في حين يتنازع الناس حول قيادة المرأة السّيارة في السعودية، تجد نديمة أبو عينين، الطالبة في المرحلة الثانوية (18 عاماً)، طريقتها المختلفة للقيادة والتحرك باستقلالية في شوارع مدينتها: الدراجة الهوائية.
ليس ذلك فحسب، بل تسعى إلى تأسيس أول فريق نسائي رياضي للدرّاجات في جدة واسمه بسكليتة.
قد يبدو الأمر عادياً لو حدث في بعض الدول الأخرى. أما في السعودية، فالخطوة تُعد جريئة. فحتى زمن قريب، لم يعتد الناس رؤية أي فتاة على دراجة في المدن الكبيرة، كجدة والرياض، بتاتاً.
على دراجتها، ترتدي عباءتها وغطاء الرأس، فوقه خوذة الأمان، وبجانبها مجموعة من الشابات، تنطلق نديمة في كورنيش مدينتها.
"منذ صغري أحب الدرّاجات، وفكّرت: لماذا لا أجعل الناس يجربون الشيء الذي أحبه؟"، بهذه البساطة بدأت نديمة الفكرة. فهي فتاة من جيل الشّابات السعوديات اللواتي يطمحن إلى التغيير وإحداث فَرق من دون تخوّف أو تحفظات.
"أنشأت صفحات في السوشيال ميديا لطرح الفكرة على الفتيات، كلّمت والدتي وصديقاتي، ووجدت تفاعلاً كبيراً... لذلك، أنشأت مجموعة في الواتساب لجمع الفريق ولبدء هذه الرياضة"، تضيف ببساطة وعفوية.
هدفها بسيط أيضاً: أن تمضي الفتيات وقتاً صحيّاً ممتعاً وهن يمارسن هذه الرياضة التي تحبها نديمة.
وعلى رغم بساطة هذه الفكرة، إلا أنها تعتبر جريئة وجديدة في المجتمع السعودي.
تتنازعون حول قيادة المرأة السّيارة في السعودية؟ وجدت نديمة طريقتها المختلفة للقيادة في شوارع بلدها
التدريب... والنزول إلى الشّارع
بدأت المجموعة منذ سنة ونصف. اختارت نديمة وفريقها مناطق بعيدة عن خطورة السيارات والشوارع غير المؤهلة لاحتضان هذه الرياضة للقيام بالتدريبات اليومية، ثم بدأ النزول إلى الشوارع والأماكن العامة. ووجهت خطوته بكثير من التفاجؤ، وهو أمر متوقع، إضافة إلى خليط من الدهشة والترحيب. "كان كثرٌ يظهرون دهشتهم من وجودنا، لكنهم يبدون سعداء بنشاطنا وداعمين، هناك أشخاص ينظرون إلينا باستغراب واستنكار، لكن الغالبية تتقبلنا". وتضيف: "الاستغراب كان من النساء أيضاً حيث كنّ يستوقفننا للسؤال عن طبيعة ما نقوم به وهل هو ممكن، وبمجرد أن نجيبهن، يبدين دعمهن".القوانين
لا تحظر القوانين في المملكة العربية السعودية على النساء هذه الرياضة، لكنها رياضة غير مألوفة في الشوارع للنساء وغير شائعة بين الرجال، على رغم وجود فِرق درّاجين كثيرة في السعودية، ويتطلب الأمر الحصول على ترخيص لتنظيم هذه الرياضة ومراعاة قواعد السلامة فيها. "لم أكن أعلم بضرورة وجود ترخيص للفريق، ولم يطالبنا أحد به بداية الأمر"، تقول نديمة لرصيف22. ينشط فريق بسكليتة منذ سنة ونصف السنة حتى الآن، ويواصل تدريباته وجولاته، أكثر من مرتين في الأسبوع. ومع تطور الفريق وشيوع الحديث عنه عرفت نديمة بضرورة الحصول على ترخيص. "بدأنا الإجراءات والتواصل مع الهيئة العامة للرياضة في السعودية وهي المسؤولة عن تنظيم النشاطات الرياضية، تشغل ريما بنت بندر منصب نائب وكيلها، وقد أضافت الهيئة حديثاً ضمن أهدافها: تعزيز مشاركة المرأة السعودية ومساهمتها في الرياضة"، تقول لرصيف22.من جدة... إلى بقية المناطق
في مجموعة بسكليتة على واتساب، فتيات من مناطق مختلفة، يطمحن إلى تأسيس فِرق في مُدنهن. إحدى الفتيات من جازان بدأت فعلياً ذلك. الفتيات الأخريات، بحسب نديمة، يمارسن هذه الرياضة بشكل فردي.، "لم أجد في الاتحاد السعودي للدراجات فِرقاً نسائية، لكنني قدّمت لتسجيل فريق بسكليتة في الاتحاد"، تقول لرصيف22. على رغم بساطة الفكرة التي انطلقت منها نديمة، وردود الأفعال التي تلقتها، إلا أن ذلك يدفعنا إلى تذكّر الحملة التي قادتها الفنّانة مارينا جابر لقيادة الدرّاجات في شوارع بغداد، والتي أثارت صخباً واسعاً في وقتها، وقامت في ضوئها فتيات عربيات بنقل التجربة إلى شوارع بلدانهنفي مصر، المغرب، تونس وغيرها كدعم لمشروع جابر ولنساء مجتمعاتهن. وهو مشروع استخدمت النساء فيه الدراجات كطريقة رمزية لتطبيع حضور المرأة العربية في الشّارع العام، الأمر الذي تقابله بعض المجتمعات بكثير من التحفظات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...