت شعار مكافحة الفساد... عدا ذلك، قُدّم الرقص الشرقي لكبار السياسيين، خلال دعوات للعشاء، كما حصل في مصر مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر.

"نرقص معاً إذن نحن متقاربون سياسياً"

اتخذت الدول الخليجية أخيراً من الرقص وسيلة تعبيرية لإيضاح التقارب السياسي في ما بينها، أو بينها وبين الغرب. وكان الرقص بالسيف إطاراً للدلالة على تفاهمات عُقدت. يقول أستاذ الاجتماع السياسي أحمد زايد لرصيف22: "كل دولة تحاول إبراز ثقافتها والهوية الوطنية الخاصة بها، والرقص أحد هذه الرموز ومنها العرضة السعودية، التي تعكس ترحيباً شديداً بالضيف، فهي رسالة رمزية للضيف بكونه جزءاً من الثقافة المضيفة، عبر إشراكه فيها، وفيها إشاعة لأجواء ودية وسط أهداف سياسية تحركها المصالح المشتركة". في هذا الإطار، رقص الملك سلمان رقصة "العرضة النجدية"، أثناء جولته الخليجية التي شملت الإمارات وقطر والبحرين. وفي إحدى هذه المحطات رقص سلمان برفقة تميم بن حمد في ديسمبر 2016، وتزامن ذلك مع اندلاع أزمة دبلوماسية بين الرياض والقاهرة، بعد تصويت الأخيرة على قرار روسي حول سوريا في مجلس الأمن ورفض قرار آخر تقدمت به المملكة.

وشاهد العرب قبل فترة وجيزة دونالد ترامب، وهو يرقص "العرضة" مع الملك سلمان خلال زيارته التاريخية للسعودية في مايو 2017.

وكان قد سبقه إليها الرئيس جورج بوش الذي أدى الرقصة نفسها في البحرين والسعودية عام 2008، وقدم الملك سلمان، وكان حينها ولياً للعهد، سيفاً تذكارياً له.

وظهر الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، وهو يؤدي العرضة بالزي السعودي (عباءة وثوب وكوفية) ويحمل السيف، في فبراير 2014.

ورقص العرضة أيضاً الرئيس الفرنسى السابق فرانسوا هولاند خلال زيارته للرياض، في أواخر ديسمبر عام 2013.

كما تشمل القائمة الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي رقص مع الملك سلمان في الرياض في يناير 2016، خلال زيارة وصفت بالودية وبأن هدفها رفع مستوى التعاون بين البلدين.

ورقص العرضة أيضاً ملك إسبانيا فيليب السادس أثناء زيارته الرياض، في يناير 2017، بدعوة رسمية من الملك سلمان.

رقصات أثارت سجالات

حرصاً على توطيد العلاقات المصرية الأمريكية، رقصت جيهان السادات مع الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في البيت الأبيض في أكتوبر 1975، في حفل عشاء أقامه الرئيس الأمريكى جيرالد فورد.

وتعليقاً على ذلك، قالت جيهان السادات على قناة الجزيرة: "جيمي كارتر خالف البرتوكول بالرقص معي، وعندما تذكر شعر بالإحراج وجلسنا، ولم يستمر الأمر سوى دقيقة واحدة".

الرؤساء العرب والرقص... من إحضار السادات نجوى فؤاد لترقص أمام كيسنجر إلى إطلاق صدام حسين النار في الهواء
أنا قوي. أنا واحد منكم. نحن متقاربون سياسياً. بلادنا قادرة على إمتاعكم... أهداف كثيرة حققتها وسيلة واحدة: الرقص

الرقص الشرقي على موائد الرؤساء

يقول أستاذ العلاقات الدولية سعيد اللاوندي لرصيف22 إن "الدبلوماسية العربية استخدمت كثيراً الرقص لتأدية وظائف سياسية، ويتفاوت هذا الاستخدام بحسب ثقافة كل رئيس. فالرئيس السادات استخدم الرقص الشرقي خلال المحادثات التي أفضت إلى اتفاقية كامب ديفيد، وشاهد وصلات رقص كثيرة هو وزوجته، لأنه كان يقدم نفسه بصفته الرئيس المودرن، على عكس الرئيس مبارك الذي كان منغلقاً على ذاته ويرى الرقص خلاعة". وأضاف: "الرقص أدى وظائف سياسية عديدة، فكما تردد، كان صفوت الشريف مسؤولاً عن الترفيه وكانت تحضر الراقصات سهير زكى ونجوى فؤاد للرقص أمام السياسيين الأمريكيين ورؤساء الدول الإفريقية، ومن ثم استُخدم الرقص من أجل تليين أو إكساب المرونة لكثير من المواقف السياسية".

أحاديث كثيرة دارت عن علاقات نشأت بين رجال السياسة والراقصات، لكن لم يدقق أحد في ذلك، برغم أن بعض السهرات الخاصة انتقلت إلى صفحات التاريخ السياسي. وحضر الرقص الشرقي على موائد السياسين بصورة كبيرة خلال عهد السادات، وخرجت الراقصة نجوى فؤاد لتروي مشاركتها بدعوة من الشؤون المعنوية المصرية في سهرات خاصة وحفلات حضرها كيسنجر وغيره من السياسين. وعن رقصها أمام كيسنجر قالت: "في يوم من الأيام، كنت داخلة المكان اللي أنا بشتغل فيه في أحد الفنادق، لاقيته فاضي خالص، يا جماعة في إيه؟ مفيش حد؟ طيب ألغي؟ أروح؟ لا. وزارة الخارجية قالت إنو في ناس جاية، وفد رسمي. كان ذلك في عام 1976 تقريباً، قلت لهم مين طيب؟ قالوا لي هنري كيسنجر. مين كيسنجر مش عارفة. طيب. دخلت ألبس ودخلت لقيت بعد كدة نص الصالة موجودة وهو موجود، برضه معرفوش، طلعت على المسرح. بعد ما خلصت قالوا لي سلمي على مستر كيسنجر هو وزير خارجية أمريكا، كل ده أنا مليش دعوة بيه يعني، سلمت عليه ومكنتش أعرف كلمة إنكليزي وترجموله، وطلب عبر مديره أن يعزمني على العشاء معه فرفضت وذكرت أني سيدة متزوجة. واشترى كيسنجر حصانين وسماهم باسمي".

ولكن في رواية أخرى عن كيسنجر والرقص أمامه، قالت نجوى فؤاد: "كيسنجر كان معجباً برقصي مثل آلاف المعجبين، لم تكن هناك علاقة بيننا ولا من يحزنون، وكل الحكايات التي روّجت عن علاقتي به إشاعات سخيفة. فالحقيقة أنني ذات ليلة من عام 1974 فوجئت بوزارة الخارجية المصرية تبحث عني هنا وهناك. كنت أرقص في حفلة في الإسكندرية واتصلوا بي وطلبوا مني أن أنهي رقصتي بسرعة وأعود قبل منتصف الليل إلى القاهرة... رقصت أمامه نحو ساعة ونصف الساعة، رقص معي وقال لي بلغة عربية لا يجيدها: أنت فنانة عظيمة ورائعة... وبعد أشهر، وكنت أرقص في فندق هيلتون وفوجئت به في الصالة مع خطيبته نانسي التي حضرت معه إلى القاهرة خصيصاً كي تراني. ولم أره من بعدها". وتحدثت أيضاً عن رقصها أمام الرئيس الأميركي جيمي كارتر، فقالت: "كان معجباً برقصي مثل هنري كيسنجر. ففي أثناء زيارته إلى القاهرة مع زوجته روزالين طلب أن يمضي السهرة في المكان الذي ترقص فيه نجوى فؤاد وحددني أنا بالاسم، لأن كيسنجر حكى له عن رقصي كثيراً. وفي فندق مينا هاوس، رقصت أمام كارتر الذي صعد إلى خشبة المسرح وأمسك بيدي وقبّلها".

وفي مناسبة ثالثة، قالت نجوى فؤاد إن السادات استعان بها لترقص في الاحتفال باتفاقية كامب ديفيد الذي أقيم في الإسماعيلية. وعن ذلك، قالت في برنامج "واحد من الناس": "لعبت استعراض بائعة الجرائد الذي يقول بانتهاء الحرب، وكان حاضراً وزير خارجية الولايات المتحدة هنري كيسنجر، ورئيس وزراء الاتحاد السوفياتي، أليكسي كوسيجين". لم تكن نجوى فؤاد الراقصة الوحيدة التى رقصت أمام السياسيين. فقد روت الراقصة سهير زكي أنها رقصت أمام ريتشارد نيكسون عندما حضر إلى مصر في نهاية السبعينيات، وكان الرئيس السادات يلقبها "أم كلثوم الرقص". وعن هذا اللقاء، ذكرت أنه كان من الممنوع في ذلك الوقت أن تنزل الراقصة عن المسرح في حضور شخصية سياسية، إلا أنها فعلت ذلك، ومع نزولها، اتّجه بعض الحراس ليمنعوها، إلا أن الرئيس الأمريكي أمر بالسماح لها بالرقص أمامه. وكذلك فعل الرئيس السادات. وبعد ذلك دعاها شاه إيران لترقص في قصره في إيران.

الرقص رسالة من حاكم لشعبه: "أنا منكم"

في بعض الاحتفالات الشعبية والأعياد الوطنية، خرج كثير من الرؤساء العرب والملوك راقصين تارة بالسيف، وتارة بجوار مواطنيهم ليوجهوا رسالة واحدة هي أن الرئيس مثل شعبه يعرف ثقافته ويعتز برقصته. وقال أستاذ علم الإجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية في القاهرة سعيد صادق لرصيف22 إن "الرقص استخدم لخلق حالة من الشعبوية حول الرؤساء. فكما يقول الرؤساء إنهم يحبون الأكلات الشعبية يقولون إنهم يجيدون الرقص الذي يدخل في الفولكور الشعبي من أجل محاربة الجفاء السياسي بالثقافة، فالقوة الناعمة لأي بلد تشمل الفنون والأكلات، والرئيس يرقص رقصات بلده لاكتساب المزيد من الشعبية". وظهر الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وهو يرقص في أكثر من مناسبة. ففي مقطع غير معروفة مناسبته، نراه أثناء احتفال شعبي يجلس على كرسي فى قاعة ملأى بالناس ثم يغني بعضهم أغنية الجوبي ويرقصون عليها، فنرى صدام يطلق الرصاص في الهواء انسجاماً مع هذه الرقصة الفولكلورية الشرقية المعروفة في العراق. وفي فيديو آخر، يظهر صدام بزيه العسكري في شبابه وهو يرقص الدبكة مع أقاربه.

ورقص الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على الطريقة القبلية، رقصة "البرع" الشهيرة. كما شارك ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في رقصة الرزفة ضمن بضعة احتفالات، منها احتفال باليوم الوطني. والرزفة هي إحدى الرقصات الشعبية التراثية الشهيرة في منطقة الخليج ودولة الإمارات.

أنا قوي وأرقص؟

"الرقص أيضاً قدمه الكثير من الرؤساء للدلالة على حضورهم القوي في المشهد السياسي، ولكي يقولوا إنهم لا يزالون فاعلين وأقوياء ومنتصرين"، يقول صادق لرصيف22. ورقص الرئيس السوداني عمر حسن البشير في ديسمبر 2011 برفقة وزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، بعد يومين من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق حسين.

ورقص البشير عام 2012 لدى استيلاء قواته على هجليج، بعد إعلان جنوب السودان أنه بدأ انسحاباً غير مشروط من المنطقة النفطية المتنازع عليها.

كذلك رقص أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رقصة العرضة، وجرى تداول فيديو الرقصة على أنه يعلن فيها انتصاره على الحصار المفروض على قطر من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

واشتهر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بأداء "الدبكة" للتعبير عن "انتصارات" ولرفع المعنويات، كما فعل في اليمن عام 1988.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image