الأمير سلطان بن تركي، الأمير تركي بن بندر، الأمير سعود بن سيف النصر هم ثلاثة أمراء سعوديين اختفوا من أوروبا في حوادث منفصلة، وذلك في الفترة بين سبتمبر 2015 وفبراير 2016.
قصة اختفاء الأمراء الثلاثة كانت قد انفردت بكشفها في العام الماضي صحيفة "الغارديان" البريطانية، لكن معلومات جديدة برزت على السطح في هذا الملف، كشفها وثائقي جديد لهيئة الإذاعة البريطانية تحت عنوان "أمراء آل سعود المخطوفون"، استغرق عاماً كاملاً من البحث.
حققت "بي بي سي" في ملابسات اختفاء أمراء من العائلة المالكة السعودية كانوا يعيشون في أوروبا. وجمعت في الوثائقي أدلة وبراهين تشير إلى وقوع عمليات اختطاف وترحيل قسري لأمراء انتقدوا العائلة السعودية الحاكمة في الخارج.
ما كان يجمع الأمراء الثلاثة هو تصريحاتهم العلنية المعارضة النظام في المملكة ودعواتهم إلى الإصلاح، فيما يظهر وجود ما يشبه برنامجاً حكومياً ممنهجاً تديره السلطات السعودية لاختطاف المنشقين والفارين.
إضافة إلى الحديث مع شهود عيان وأصدقاء، يظهر في الوثائقي كذلك الأمير خالد بن فرحان آل سعود الذي يعيش في ألمانيا منذ عام 2013، ويقول أنه رابع الأمراء المنشقين وآخرهم في أوروبا، معبراً عن خشيته من الإخفاء.
الأمير سلطان بن تركي
في يونيو عام 2003، توجه الأمير سلطان بن تركي بن عبدالعزيز إلى أحد القصور في جنيف السويسرية الذي تعود ملكيته إلى الملك فهد، وذلك بدعوة من الأمير عبدالعزيز بن فهد لمشاركته وجبة فطور. حينذاك، طلب الأمير عبدالعزيز من ضيفه أن يعود إلى السعودية بعدما وعده بحل مسألة انتقاداته العلنية النظامَ الملكي هناك. رفض الأخير الرضوخ لطلب صاحب القصر الذي استأذنه لإجراء اتصال هاتفي، وانسحب الوزير السعودي للشؤون الإسلامية الشيخ صالح الشيخ الذي كان موجوداً معهما في الغرفة. بعد ذلك بدقائق، اقتحم المكان رجال ملثمون، وكبّلوا الأمير وحقنوه بسائل مخدر في رقبته. سِيق الأمير إلى طائرة سعودية كانت تنتظر في مطار جنيف، ومن هناك اقتيد إلى السعودية. هذه القصة رواها الأمير المختطف نفسه أمام المحكمة السويسرية بعد سنوات عدة. في العام الماضي، عاد الأمير إلى سويسرا بعدما سمحت له السلطات السعودية بمغادرة الإقامة الجبرية لتلقي العلاج، ولكن بعد وصوله إلى هناك قرر اللجوء إلى القضاء السويسري لملاحقة الأمير عبدالعزيز بن فهد والشيخ صالح، كما أدلى بتصريحات عدة انتقد فيها انتهاك حقوق الإنسان في السعودية، واتهم الأمراء والمسؤولين بالفساد، ودعا إلى سلسلة من الإصلاحات. وفي شباط من عام 2016، غادر الأمير جنيف متوجهاً إلى القاهرة لزيارة والده وشقيقه اللذين تواصل معهما ورتب حجز الفندق وحصل على تطمينات كثيرة. ركب الطائرة مع عشرين شخصاً من حاشيته معظمهم أجانب، ولكن عوضاً عن هبوط الطائرة في مطار القاهرة وجدوا أنفسهم في السعودية. بحسب رواية شاهدين كانا مع الأمير، فقد وجدوا أرض المطار تعجّ بالجنود والمركبات العسكرية، سُحب الأمير بالقوة بينما كان يصيح بمرافقيه أنهم خطفوا وعليهم إبلاغ سفاراتهم.الأمير تركي بن بندر
هو ضابط شرطة سابق كان يتولى مهمات تأمين العائلة المالكة، لكنّ خلافاً عائلياً أوصله إلى السجن. بعد خروجه، سافر إلى باريس ومن هناك، تحديداً في عام 2012، بدأ ينشر فيديوات على "يوتيوب" ينتقد فيها النظام الحاكم في السعودية. وكما حصل مع الأمير سلطان، حاول السعوديون إقناع تركي بالعودة وذلك عبر نائب وزير الداخلية أحمد السالم، ليعبّر بن تركي عن شكوكه في النيات السعودية ويستخف بكلام نائب الوزير الذي كان يسمعه كلاماً قاسياً. لاحقاً نشر الأمير الاتصال علناً، ما زاد من الغضب السعودي عليه. وفي شهادة لصديق الأمير وائل الخلف يقول أنه كان يتصل به مرة شهرياً، إلى أن اختفى لمدة خمسة أشهر، حتى سمع من مسؤول رفيع في المملكة أن تركي معهم، وقد تم اختطافه. تزامناً، نشرت صحيفة "الصباح" المغربية تقريراً يشير إلى اعتقال الأمير في المغرب وفق مذكرة بحث دولية، وإيداعه سجن سلا. وحسب التقرير، وافقت محكمة النقض المغربية على ترحيل الأمير بطلب من السلطات السعودية، وكان مسؤول في سفارة المملكة بالرباط قد تدخل لدى وزارة العدل لتسريع مسطرة تسليم الأمير إلى سلطات بلاده.الأمير سعود بن سيف النصر
يظهر في الوثائقي كذلك، صديق الأمير سعود الذي لا يعدّ مشهوراً مقارنة بالأميرين السابقين، فهو يعيش في أوروبا ويرتبط اسمه بمجال الكازينوات والمطاعم الفاخرة. يروى أنه في عام 2014، بدأ الأمير ينشر تغريدات تنتقد النظام الحاكم في السعودية، ودعا إلى محاكمة المسؤولين الذين أيدوا إطاحة نظام الرئيس محمد مرسي في مصر. الأمير خالد بن فرحان يقول إن سعود ربما وقع في حيلة رسمتها السلطات السعودية وفيها أن تواصلت معه شركة إيطالية - روسية تسعى لافتتاح أعمال في الخليج وسألته عن إمكانية التعاون. وكان يفترض أن يستقل طائرة خاصة كانت قد أرسلتها الشركة وذلك من ميلانو إلى روما للتباحث، لكن الطائرة هبطت في السعودية. يُذكر أن "بي بي سي" حاولت مواجهة السلطات السعودية بما لديها من معطيات، لكن الأخيرة امتنعت عن التعليق.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...