مدينة القاعدة. تنظيم القاعدة. قد يتبادر إلى ذهنك للوهلة الأولى أننا نتحدث عن الأمر نفسه. وهذا ما يتبادر إلى ذهن كثيرين فيسألون ابن المدينة: "ما علاقتك بتنظيم القاعدة؟". فرض اسم المدينة على سكانها ضريبة الانطباع السيئ رغم تاريخها كمدينة تجارية وعسكرية وثقافية.
تبعد مدينة القاعدة 227 كيلومتراً جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، وتتبع إدارياً لمديرية "ذي السفال" التابعة لمحافظة أب وسط اليمن. "مدينة القاعدة تضررت كثيراً بسبب اسمها لا سيما بعد الأعمال المروّعة التي نفذها تنظيم القاعدة في اليمن والعالم"، قال قحطان أبو رأس، الأمين العام للمجلس المحلي لمديرية ذي السفال لرصيف22.
لعنة الاسم
"اسم المدينة انقلب إلى لعنة علينا منذ ظهور تنظيم القاعدة في اليمن". هذا ما قاله ابن المدينة، الصحافي علي العديني لرصيف22. وأضاف: "لم يجنِ السكان من هذا الاسم إلا المتاعب. فتعرّضت المدينة للإهمال وتحوّلت إلى مقلب للقمامة".
وعن مواقف تعرّض هو نفسه لها روى: "أتنقّل بين حين وآخر بين المحافظات اليمنية وغالباً ما أواجه عراقيل أثناء الاطلاع على بطاقة هويتي المكتوب عليها القاعدة أو حين سؤالي عن المنطقة التي أنتمي إليها". لذلك، يناشد المعنيين "بأن يتم تغيير اسم هذه المدينة"، مقسماً أنه ليس لتنظيم القاعدة أيّ وجود في المدينة ولو بسيطاً.
ويرجح بعض الخبراء علّة اقتران المدينة بالتنظيم الإرهابي إلى زواج أسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، من "أمل الساده" التي تنتمي إلى مدينة القاعدة، في التسعينيات من القرن الماضي.
مواضيع أخرى:
مواجهة الحوثيين بالفن في شوارع صنعاء
الخارطة القبلية والمذهبية للصراع السعودي الإيراني في اليمن
الخبير في الجماعات الإسلامية سعيد الجمحي قال لرصيف22: "لا ينبغي أن ننسى أن تنظيم القاعدة أنشأ ولايه للقاعدة في اليمن. وربما يعتقد مَن هم ليسوا يمنيين أن مدينة القاعدة هي الإمارة التي أنشأها التنظيم. ولا ينتبهون إلى أن المنتسبين لتنظيم القاعدة ليسوا أغبياء إلى درجة يصل بهم الحال إلى تسجيل انتمائهم على أوراقهم الثبوتية كجوازات السفر أو بطاقات الهوية".
وتحدثت الطالبة الجامعية رحمة لرصيف22 عن معاناتها من اسم مدينتها: "إذا ما سألني أحد من أي مدينة أنت، أجيبه بأنني من مدينة ذي السفال، وهي المديرية التي تتبع لها مدينتي الأصلية القاعدة، وذلك حتى لا أدخل في سين وجيم لا تنتهي وتضايقني كثيراً". وأضافت: "اسم القاعدة مرعب بسبب الأعمال الإرهابية التي يرتكبها عناصر هذا التنظيم من ذبح وسبي وتدمير وإعلانهم تبنيها على الملأ وبكل تفاخر". وعن سبب تحفظها على ذكر اسم مدينتها أكدت: "عندما كنت أعرّف عن نفسي بأنني من القاعدة كان الناس ينفرون مني وينسحبون بخوف".
قاعدة للتجارة والأمن والسلام
وشرح الدكتور صادق الصفواني، أستاذ التاريخ في جامعة تعز وهو من أبناء مدينة القاعدة، الأسباب التاريخية واللغوية لتسمية المدينة بهذا الإسم. وقال لرصيف22: "في اللغة القاعدة تعني الأساس، فقاعدة البناء هي أساسه. ومدينة القاعدة هي منطقة كانت تسمّى قديماً "سهفنة" وهذا الاسم التاريخي يغطّي حالياً مساحات مدينة القاعدة وصولاً إلى منطقة السفنة التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات عنها. وقد اشتهرت بالعلم والعلماء في عهدي الدولتين اليعفرية والصليحية".
وأضاف: "عُرفت مدينة القاعدة بهذا الاسم في فترة حكم العثمانيين أي قبل 600 سنة. فقبل ذلك كانت قاعدة عسكرية لطغتكين الأيوبي، الأخ الثاني لصلاح الدين الأيوبي، وكانت عاصمتهم المنصورة وهي قرية مجاورة لمدينة القاعدة".
اكتسبت مدينة القاعدة أهميتها من وقوعها على الطريق الذي يصل جنوب اليمن بشماله. ولفت الصفواني إلى أن "القاعدة ازدهرت في عهد الإمام أحمد بن حميد الدين في الخمسينيات من القرن الماضي بعد أن افتتح أول طريق يبدأ من محافظة عدن جنوب اليمن ويمرّ بمنطقة الراهدة ومحافظة تعز ومدينة القاعدة قبل أن يصل إلى العاصمة صنعاء. لذلك صارت القاعدة سوقاً مزدهرة خصوصاً في الستينيات والسبعينيات كونها تصل بين الجنوب والشمال".
نبيل عبد الملك، رئيس منتدى المستقبل الثقافي في مدينة القاعدة، قال لرصيف22: "القاعدة ليس أكثر من مسمّى تاريخي. المدينة تُصنف أهدأ المدن في زمن الحروب في اليمن، كما أنها أقل المناطق اليمنية ممارسة للجرائم وفق الإحصاءات، وهي تمثل سوقاً مزدحمة يفد إليها يومياً آلاف الفلاحين والمتسوقين من مختلف المناطق لشراء حاجاتهم".
وأكّد لرصيف22 المواطن الستيني علي صلاح: "نحن أناس مسالمون لا إرهابيون ولا مجرمون. مدينة القاعدة مدينة السلام والأمان. ففي هذه الأيام تحتضن أكثر من 15 ألف نازح من مختلف المحافظات اليمنية، وهذا يدلّ على أنها مدينة التراحم والتكافل لا مدينة تنظيم القاعدة الإرهابي".
مطالبات بتغيير الاسم
ينتشر الكثير من الحكايات عن مدينة القاعدة. بعض أبنائها يستقبلها بالضحك والبعض الآخر يمتعض من تحويل اسم مدينته إلى مادة للسخرية. يطالب قسم من أبناء المدينة بتغيير اسمها لتتوقف معاناتهم بينما يرفض ذلك قسم آخر منهم.
ابن المدينة، الشاب منير حمود، يرى أن لإسم مدينته ارتباطات عميقة بالسكان وبذكرياتهم وأنه الإطار الذي يحفظ جغرافيا المكان، وقال لرصيف22: "تغيير اسم المدينة محال نظراً لخلوده في أذهان الأجيال المتعاقبة. ربما يزول التنظيم قريباً غير أن الجغرافيا لن تزول من الأذهان".
وقال سعيد الجمحي: "القاعدة هي جغرافيا وليست جماعة. لكن مع الأسف هناك جهات لا تفرق بين التنظيم والجغرافيا وهذا ينم عن جهل. تم إيقاف الكثيرين من أبناء المدينة في مطارات عدّة كمطار القاهرة وفي بعض السفارات".
وعزا الجمحي سبب التعامل مع أبناء المدينة بهذه الطريقة إلى ضعف الدولة اليمنية التي "لا تستطيع التوازن على رجليها خصوصاً أن تنظيم القاعدة قد نهشها". ولكنه يلفت إلى أن "هناك مدينة اسمها القاعدة في المملكة السعودية لكن لم يسبق أن جرى توقيف سعودي واحد في المطارات لهذا السبب وذلك بسبب قوة بلاده".
نشر هذا الموضوع على الموقع في 02.07.2015
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع